ما جاء في السحر
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ﴾. البقرة (102) وقوله: ﴿ يؤمنون بالجبت والطاغوت ﴾
----------------
المعنى الإجمالي: أي لقد علموا اليهود الذين استبدلوا السحر عن متابعة الرسل، والإيمان بالله لمن استبدل السحر بكتاب الله ومتابعة رسله ما له نصيب في الآخرة، وفي الآية الثانية: يخبر تعالى عن اليهود أنهم يصدقون بالجبت الذي منه السحر. (لمن اشتراه) أي رضي بالسحر عوضاً عن شرع الله ودينه. (ما له في الآخرة من خلاق) قال ابن عباس: (من نصيب). (بالجبت والطاغوت) قال عمر: (الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان)
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هنّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاري (2766) ومسلم (89)
----------------
(اجتنبوا) السبع) أي أبعدوا، وهو أبلغ من قوله: دعوا أو اتركوا، لأن النهي عن القربان أبلغ، كقوله تعالى: ﴿ ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ﴾ (الموبقات) المهلكات، وسميت موبقات لأنها تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها مت العقوبات، وفي الآخرة من العذاب. (الشرك بالله) قال الذهبي: ” وهو أن تجعل لله نداً وهو خلقك، وتعبد معه غيره من حجر أو بشر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو غير ذلك “. (السحر) هذا دليل على أنه حرام وأنه من الموبقات. [وسيأتي تعريفه ومباحثه في نهاية الباب إن شاء الله] (وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق) قال تعالى: ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ﴾. (إلا بالحق) أي مما يوجب القتل، مثل: التارك لدينه المفارق للجماعة، والثيب الزاني، والنفس بالنفس. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة). متفق عليه (وأكل الربا) أي تناوله بأي وجه كان. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله: (لعن الله آكل الربا وموكله). رواه مسلم والترمذي وزاد: (وشاهديه وكاتبه). (وأكل مال اليتيم) يعني: التقوي عليه، وعبر بالأكل لأنه أعم وجوه الانتفاع. واليتيم: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه سواء كان ذكراً أم أنثى. (التولي يوم الزحف) أي الإدبار من وجوه الكفار وقت ازدحام الطائفتين في القتال، وإنما يكون كبيرة إذا فرّ إلى غير فئة، أو غير متحرّف لقتال، (وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) القذف: الرمي. المحصنات: الحرائر. الغافلات: العفيفات عن الزنا، البعيدات عنه. المؤمنات: احترازاً من الكافرات.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وعن جندب مرفوعاً: (حدّ الساحر ضربة بالسيف). رواه الترمذي (1460) والحاكم (4/360) والدار قطني (3/114) والطبراني (1665) وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: (كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحرٍ وساحرةٍ، قال: فقتلنا ثلاث سواحر). رواه أحمد (1/190،191) وأبو داود (3043) وصح عن حفصة ـ رضي الله عنها ـ: (أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت). رواه مالك في الموطأ (46) والبيهقي
----------------
اختلف العلماء في الساحر، هل يكفر أم لا؟ أ- أنه يكفر. وهذا مذهب الإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة وعليه الجمهور. قال تعالى: ﴿ وما كفر سليمان ﴾. قال الحافظ ابن حجر: ” وقد استُدل بهذه الآية ﴿ وما كفر سليمان ﴾ على أن السحر كفر ومتعلمه كافر “. ب- أنه ينظر. وهذا مذهب الشافعي. فإذا تعلم السحر يقال له: صف لنا سحرك، فإن وصف ما يستوجب الكفر مثل سحر أهل بابل، من التقرب للكواكب، وأنها تفعل ما يطلب منها، فهو كافر، وإن كان لا يصل إلى حد الكفر واعتقد إباحته، فهو كافر لاستحلاله المحرم، وإلا فلا. قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: ” والتحقيق في هذه المسألة هو التحقيق: فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب، والجن، وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر، فهو كافر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة البقرة، فإنه كفر بلا نزاع، كما دل عليه قوله تعالى: ﴿ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ﴾ وقوله تعالى: ﴿ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾ وقوله تعالى: ﴿ ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ﴾ وقوله تعالى: ﴿ ولا يفلح الساحر حيث أتى ﴾. وإن كان السـحر لا يستحق الكفر، كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها، فهو حرام حرمة شديدة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. وهذا هو التحقيق إن شاء الله في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء “. أ. ﻫ خامساً: اختلف العلماء في قتل الساحر: والصحيــح من أقوال أهل العلم أنه يقتل. وهذا قول الجمهور