باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري - رضي الله عنه -، وهو من أهل بيعة الرضوان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء، عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه، ولعن المؤمن... كقتله». متفق عليه.
----------------
الملة: الدين والشريعة. قال عياض: يستفاد منها أن الحالف المتعمد، إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كذاب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر، وإن قال معتقدا لليمين بتلك الملة لكونها حقا، كفر. وإن قالها لمجرد التعظيم لها، احتمل. وعن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رفعه: «من قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبا فهو كما قال، وإن كان صادقا لم يعد إلى الإسلام سالما». أخرجه النسائي وصححه. قوله: «ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة». قال ابن دقيق العيد: هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنيات الدنيوية. ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكا له مطلقا، بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن الله له فيه. قوله: «وليس على رجل نذر فيما لا يملك»، عن عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين». رواه الخمسة. وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لم يطقه، فكفارته كفارة يمين». رواه أبو داود، وابن ماجة. قوله: «لعن المؤمن كقتله». أي: لأنه إذا لعنه، فكأنه دعا عليه بالهلاك. وقيل: يشبهه في الإثم. والله أعلم.
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار». رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
في هذا الحديث: تحريم الدعاء بلعنة الله، وغضب الله، أو النار.
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
----------------
الطعان: أي: الوقاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما. الفحاش: ذو الفحش في كلامه وفعاله. قال في (النهاية): البذاء: المباذاة وهي المفاحشة. وقال في (المصباح): بذا على القوم يبذو، سفه أو فحش في منطقه، وإن كان كلامه صدقا.
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن العبد إذا لعن شيئا، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها». رواه أبو داود.
----------------
في هذا الحديث: قبح اللعن وشناعته. قوله: «إذا لعن شيئا». حيوانا كان أو جمادا.
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «خذوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونة». قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. رواه مسلم. ***
باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي - رضي الله عنه - قال: بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم. إذ بصرت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتضايق بهم الجبل فقالت: حل، اللهم العنها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة». رواه مسلم.
----------------
قوله: «حل» بفتح الحاء المهملة وإسكان اللام: وهي كلمة لزجر الإبل. واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل معناه، ولا إشكال فيه، بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة، وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها في غير صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كل ذلك وما سواه من التصرفات جائز لا منع منه، إلا من مصاحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها؛ لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة فمنع بعض منها، فبقي الباقي على ما كان، والله أعلم.