باب فضل صلاة الصبح والعصر
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى البردين دخل الجنة». متفق عليه.
----------------
(البردان): الصبح والعصر. سميا البردين؛ لفعلهما وقت البرد، ووجه تخصيصهما بالذكر عن سائر الصلوات أن وقت الصبح يكون عند لذة النوم، ووقت العصر يكون [عند] الاشتغال، وأن العبد إذا حافظ عليهما كان أشد محافظة على غيرهما. وفيه: إيماء إلى حسن خاتمة مصليهما بوفاته على الإسلام.
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي زهير عمارة بن رؤيبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» يعني: الفجر والعصر. رواه مسلم.
----------------
تخصيصها بذلك أن وقت الصبح يكون عند النوم ولذته، ووقت العصر عند الاشتغال بتتمات أعمال النهار. ففي صلاتهما دليل على خلوص النفس من الكسل ومحبتها للعبادة، ويلزم من ذلك إتيانه ببقية الصلوات الخمس. قال الله تعالى {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} [النور (36: 38)].
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم، لا يطلبنك الله من ذمته بشيء». رواه مسلم.
----------------
في هذا الحديث: التحذير عن التعرض للمصلين، وأذاهم بغير حق. قال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} [الأحزاب (58)].
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون». متفق عليه.
----------------
قوله: «يتعاقبون فيكم»، في رواية للبخاري: «الملائكة يتعاقبون، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار». ولابن خزيمة: «إن لله ملائكة يتعاقبون». قوله: «فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم»، قيل: الحكمة في سؤالهم استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخبر، واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة من خلق نوع الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} [البقرة (30)]. قال الحافظ: وفي الحديث، الإشارة إلى عظم هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان، وفي غيرهما طائفة واحدة، والإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد أورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله، والله أعلم.
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا». متفق عليه. وفي رواية: «فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة».
----------------
قال المهلب: خص هذين الوقتين لاجتماع الملائكة فيهما، ورفعهم أعمال البلاد، لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم. قال العلماء: ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية أن الصلاة أفضل الطاعت، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما، ورفع الأعمال وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى.
باب فضل صلاة الصبح والعصر
تطريز رياض الصالحين
عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». رواه البخاري.
----------------
قال البخاري: باب من ترك صلاة العصر، وذكر الحديث عن أبي المليح، قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». قال الحافظ: قيل: خص يوم الغيم بذلك؛ لأنه مظنة التأخير، إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت، فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت. قوله: «من ترك صلاة العصر»، في رواية: «متعمدا». قال الله تعالى: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون (4، 5)]. وقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} [مريم (59)].