باب الموعظة عند القبر
باب الموعظة عند القبر
تطريز رياض الصالحين
عن علي - رضي الله عنه - قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد، وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة». فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: «اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له... » وذكر تمام الحديث. متفق عليه.
----------------
الموعظة: هي التذكير بعذاب الله الزاجر عن مخالفته، وبثوابه الباعث على طاعته تعالى. والمخصرة: عصا ذات رأس معوج. قوله: «فنكس» بتخفيف الكاف وتشديدها، أي: طأطأ رأسه، وذلك يكون عند التفكر والتدبر. وفي الحديث: استحباب الموعظة عند القبر لأن رؤية الميت، وذكر الموت يرقق القلب، ويذهب غلظته. وفيه: الإيمان بالقدر. وفيه: أن كلا ميسر لما خلق له، من سعادة أو شقاوة. وفيه: الأمر بالعمل وعدم الاتكال على الكتاب السابق، ولهذا لما قالوا: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى}[الليل (5، 10)].