باب حسن الخلق
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران (134)] الآية.
----------------
أي: إذا ثار بهم الغيظ كظموه وعفوا عمن أساء إليهم. قال الثوري: الإحسان أن تحسن إلى المسيء. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث أقسم عليهن: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه».
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن أنس - رضي الله عنه قال: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟. متفق عليه.
----------------
قوله: (ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، وورد في حديث آخر: أنه شعث الكف والقدمين، فقيل: إن اللين بحسب أصل الخلقة والخشونة لعرض عمل. وفي الحديث: كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم - وتسليمه للقدر.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن الصعب بن جثامة - رضي الله عنه - قال: أهديت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا، فرده علي، فلما رأى ما في وجهي، قال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم». متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: الحكم بالعلامة، لقوله: (فلما رأى ما في وجهي). وفيه: جواز رد الهداية لعلة، والاعتذار عن ردها تطيبا لقلب المهدي.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم، فقال: «البر: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس». رواه مسلم.
----------------
البر: الطاعة، والإثم: المعصية، حسن الخلق يقتدر به صاحبه على فعل المحاسن وترك المساوئ، والإثم يذم صاحبه، والنفس بطبعها تحب المدح، وتكره الذم.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا». متفق عليه.
----------------
الفحش: ما يشتد قبحه من الأقوال والأفعال. والتفحش: تكلف ذلك، أي: ليس ذا فحش في كلامه وأفعاله. وقوله: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا». لأن حسن الخلق يدعو إلى المحاسن، وترك المساوئ.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
«البذي»: هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام. في هذا الحديث: فضيلة حسن الخلق، لأنه يورث لصاحبه محبة الله، ومحبة عباده. وفيه: قبح الفحش والبذاءة، لأنه يورث البغض من الله وعباده.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: «تقوى الله وحسن الخلق»، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: «الفم والفرج». رواه الترمذي، وقال:... «حديث حسن صحيح».
----------------
التقوى تصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
كلما كان العبد أحسن أخلاقا كان أكمل إيمانا. وقوله: «وخياركم خياركم لنسائهم». وذلك بالبشاشة وطلاقه الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى، والصبر على إيذائها. وفي رواية: «إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله».
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.
----------------
«الزعيم»: الضامن. في هذا الحديث: استحباب ترك الجدال، وفي بعض الآثار: (إذا أراد الله بعبد خيرا فتح له باب العلم، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد بعبد شرا فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العلم). وفيه: الحث على التخلق بحسن الخلق وترك الكذب.
باب حسن الخلق
تطريز رياض الصالحين
عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» قالوا: يا رسول الله، قد علمنا «الثرثارون والمتشدقون»، فما المتفيهقون؟ قال:... «المتكبرون». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
----------------
«الثرثار»: هو كثير الكلام تكلفا. و «المتشدق»: المتطاول... على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه،... و «المتفيهق»: أصله من الفهق وهو الامتلاء، وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه، ويغرب به تكبرا وارتفاعا، وإظهارا للفضيلة على غيره. وروى الترمذي عن عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق، قال: «هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى». قال الحافظ: حسن الخلق: اختيار الفضائل، وترك الرذائل، وقد جمع جماعة محاسن الأخلاق في قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف (199)].