باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وقول الله تعالى: ﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)
----------------
﴿ الذين آمنوا ﴾ أي: وحدوا الله، وأخلصوا له العبادة، وآمنوا أن إلههم الحق. ﴿ ولم يلبسوا ﴾ لم يخلطوا، ولبس الشيء بالشيء: تغطيته به، وإحاطته به من جميع جهاته. ﴿ إيمانهم ﴾ توحيدهم. ﴿ بظلم ﴾ الظلم هنا المقصود به الشرك. ولذلك روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: (لما نزلت هذه الآية ﴿ ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ﴾ قلنا يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسـه، فقال: " ليس الأمر كما تظنون، إنما المراد به الشرك، ألم تسمعوا إلى قول الرجل الصالح: إن الشرك لظلم عظيم "). ﴿ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ﴾ قيل: ﴿ لهم الأمن ﴾ أي في الآخرة، ﴿ وهم مهتدون ﴾ أي في الدنيا. وقيل: ﴿ لهم الأمن ﴾ أي الأمن الكامل إذا لم يأتوا بكبيرة، ﴿ وهم مهتدون ﴾ أي في الدنيا إلى شرع الله بالعلم والعمل، وفي الآخرة إلى الجنة.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
(عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " [رواه البخاري (2/486)، ومسلم (28)] ولهما من حديث عتبان: " فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " [رواه البخاري (1/154)، ومسلم (33)).
----------------
(من شـهد أن لا إله إلا الله) أي من تكلم بها عـارفاً لمعناها، عـاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً، كما قال تعالى: ﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله ﴾ وقوله: ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾. قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ([على ما كان من العمل] أي: على ما كان عنده من صلاح وفساد، ولكن هذا الدخول قد يكون من أول وهلة، أي يدخل ابتداءً إذا مات على توبة وعمل صـالح وصـدق، وقد يكون بعد ما يبتلى به من جزاء السيئات والمعاصي، وبعد ما يمحص في النـار ويعذب فيها ثم مصيـره إلى الجنة)
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
(وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال: " قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكـرك وأدعـوك به؟ قال: قل يا موسى، لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفه ولا إله إلا الله في كفة، مالت لا إله إلا الله "). رواه ابن حبان والحاكم وأبو نعيم
----------------
المعنى الإجمالي للحديث: أن موسى طلب من ربه عز وجل أن يعلمه ذكراً يثني عليه به ويتوسل إليه به فأرشده الله أن يقول: لا إله إلا الله، فأدرك موسى أن هذه الكلمة كثير ذكرها على ألسنة الخلق وهو إنما يريد أن يخصه بذكر يمتاز به عن غيره فبين الله له عظم فضل هذه الكلمة وأنه لا شيء يعادلها في الفضل.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أنس قال: سمعت رسـول الله يقول: (قال الله تعالى: يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شـيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). رواه الترمذي وأحمد
----------------
(قال الله تعالى) هذا يسمى حديثاً قدسياً، والحديث القدسي هو ما يضيفه الرسول إلى الله تعالى. (لو أتيتني بقراب الأرض) بضم القاف، وهو ملؤها أو ما يقارب ملؤها. (خطايا) جمع خطيئة، وهي الذنب، والخطايا الذنوب ولو كانت صغيرة، لقوله تعالى: ﴿ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ﴾. (لا تشرك بي شيئاً) شـرط ثقيل في الوعـد بحصول المغفرة، وهو السلامة من الشــرك كثيره وقليله، صغيره وكبيره، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله. (لأتيتك بقرابها مغفرة) أي أن حسنة التوحيد عظيمة تكفر الخطايا الكبيرة إذا لقي الله وهو لا يشرك به شيئاً. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي عن ربه أنه يخاطب عباده ويبين لهم سعة فضله ورحمته وأنه يغفر الذنوب مهما كثرت ما دامت دون الشرك.