كتاب الطهارة
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ أبي حَفْصِ " عُمَرَ بْنِ الخَطَاب " رَضيَ الله عَنْهُ قَال: سَمِعت رسُولَ الله صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُول: " إنَّمَا الأعْمَالُ بَالْنيَاتِ، وَإنَّمَا لِكل امرئ مَا نَوَى، فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ لِدُنيا يُصيبُهَا، أو امْرَأة يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُه إلَى مَا هَاجَرَ إليهِ "
----------------
هذا حديث عظيم وقاعدة جليلة من قواعد الإسلام هي القياس الصحيح لوزن الأعمال، من حيث القَبول وعدمه، ومن حيث كثرة الثواب وقلته. فإن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن مدار الأعمال على النياتْ فإن كانت النية صالحة، والعمل خالصا لوجه الله تعالى، فالعمل مقبول. وإن كانت غير ذلك، فالعمل مردود، فإن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك. ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاَ يوضح هذه القاعدة الجليلة بالهجرة. فمن هاجر من بلاد الـشرك، ابتغاء ثواب الله، وطلباً للقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلم الشريعة، فهجرته في سبيل الله، والله يثيبه عليها. ومن كانت هجرته لغرض من أغراض الدنيا، فليس له عليها ثواب. وإن كانت إلى معصية، فعليه العقاب. والنية تمييز العبادة عن العادة، فالغسل – مثلا – يقصد عن الجنابة، فيكون عبادة، ويراد للنظافة أو التبرد، فيكون عادة.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبي هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ أحَدكُمْ إذَا أحْدَثَ حَتَى يَتَوضًأ
----------------
الشارع الحكيم أرشد من أراد الصلاة، أن لا يدخل فيها إلا على حال حسنة وهيئة جميلة، لأنها الصلة الوثيقة بين الرب وعبده، وهى الطريق إِلى مناجاته، لذا أمره بالوضوء والطهارة فيها، وأخبره أنها مردودة غير مقبولة بغير ذلك.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو بْنِ الْعَاص، وَأبـي هُرَيرةَ، وَعَائِشَةَ رَضِى-اللّه تَعَالَى عَنْهم قالوا: قالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلأَعْقابِ مِنَ النَّار
----------------
يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بأمر الوضوء والتقصير فيه، ويحث على الاعتناء بإتمامه. ولما كان مؤخر الرجْل- غالبا- لا يصل إليه ماء الوضوء، فيكون الخلل في الطهارة والصلاة منه، أخبر أن العذاب مُنْصبّ عليه وعلى صاحبه المتهاون في طهارته الشرعية.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبى هريرة رَضىَ اللَه عَنْهُ: أن رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ قَالَ: " إذَا تَوَضَّأ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أنْفِهِ مَاءً ثم ليَسْتَنْثِرْ وَمَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ. وَإذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبْلَ أنْ يُدْخِلَهُمَا فَي الإنَاءِ ثَلاثاً، فَإن أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَات يَدُه
----------------
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الدائم، الذي لا يجرى، كالخزانات والصهاريج، والغدران في الفلوات، والموارد التي يستسقى منها الناس لئلا يلوثها عليهم ويكرهها. لأن هذه الفضلات القذرة سبب في انتشار الأمراض الفتاكة. كما نهى عن الاغتسال بغمس الجسم أو بعضه في الماء الذي لا يجرى، حتى لا يكرهه ويوسخه على غيره، بل يتناول منه تناولا، وإذا كان المغتسل جنباً فالنهى أشد. فإن كان الماء جاريا، فلا بأس من الاغتسال فيه والتبول، مع أن الأحسن تجنيبه البول لعدم الفائدة في ذلك وخشية التلويث، وضرر الغير.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبي هريرة رضىَ اللّه عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صَلى الله عَلَيهِ وسَلُّمَ قالَ: " إذَا شَرِبَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدكم فْليَغسِلْهُ سَبْعاً " ولمسلم " أولاهُنَ بِالتَرابِ
----------------
لما كان الكلب من الحيوانات المستكرهة التي تحمل كثيراِ من الأقذار والأمراض، أمر الشارع الحكيم بغسل الإناء الذي ولغ فيه سبـع مرات، الأولى منهن مصحوبة بالتراب ليأتي الماء بعدها، فتحصل النظافة التامة من نجاسته وضرره.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن حُمْرانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ، أنه رَأى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضوء فَأفرَغ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ فَغَسَلهُمَا ثَلاثَ مَرات، ثُمَّ أدْخَلَ يَميِنَهُ في الوَضُوءِ، ثم تمضْمَضَ وَاستَنْشَق واسثتَنْثَرَ، ثُم غَسَلَ وَجهَهُ ثَلاثَاً، وَيَدَيْهِ إلَىِ الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثاً، ثُّمَ مَسَحَ برأسه ثُم غَسَل كِلْتَا رجْلَيْهِ ثَلاثاً، ثُمَ قَالَ: رَأيتُ النبي صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توَضًأ نحْوَ وضوئي هذَا وَقَالَ: " من تَوَضًأ نَحْوَ وُضُوئي هذَا ثُمَّ صَلَى رَكْعَتَين لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
----------------
غريب الحديث: 1- " وَضوء ": بفتح الواو. الماء الذي يتوضأ به. قال النووي: يقال: " الوضوء والطهور -بضم أولهما- إذا أريد الفعل الذي هو المصدر وبفتح أولهما، إذا أريد الماء الذي يتطهر به ". وأصل الوضوء من الوضاءة، وهى الحسن والنظافة فسمي وضوء الصلاة وضوءاً لأنه ينظف صاحبه. 2- " فأفرغ ": قلب من ماء الإناء كل يديه. 3- " لا يحدِّث فيهما نفسه ": حديث النفس، هو الوساوس والخطرات. والمراد به هنا ما كان في شؤون الدنيا. يعنى، فلا يسترسل في ذلك، وإلا فالأفكار يتعذر السلامة منها. 4- " إلى المرفقين ": (إلى) بمعنى (مع) يعنى مع المرفقين. 5- " ثم ": لم يقصد بها هنا التراخي كما هو الأصل في معناها، وإنما قصد بها مجرد الترتيب.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن عَمْرِو بن يَحْيىَ اْلمازِني عَنْ أبِيهِ قَال: شَهِدْتُ عمرْو بن أبي اْلحَسَنِ سَألَ عَبْدَ اللّه بْنَ زيد عَن وُضُوءِ النبي صلى الله عليه وسلم، فَدَعَاَ بِتَوْر مِنْ مَاءٍ فتَوَضأ لَهُم وُضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم. فَأكفأ عَلَى يَدَيْهِ مَنِ التَوْرِ فَغسَل يَدَيْه ثَلاثا، ثُمَّ أدْخَل يَدَهُ في التَّور فَمضْمضَ وَاستَنْشَقَ واستَنْثَرَ ثَلاثاً بثَلاث غرْفَاتِ، ثُمَّ أدْخل يدهِ فِي التَّوْر فغَسَل وجْهَهِ ثلاثا ثمَّ أدْخَلَ يَدَه فَغَسَلهُمَا مرتين إلى المرْفقيْن، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ بهما رَأسَهُ فَأقَبَلَ بهمَا، وأدْبَرَ مَرّة وَاحِدَة، ثم غَسَلَ رجْلَيْهِ.
----------------
غريب الحديث: 1- " بتور من ماء ": بالمثناة الطست، وهو الإناء الصغير. قال الزمخشرى: وهو مذكر عند أهل اللغة. 2- " فأكفأ على يديه ": أمال وصب على يديه وفى بعض الروايات " على يده " قال ابن حجر: تحمل رواية الإفراد على إرادة الجنس. 3- " من صُفر ": بضم الصاد وسكون الفاء، نوع من النحاس. 4- " إلى المرفقين مرتين ": قال الصنعاني: كذا في نسخة العمدة لفظ " مرتين " ولفظ البخاري في هذا الحديث " مرتين مرتين " وكذا في مسلم مكررا ولم ينبه الزركشي إلى هذا.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَةَ رضي اللّه عَنْهَا قَالَتْ: " كَاَن رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يُعْجبُهُ التَيمُّن في تَنَعّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأنِهِ كُلهِ ".
----------------
غريب الحديث: 1- " يعجبه التيمن ": يفضل تقديم الأيمن على الأيسر. قال الصنعانى: كل فعل يحبه الله أو رسوله، فهو يدل على مشروعيته للشركة بين الإيجاب والندب. 2- " في تنعله ": لبس نعله. 3- " وترجله ": تسريح شعر رأسه ولحيته بالمشط. 4- " وطهوره ": بضم الطاء، التطهر. ويشمل الوضوء والغسل وإزالة النجاسة. 5- " وفى شأنه كله ": من الأشياء المستطابة كهذه الأمثلة المذكورة. قال الشيخ تقي الدين: " (وفي شأنه كله): عام مخصوص بمثل دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما مما يبدأ فيه باليسار ".
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ نُعَيْمِ الْمُجْمِرِ عَنْ أبيِ هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَهُ قَالَ: " إنَّ أمتي يُدْعَون يومَ القيَامةِ غُرُّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثارِ الْوُضُوءِ، فَمن استطَاَعَ مِنْكُمْ أن يُطِيلَ غرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ.
----------------
غريب الحديث: 1- " يدعون ": مبنى للمجهول، ينادَوْن نداء تشريف وتكريم. 2- " غرّاً ": بضم الغين وتشديد الراء، جمع " أغر " أصلها لمعة بيضاء في جبهة الفرس، فأطلقت على نور وجوههم. 3- " محجلين ": من " التحجيل " وهو بياض يكون في قوائم الفرس، والمراد به هنا: النور الكائن في هذه الأعضاء يوم القيامة، تشبيها بتحجيل الفرس. 4- " الوضوء ": بضم الواو هو الفعل. 5- " من آثار الوضوء ": علهّ للغرة، والتحجيل. المعنى الإجمالي: يبشر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بأن الله سبحانه وتعالى يخصهم بعلامة فضل وشرف: يومَ القيامة، من بين الأمم، حيث ينادون فيأتون على رؤوس الخلائق تتلألأ وجوههم وأيديهم وأرجلهم بالنور، وذلك أثر من آثار هذه العبادة العظيمة، وهي الضوء الذي كرروه على هذه الأعضاء الشريفة ابتغاء مرضاة الله، وطلبا لثوابه، فكان جزاؤهم هذه المحمدة العظيمة الخاصة. ثم يقول أبو هريرة: " من قدر على إطالة هذه الغرّة فليفعل "، لأنه كلما طال مكان الغسل من العضو طالت الغرة والتحجيل، لأن حلية النور تبلغ ما بلغ ماء الوضوء.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن أنس بن مالك رَضي الله عَنْهُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلاءَ قَاَلَ: " اللهُمَّ إني أعُوذُ بِك من الْخُبثِ والْخَبائثِ ".
----------------
الخبث -بضم الخاء والباء- جمع (خبيث) " والخبائث " جمع خبيثة. استعاذ من ذُكران الشياطين وإناثهم. غريب الحديث: 1- " إذا دخل الخلاء ": يعنى إذا أراد الدخول كقوله تعالى: { فَإذَا قرأتَ القُرْآنَ فَاستَعِذ بَالله منَ الشيْطَان الرجِيم }. يعنى: فإذا أردت قراءة القرآن. وكما صرح البخاري في " الأدب المفرد " بهذا حيث روى عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: وذكر حديث الباب. 2- " الخلاء ": بالمد، المكان الخالي. وهنا، المكان المقصود والمعدّ لقضاء الحاجة فإن قصد فضاء كصحراء لقضاء حاجته فلا حاجة إلى تأويل الدخول بإرادة الدخول. 3- " الخبث والخبائث ": الخبث، ضبط بضم الخاء والباء كما ذكر المصنف ومعناه ذكور الشـياطين، وضبطه جماعة بإسكان الباء ومعناه على هذا يكون الشر، وهو معنى جامع حيث قد استعاذ من الـشر وأهله، وهم الخبائث، فينبغي للقائل مراعاة هذا المعنى العام.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبي أيّوبَ الأنصاري رَضِي الله عَنْهُ قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِذا أردتمُ الغَائِطَ فَلا تَستقْبِلوا القِبلَةَ بِغَاِئطٍ وَلا بَوْل وَلا تسْتدْبِرُوهَا وَلكنْ شَرقوا أوْ غَربُوا ". قال أبو أيوب: " فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل "
----------------
يرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء من آداب قضاء الحاجة بأن لا يستقبلوا القبلة، وهى الكعبة المشرفة، ولا يستدبروها حال قضاء الحاجة لأنها قبلة الصلاة، وموضع التكريم والتقديس، وعليهم أن ينحرفوا عنها قِبَلَ المشرق أو المغرب إذا كان التشريق أو التغريب ليس موجَّها إليها، كقبلة أهل المدينة. ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أسرع الناس قبولا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو الحق، ذكر أبو أيوب: أنهم لما قدموا الشام إثر الفتح وجدوا فيها المراحيض المعدة لقضاء الحاجة، قد بنيت متجهة إلى الكعبة، فكانوا ينحرفون عن القبلة، ولكن قد يقع منهم السهو فيستقبلون الكعبة، فإذا فطنوا، انحرفوا عنها، وسألوا الله الغفران عما بدر منهم سهواً.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: رَقيِتُ يَوْماً عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقْضى حَاجَتَهُ مُسْتَقْبلَ الشَّام مُسْتَدْبرَ الكَعْبَةِ.
----------------
ما يؤخذ من الحديث: 1- جواز استدبار الكعبة عند قضاء الحاجة، ويفيد بأنه في البنيان. 2- جواز استقبال بيت المقدس عند قضاء الحاجة خلافا لمن كرهه.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عنْ أنَس بْنِ مَالِـكٍ رَضِيَ اللّه عَنْـهُ، أنَّـهُ قَالَ: " كَانَ رَسول الله يَدْخُلُ الخلاء فَأحْمِلُ أنَا وَغُلام نَحوِى إدَاوَةً مِنْ ماء وَعَنَزَةَ فَيَسْتَنْجِي بِاْلمَاء ".
----------------
يذكر خادم النبي صلى الله عليه وسلم " أنس بن مالك " أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما يدخل موضع قضاء الحاجة كان يجيء هو وغلام معه بطهوره،. الذي يقطع به الأذى، وهـو ماء في جلد صغـير، وكذلك يأتيان بما يستتر به عن نظر النـاس. وهو عصـا قصـيرة في طرفها حديدة يغرزها في الأرض ويجعل عليها شيئا يقيه من نظر المارين.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن أبي قَتَادة الْحَارِثِ بْنِ ربعي الأنصاري رَضِيَ اللَه عَنْهُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَاَلَ: " لا يُمْسِكن أحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهو يَبُولُ، وَلاَ يَتَمَسَّحْ مِنَ الخَلاَءِ بِيَمِيِنهِ، ولا يَتَنَفَس في الإنَاء ".
----------------
يشتمل هذا الحديث الشريف على ثلاث جمل، من النصائح الغالية والفوائد الثمينة، التي تهذب الإنسان، وتجنبه الأقذار والأضرار والأمراض. فالأولى والثانية:- أن لا يمس ذكره حال بوله، ولا يزيل النجاسة من القبل أو الدبر بيمينه، لأن اليد اليمنى أعدت للأشياء الطيبة، ومباشر الأشياء المرغوب فيها كالأكل والشرب. فإذا باشرت النجاسات وتلوثت، ثم باشرت الطعام والشـراب، والمصافحة وغير ذلك، كرهته. وربما حملت معها شيئا من الأمراض الخفية. والثالثة:- النَّهى عن التنفس في الإناء الذي يشرب منه لما في ذلك من الأضرار الكثيرة، التي منها تكريهه للشارب بعده، كما أنه قد يخرج من أنفه بعض الأمراض التي تلوث الماء فتنقل معه العدوى، إذا كان الـشارب المتنفس مريضاً. وقد يحصل من التنفس حال الشرب ضرر على الشارب، حينما يدخل النفس الماء ويخرج منه. والشارع لا يأمر إلا، بما فيه الخير والصلاح، ولا ينهى إلا عما فيه الضرر والفساد.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن عَبد الله بن عباس رضي الله تَعَاَلَى عَنْهُما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بقبرين فَقَاَل: " إِنَهُمَا ليُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذً بانِ في كَبِير. أمًا أحَدُهُما فَكَاَن لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَول، وَأمَّا الآخر فكَاَن يمْشىِ بَالنميمَة ". فَأَخَذَ جَريدةً رَطْبَةً فَشَقَهَا نِصْفَيْنِ، فَغرزَ في كل قَبْر واحدَة. فقالوا: يَا رَسُول الله، لم فَعَلْتَ هذَا؟ قَال: " لعَلهُ يُخَفَفُ عَنْهمَا مَا لم يَيْبَسَا ".
----------------
مر النبي صلى الله عليه وسلم، ومعـه بعـض أصحـابـه بقـبرين، فكشف الله سبحانه وتعالى له عنهما، فرأى من فيهما يعذبان. فأخبر أصحابه بذلـك، تحذيراً لأمته، وتخويفاً، فإن صاحبي هذين القـبرين، يعـذب كل منهما بذنب يسير تركه والابتعاد عنه، لمن وفقه الله لذلك. فأحَدُ المعذَّبَيْن، لا يحترز من بوله عند قضاء الحاجة، ولا يتحفّظ منه، فتصيبه النَجاسة فتلوث بدنه وثيابه. والآخر شيطان يسعى بين الناس بالنميمة التي تسبب العداوة والبغضاء بين الناس، ولاسيما الأقارب والأصدقاء. يأتي إلى هذا فينقـل إليـه كلام ذاك ويأتي إلى ذاك فينقـل إليه كلام هذا، فيولد بينهما القطيعة والخصام. والإسلام إنما -جاء بالمحبة والألفة بين- الناس وقطع المنازعات والمخاصمات. ولكن الكـريم الرحيم أدركتـه عليهما الشفقـة والرأفة، فأخذ جريدة نخل رطبة، فشقَّها نصفين، وغرز على كل قبر واحدة. فسأل الصحـابـة النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا العمـل الغـريب عليهم فقال: لعل الله يخفف عنهما ما هما فيه في العذاب، ما لم تيبس هاتان الجريدتان.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن أبِي هريرة رَضِي الله عَنْهُ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَوْلاَ أنْ أشُقَّ عَلَى أمتي لأمَـرْتُهُمْ بِالسَّـوَا كِ مَعَ كُلِّ وُضـوءٍ عِنْدَ كُل صَلاةٍ "
----------------
من كـمال نصـح النبي صلى الله عليه وسلم ومحبتـه الخير لأمته، ورغبته أن يلجوا كل باب يعود عليهم بالنفع لينالوا كـمال السعادة، أن حثهم على التسوك. فهو صلى الله عليه وسلم لما علم من كثرة فوائد السواك، وأثر منفعته عاجلا وآجلا، كاد يلزم أمته به عند كل وضوء أو صلاة. ولكن -لكـمال شفقتـه ورحمتـه- خاف أن يفرضه الله عليهم، فلا يقوموا به، فيأثموا، فامتنع من فرضه عليهم خوفاً وإشفاقاً. ومع هذا رغبهم فيه وحضَّهم عليه.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن حُذَيْفَةَ بْن الْيَمانِ قَالَ: كَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قَامَ من الليل يَشُوصُ فاه بِالسوَاكِ.
----------------
من محبة النبي صلى الله عليه وسلم للنظافة وكراهته للرائحة الكريهة، كان إذا قام من نوم الليل الطويل الذي هو مظنة تغير رائحة الفم، دلك أسنانه صلى الله عليه وسلم بالسواك، ليقطع الرائحة، ولينشط بعد مغالبة النوم على القيام، لأن من خصائص السواك أيضا التنبيه والتنشيط.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: دَخَل عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ أبي بَكْر الصديق رَضيَ الله عَنْهُمَا عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأنا مُسْنِدَتهُ إِلى صَدْري -وَمَعَ عَبْدِ الرحْمنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بهِ- فَأبَدهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ، فَأخَذْتُ السوَاكَ فَقَضِمْتُهُ وَطَيبتهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فاستنّ به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ اسْتِنَاناً أحْسَنَ مِنْهُ. فَمَا عَداَ أنْ فَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أوْ إِصبَعَهُ- ثم قال: " في الرَّفيقِ الأعلى " ثَلاثاً، ثُم قضى عَليهِ.
----------------
تذكر عائشـة رضي الله عنها قصةً تبين لنا مدى محبة النبي صلى الله عليه وسلم للسواك وتعلقه به وذلك أن عبد الرحمن بن أبى بكر- أخا عائشة- دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في حال النزع ومعه سواك رطب، يدلك به أسنانه. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم السواك مع عبد الرحمن، لم يشغله عنه ما هو فيه من المرض والنزع، من محبته له، فمذَ إليه بصره، كالراغب فيه، ففطنت عائشـة رضي الله عنها فأخذت السواك من أخيها، وقصت رأس السواك المنقوض، ونقضت له رأساً جديداً ونظفته وطيبته، ثم ناولته النبي صلى الله عليه وسلم، فاستاك به. فما رأت عائشـة تسوكاً أحسن من تسوكه. فلما طهر وفرغ من التسوك، رفع إصبعه، يوحد الله تعالى، ويختار النقلة إلى ربه تعالى، ثم توفى صلى الله عليه وسلم. فكانت عائشة رضي الله عنها مغتبطة،وحق لها ذلك، بأنه صلى الله عليه وسلم توفى ورأسه في صدرها.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبِي مُوسَى الأشعري رضِىَ الله عَنْهُ قاَل: أتيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهُوَ يَستَاكُ بِسِوَاكٍ رَطْبٍ قَالَ وطَرَف السوَاكِ عَلى لِسَانِهِ، وَهو يَقُولُ: أُع أُع، وَالسوَاك في فِيهِ كَأنَهُ يَتَهَوَّع.
----------------
يذكر أبو موسى الأشعرى: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يستاك بمسواك رطب، لأن إنقاءه أكمل، فلا يتفتت في الفم، فيؤذى، وقد جعل السواك على لسانه، وبالغ في التسوك، حتى كأنه يتقيأ.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ المغيرة بن شعبة قال: كُنْتُ مَع النبي صلى الله عليه وسلم في سَفَر فَأهوَيْتُ لأنْزِعَ خُفَيْهِ، فَقَالَ: " دَعْهُمَا، فَإنَّي أدْخَلتُهُمَا طاهِرَتَيْنِ " فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
----------------
كان المغيرة مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أسفاره. فلما شرع النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، وغسل وجهه ويديه، ومسح رأسه، أهوى المغيرة إلى خفي النبي صلى الله عليه وسلم لينزعهما لغسل الرجلين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهما ولا تنزعهما، فإني أدخلت رجلي وأنا على طهارة، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم على خفيه بدل غسل رجليه.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَلِىِّ بْنِ أبى طَالِب رَضِيَ الله عَنْهُ قَال: كُنْتُ رَجُلا مَذّاءً، فَاسْتَحْيَيتُ أنْ أسْألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لِمَكَان ابنته منِّى، فَأمَرْتُ المِقْدادَ بْنِ الأسْوَد، فَسألهُ، فَقَاَل: " يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ويتوضأ ".
----------------
يقول على رضي الله عنه: كنت رجلا كثير المذْيِ، وكنت أغتسل منه حتى شق علىَّ الغُسل، لأني ظننت حكمه حكم المنى. فأردت أن أتأكد من حكمه، وأردت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم. ولكون هذه المسألة تتعلق بالفروج، وابنته تحتي، فاستحييت من سؤاله، فأمرت المقداد أن يسأله، فسأله فقال: إذا خرج منه المذي فليغسل ذَكَرَهُ حتى يتقلص الخارج الناشئ من الحرارة، برَشَّة بالماء، ويتوضأ لكونه خارجا من أحد السبيلين والخارج من أحدهما هو أحد نواقض الوضوء. فيكون صلى الله عليه وسلم قد أرشد السائل بهذا الجواب إلى أمر شرعي وأمر طبي.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن عَبّادٍ بنِ تَميمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بنِ زَيد بنِ عَاصِمٍ المَازِني قال: شُكِيَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجُلُ يُخَيلُ إلَيْهِ أنَهُ يَجِدُ الشيء في الصَّلاةِ، فَقَالَ: " لا يَنْصرفْ حَتّى يَسمَعَ صَوتاً أو يَجِدَ رِيحاً.
----------------
هذا الحديث- كما ذكر النووي رحمه الله- من قواعد الإسلام العامة وأصوله التي تبنى عليها الأحكام الكثيرة الجليلة. وهى أن الأصل بقاء الأشياء المتيقنة على حكمها، فلا يعدل عنها لمجرد الشكوك والظنون، سواء قويت الشكوك، أو ضعفت، مادامت لم تصل إلى درجة اليقين، وأمثلة ذلك كثيرة لا تخفى. ومنها هذا الحديث. فما دام الإنسان متيقنا للطهارة، ثم شك في الحدث فالأصل بقاء طهارته، وبالعكس فمن تيقن الحدث، وشك في الطهارة فالأصل بقاء الحدث، ومن هذا الثياب والأمكنة، فالأصل فيها الطهارة، إلا بيقين نجاستها.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أُم قَيْسِ بِنْتَ مِحْصَنِ اْلأسـديَـة أنها أتَتْ بِابْنِ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأكُلِ الطّعَامَ، إِلَى رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم فأجلَسَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِـمَاء فَنَضَحَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.
----------------
كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون النبي صلى الله عليه وسلم بأطفالهم. لينالوا من بركته وبركة دعائه لهم. وكـان صلى الله عليه وسلم من لطـافته، وكرم أخلاقه، يستقبلهم بـما جبله اللّه عليه، من البشر والسماحة. فجاءت " أم قيس " بابن لها صغير، يتقوت اللبن، ولم يصل إلى سن التقوت بغير اللبن. فمن رحمتـه أجلسـه في حجـره الكريم، فبال الصبي على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب ماء فرش مكان البول من ثوبه رشاً، ولم يغسله غسلا
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ رضيَ اللَه عَنْهُ قال: جَاءَ أعْرَابيّ فَبَاَلَ في طَائِفَةِ المسْجدِ فَزَجَرَهُ الناس، فَنَهَاهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم، فلَما قَضَى بَولَه، أمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فأهْرِيقَ عَلَيْهِ.
----------------
من عادة الأعراب، الجفاء والجهل، لبعدهم عن تعلم ما أنزل الله على رسوله. فبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في المسجد النبوي، إذ جاء أعرابي وبال في أحد جوانب المسجد، ظناً منه أنه كالفلاة، فعظم فعله على الصحابة لعظم حرمة المساجد، فنهروه أثناء بوله. ولكن صاحب الخلق الكريم، الذي بعث بالتبشير والتيسير، ولما يعلمه من حال الأعراب، نهاهم عن زجره، لئلا يُلوث بقعاً كثيرة من المسجد، ولئلا يصيبه الضرر بقطع بوله عليه، وليكون أدعى لقبول النصيحة والتعليم حينما يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يطهروا مكان بوله، بصب دلو من ماء عليه.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَن أبيِ هُرَيرة رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الفطرة خمس: الْخِتَانُ، والاستِحْدَادُ، وَقَصُ الشَّارب، وَتَقلِيمُ الأظَافِرِ، وَنَتْف الإبْطِ ".
----------------
: يذكر أبو هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: خمس خصال من دين الإسلام، الذي فطر اللَه الناس عليه، فمن أتى بها، فقد قام بخصال عظام من الدين الحنيف. وهذه الخمس المذكرة في هذا الحديث، من جملة النظافة، التي أتى بها الإسلام. أولها- قطع قُلْفة الذكر، التي يسبب بقاؤها تراكم النجاسات والأوساخ فتحدث الأمراض والجروح. وثانيها- حلق الشعور التي حول الفرج، سواء أكان قبلا أم دبرا، لأن بقاءها في مكانها يجعلها معرضة للتلوث بالنجاسات، وربما أخلت بالطهارة الشرعية. وثالثها- قص الشـارب، الذي بقاؤه، يسبب تشويه الخلقة، ويكره الشـراب بعد صاحبه، وهو من التشبه بالمجوس. ورابعها- تقليم الأظـافـر، التي يسبب بقاؤها تجمع الأوساخ فيها، فتخالط الطعام، فيحدث المرض. وأيضا ربـما منعت كـمال الطهارة لسترها بعـض الفرض. وخامسها- نتف الإبط، الذي يجلب بقاؤه الرائحة الكريهة. وبـالجملة فإزالـة هذه الأشيـاء من محاسن الإِسلام، الذي جاء بالنظـافـة والطهـارة، والتأديب والتهذيب، ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل صورة، فإن النظافة من الإِيـمان.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ الله عَنْهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهُوَ جُنُبٌ، قالَ: فَاْنخَنَسْتُ مِنْهُ. فَذَهبْتُ- فاغتسلت، ثمً جِئت، فقال: " أيْنَ كُنْتَ يَا أبا هريرة؟ " قال: كُنْتُ جُنُباً، فَكَرِهتُ أنْ أجالسك وَأنَا عَلَى غَيْرِ طَهَاَرةٍ. فقَالَ: " سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ ".
----------------
لقي أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة، وصادف أنه جنب فكان من تعظيمه للنبي صلى الله عليه وسلم وتكريمه إياه، أن كره مجالسته ومحادثته وهو على تلك الحال. فانسل في خفية من النبي صلى الله عليه وسلم واغتسل، ثم جاء إليه. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أين ذهب؟ فأخبره بحاله، وأنه كره مجالسته على غير طهارة. فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من حال أبي هريرة حين ظن نجاسة الجنب. وذهب ليغتسل وأخبره: أن المؤمن لا ينجس على أية حال.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَةَ رَضي الله عَنْهَا قَالتْ: كان رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَل يَدَيْهِ، ثُمَ تَوَضَّأ وضُوءهُ للصلاةِ، ثم يُخَلِّلُ بيَدْيَهِ شَعْره حَتَّى إِذَا ظَنَّ أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ الماءَ ثَلاثَ مَرَاتٍ، ثُم غَسل سَائِرَ جَسَدِهِ. وقالت: كُنْت أغْتَسل أنَا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاء وَاحِدٍ، نَغْتَرِف مِنْهُ جَمِيعاً.
----------------
تصف عائشة غسل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه إذا أراد الغسل من الجنابة، بدأ بغسل يديه، لتكونا نظيفتين حينما يتناول بهما الماء للطهارة، وتوضأ كما يتوضأ للصلاة. ولكونه صلى الله عليه وسلم ذا شعر كثيف، فإنه يخلله بيديه وفيهما الماء. حتى إذا وصل الماء إلى أصول الشـعر، وأروى البشرة، أفاض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم غسل باقي جسده. ومع هذا الغسل الكامل، فإنه يكفيه هو وعائشة، إناء واحد، يغترفان منه جميعا.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ مَيْمُونَةَ بنْتِ الْحَارثِ زَوْج النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهَا قَالَتْ: وَضَعْتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَضُوءَ الجَنَابَة فأَكفَأ بِيِمِينِهِ علَى يساره مَرًّتيْنِ أوْ ثَلاثَا، ثم غَسَلَ فرْجَهُ، ثُمٌ ضَرَبَ يدَهُ بِالأرْضِ أوْ ا اْلحَائِطِ مرًّتينَ أوْ ثَلاثَاً ثمَّ مَضْمَضَ وَاَسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ وَذِراعَيْهِ، ثمَّ أفَاضَ عَلى رَأسهِ الْمَاءَ، ثمَّ غَسَلَ سَائرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَل رِجْليْهِ فأتيتهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْها، فَجَعَل يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ.
----------------
1- " أكفأ الإناء ": قلبه على وجهه. وكفأه: أماله، والحديث يفيد الإمالة بلا شك، وهذا ما يوافق رواية البخاري وهى " كفأ " وأنكر بعضهم أَن يكون " أكفأ " بمعنى قلب. 2- " ضرب يده في الأرض أو الحائط ": المراد منه مسح يده بأحدهما لإزالة اللزوجة بعد الاستنجاء. 3- " إفاضة الماء ": على الشيء وإفراغه عليه وإسالته فوقه. 4- " فلم يُرِدْها ": بضم الياء وكسر الراء وإسكان الدال، من الإرادة لا من الردّ- كما غلط بعضهم.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ أن عمر بن الخَطَّابِ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ الله أيَرْقُدُ أحدنا وَهُوَ جُنُب؟ قالَ: " نعم " إذَا تَوَضَأ أحَدُكُم فَلْيَرْقُد.
----------------
كان الحدث من الجنابة عندهم كبيراً، لذا أشكل عليهم هل يجوز النوم بعده أو لا؟. فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إن أصابت أحدهم الجنابة من أول الليل، فهل يرقد وهو جنب؟ فأذن لهم صلى الله عليه وسلم بذلك، على أن يخفف هذا الحدث الأكبر بالوضوء الشرعي، وحينئذ لا بأس من النوم مع الجنابة.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أم سَلَمَةَ زَوْج النبي صلى الله عليه وسلم قَالتْ: جَاءَتْ أم سُلَيْمٍ- امْرَأةُ أبي طَلحَةَ- إلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَاَلَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِن الله لا يستحي مِنَ الْحَق هَل عَلى المَرأةِ مِنْ غُسْل إِذَا هي احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ، إِذاَ هِيَ رَأتِ اْلمَاءَ ".
----------------
جاءت أم سليم الأنصارية إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتسأله. ولما كان سؤالها مما يتعلق بالفروج، وهى مما يستحيا من ذكره عادة قدمت بين يدي سؤالها تمهيداً لالقاء سؤالها حتى يخف موقعه على السامعين، فقالت: إن الله جل وعَلا وهو الحق، لا يمتنع من ذكر الحق الذي يستحيا من ذِكره من أجل الحياء، مادام في ذكره فائدة. فلما ذكرت أم سليم هذه المقدمة التي لطفت بها سؤالها، دخلت في صميم الموضوع، فقالت: هل على المرأة غسل إذا هي تخيلت في المنام أنها تجامع؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، عليها الغسل، إذا هي رأت نزول ماء الشهوة.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عن عَائِشَة قَالَتْ: كنتُ أغْسِل الْجَنَابةَ مَنْ ثَوبِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاةِ وإن بُقَعَ الْمَاءِ في ثَوْبِهِ. وفِي لفظ مسلم " لقد كُنْتُ أفرُكهُ مِن ثَوْبِ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَركاً فيصَلي فِيهِ ".
----------------
تذكر عائشة رضي الله عنها: أنه كان يصيب ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الْمَنِى من الجنابة. فتارة يكون رَطْباً فتغسله من الثوب بالماء، فيخرج إلى الصلاة، والماء لم يجف من الثوب. وتارة أخرى، يكون المَنِىُّ يابساً، وحينئذ تفركه من ثوبه فَركاً، فيصلى فيه.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبى هُريرة رضي الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ، ثم جَهَدَهَا وَجَبَ الغُسْلُ " وفي لفظ لمسلم " وَإِن لَمْ يُنْزل ".
----------------
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: إذا جلس الرجل بين شعب المرأة الأربع اللائي هن اليدان والرجلان، ثم أولج ذَكَره في فرج المرأة، فقد وجب عليهما الغسل من الجنابة وإن لم يحصل إنزال مَنِىٍّ، لأن الإيلاج وحده، أحد موجبات الغسل.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ أبي جَعْفَر مُحَمَدِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ الْحُسيْنِ بْنِ عَلِي بْنِ أبيِ طَالِب رَضِىَ الله عَنْهُمْ أنَّهُ كَانَ هُوَ وَأبُوهُ عنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، فسألوه عَنْ الْغُسْلِ فَقَالَ: يَكْفِيكَ صَاعة فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِيني. فَقَال جَابر: كَانَ يَكْفِى مَنْ هُوِ أوْفَرُ مِنْكَ شَعَراً وَخَير مِنْكَ- يُريدُ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ أمَّنَا في ثوْبٍ. وفي لفظ " كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُفرِغ المَاءَ عَلى رَأسِهِ ثَلاثَا ".
----------------
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَين رَضيَ الله عَنْهُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَأى رَجُلا مُعْتَزِلا لَمْ يُصَلِّ في القَوْم فقالَ: " يَافُلان مَا مَنَعَك أنْ تُصَلِّىَ في الْقَوْم؟ " فقال يَا رَسُولَ الله أصابتني جَنَابة وَلا مَاءَ، فقال: عَلَيْكَ بالصعِيِدِ فًإنَّهُ يَكْفِيكَ " رواه البخاري.
----------------
صلّى النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة صلاة الصبح، فلما فرغ من صلاته رأى رجلا لم يصل معهم. فكان من كمال لطف النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن دعوته إلى الله، أنه لم يعنفْهُ على تخلفِه عن الجماعة، حتى يعلم السبب في ذلك. فقال: يافلان، ما منعك أن تصلى مع القوم؟. فشرح عذره- في ظنه- للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه قد أصابته جنابة ولا ماء عنده، فأخر الصلاة حتى يجد الماء ويتطهر. فقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قد جعل لك- من لطفه- ما يقوم مقام الماء في التطهر، وهو الصعيد، فعليك به، فإنه يكفيك عن الماء.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عمار بن يَاسِر رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَال: بَعَثنِي رَسُولُ اللَه صلى الله عليه وسلم في حَاجَةٍ فَأجْنَبْتُ فَلَمْ أجدِ الْمَاءَ فَتَمَرغْتُ في الصعِيدِ كمَا تَمَرَغُ الدَّابة ثمً أتيْتُ النًبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ: " إنَّما كان يَكْفِيكَ أن تَقولَ بِيَدَيْكَ هكَذَا " ثمَّ ضَرَبَ بيَدَيْهِ الأرْض ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُم مَسَح الشِّمَالَ عَلى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَيهِ ووَجهَهُ.
----------------
بعث النبي صلى الله عليه وسلم " عمار بن ياسر " في سفر لبعض حاجاته، فأصابته جنابة، فلم يجد الماء ليغتسل منه، وكان لا يعلم حكم التيمم للجنابة، وإنما يعلم حكمه للحدث الأصغر. فاجتهد وظن أنه كما مسح بالصعيد بعض أعضاء الوضوء عن الحدث الأصغر، فلابد أن يكون التيمم من الجنابة بتعميم البدن بالصعيد، قياسا على الماء، فتقلَّب في الصعيد حتى عمه البدن وصلَّى. فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في نفسه مما عمله شيء، لأنه عن اجتهاد منه، ذكر له ذلك، ليرى، هل هو على صواب أو لا؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يكفيك عن تعميم بدنك كله بالتراب أن تضرب بيديك الأرض، ضربة واحدة، ثم تمسح شمالك على يمينك، وظاهر كفيك ووجهك.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أُعْطِيتُ خَمْسَا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأنبياء، قبلي: (1) نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْر (2) وَجُعِلَت لي الأرض مسجدا وطَهُوراً فَأيُمَا رَجُل مِنْ أمتِي أدْرَكَتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَل. (3) وأحِلَّتْ لي الغنائمُ،َ لَمْ تَحلَّ لأحَد قَبلي. (4) وَأعْطيتُ الشفَاعَةَ. (5) وَكَانَ النبيُّ يُبْعَثُ إِلى قَوْمِه خَاصَّةً: بُعِثْتُ إِلى النَاس كَافّةً ".
----------------
خص نبينا صلى الله عليه وسلم عن سائر الأنبياء بخصال شرف، ومُيّزَ بمحامد لم تكن لمن قبله من الأنبياء عليهم السلام، فنال هذه الأمة المحمدية - ببركة هذا النبي الكريم الميمون- شيء من هذه الفضائل والمكارم. فمن ذلك: ما ثبت في هذا الحديث من هذه الخصال الخمس الكريمة: أولها: أن الله سبحانه تعالى نصره، وأيده على أعدائه، بالرعب، الذي يحل بأعدائه، فيوهن قواهم، ويضعضع كيانهم، ويفرق صفوفهم، ويقل جمعهم، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم على مسيرة شهر منهم، تأييداً من الله ونصراً لنبيه و خذلانا وهزيمة لأعداء دينه، ولا شك أنها إعانة كبيرة من الله تعالى. ثانيها: أن الله سبحانه تعالى وسّع على هذا النبي الكريم، وأمته المرحومة بأن جعل لها الأرض مسجداً. فأينما تدركهم الصلاة فليصلوا، فلا تتقيد بأمكنة مخصوصة،كما كان من قبلهم لا يؤدون عباداتهم إلا في الكنائس، أو البِيَع، وهكذا فإن الله رفع الحرج والضيق عن هذه الأمة، فضلا منه وإحسانا، وكرما وامتنانا. وكذاك كان من قبل هذه الأمة، لا يطهرهم إلا الماء، وهذه الأمة جعل التراب لمن لم يجد الماء طهورا. ومثله العاجز عن استعماله لضرره. ثالثها: أن الغنائم التي تؤخذ من الكفار والمقاتلين، حلال لهذا النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، يقتسمونها على ما بين الله تعالى، بعد أن كانت محرمة على الأنبياء السابقين وأممهم، حيث كانوا يجمعونها، فإن قبلت، نزلت عليها نار من السماء فأحرقتها. رابعها: أن الله سبحانه وتعالى، خصه بالمقام المحمود، والشفاعة العظمى، يوم يتأخر عنها أولو العزم من الرسل في عرصات القيامة، فيقول: أنا لها، ويسجد تحت العرش، ويمجد الله تعالى بما هو أهله، فيقال: اشفع تُشفع، وسل تعطَه. حينئذ يسأل الله الشفاعة للخلائق بالفصل بينهم في هذا المقام الطويل. فهذا هو المَقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون. خامسها: أن كل نبي من الأنبياء السابقين تختص دعوتهم بقومهم. وقد جعل اللهْ تعالى في هذا النبي العظيم، وفى رسالته السامية الصلاحية والشمول، لأن تكون الدستور الخالد، والقانون الباقي لجميع البشر، على اختلاف أجناسهم، وتبايُن أصنافهم، وتباعد أقطارهم، فهي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، ولما كانت بهذه الصلاحية والسمُوَ، كانت هي الأخيرة،،لأنها لا تحتاج إلى زيادة ولا فيها نقص. وجعلت شاملة، لما فيها من عناصر البقاء والخلود.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَن عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا: أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أبي حُبَيْش سَألتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: إِني أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ، أفَأدَعُ الصَّلاةَ؟ قالَ: لا، إنَّ ذَلِك عِرْق، وَلَكن دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأيام، الَّتي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغتَسِلي وَصَلي. وفي رواية " وَلَيْسَتْ بِالْحيْضَةِ، فإذا أقْبَلَت الْحيْضَةُ فاتركي الصَلاةَ، فإذا ذَهب قَدْرُهَا فاغسلي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي "
----------------
ذكرت " فاطمة " بنت أبي حُبَيْش للنبي صلى الله عليه وسلم أن دم الاستحاضة يصيبها، فلا ينقطع عنها، وسألته هل تترك الصلاة لذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تتركي الصلاة، لأن الدم الذي تُترك لأجله الصلاة، هو دم الحيض. وهذا الدم الذي يصيبك، ليس دم حيض، إنما هو دم عرق منفجر. وإذا كان الأمر،كما ذكرت من استمرار خروج الدم في أيام حيضتك المعتادة، وفي غيرها، فاتركي الصلاة أيام حيضك المعتادة فقط. فإذا انقضت، فاغتسلي واغسلي عنك الدم، ثم صلّى، ولو كان دم الاستحاضة معك.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَة رَضي الله عَنْهَا أنَ أمَّ حَبيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنَينَ، فَسَألتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ فأمًرَهَا أنْ تَغْتَسِل فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لكل صَلاةٍ.
----------------
أصابت الاستحاضة " أم حبيبة بنت جحش "، سبع سنين، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية الطهر من ذلك، فأمرها أن تغتسل فكانت تفعل ذلك لكل صلاة.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالتْ: كُنْتُ أغْتَسِل أنَا ورَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إنَاء واحِدٍ، كِلانَا جُنُب فَكَانَ يَأمرُني فَأتزرُ فيباشرني وَأنَا حَائِض، وَكَانَ يُخرِجُ رأسه إلي وَهُوَ معْتَكِفٌ فَأغْسِلُهُ وأنا حَائِضٌ.
----------------
المعنى الإجمالي: اشتمل هذا الحديث على ثلاث مسائل: الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته، كانا يغتسلان من الجنابة من إناء واحد، لأن الماء طاهر لا يضره غَرْفُ الجنب منه، إذا كان قد غسل يديه قبل إدخالهما في الإناء. والثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يشرّع لأمته في القرب من الحائض بعد أن كان اليهود لا يؤاكلونها، ولا يضاجعونها. فكان صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة أن تتَّزر، فيباشرها بما دون الجماع، وهي حائض. الثالثة: أن الحائض لا تدخل المسجد، لئلا تلوثه. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إليها في بيتها رأسه، وهو في المسجد فتغسله، مما يدل على أن قرب الحائض، لا مانع منه لمثل هذه الأعمال وقد شرع توسعة بعد حرج اليهود.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَّكِئُ في حِجْري وَأنَا حَائِض فَيَقْرأ القرآن.
----------------
ذكرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في حجرها وهي حائض، مما يدل على أن بدن الحائض طاهر، لم ينجس بالحيض.
حديث شريف
تيسير العلام للشيخ البسام
عَنْ مُعَاذَةَ قالت: سَألْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا فَقُلْتُ: مَا بالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِى الصلاةَ؟ فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ فَقُلْتُ: لسْتُ بِحَرُورِيَّة. وَلكِنْ أسْألُ. فَقَالَتْ: كَانَ يُصيبُنَا ذلكَ فنؤمَر بِقَضَاءِ الصَّوْم وَلا نُؤمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ
----------------
سألت معاذة عائشة عن السبب الذي من أجله جعل الشارع أن الحائض تقضى أيام حيضها التي أفطرتها، ولا تقضى صلواتها زمن الحيض، مع اشتراك العبادتين في الفرضية، بل إن ا لصلاة أعظم من الصيام. وكان عدم التفريق بينهما في القضاء، هو مذهب الخوارج المبنى على الشدة الحرج. فقالت لها عائشة- رضي الله عليها-: أحرورية أنتِ تعتقدين مثل ما يعتقدون، وتشددِين كما يُشدون؟ فقالت: لست حرورية، ولكنى أسأل سؤال متعلم مسترشد. فقالت عائشة: كان الحيض يصيبنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكنا نترك الصيام والصلاة زمنه، فيأمرنا صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم ولا يأمرنا بقضاء الصلاة، ولو كان القضاء واجباً، لأمر به ولم يسكت عنه. فكأنها تقول: كفى بامتثال أوامر الشارع والوقوف عند حدوده حكمة ورشداً.