فوائد في باب النية واحكامها
فوائد في باب النية واحكامها
والمسألة الثالثة: الاحتساب في المباحات وفي التّروك
عندما يحتسب المسلم في أكله وشُربه ونومه وقيامه فإنه يؤجر على نيته هذه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم يؤجر في أخص حظوظ نفسه، فقال: وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام. أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا. رواه مسلم.
ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن، قال لهما: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تُنفّرا. فانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه، وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا، فسلّم عليه، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه... فقال معاذ حين نزل: يا عبد الله كيف تقرأ القرآن؟ قال: أتفوّقه تفوقاً. قال أبو موسى: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: أنام أول الليل، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم، فأقرأ ما كَتَبَ الله لي، فأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي. رواه البخاري ومسلم.
فقوله رضي الله عنه: أحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي.
أي أنه يحتسب في نومته، وينوي بها الاستعانة والتّقوّي على قيام الليل.
فالمسلم إذا استحضر النية فإنه يؤجر في سائر عمله، حتى في المباحات.
قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه: أوصني. قال: يا بُني انوِ الخير فإنك بخير ما نويت الخير.