حديث شريف
حديث شريف
من مسائل الأسماء والصفات التي حصل فيها خلاف معنى حديث: (أن الله خلق آدم على صورته) وضجوا وارتفعت أصواتهم وكثرت مناقشاتهم، كيف خلق آدم على صورته؟
فحرفه قوم تحريفاً مشيناً مستكرهاً، وقالوا: معنى الحديث: خلق الله آدم على صورته أي على صورة آدم ـ الله المستعان ـ هل يمكن لأفصح البشر وأنصح البشر أن يريد بالضمير ضمير المخلوق، بمعنى خلق آدم على صورته أي صورة آدم؟ لا يمكن هذا، لأن كل مخلوق فقد خلق على صورته، وحينئذ لا فضل لآدم على غيره، فهذا هراء لا معنى له، أتدرون لم قالوا هذا التأويل المستكره المشين؟..
قالوا: لأنك لو قلت إنها صورة الرب عز وجل لمثلت الله بخلقه، لأن صورة الشيء مطابقة له، وهذا تمثيل.
وجوابنا على هذا أن نقول: لو أعطيت النصوص حقها لقلت خلق الله آدم على صورة الله، لكن ليس كمثل الله شيء.
فإن قال قائل: اضربوا لنا مثلاً نقتنع به، أن الشيء يكون على صورة الشيء وليس مماثلاً له؟
فالجـــواب أن نقـــول:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن أول زُمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أضوء كوكب في السماء).
فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجهه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لا من كل وجه، فإن قلت بالأول فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم أفواه، وإن قلت بالثاني: زال الإشكال وثبت أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
فالمهم أن باب الصفات باب عظيم،وخطره جسيم، ولا يمكن أن ينفك الإنسان من الورطات و الهلكات التي يقع فيها إلا باتباع السلف الصالح، أثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه وانف ما نفي الله عن نفسه، فتستريح.