باب كراهة الخصومة في المسجد
باب كراهة الخصومة في المسجد
تطريز رياض الصالحين
عن السائب بن يزيد الصحابي - رضي الله عنه - قال: كنت في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف، فقال: لو كنتما من أهل البلد، لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!. رواه البخاري.
----------------
فيه: كراهة رفع الصوت في مسجد المدينة، ومثله المسجد الحرام، والأقصى، ويلحق بها سائر المساجد. وقال البخاري: باب رفع الصوت في المساجد. وذكر الحديث. وحديث كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته، ونادى: «يا كعب بن مالك، يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله! فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك. قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم فاقضه». قال الحافظ: قوله باب رفع الصوت في المسجد. أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك، فقد كرهه مالك مطلقا، سواء كان في العلم أم في غيره، وفرق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني، أو نفع دنيوي، وبين مالك فائدة فيه، وساق البخاري حديث عمر الدال على المنع، وحديث كعب الدال على عدمه إشارة منه إلى أن المنع فيما لا منفعة فيه، وعدمه فيما تلجئ الضرورة إليه.