ما جاء في أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
ما جاء في أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
شرح كتاب التوحيد للهيميد
ولمسلم عن ثوبان أن رسول الله قال: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُويَ لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإن سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً). رواه مسلم (2889) ورواه البرقاني في صحيحه وزاد: (وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيّ من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان، وأنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى). رواه أبو داود (4252) وابن ماجه (4000)
----------------
(إن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) أي أمة الإجابة. قال القرطبي: ” هذا الخبر وجد مخبره كما قاله، فكان ذلك من دلائل نبوته، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى بحر طنجة الذي هو منتهى عمارة الغرب، وإلى أقصى المشرق “. (وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض) قال القرطبي: ” يعني بهما كنز كسرى وهو ملك الروم، وكنز قيصر وهو ملك الروم “. وعبر بالأحمر عن كنز قيصر، لأن الغالب عندهم كان الذهب، وبالأبيض عن كنز كسرى لأن الغالب عندهم كان الجوهر والفضة. (أن لا يهلكها بسنة بعامة) وفي رواية: (بسنة عامة). السنة العامة: الجدب والقحط العام الذي يكون به الهلاك العام، قال تعالى: ﴿ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ﴾ وقال النبي: (اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف). (وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم) سوى أنفسهم: أي من غيرهم، يعني الكفار. فيستبيح بيضتهم: قال الجوهري: ” بيضة كل شيء حوزته، وبيضة القوم ساحتهم. وقيل بيضتهم معظمهم وجماعتهم. (وإن ربي قال: يا محمد، إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد) قال بعضهم: أي إذا حكمت حكماً مبرماً فإنه لا يرد بشيء، ولا يقدر أحد على رده، كما قال: (لا رادّ لما قضيت). رواه عبد الرزاق (حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً) أي حتى يوجد ذلك منهم، فإن وجد فإنه يسلط عليهم عدوهم من الكفار فيستبيح جماعتهم وإمامهم. وكذلك وقع، فإن الأمة لما جعل بأسها بينها اقتتلوا فأهلك بعضهم بعضاً، فلما فعلوا ذلك تفرقت جماعتهم، واشتغل بعضهم ببعض عن جهاد العدو، واستولوا عليهم. (وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) أي الأمراء والعلماء والعباد الذي يقتدي بهم الناس، ويحكمون لهم بغير علم، فيَضلِّون ويُضلُّون، فهم ضالون عن الحق مضلون لغيرهم. (وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة) أي إذا وقعت الفتنة والقتال بينهم بقي إلى يوم القيامة، وكذلك وقع، فإن السيف لما وضع فيهم بقتل عثمان لم يرفع إلى اليوم، وكذلك يكون إلى يوم القيامة، ولكن يكثر تارة ويقل تارة (ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيّ من أمتي بالمشركين) الحي: واحد الأحياء وهي القبائل. وفي رواية لأبي داود: (ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين). وهل المراد باللحوق هو اللحوق البدني أو اللحوق الحكمي؟ أو الأمران جميعاً؟ الظاهر الأمران معاً بحيث يصدقان جميعاً أو أحدهما. (حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان) الفئام: الجماعات، وهذا هو وجه شاهد الترجمة. (وأنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي) قال القرطبي: ” وقد جاء عددهم معيناً في حديث حذيفة قال: قال رسول الله: (يكون في أمتي كذابون دجالون سبع وعشرون منهم أربع نسوة). أخرجه أبو نُعيم (وأنا خاتم النبيين) أي آخر النبيين، كما أخبر تعالى بقوله: ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾.