باب فضل الجهاد
باب فضل الجهاد
تطريز رياض الصالحين
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن رجلا قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله - عز وجل -». رواه أبو داود بإسناد جيد.
----------------
السياحة: مفارقة الوطن والذهاب في الأرض. وقال ابن المبارك: عن ابن لهيعة: أخبرني عمارة بن غزية، أن السياحة ذكرت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أبدلنا الله بذلك، الجهاد في سبيل الله، والتكبير على كل شرف». وقال ابن عباس وغيره: السائحون، الصائمون. وقال عكرمة: السائحون هم طلبة العلم. قال ابن كثير: ومن أفضل الأعمال، الصيام وهو ترك الملاذ من... الطعام والشراب والجماع، وهو المراد بالسياحة ها هنا، ولهذا قال:... {السائحون} [التوبة (112)]، كما وصف أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله تعالى: {سائحات} [التحريم (5)]، أي صائمات، وكذا الركوع والسجود وهما عبارة عن الصلاة، ولهذا قال: {الراكعون الساجدون} [التوبة (112)]، وهم مع ذلك ينفعون خلق الله، ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه... علما وعملا، فقاموا عبادة الحق، ونصح الخلق، ولهذا قال: {وبشر المؤمنين} [الصف (13)]، إلى أن قال: وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض، والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن، والزلازال في الدين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم، يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن».