باب إجراء أحكام الناس على الظاهر
باب إجراء أحكام الناس على الظاهر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي معبد المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار، فاقتتلنا، فضرب إحدى يدي بالسيف، فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال: «لا تقتله» فقلت: يا رسول الله، قطع إحدى يدي، ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟! فقال: «لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي... قال». متفق عليه.
----------------
ومعنى «أنه بمنزلتك» أي: معصوم الدم محكوم بإسلامه. ومعنى... «أنك بمنزلته» أي: مباح الدم بالقصاص لورثته لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم. في الحديث: دليل على أن كل من صدر عنه ما يدل على الدخول في الإسلام من قول أو فعل حكم بإسلامه، حتى يتبين منه ما يخالفه، وقد حكم - صلى الله عليه وسلم - بإسلام بني خزيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد بقولهم: صبأنا صبأنا، ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا. فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:... «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد». ثم واداهم. قوله: «لا تقتل فإن قتلته فإنه بمنزلتك» قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال. زاد البخاري في هذا الحديث أنه عليه السلام قال للمقداد: «إذا كان المؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، كذلك كنت تخفي إيمانك بمكة». قوله: «ومعنى أنك بمنزلته»، أي: مباح القصاص لورثته. الظاهر أنه لا يلزمه قصاص، ولكن تلزمه دية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل المقداد ولا أسامة، وودي الذين قتلهم خالد بن الوليد. والله أعلم.