الصِدَّيقة بنت الصِدَّيق ـ أم المؤمنين عائشة
الحقيقة التي لا مراء فيها أن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان بشراً نبيًّا، تزوَّج وعدَّد كما تزوج وعدَّد غيرُه من الأنبياء والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، فإبراهيم ـ عليه السلام ـ تزوج سارة وهاجر، ويعقوب ـ عليه السلام ـ تزوج بأربع نسوة، وداود ـ عليه السلام ـ تزوج نساء كُثر، وتعدد زوجاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن بهدف التمتع وإشباع الشهوة ـ وإن كان ذلك أمراً فطرياً سائغاً لا يعاب الإنسان به ـ، إلا أن زواجه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كان أسمى من ذلك وأعلى، إذ أراد بتعدد الزوجات مراعاة مصلحة الإسلام، وتأليف القلوب، وكفالة اليتامى، والإحسان إلى الأرامل.
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري حِكَمَاً كثيرة للعلماء من استكثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الزوجات، أحدها: " أن يَكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك.. ثانيها: لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم.. ثالثها: الزيادة في تألفهم لذلك.. رابعها: لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزداد أعوانه على من يحاربه.. خامسها: نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.. سادسها: الاطلاع على محاسن أخلاقه الباطنة ".
ورغم توقير الإسلام ونبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه وأتباعه لكل الأنبياء والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، إلاَّ أن بعض أتباع هؤلاء الأنبياء ـ من اليهود والنصارى ـ ومن سار على طريقهم من المسلمين المتأثرين بهم ـ، ما زالوا بين الحين والحين يُثِيرون بعض الشبهات حول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يُريدون بذلك الوصول إلى الطعن في نبوته وفي الإسلام، ومن هذه الشبهات التي أثاروها زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عائشة - رضي الله عنها - وهي فتاة صغيرة في التاسعة من عمرها، والتي سنقف معها وقفة للرد عليها، والحديث عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفضلها، وكيفية زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها.
الصِدِّيقة بنت الصِدَّيق:
أم المؤمنين عائشة أم عبد الله، بنت أبي بكر بن قُحافة، أحب الناس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد سُئِل ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ: ( أي الناس أحب إليك؟، قال: عائشة، قيل: فمن الرجال؟، قال: أبوها ) رواه البخاري.
وعن عروة بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: ( اكتَني بابنِك عبدِ اللهِ ـ يعني ابن أختها ابنَ الزبيرِ ـ، أنتِ أمُّ عبدِ الله، قال: فكان يُقالُ لها أمُّ عبدِ اللهِ حتى ماتتْ ولم تلدْ قطُّ ) صححه الألباني، وكان مسروق إذا حدث عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ يقول: " حدثتني الصادقة ابنة الصديق، البريئة المبرأة بكذا وكذا ".
وقال ابن حجر: " هي الصديقة بنت الصديق.. وكان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها، ومات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولها نحو ثمانية عشر عاماً، وقد حفظت عنه شيئا كثيراً، وعاشت بعده قريباً من خمسين سنة، فأكْثَرَ الناسُ الأخذ عنها، ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئاً كثيراً، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها ـ رضي الله عنها ـ ".
الزواج المبارك:
في شوال من السنة العاشرة من البعثة النبوية عقد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها وهي بنت ست سنين ـ أو سبع سنين ـ قبل الهجرة بسنتين، ولم يبْنِ بها إلا في شوال من السنة الأولي للهجرة، وهي بنت تسع سنين.
عن عائشة - رضي الله عنها -: ( تزوجني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري (تقطع)، فوفى (كثر) جميمة (مجمع شعر)، فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج، حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر (حظ ونصيب) فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرُعْني (يفزعني) إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين ) رواه البخاري.
وفي رواية مسلم في صحيحه عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزُفَّت إليه وهى بنت تسع سنين.
قال النووي: " وأما قولها في رواية: تزوجني وأنا بنت سبع، وفي أكثر الروايات: بنت ست، فالجمع بينهما أنه كان لها ست وكسر، ففي رواية اقتصرت على السنين، وفي رواية عدت السنة التي دخلت فيها ".
زواج من الله:
رؤيا الأنبياء حق ووحْي، وعصمتهم في المنام كاليقظة، وكان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بوحي من الله ـ عز وجل ـ، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها: ( أُرِيتُكِ في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سَرَقَة (قطعة) من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يَكُنْ هذا من عند الله يُمْضِهِ ) رواه البخاري.
قال ابن حجر: " وعند الآجري من وجه آخر عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ( لقد نزل جبريل بصورتي في راحته (في كفه) حين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجني )، ويجمع بين هذا وبين ما قبله - أنها كانت في قطعة حرير-: بأن المراد أن صورتها كانت في الخرقة، والخرقة في راحته، ويحتمل أن يكون نزل بالكيفيتين لقولها في نفس الخبر: ( نزل مرتين ) ".
ولم يتزوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النساء بكراً غيرها، وهو فضلٌ استأثرت به على سائر نسائه، وظلّت تفاخر به، وتقول للنبي ـ صلى الله عليه وسلم -: ( يا رسول الله، أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟، قال: في التي لم يرتع منها ) ـ تعني أنه لم يتزوج بكراً غيرها ـ) رواه البخاري.
فضل أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ:
كانت ـ رضي الله عنها ـ صوّامة قوّامة، تُكثر من أفعال البرّ ووجوه الخير، وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها، حتى إنها تصدّقت مرّة بمائة ألف درهم، لم تُبق منها شيئاً، وقد شهد لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنها أحب الناس إليه، فقد سُئِل ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أي الناس أحب إليك؟، قال: عائشة ) رواه البخاري.
وعلى الرغم من صغر سنّها ـ رضي الله عنها ـ إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم، ولذلك حفظت واستوعبت الكثير من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث، وقد ذكر العلماء أن عدد الأحاديث التي روتها نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاوزت ثلاثة آلاف حديث، وأن صاحبة السهم الأكبر في رواية الحديث هي أمنا عائشة - رضي الله عنها -، فقد روت ألفًا ومائتين وعشرة أحاديث، ومن ثم فقد ساهمت ـ رضي الله عنها ـ مساهمة فعالة في حفظ ونقل السنة النبوية، التي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله ـ عز وجل ـ إلى الأمة الإسلامية.
قال أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ: " ما أُشْكِلَ علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة ـ رضي الله عنها ـ إلا وجدنا عندها منه علماً ".
وقيل لمسروق: " هل كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تحسن الفرائض (علم المواريث)؟، قال: إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض ".
وقال الزُّهري: " لو جُمِع علم نساء هذه الأمة، فيهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان علم عائشة ـ رضي الله عنها ـ أكثر من علمهنّ ".
وقال عَطاء بن أبي رَباح: " كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامَّة ".
وقال عروة: " ما رأيت أحدًا أعلم بفقهٍ ولا طبٍّ ولا شِعرٍ من عائشة ".
وقال أبوسلمة بن عبد الرحمن بن عوف: " ما رأيت أحدا أعلم بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا أفقه في رأي إن احتيج إليه، ولا أعلم بآية فيما نزلت ولا فريضة من عائشة ".
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: " لقد أعطيتُ تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكراً، وما تزوج بكراً غيري، ولقد قُبِضَ ورأسه في حجري، ولقد قبرته (دُفِنَ) في بيتي، ولقد حفت الملائكة ببيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه، وإني لابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذري (براءتي) من السماء، ولقد خُلقت طيبة عند طيب، ولقد وُعِدْتُ مغفرة ورزقاً كريماً ".
كفر من قذفها وسبَّها:
لقد عرف علماء الأمة ـ سلفا وخلفا ـ قدْرَ أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنه ـ، وشرفَ عِرضِها، فخصَّصوا في حقِّها وفضلها فصولاً وأبواباً في كتبهم ومصنفاتهم، فلا تجدُ كتابَ سنةٍ أو مسنَد حديثٍ أو سيرة إلا وقد سُطِّر فيه من فضائلها الشيءَ الكثير، وقد نقلوا الإجماع على كفر من رماها بما برّأها الله ـ عز وجل ـ منه، فيما هو معروف في كتب السيرة النبوية بحادثة الإفك.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي: " من قذفَ عائشةَ ـ رضي الله عنها ـ بما برَّأها الله منه كفر بلا خلاف، وقد حكَى الإجماعَ على هذا غيرُ واحد، وصرّح غير واحد من الأئمة بهذا الحُكم ".
وقال ابن قدامة: " ومن السُنَّة الترَضِّي عن أزواج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه، زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم ".
وقال النووي: " براءة عائشة ـ رضي الله عنها ـ من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ".
وقال ابن القيم: " واتفقت الأمة على كفر قاذفها ".
وقال الحافظ ابن كثير: " أجمع العلماء ـ رحمهم الله ـ قاطبة على أن من سَبَّها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن ".
شبهة صِغر سِنِّها:
أما شبهة صغر سنها ـ رضي الله عنها ـ حين تزوجها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي شبهة واهية لعدة أسباب:
ـ مثل هذا الزواج ـ بين الكبير في السن والصغيرة ـ كان معروفاً عند العرب ولا حرج أو شبهة فيه، وقد كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ مخطوبة قبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لابن مطعم بن عدي، كما ذكر ذلك الطبري وابن كثير، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يدخل بها إلا بعد أن أصبحت صالحة للزواج، ومما يدل على ذلك انتظار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنتين بين العقد والبناء.
ولا أدلّ على أن هذا الزواج لم يكن غريباً حينئذٍ هو زواج عبد المطلب الشيخ الكبير في السن من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من فتاة صغيرة في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب.. وقد تزوّج عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ من بنت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والفارق بينهما في السن كبير، كما أنّ عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ عرض ابنته الصغيرة حفصة ـ رضي الله عنها ـ على أبي بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ وبينهما مِن فارق السنّ مثل الذي بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعائشة ـ رضي الله عنها ـ..
ومن ثم فلو كان في هذا الزواج مطعناً على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكانت قريش أَوْلَى بالطعن به، وهم الذين يعادونه ويسعون للقضاء عليه وإبعاد الناس عن الانخراط في دعوته، وينتظرون له زلة، ولذا فإن فمن أعظم الأدلة والبراهين على أن زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعائشة ـ رضي الله عنها ـ كان أمراً عادياً لا حرج فيه هو: إقرار كفار قريش به، وعدم التعرض له أو الطعن فيه، مع حرصهم على رمي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكل بهتان ليس موجوداً فيه أصلاً، مثل قولهم: شاعر أو مجنون، فمن التجني وعدم الإنصاف في الأحكام أن يُوزَن الحدث ويُنظر إليه منفصلاً عن زمانه ومكانه وظروف بيئته.
ـ ومن المعروف طبيًّا أن بلوغ البنت غير مرتبط بالسن، فقد تبلغ البنت وهي صغيرة، والبلوغ في المناطق الحارة يكون أسرع منه في المناطق الباردة، وبنت تسع سنين صالحة للزواج وبالغة مبلغ النساء في كثير من البلدان، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات والزمان.
قال النووي: " قال الداودي: وكانت ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ قد شبَّت شباباً حسناً، ولما كانت أعرف بنفسها وأنها بلغت مبلغ النساء قالت - كما روى عنها الترمذي -: " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ".
كل هذه المعطيات تدل على أنه ليس في زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عائشة ـ رضي الله عنها ـ ما يعيب لا مِنْ الناحية الاجتماعية، ولا من ناحية الطب والصحة البدنية، ورغم كثرة ردود العلماء على هذه الشبهة الواهية، فإن أعدء الإسلام يتخذوا من هذا الزواج ذريعة للطعن في نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفي الإسلام، قال الله تعالى: { قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ }(آل عمران من الآية: 118).
إنها الصِّدِّيقةُ بنت الصِّدِّيق، حبيبةُ الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ، المُبَرَّأةُ مِن فوقِ سبع سماوات، حُبُّها قُرْبَة، وسَبُّها وقَذْفُها كُفْرٌ، مَن رَضِيَها أُمَّاً له فهو مؤمن، ومَن لم يرضها فليس بمؤمن، قال الله تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }(الأحزاب من الآية: 6)
قال موسى بن بهيج المغربي الأندلسي في قصيدته التي يمدح فيها أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ:
ما شأن أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِهــا ومُتَرْجِمــاً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي:
يـا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّـي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ بِصِفات بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَـقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِــي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ اللهُ زَوَّجَنِـي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي فَأَحَبَّنِـي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
وتَكَـلـَّمَ الـلـهُ العَظيـــمُ بِحُجَّتِـي وَبَرَاءَتِـي في مُحْكَـمِ القُرآنِ
والله خفَّرَنِي(حماني)وعظَّم حُرمتي وعلى لِسَـانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِـي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
مختارات