هدي النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطرومن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وفرضه في رمضان زكاة الفطر، كما ثبت في " صحيح البخاري " (1503) من حديث ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وروى البخاري في " صحيحه " (1508) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب.
وأمر النبي ﷺ بإخراجها قبل صلاة العيد: كما ثبت في " صحيح البخاري " (1509) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وقد بين ابن عباس رضي الله عنهما الحكمة من مشروعية زكاة الفطر، فقال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقة. رواه أبو داود (1605)، وصححه الألباني في " صحيحه " (1420).
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سائر العبادات في رمضانكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على العبادات التي كان يؤديها في غير رمضان، بل يزيد فيها، كما مر معنا في حاله في الوصال، وحاله في قيام الليل، وحاله في العشر الأواخر، بل كان صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر يعتكف في المسجد لأجل التفرغ للعبادة، ومن العبادات التي وردت فيها بعض النصوص الخاصة:
1- قراءة القرآن ومدارسته
2- الجود
وقد دل على ذلك ما ثبت في " الصحيحين " في البخاري (1902)، ومسلم (2308) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
فدل هذا الحديث على زيادة جود النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان عن غيره من الأزمان، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أجود الناس، ولكن أعلى مراتب جوده كانت في رمضان، وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملا لجميع أنوع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل النفس لله تعالى في إظهار الدين وهداية العباد، وإيصال النفع إليهم بكل طريق وسبيل، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم.
وشبه ابن عباس رضي الله عنه جود النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان بالريح المرسلة، وهو تشبيه بليغ جدا، قال ابن المنير: (وجه التشبيه بين أجوديته صلى الله عليه وسلم بالخير، وبين أجودية الريح المرسلة أن المراد بالريح ريح الرحمة التي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سببا لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة، فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغنى والكفاية، أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم) أ.هـ " فتح الباري " لابن حجر (4/139).
ودل الحديث أيضا على مدارسة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كاملا مع جبريل في شهر رمضان، وقد ثبت في " صحيح البخاري " (4998) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان يُعرض القرآن على النبي كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف في كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه.
3- الجهاد
كان ﷺ ربما خرج للجهاد في شهر رمضان، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ومن غزواته صلى الله عليه وسلم التي كانت في رمضان: غزوتي بدر وفتح مكة.
دروس وعبر من عموم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان1- مداومته ﷺ على العمل.
2- الازدياد من أنواع العبادات والطاعات فيه عن بقية الشهور.
3- رحمته ﷺ بأمته وشفقته عليهم، ومحبة الخير لهم، وتوجيههم إلى كل ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة.
4- تأثره ﷺ بكتاب الله عز وجل، وتجسيده لأوامره في واقع الحياة.
5- عدم اشتغال النبي ﷺعن واجباته بالصيام والقيام، فقاد النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان غزوتي بدر وفتح مكة، وكان صلى الله عليه وسلم يوجه أهله ويحثهم على قيام الليل في رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم ربما أصبح جنبا من جماعه لأهله، وكانﷺ تأتيه بعض أزواجه تزوره وهو معتكف فيخرج معها ليوصلها إلى بيتها، وكان صلى الله عليه وسلم يقصر اعتكافه على العشر الأواخر.
6- ازدياد النبي صلى الله عليه وسلم من العمل عند ما علم بدنو أجله صلوات الله وسلامه عليه.
ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا لمتابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أمورنا، وسائر شؤوننا، وأن يحسن لنا الختام، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مختارات