الرقية الشرعية شفاء للأمراض النفسية والعضوية
إنَّ العلاج بالقرآن الكريم حقيقةٌ واقعة، أثبتتها الأدلة القطعيَّة من الكتاب والسُّنة، ومِن ثم الخبرة والتجرِبة العمليَّة، ومَن فسَّر شفاء القرآن على أنَّه شفاء للقلوب فهو تفسير قاصر؛ لأنَّه شفاء لأمراضِ القلوب والأبدان معًا.
وهذا هو الموضوع الذي تناولتْه صفحاتُ هذا البحث، وهو الإجابة عن السؤال الذي يَطرح نفسَه على الساحة في هذه الأيَّام، وهو: هل القرآن الكريم وسيلةٌ للتداوي بالنِّسبة للأمراض النفسيَّة، أم أنَّه يشفي الأمراض العضويَّة أيضًا؟ والعلماء في الإجابة على هذا السؤال بين مؤيِّد ومعارض، فبينما نجد بعضَ الآراء المعارضة لذلك، والتي تتَّهِم المؤيِّدين بخلط المسائل، وهذا الخلط مصدرُه عدم التمييز بين الاستخدام المجازيِّ للمصطلحات في القرآن الكريم، فَهُم يُفسِّرون الشِّفاء بالمعنى المجازي، وليس بالمعنى العُضوي؛ أي: إنَّه هدايةٌ، فليس دواءً ماديًّا كالذي يصفه الطبيب للمريض.
وعلى الجانب الآخر، فقدْ أقرَّ كثيرٌ من العلماء تأييدَهم لذلك الموضوع، مستندين إلى حُججهم، وهذا هو ما استعرضتُه في صفحاتِ هذا البحث، وقد فندتُ أسانيدَهم وحُججَهم من القرآن الكريم، والسُّنة النبويَّة الشريفة.
يقول تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].
قال الشيخ عبدالرحمن السَّعدي: " فالشِّفاء الذي تضمَّنه القرآن عامٌّ لشفاء القلوب، ولشفاء الأبدان مِن آلامها وأسقامها " ؛ تيسير الكريم الرحمن - باختصار - (3/128).
وما صحَّ من أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رقاه جبريلُ - عليه السلام - فقال: (باسم الله يُبْريك، ومن كلِّ داءٍ يشفيك)، فقوله: (ومِن كلِّ داء يشفيك) دليل على شمول الرُّقية لجميع أنواع الأمراض النفسيَّة والعضويَّة.
وباستقراء السُّنَّة، نجد أنَّ الأمراض التي عولجت بالرُّقية في عهد الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانت من الأمراض العُضويَّة، وما كانوا يعرفون النفسيَّة المعهودة في عصرنَا.
مقدمة
أخي المسلم، أختي المسلمة:
هل تُعاني في حياتك من الهَمِّ والحزن، والضِّيق والقلق، وكثرةِ المشكلات والصُّعوبات؟
هل تشكو مِن أيِّ مرضٍ؛ جسمي أو نفسي، لم تجد له أيَّ علاج؟
هل تشعر بشيءٍ من الكسل عن أداء الطَّاعات، والتعلُّق بالشهوات والمعاصي؟
هل تحسُّ بتغييرات سلبيَّة طرأت في حياتك لم تعرفْ لها سببًا؟
هل تطمح في مستوى إيمانيٍّ وخُلقي أفضلَ؟
أسئلة كثيرة، ستجد الإجابةَ الشافية عليها - بإذن الله تعالى.
لقد كثرتِ الأمراضُ النفسيَّة والرُّوحيَّة والعضويَّة في هذا العصر، وتعدَّدت أنواعُها وأشكالُها، وخرجت علينا أمراضٌ جديدة، ما كانت معروفةً في السابق، واجتهد الناس في علاجِ ما أصابهم منها، فبذلوا الأموالَ والأوقات، ومع ذلك فالمستشفيات والمصحَّات في ازدياد وامتلاء، والأمراض في انتشار وكثرة - ولا حولَ ولا قُوَّة إلاَّ بالله - وقد حصل كلُّ ذلك أو بعضه بسببِ غفلةِ كثيرٍ من النَّاس عن أسباب التحصُّن من الوقوع في مِثل هذه الأمراض، وجهلوا مِن جانبٍ آخرَ الطرقَ الصحيحة للعلاج منها بعدَ وقوعها، وخاصَّةً فيما يتعلق بكيفية الاستفادة من الرُّقية الشرعيَّة.
إنَّ حاجة الأمَّة للرَّاقين تُوازي الحاجةَ للأطباء، فينبغي على العلماء، وطلبة العِلم الشرعي، والأطباء المخلصين أن يأخذوا بأيدي الرَّاقين بالنُّصح والإرشاد، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإيضاح التجاوزات الشرعيَّة، وعدم التَّضييق عليهم، أو الطعن فيهم؛ فإنَّهم في جهاد مع السَّحرة والشياطين، فَكَم مِن مكروب نُفِّسَ عنه، وكم مِن مسحورٍ فُكَّ مِن عقال السِّحر، وكم مِن معيونٍ فَرَّج الله عنه؛ بسبب هؤلاء الرَّاقين، فإن وُجِدَ عند بعضهم من أخطاء وتجاوزات وسلبيات، فهي لن تكونَ - بأي حال من الأحوال - أكثرَ من إيجابياتِهم ومنفعتِهم للمسلمين "
وقد يعْترِض قائلٌ على هذا الكلام فيقول: إنَّ القرآن نزل هدايةً للبَشَر، ودستورًا وتشريعًا لحياتهم، فما بالكم تجعلونه طبًّا وعلاجًا؟!
يجيب الشيخ عبدالله صديق على هذا فيقول: " إنَّ الله - سبحانه وتعالى - أنزل كتابَه لحِكمٍ؛ ومنها: إخراجُ النَّاس من الظُّلمات إلى النُّور، ومنها بيانُ الشرائع والأحكامِ التي كلَّف الله بها عبادَه، ومنها قراءَتُه في الصَّلاة، والتعبُّد بتلاوته، ومنها التداوي به؛ قال - تعالى -: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82] وقوله: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، فهذه الحِكم لا تَنافُرَ بينها ولا تناقُض، وهي متداخلةٌ متوافقة، يمكن الأخذ بها جميعًا.
وكما أمر الإسلام بالتداوي بالأدوية الحِسيَّة الماديَّة، والأخذ بالأسباب العلميَّة، فإنَّه رغَّب في مشاركتها بالأدوية الرُّوحانيَّة، من رقى بكلام الله العزيز، وأدعيةٍ مأثورة، بل وجعل نبيُّ الله الدُّعاءَ ضربًا من أهمِّ العبادات، فقال: (الدعاء هو العبادة)، حتى يتذكرَ المريضُ خالقَ الدَّاء والدَّواء، وتبقى عقيدةُ التوحيد خالصةً له - سبحانه وتعالى - في الصِّحة والمرض، ممَّا يجعل رُوح المريض هادئةً متفائلة بالتجائِه إلى ربِّ الأرباب، فيقوى صبرُه، وتغيب الوساوس والمخاوف والأوهام، وترتفع معنوياتُه، وينمو أملُه بالشفاء، ممَّا يؤدِّي إلى ازدياد مقاومتِه فعلاً، وتختفي أعراضُ الاضطراب النفسي، ويبدو التحسُّن بالطبع، حتى في أعراض مرضه العضويِّ، أو الوظيفي، ويتمُّ الشِّفاء أحيانًا فيهما؛ معونةً من الله وفضلاً..
وفي حقيقة الأمر فإنَّ الأدلة النقليَّة الصريحة من كتاب الله - تعالى - ومِن سُنَّة المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - تؤكِّد هذه الحقيقة، ولا بدَّ من استقراء النُّصوص القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة؛ للوقوف على حقيقة الأمر، وهي على النحو التالي:
أوَّلاً: النصوص القرآنية الدالة على أن القرآن شفاء:
1- يقول - تعالى -: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: الآية 82].
قال ابن القيم - رحمه الله -: " والأظهر أنَّ ﴿ مِن ﴾ هنا لبيان الجِنس، فالقرآن جميعُه شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين " ؛ إغاثة اللهفان (1/24).
قال الشَّيخ عبدالرحمن السَّعدي: " فالشِّفاء الذي تضمَّنه القرآن عامٌّ لشِفاء القلوب، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها " ؛ تيسير الكريم الرحمن - باختصار - (3/128).
2- وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44].
قال الشيخ عبدالرحمن السَّعدي: " ولهذا قال: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾؛ أي: يَهديهم لطريق الرُّشد، والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامَّة، وشفاء لهم من الأسقام البدنيَّة، والأسقام القلبيَّة؛ لأنَّه يزجر عن مساوئ الأخلاق، وأقبح الأعمال، ويَحُثُّ على التوبة النَّصوح، التي تغسل الذنوب، وتشفي القلب " ؛ تيسير الكريم الرحمن - باختصار - (4/403).
" ونحن نؤمن بأنَّ القرآن هُدى وشفاء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 44]، وقال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].
ولكن، ما معنى الشِّفاء هنا؟ هل هو الشَّفاء العُضوي، على معنى أنَّ الإنسان إذا أوجعه بطنه، أو أوجعته عينُه، أو أحسَّ بألَمٍ في جسده، فماذا عليه أن يفعل؟ هل يذهب إلى عِيادة القرآن، أم يذهب إلى الطبيب المختصِّ الخبير في شأن هذا النَّوْع من المرض؟
الذي رأيناه من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم – وهديه: أنَّه شَرَع الطب والدَّواء؛ فقد ورد في صحيح البخاري عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: (الشِّفاء في ثلاث: شَرْبة عَسَل، وشَرْطة مِحْجَم، وكَيَّة نار، وأنا أنهى أُمَّتي عن الكيِّ).
فذكر الأنواعَ الثلاثة للدَّواء الذي يُتناول عن طريق الفم، والجراحة، وهي شَرْطة المحجم أو المشرط، والكي، وذلك هو العِلاج الطبيعي، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تَداوَى، وأمَرَ أصحابَه بالتداوي، وكان يقول لبعض أصحابه - رضوان الله عليهم أجمعين: (اذهبوا إلى الحارث بنِ كلدة الثقفي)، وهو طبيبٌ مشهور منذ الجاهلية عَرَفه العرب، فكان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ينصحهم بالذَّهاب إليه، بل جاءَه رجلان يعرفان الطبَّ من بني أنمار، فقال لهما: (أيُّكما أطبُّ؟)؛ يعني: أيكما أحذقُ وأمهر في صنعة الطبِّ؟ فأشاروا إلى أحدهما، فأمره أن يتولَّى هو علاجَ المريض؛ يعني: أنَّ الإنسانَ يبحث عن أمهرِ الأطباء، وأفضلهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
القرآن شفاء:
إذًا؛ فما معنى أنَّ القرآن شفاء؟ وهنا نقول: إنَّ القرآن نفسه قد بيَّن معنى الشِّفاء المذكور بإطلاق في بعض الآيات، فقد قيدته آيةٌ أخرى؛ يقول الله - تعالى - فيها: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]،بيَّنت الآية أنَّ القرآن شفاءٌ لِمَا في الصدور من الشكِّ والحيرة والعمى، وما فيها من الهمِّ والحزن والخوف والقلق؛ ولذا كان مِن أدعية النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (اللهمَّ اجعلِ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حُزْني، وذَهابَ همِّي وغمِّي).
وكلُّ هذه الأمور المدعو لها أمورٌ معنويَّة لا ماديَّة، تتعلَّق بالقلب والصدر، لا بالجسد والأعضاء؛ إلاَّ أنَّ هناك رأيًا آخر يقول: إنَّ لفظ ﴿ شفاء ﴾ بهاتين الآيتين - سالفتي الذِّكر - لفظٌ عامٌّ يتناول شفاءَ جميع الأمراض، سواء المتعلِّقة بالنفوس والعقول، وفساد العقائد، وأدران القلوب، أو الأمراض الجسديَّة والعوارض الماديَّة الحِسيَّة، والأصل في التفسير بقاءُ العامِّ على عمومه دون تخصيصه إلاَّ بمخصِّص، و ليس ثمَّةَ مخصِّص لهذه الآيات حسبَ ما قرَّره العلماء ".
ثانيًا: الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على أن القرآن شفاء:
1- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: انطلق نفرٌ من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في سفرة سافروها، حتَّى نَزَلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأَبَوْا أن يُضيِّفوهم، فُلِدغ سيَّدُ ذلك الحي، فسعَوْا له بكلِّ شيء، لا ينفعه شيءٌ، فقال بعضُهم: لو أتيتم هؤلاءِ الرَّهطَ الذين نَزَلوا، لعلَّهم أن يكون عندَ بعضِهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيُّها الرَّهط، إنَّ سيِّدَنَا لُدِغ، وسعينا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفعه، فهل عندَ أحدٍ منكم من شيء؟ فقال بعضُهم: نعم، والله، إنِّي لأرقي، ولكن استضفناكم، فلم تُضيِّفونا، فما أنا براقٍ حتَّى تجعلوا لنا جُعلاً، فصالحوهم على قطيعٍ من الغنم، فانطلق يَتْفُل عليه، ويقرأ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، فكأنَّما نُشِطَ مِن عقال، فانطلق يمشي وما بِه قَلَبَة، قال: فأوفَوْهم جُعلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضُهم: اقتسموا، فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا، حتَّى نأتيَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فنَذْكُر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقَدِموا على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذكروا له ذلك، فقال: (وما يُدريك أنَّها رُقية؟)، ثم قال: (قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا)؛ متفق عليه.
ومِن تتبُّع النصِّ السابق يتبيَّن أنَّ القرآن الكريم شفاءٌ لأمراض الأبدان، وقد يبلغ به حصولُ شفاء الأمراض البدنيَّة ما لا يبلغه الدواء.
وفي ذلك يقول ابن القيم - رحمه الله -: " فقد تضمَّن هذا الحديث حصولَ شفاءِ هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنتْه عن الدَّواء، وربَّما بلغتْ من شفائِه ما لم يبلغْه الدَّواء " ؛ مدارج السالكين (1/67).
قال ابن كثير - رحمه الله -: " وقد ورد أنَّ أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - كان يُرقى ويحصَّن بالفاتحة... وقد سمَّاها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّّم -: " بالرَّاقية والشَّافية " ؛ " تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة الفاتحة ".
قال الشيخ محمَّد الغزالي - رحمه الله -: " لقد استوقفتْني هذه القصَّة من وجوه عدَّة... فإنَّ فاتحة الكتاب سورةٌ عظيمةُ القدر، بما حوتْ من تمجيد لله ودعاء، فكان ظنِّي أنها تنفع قارئَها وحدَه، أمَّا أن تنفع المقروءَ له، فذاك ما أثبتته القصَّة هنا " ؛ الشافيات العشر (ص: 27).
2- عن ابن مسعود، وعائشةَ، ومحمد بن حاطب، وجميلة بنت المجلل - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -: قالوا: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا أتى المريضَ فدعَا له - وفي رواية: يعوِّذ بعضَهم بمسحِه بيمينه - ويقول: (أَذهبِ الْبَاس، ربَّ الناس، واشفِ أنت الشَّافي، لا شفاءَ إلاَّ شفاؤُك، شفاءً لا يغادر سَقَمًا)؛ متفق عليه.
قال الحافظ بن حجر في " الفتح ": " قال ابن بطَّال: في وضْع اليد على المريض تأنيسٌ له، وتعرُّف لشدة مرضه؛ ليدعوَ له بالعافية على حسب ما يبدو له منه، وربَّما رقاه بيده، ومسح على ألَمِه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحًا " ؛ " فتح الباري " (10/126).
قال النووي: " قوله: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا اشتكى منَّا إنسانٌ مسحه بيمينه، ثم قال (أذهب الباس... إلى آخره) - فيه استحباب مسح المريض باليمين، والدُّعاء له، ومعنى (لا يُغادر سَقَمًا)؛ أي: لا يترك "، " صحيح مسلم بشرح النووي " (13، 14، 15/351).
3- عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - أنَّه قال: أتاني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبي وجعٌ قد كاد يُهلكني، فقال: (امسح بيمينك سبعَ مرَّات، وقل: أعوذ بعزَّة الله وقُدرتِه وسُلطانه مِن شرِّ ما أجد)، قال: ففعلت فأذهبَ اللهُ ما كان بي، فلم أَزلْ آمرُ به أهلي وغيرَهم؛ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب السلام، 67، باب استحباب وضْع يده على موضع الألم، مع الدعاء، برقم 2202.
قال المباركفوري: " وللتِّرمذيِّ في الدَّعوات وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه - عن محمد بن سالم قال: قال لي ثابتٌ البُناني: يا محمَّد، إذا اشتكيتَ فضعْ يديك حيثُ تشتكي، ثم قل: بسم الله، أعوذ بعزَّة الله وقدرته من شرِّ ما أجد من وجعي، ثم ارفع يدَك، ثم أَعِدْ ذلك وِترًا، قال: فإنَّ أنسَ بن مالكٍ حدَّثني: أنَّ رسول الله - صلًَّّى الله عليه وسلَّم - حدَّثه بذلك، قال - أي: عثمان -: ففعلت - أي: ما قال لي - فأذهبَ اللهُ ما كان بي - أي: من الوجع - فلم أزلْ آمرُ به أهلي وغيرَهم؛ لأنَّه من الأدوية الإلهيَّة، والطبِّ النبوي، لِمَا فيه من ذِكْر الله والتفويض إليه، والاستعاذة بعزَّته وقدرته، وتَكْراره يكون أنجعَ وأبلغَ، كتَكْرار الدَّواء الطبيعي؛ لاستقصاء إخراج المادة " ؛ تحفة الأحوذي (6/212).
قال النووي: " ومقصودُه: أنَّه يُستحبُّ وضْعُ يده على موضع الألَم، ويأتي بالدُّعاء المذكور، والله أعلم "، " صحيح مسلم بشرح النووي، 13، 14، 15/357 ".
4- عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (ما مِن مُسلمٍ يعود مريضًا لم يحضرْ أجلُه، فيقول - سبعَ مرَّات -: أسألُ الله العظيم، ربَّ العرش العظيم، أن يَشفيَك - إلاَّ عُوفِي)؛ صحيح الجامع (5766).
5- عن جابر - رضي الله عنه -: أنَّه دُعِيَ لامرأة بالمدينة - لدغتْها حيَّةٌ - ليرقيَها، فأبَى، فأُخبِر بذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فدعاه، فقال عمر: إنَّك تزجر عن الرُّقى! فقال: اقرأها عليَّ، فقرأها عليه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (لا بأسَ، إنَّما هي مواثيقُ، فارْقِ بها)؛ أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سُننه، والسيوطي في الكبير، وقال الألباني: حديث حسن، انظر صحيح ابن ماجه (2833)، السلسلة الصحيحة (472).
قال صاحب الفتح الربَّاني: " وإنَّما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (اقرأها عليَّ)؛ خشيةَ أن يكون فيها شيءٌ من شِرْك الجاهلية، فلمَّا لم يجد شيئًا من ذلك قال: (لا بأس)، وأذن له بها " ؛ الفتح الرباني (17/178).
6- عن عائشةَ بنتِ سعدٍ أنَّ أباها قال: تشكَّيت بمكَّة شكوى شديدة، فجاءني النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعودني، قلت: يا نبيَّ الله، إنِّي أترك مالاً، وإنِّي لم أتركْ إلاَّ بنتًا واحدة، فأوصي بثُلثي مالي، وأترك الثلث؟ فقال: (لا)، قلت: فأوصي بالنِّصف، وأترك النِّصف؟ قال: (لا) قلت: فأوصي بالثُّلث، وأترك الثُّلثَين؟ قال: (الثلث، والثلث كثير)، ثم وضع يدَه على جبهته، ثم مسح يدَه على وجهي وبطني، ثم قال: (اللهمَّ اشف سعدًا، وأتممْ له هِجرتَه)؛ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرضى (13)، برقم (5659)، انظر صحيح أبي داود (2661).
ثالثًا: أقوال أهل العِلم والباحثين على أنَّ القرآن الكريم شفاءٌ للأمراض على اختلاف أنواعها:
قال ابن القيم - رحمه الله -: " وقد اشتملتِ الفاتحةُ على الشِّفاءَين: شفاء القلوب، وشفاء الأبدان؛ أمَّا تضمُّنها لشِفاء الأبدان، فنذكر منه ما جاءت به السُّنَّة، ثم ساق - رحمه الله - حديثَ أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - إلى أن قال: فقد تضمَّن هذا الحديثُ حصولَ شفاء هذا اللَّديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنتْه عن الدَّواء، وربَّما بلغت مِن شفائه ما لم يبلغْه الدَّواء، هذا مع كون المَحلِّ غيرَ قابل؛ إمَّا لكون هؤلاء الحي غيرَ مسلمين، أو أهلَ بُخلٍ ولُؤم، فكيف إذا كان المحلُّ قابلاً؟! " ؛ تهذيب مدارج السالكين - باختصار - (53 - 55).
وقال - رحمه الله -: " ولقد مرَّ بي وقتٌ بمكَّة سقمتُ فيه، وفقدتُ الطبيب والدَّواء، فكنتُ أتعالج بها، آخذ شربةً من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مِرارًا - يعني: فاتحة الكتاب - ثم أشربه، فوجدتُ بذلك البرءَ التام، ثم صرتُ أعتمد ذلك عندَ كثيرٍ من الأوجاع، فأنتفعُ بها غايةَ الانتفاع " ؛ الطب النبوي (ص: 178).
قال النووي: " وفي هذا الحديث استحبابُ الرُّقية بالقرآن وبالأذكار، وإنَّما رَقَى بالمعوِّذات؛ لأنهنَّ جامعاتٌ للاستعاذة من كلِّ المكروهات جملةً وتفصيلاً، ففيها الاستعاذة من شرِّ ما خلق، فيدخل فيه كلُّ شيء، ومن شرِّ النفَّاثات في العُقد، ومن شر السَّواحر، ومن شرِّ الحاسدين، ومن شرِّ الوسواس الخنَّاس، والله أعلم " ؛ صحيح مسلم بشرح النووي (13، 14، 15/351، 352).
قال المناوي: " قال ابن حجر: وهذا لا يدلُّ على المنع من التعوُّذ بغير هاتين السُّورتين؛ بل يدلُّ على الأولويَّة، سيِّما مع ثبوتِ التعوُّذ بغيرهما، وإنَّما اكتفى بهما؛ لِمَا اشتملتَا عليه من جوامعِ الكَلم، والاستعاذة من كلِّ مكروه جملةً وتفصيلاً " ؛ فيض القدير (5/202).
قال الشَّوكاني: " واختلف أهل العِلم في معنى كونه شفاءً على قولين:
الأوَّل: أنَّه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها، وذَهاب الرَّيْب، وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله.
والقول الثاني: أنَّه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرُّقى والتعوُّذ ونحو ذلك، ولا مانع من حمْل الشِّفاء على المعنيين من باب عموم المجاز، أو مِن باب حمْل المشترك على معنييه " ؛ فتح القدير (3/253).
قال السيوطي: " وأخرج البيهقي عن طلحة بن مُصرِّف قال: كان يُقال: إنَّ المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد له خِفَّة، فدخلتُ على خيثمةَ وهو مريض فقلت: إنِّي أراك اليوم صالحًا، قال: إنَّه قُرِئ عندي القرآن " ؛ الدر المنثور (3/553).
" روى الخطيب أبو بكر البغدادي - رحمه الله - بإسناده قال: إنَّ الرماوي الحافظ الحُجَّة أبا بكر بن منصور كان إذا اشتكى شيئًا، قال: هاتوا أصحاب الحديث، فإذا حضروا، قال: اقرؤوا عليَّ الحديث "، قال الإمام النووي: " فهذا في الحديث، فالقرآن أولى " ؛ تذكرة الحافظ (2/546)، وقد ذكره النووي في " التبيان في آداب حملة القرآن ".
وبالجملة فالقرآن كلُّه خير وشفاء، كما أفاد بذلك أهلُ العلم الأجلاَّء، وهو شفاء لأمراض القلوب من حقد وحسد ونميمة ونحوه، وكذلك شفاء لأمراض الأبدان، والرُّقى والتعاويذ من أعظمِ ما يُزيل أثرَ الأمراض بشكلٍ عامٍّ؛ سواء العضويَّة أو النفسيَّة أو الرُّوحيَّة، من صرع وسحر وعين وحسد بعد وقوعها - بإذن الله تعالى - وهناك بعض الآيات أو السُّور التي ثبت نفعها في الرُّقية بشكل عام، كما ثبت وقعُها وتأثيرها في إزالة أثر تلك الأمراض على اختلاف أنواعها ومراتبها، وكلُّ ذلك يحتاج من المريض للإرادة والعزيمة واليقين التامِّ بكلِّ آية، بل بكلِّ حرف من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - وبكلَّ ما نطق به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من السُّنة المأثورة.
وقال ابن القيم - رحمه الله -: " فالقرآن هو الشِّفاء التامُّ من جميع الأدواء القلبيَّة والبدنيَّة، وأدواء الدُّنيا والآخرة، وما كلُّ أحد يُؤهَّل ولا يُوفَّق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليلُ التداوي به، ووضعه على دائه بصِدْق وإيمان، وقَبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه - لم يقاومْه الدَّاء أبدًا، وكيف تقاوم الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجِبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما مِن مرضٍ من أمراض القلوب والأبدان إلاَّ وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه لِمَن رَزَقه الله فهمًا في كتابه؛ قال - تعالى -: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 51]، فمَن لم يشفِه القرآن فلا شفاه الله، ومَن لم يكفِه القرآن فلا كفاه الله " ؛ الطب النبوي (352).
وقال في موضع آخر: " وقد عُلم أنَّ الأرواح متى قويت، وقويت النفس والطبيعة تعاونَا على دفْع الدَّاء وقهْره، فكيف يُنكَر لِمَن قويت طبيعتُه ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها، وأنسها به، وحبِّها له، وتنعُّمِها بذكره، وانصراف قُواها كلِّها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه، أن يكون ذلك لها مِن أكبر الأدوية، وأن توجبَ لها هذه القوَّة دفْعَ الألَم بالكلية، ولا يُنكِر هذا إلاَّ أجهلُ الناس، وأغلظُهم حجابًا، وأكثفهم نفسًا، وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانيَّة " ؛ الطب النبوي (ص: 12).
وقال أيضًا: " ومن المعلوم أنَّ بعض الكلام له خواصُّ ومنافعُ مجرَّبة، فما الظنُّ بكلام ربِّ العالَمين، الذي فَضْلُه على كلِّ كرم كفَضل الله على خلقه، الذي هو الشِّفاء التام، والعِصمة النافعة، والنُّور الهادي، والرحمة العامَّة، الذي لو أنزل على جبل لتصدَّع من عظمته وجلاله؟! قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، و ﴿ مِن ﴾ هنا لبيان الجِنس، لا للتبعيض، هذا أصح القولين " ؛ زاد المعاد (4/177).
وقال: " واعلم أنَّ الأدوية الإلهيَّة تنفع من الدَّاء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقعْ وقوعًا مضرًّا وإن كان مؤذيًا، والأدوية الطبيعيَّة إنَّما تنفع بعد حصول الدَّاء، فالتعوُّذات والأذكار إمَّا أن تمنع وقوعَ هذه الأسباب، وإمَّا أن تَحُول بينها وبين كمال تأثيرها بحسبِ كمال التعوُّذ وقوَّته وضعفه، فالرُّقى والعُوَذ تسُتعمل لحفظ الصِّحة ولإزالة المرض " ؛ زاد المعاد (4/182).
إنَّ التدبُّر والتفكُّر في تلك الكلمات والمعاني التي أطلقها ابن القيم - رحمه الله - يُورِث صفاءً ونقاء في طبيعة النفس البشريَّة، وفهمًا يربط العبد بخالقه أيَّما ارتباط، ويؤصِّل مفهومًا حقيقيًّا في التوكُّل والاعتماد واللجوء، والخوف والرجاء، بحيث تسمو النفسُ بكلِّ ذلك لتصلَ لمرتبة عظيمة من مراتب الإيمان، قلَّ أن يصلها العبدُ دون إدراكٍ وفَهْم لتلك المقوِّمات، إنَّ كثيرًا من الناس أُصيبوا بمرض عضال، وقد بيَّن الطبَّ استحالة شفائهم من ذلك المرض، وذكروا لهم أنَّ أيَّامهم في الحياة معدودة، وعَلِم أولئك أنَّ الموت والحياة بيد الله - سبحانه - فأناخوا جنابَهم له، وتضرَّعوا بسرِّهم ونجواهم إليه، وسألوه من قلْب مخلصٍ ذليل مسألةَ المحتاج، وانطرحوا على أعتاب بابه يسألونه الصِّحة والعافية، بعد علمهم أنَّ الحولَ والقوَّة بيده - سبحانه - ولجؤوا إلى قرآنه، والرُّقية بكتابه، وسُنة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفجأةً ينقلب الأمر، ويعود ذلك الإنسان إلى سابق عهده بصحته وعافيته.
ويقف الطبُّ الماديُّ عاجزًا عن تفسير ذلك، مع أنَّ تفسيره سهلٌ ميسور، فالذي أودع الحقائقَ في هذا الكون وسخَّره ودبَّره هو القادر وحدَه - سبحانه وتعالى - على التحكُّم بكافَّة أمور الحياة، وأمره أن يقول للشيء كن فيكون، فهو الذي جعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم - عليه السلام - وهو الذي جعل الرقية سببًا للشِّفاء والعلاج، إذا توفَّرت الشروط والقواعد والأُسس التي تضبطها مِن قِبل المعالِج والمعالَج، فهو الذي كتب الأمراض ويسَّر الشِّفاء بأمره - سبحانه - يقول - تعالى - في محكم كتابه: ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر: 50]، ويقول في موضعٍ آخرَ: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [النحل: 40].
ويقول - سبحانه - في موضع ثالث: ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117].
قال ابن حَزْم: " جربْنا مَن كان يرقي الدُّمَّل الحادَّ القويَّ الظُّهور في أوَّل ظهوره، فيبدأ من يومه ذلك بالذبول، ويتمُّ يُبسُه في اليوم الثالث، ويُقلع كما تُقلع قشرة القُرحة إذا تمَّ يبسها، جربْنا من ذلك ما لا نُحصيه، وكانت هذه المرأةُ ترقي أحدَ دُملين قد دفعَا على إنسان واحد، ولا ترقي الثاني، فيبس الذي رقت، ويتمُّ ظهور الذي لم ترقِ، ويَلقى منه حاملُه الأذى الشديد، وشاهدنا مَن كان يرقي الورم المعروف بالخنازير، فيندمل ما يفتح منها، ويذبل ما لم ينفتح، ويبرأ " ؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/4).
عن نافع قال: " اكتوى ابنُ عمر مِن اللقوة - داء في الوجه - ورقَى من العقرب " ؛ مصنَّف عبدالرزَّاق (11/18).
وعن سِماك بن الفضل قال: " أخبرني مَن رأى ابنَ عمر، ورجلٌ بربريٌّ يرقي على رجله من حمرة - ورم من جنس الطواعين - بها أو شبهه " ؛ مصنف عبدالرزاق (11/18).
قال الشبلي: " وفي التطبُّب والاستشفاء بكتاب الله - عزَّ وجلَّ - غِنًى تامٌّ، ومنفع عام، وهو النور، والشِّفاء لِمَا في الصدور، والوقاء الدافع لكلِّ محذور، والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور، وفقنا الله لإدراك معانيه، وأوقفنا عندَ أوامره ونواهيه، ومَن تدبَّر من آيات الكتاب، من ذوي الألباب، وقف على الدَّواء الشافي لكلِّ داء مواف، سوى الموت الذي هو غاية كلِّ حيٍّ، فإن الله - تعالى - يقول: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِنْ شِىْءٍ﴾ [الأنعام: 38]، وخواصُّ الآيات والأذكار لا ينكرها إلاَّ مَن عقيدتُه واهية؛ ولكن لا يَعقِلُها إلاَّ العالِمون؛ لأنَّها تذكرة، وتَعِيها أُذن واعية، والله الهادي للحق " ؛ أحكام الجان (ص: 140).
سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن التداوي والعلاج بالقرآن، والاستشفاء به من الأمراض العُضويَّة؛ كالسرطان ونحوه، وكذلك الاستشفاء به من الأمراض الرُّوحيَّة؛ كالعين والمس وغيرهما؟
فأجاب - رحمه الله -: " القرآن والدُّعاء فيهما شفاء من كلِّ سوء - بإذن الله - والأدلة على ذلك كثيرة؛ منها قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، وقوله - سبحانه -: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا اشتكى شيئًا قرأ في كفَّيه عندَ النَّوم سورةَ " قل هو الله أحد "، و " المعوذتين " ثلاثَ مرَّات، ثم يمسح في كلِّ مرَّة على ما استطاع من جسده، فيبدأ برأسِه ووجهه وصدره في كلِّ مرَّة عند النوم؛ كما صحَّ الحديث بذلك عن عائشة - رضي الله عنها " ؛ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب فضل المعوذات، 14، برقم: 5017 " ؛ مجلة الدعوة - العدد 1497 - 1 صفر 1416 هـ.
" أثبتتِ الأحاديث الصِّحاح: أنَّ الرُّقية مشروعةٌ من كلِّ الآلام والأمراض التي تُصيب المسلم " ؛ " موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرُّقى " (ص: 167).
وقال الأستاذ سيِّد قطب - رحمه الله -: " القرآن شِفاء من العِلل الاجتماعيَّة التي تخلخل بناءَ الجماعات، وتُذهب بسلامتها وأمنها وطُمأنينتها، وعندما يُصبح القرآن ربيعَ القلب، ونورَ الصدر، وجلاءَ الحزن، وذَهابَ الهم، فإنَّه بمنزلة الدَّواء الذي يستأصل الدَّاء، ويُعيد البدن إلى صِحته واعتداله بعدَ مرضه واعتلاله " ؛ في ظلال القرآن، باختصار (4/2248)
قال الدكتور الحسيني أبو فرحة - الأستاذ بجامعة الأزهر -: " إنَّ العلاج بالقرآن الكريم من مختلف الأمراض أمرٌ صحيح، يحتاج إلى رجلٍ صالح، يمتلئ قلبُه إيمانًا بالله - عزَّ وجلَّ - ويقينًا في قدرته - سبحانه وتعالى - فقد ثبت في الصحيح أنَّ بعض الصحابة عالجوا سيِّد أحد أحياء العرب من لدغة العقرب، بقراءة سورة الفاتحة على موضع اللَّدغ مقابلَ قطيعٍ من الغنم كأجر، وعندما عرضوا الأمرَ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّهم على العلاج بالقرآن، وعلى أخذهم الأجرَ على ذلك.
وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يؤتى إليه بالمريض، فيأخذُ في علاجه بالدُّعاء وقراءة القرآن، فيبرأ المريض، وقد اختلف العلماءُ هل هذا العلاج لكلِّ مَن اتبعه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من كبار الرَّبَّانيِّين؛ أي: العلماء العاملين أهل الصِّدق والولاية، فذهب إلى هذا قوم، وذهب إلى ذاك قوم آخرون، والذي أُرجِّحه أنَّ كلَّ ولي في المسلمين، في أي زمانٍ ومكان - يمكنه أن يعالجَ بهذا العلاج النبوي الشريف " ؛ " العلاج بالقرآن من أمراض الجان " (151 - 152).
قال الدكتور عمر يوسف حمزة: " وقد ذهب عددٌ من العلماء إلى أنَّ القرآن يتضمَّن شفاء الأبدان كما تضمَّن شفاء الرُّوح، ومن هؤلاء العلماء الإمام الرازي في " التفسير الكبير " (21/35)، والإمام أبو حيَّان في " البحر المحيط " (6/74)، والقرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (9/316)، وغيرهم، وذكروا في تأييد رأيهم بأنَّ القرآن شفاءٌ من الأمراض الجسمانيَّة؛ لأنَّ التبرك بقراءته يدفع كثيرًا من الأمراض.
وبعد هذا العرض الشامل للنصوص القرآنية والأحاديث النبويَّة، يتضح أنَّ القرآن والسُّنة شفاءٌ لكثير من الأمراض المتنوِّعة، على اختلاف أنواعها ومراتبها.
ولا بدَّ للمؤمن أن يعتقد أنَّ القرآن دواءٌ وشفاءٌ - بإذن الله - لكافَّة الأمراض العضويَّة والنفسيَّة، والأمراض التي تصيب النفس البشريَّة من صَرَع وسِحر، وعين وحسد، ونحوه، وأن يتيقنَ أنَّ العلاج بالقرآن الكريم حقيقة واقعة، أثبتتها الأدلة القطعيَّة من الكتاب والسُّنة، ومِن ثم الخبرة والتجرِبة العمليَّة، ومَن فسَّر شفاء القرآن على أنَّه شفاء للقلوب، فهو تفسير قاصر؛ لأنَّه شفاء لأمراض القلوب والأبدان معًا.
وكلُّ ما سبق لا يعني مطلقًا الامتناع عن اتِّخاذ الأسباب الحسيَّة في العلاج؛ كالذَّهاب إلى الطبيب والمصحَّات والمستشفيات، فالأصل في ذلك اتِّباع الأسباب الحسيَّة المؤدِّية للشفاء - بإذن الله، سبحانه وتعالى - فالمسلم يجمع في سلوكياته وتصرُّفاته بين اتِّخاذ الأسباب الشرعيَّة، والحسية المباحة، وهذا ما أكدته النصوص القرآنيَّة، والأحاديث النبويَّة في أكثر من موضع.
فالطب في مجالاته المختلفة عِلمٌ قائم، له أخصائِيُّوه ورجاله، وهو عِلم واسع ومتشعِّب، وهذا ما يؤصِّل في نفسية المريض اللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى - واتِّخاذ كافَّة الأسباب الداعية إلى الشِّفاء - بإذن الله تعالى.
تتمة مهمة:
في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: (إنَّ الله لم يُنزلْ داءً إلاَّ أنزل له شِفاء، عَلِمَه مَن عَلِمَه، وَجَهِلَه مَن جَهِلَه).
وقد أعطى هذا الحديث كلَّ مريض أملاً في أن يجد لدَائه علاجًا، وأعطى الأطباء أنفسَهم أملاً في أن يجدوا لكلِّ داءٍ دواء، فليس هناك داءٌ عضال بمعنى أنَّه لا علاج له، لا في الحال ولا في الاستقبال؛ بل كلُّ مريض له علاج موجود، ولكن لم نعثرْ عليه بعد، فإذا أصيب دواءُ الداء، بَرَأ بإذن الله.
روى الإمام أحمد، وابن ماجه، والترمذي، عن أبي خزامةَ قال: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ رُقى نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتقاة نتقيها، فهل تَرُدُّ مِن قَدَرِ الله شيئًا؟ قال: (هي مِن قَدَرِ الله).
وهذا يعني أنَّ الأمراض مِن قدر الله، والأدوية مِن قدر الله، فلماذا إذًا نعتبر المرض مِن قَدَر الله، ولا نعتبر الدواءَ من قدر الله؟! هذا من قدر الله، وهذا من قدر الله، فنحن ندفع قدرًا بقدر، ونردُّ قدرًا بقدر، هذه سُنَّة الله، أن تَدفع الأقدارُ بعضُها البعضَ، نَدفع قدرَ الجوع بقدرِ الغِذاء، وقدرَ العَطش بقدرِ الشُّرب، وقدرَ الدَّاء بقدرِ الدواء، هذه هي السُّنَّة الإسلاميَّة ".
والمسألة التي لا بدَّ من بحثها؛ للوقوف على حقيقتها في العصر الحاضر: هي أسباب فشل توظيف القرآن الكريم والسُّنة المطهَّرة، في الرُّقية والعِلاج، لكافَّة الأمراض العضويَّة والنفسيَّة، وأمراض النفس البشريَّة؟
إنَّ المتأمِّل في كتاب الله وسُنة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلم جازمًا متيقنًا: أنَّ الرقية والعلاج بالكتاب والسُّنة تحتاج إلى قلوب طاهرة عامرة بالإيمان، ألْقتِ الضغائنَ والأحقاد جانبًا، ومَلأتِ القلوبَ بالمحبَّة الخالصة لله ولرسوله وللمسلمين، فتسلَّحت بالعقيدة، والمحبَّة والطاعة، وهذا ما سوف يُظهر أثرَ القرآن والسُّنة على سَمْتِ مَن عَرَف قدرهما، وعَلِم حقَّهما، والسيف بضاربِه، وكلُّ إناء بما فيه ينضح، وقد تجلَّى ذلك الأثرُ في رقية سيِّد الحي بفاتحة الكتاب، وانتفع بها أيَّما انتفاع - بإذن الله تعالى - فكأنَّما نُشِط من عقال، والشواهد والأحداث كثيرة على ذلك " ؛ من كتاب " فتح الحق المبين في أحكام رُقى الصرع والسحر والعين "، تأليف/ أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني.
كلمة أخيرة:
إنَّ الأثر الشافي للقرآن حقيقةٌ مقرَّرة، نَصَّ عليها الله - تعالى - في كتابه الكريم، وأوصى بها الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا الأثر الشافي له أوجهٌ متعدِّدة، ومظاهرُ كثيرة، بدأنا في السَّنوات الأخيرة نفهم بعضَها، وما زِلْنا لم نسبرْ غورَ أغلبها، وفى هذه العجالة سنذكر بعضَ أوجه الأثر الشافي للقرآن التي ثبت لنا بالتجرِبة العلميَّة أثرُها وفعاليتها.
1- الأثر الشافي للاستماع للقرآن:
ثبت بالتجرِبة المقارنة أنَّ الاستماعَ إلى تلاوة القرآن ينتج عنه تغيُّرات في عدد من الوظائف الحيويَّة في الجسم البشري؛ والتي يمكن قياسُها ورصدُها إلكترونيًّا، وهذه التغيُّرات الفيسيولوجية تُصاحب في العادة عملياتِ الشِّفاء، وهى مضادة للتغيُّرات التي تصاحب الحالاتِ المَرَضيَّة، وتظهر هذه التغيُّرات الفيسيولوجية الإيجابيَّة عند من يفهم اللُّغة العربية ومَن لا يفهمها، وإن كانت التغيُّرات أعمقَ وأكثرَ وضوحًا حين يتوفَّر فَهمُ معاني كلمات القرآن.
2- الأثر الشافي للرُّقية؛ أي: اللمس مع قراءة القرآن:
ثبت عن طريقة التصوير الكهربائي (تصوير كيرليان): أنَّ قراءة القرآن تُحدِث تغيُّراتٍ إيجابيَّةً في مجال الطاقة الكهربائية المغناطيسية المحيطة بجسـم وأطراف القارئ، وثبت كذلك أنَّ هذه التغيُّراتِ في المجال الكهربائي المغناطيسي للقارئ تؤثِّر تأثيرًا إيجابيًّا على المجال الكهربائي المغناطيسي للمقروء عليه، أو المرقي، وهذه التغيُّرات بالتالي يكون لها أثر إيجابي شافٍ على صحة المريض - بإذن الله.
3- الأثر الشافي لبعض المفاهيم من القرآن والسُّنة، التي تساعد المريض على التخلُّص من المشاعر السلبيَّة:
ثبتتْ فعالية بعض المفاهيم من القرآن والسُّنة الشريفة في التخلُّص من المشاعر السلبيَّة عند المريض، وقد ثبت بالتجرِبة العمليَّة أنَّ المشاعر السلبيَّة المختزنة من أقوى العوامل التي تؤدِّي إلى تثبيط وظائف المناعة عندَ الإنسان، وثبت أنَّ ضعف أو خلل وظائفِ المناعة عند الإنسان يؤدِّي إلى زيادة نسبة الإصابة بالأمراض المختلفة، ومنها ما يُهدِّد الصحة والحياة، وبالتالي فإنَّ الإرشاد النفسيَّ لتعلُّمِ كيفية التخلُّص من المشاعر السلبيَّة هو جزءٌ أساسي في علاج الأمراض المزمنة، والتي كان يظنُّ أنَّها مستعصية على العلاج الشافي، وقد ثبتت فعالية الإرشاد النفسي المبنى على المفاهيم الإسلاميَّة المنبثقة من القرآن، والسُّنة الشريفة، وهذا على المسلمين وغير المسلمين؛ لأنَّه يستند على مفاهيمَ تتناسب مع فِطرة الإنسان، بغضِّ النظر عن مِلَّته، وإن كانت فعالية هذا الإرشاد النفسي تزداد مع زيادة عُمقِ المفاهيم الإيمانيَّة والرُّوحيَّة عند المريض، وهذا أحد الأهداف المرجوِّ الوصولُ إليها عند المرضى " ؛ من بحث " التشافي بالقـرآن "، للأستاذ الدكتور أحمد القاضي، وإيمان أبو السعود القاضي.
مِن هنا؛ فإنَّنا أيضًا نؤمن أنَّ الرقية يمكن أن تكون ذاتَ فائدة للمرضى إذا استفيد منها بالطريقة التي يتَّفق عليها الفُقهاء بشروطهم، أمَّا استخدام الرُّقى للمنع من وصول الدَّاء، فهذا أمر لا بأسَ به، ويمكن برأي الأطباء أن يُستخدم في الطبِّ الوقائي؛ لأنَّه مِن بركات الدُّعاء التي يؤمن بها المسلمون.
فعلى المسلمين أن يستخدموا الرُّقية الشرعيَّة في أبواب ثلاثة:
في الطبِّ المناعي: حيث يتمُّ الدُّعاء والرُّقية لمنْع الضرر؛ كمن يقول: (باسم الله الذي لا يَضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض والسَّماء، وهو السَّميع العليم)؛ ليتفادى الضررَ عن الحيوانات، أو مِن لَسعات الحشرات مثلاً.
أمَّا الباب الثاني: فهو استخدامها في التشافي حسبَ ما يُقِرُّه الفُقهاء والأطباء.
أمَّا النوع الثالث: فهو استخدام الرُّقى في الوقاية، وهو يحتاج إلى مزيدٍ من الأبحاث؛ لأنَّنا كأطباء لاحظنا - وما زلنا نلاحظ - أنَّ قوَّة الإيمان وقراءة القرآن تُساعد الجسم على مقاومة المرض، ومن هنا نقول: إنَّ استخدام القرآن في التشافي في نظر الأطباء يكون بتعميم التشافي بما يَزيد عن مفهوم الرُّقية، فيُصبح هناك علمٌ للطبِّ الإسلامي قائمٌ على مراكز علاجيَّة، تحت إشراف أطباء مسلمين، ثقاتٍ عالمين بالعِلم الماديِّ، ولديهم علمٌ شرعيٌّ، يقومون بالعلاج المشترك؛ الماديِّ بالأدوية، والرُّوحي بالرقية، ويمكن بهذه الطريقة تحقيقُ نمطٍ مشترك من العِلاج.
ويجب أن تخضع هذه المراكز لإشراف الدولة، أو تُلحق بالمستشفيات، وتخضع للبحث العِلمي المتعارَف عليه؛ حتى يمكن لعلماء المسلمين أن يُحاجُّوا وَفقَ المعايير والقواعد المتعارَف عليها.
مختارات