اسم الله المقدم 1
من أسماء الله الحسنى : ( المقدم ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم " المقدم " .
ورود اسم المقدم في السنة النبوية فقط :
وكان عليه الصلاة والسلام يقول : " سَلُوا الله ليَ الوَسِيلةَ ، قالوا : يا رسولَ الله ، وما الوسيلةُ ؟ قال : أعلى درجة في الجنة ، لا ينالُها إِلا رجل واحد ، أرجو أن أكونَ [ أنا ] هو "[الترمذي] قال : " اللَّهمَّ رَبَّنا لك الحمدُ ، أنْتَ قَيِّمُ السماوات والأرضِ ومَن فِيهنَّ ، ولك الحمدُ أنت نورُ السماوات والأرضِ ومن فيهن ، ولك الحمدُ ، أنتَ مَلِك السماوات والأرضِ ومن فيهن ، ولك الحمدُ ، أنت الحقُّ ، وَوَعْدُكَ الحقُّ ، ولقاؤكَ حَقٌّ ، وقَولك حَقٌّ ، والجنَّةُ حَقٌّ والنَّارُ حَقٌّ ، والنَّبيُّونَ حَقٌّ ، ومحمدٌ حَقٌّ ، والساعةُ حَقٌّ ، اللَّهمَّ لك أسلمتُ ، وبِك آمَنتُ وعليك توكلتُ ، وإليك أَنَبتُ ، وبِكَ خَاصَمتُ ، وإِليكَ حاكمتُ ، فاغفر لي ما قَدَّمتُ ، وما أخَّرْتُ ، وما أسررتُ ، وما أَعلَنتُ ، أنت المقَدِّمُ وأنت المؤخِّرُ ، لا إِلهَ إلا أنت ، ولا إله غَيرُكَ " [البخاري ومسلم] هذه أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد ، وعند مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان إذا سجد ، قال : " اللَّهمَّ لَكَ سَجدْتُ ، وبِكَ آمَنْتُ ، ولَكَ أسلَمتُ ، وأنْتَ رَبِّي ، سَجَدَ وَجْهي لِلَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمعَهُ وبَصرَهُ تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقينَ " [مسلم] وإذا سلم من الصلاة قال : " اللهمَّ اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت " [ابن خزيمة] هذا الاسم أيها الأخوة ورد في السنة الصحيحة .المقدم في اللغة :
الآن القدم : كل ما قدمت أيها الإنسان من خير أو شر وتقدمت لفلان فيه ، قدم أي تقدم في خير أو شر ، القدم إنسان قدم شيئاً من خير أو من شر ، الشاهد بالقرآن قال تعالى:" وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ " [يونس:2] العمل الصالح الذي قدمته ابتغاء وجه الله هو قدم ، معنى " قَدَمَ صِدْقٍ " عمل صالح قدمه المؤمن بين يدي ربه يوم القيامة ، سؤال : لو شخص سأل نفسه هذا السؤال المحرج ، أنا آكل وأشرب ، وأصلي وأصوم ، لكن ماذا قدمت من عمل بين يدي ربي يوم القيامة ؟ هناك آلاف النشاطات لمصلحتك ، لتحسين معيشتك ، للحفاظ على منصبك ، آلاف النشاطات تصب في النهاية لصالحك ، أما عمل صالح خالص لا تبتغي منه إلا وجه الله عز وجل ، أي عمل فعلته لله عز وجل ؟ .الإنسان بالاستقامة يسلم وبالعمل الصالح يسعد وبتربية أولاده يستمر وجوده :
العمل الصالح الذي تبادره يصنفك مع المستقدمين :
" وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ " في الطاعة ، أو من يأتي منكم إلى صلاة الجمعة في الوقت المبكر فكأنما قدم بدنة ، بعد هذا الوقت كأنما قدم بقرة ، بعد هذا الوقت كأنما قدم شاةً ، بعد هذا الوقت كأنما قدم دجاجة ، بعد هذا الوقت كأنه قدم بيضة ، ثم تختم الصحف ، وتجلس الملائكة كي تستمع الخطبة ، أما عدد كبير من المسلمين يقول لك : أدركت صلاة الجمعة في الركعة الثانية ، قبل أن يقوم الخطيب ليخطب ختمت الدرجات عند الله عز وجل .
" وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ " هؤلاء الذين يبكرون إلى الطاعات ، أو من يتقدم على صاحبه في الموت ، فلان مات في وقت مبكر ، هذا مستقدم ، هناك إنسان آخر الله أمد في عمره ، هذا في شأن اللغة .
التقديم من أنواع التدبير الذي يتعلق بفعل الله جلّ جلاله :
والله عز وجل يقول : " قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ " [سبأ:30] لذلك أنت حينما تؤمن إيماناً قطعياً أن حياتك بيد الله ، ولها موعد لا يتقدم ولا يتأخر ، ترتاح نفسك ، وتصبح شجاعاً ، وتصبح عزيزاً ولا تذلل أمام إنسان ، ولا تتضعضع أمام إنسان ، الأمر بيد الله ، حياتك بيده ، والموت بيده .من معاني المقدم :
1 ـ الله عز وجل يقدم في أجل إنسان ويؤخر في أجل إنسان آخر : أيها الأخوة ، إذاً المعنى الأول يقدم زيداً فيموت ، ويؤخر عبيداً فيمد الله في أجله هذا المعنى ، الله مقدم ومؤخر .
2 ـ يقدم الله بعض خلقه على بعض في الخصائص أو المقامات أو القدرات : هناك معنى آخر : يقدم بعض خلقه على بعض ، بناء على حكمة في الابتلاء ، يقدم نبياً على نبي ،يقدم صحابياً على صحابي، يقدم مؤمناً على مؤمن .
الكلمة الثانية تعني أنه اصطفاها من بين : " نِسَاءِ الْعَالَمِينَ " [آل عمران:42] لأنها أنجبت مولوداً من دون زواج ، هذا شيء مستحيل في النظام الإلهي ، لكن هذا الشيء يعد كرامة لها لأنها ليست نبية ، هذه كرامة ، فخرق النواميس للأنبياء معجزة ، وخرق النواميس لأولياء الله كرامة ، وقوله جلّ جلاله عن طالوت قال : " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " [البقرة:247] هذا اصطفاء ، يصطفي نبياً على نبي ، ولياً على ولي ، قوياً على ضعيف ، غنياً على فقير ، الله عز وجل يقدم ويؤخر .المعنى الأول يقدم في أجل الإنسان ويؤخر ، المعنى الثاني في الخصائص ، في القدرات ، في المقامات .
أنواع التقديم :
1 ـ التقديم الكوني : التقديم الكوني ، إنسان مقدم بالوسامة ، إنسان مقدم بالذكاء ، إنسان مقدم بالنسب ، إنسان مقدم بالحكمة ، إنسان مقدم بالسكينة ، إنسان مقدم بالرضا ، إنسان مقدم بالأمن ، إنسان مقدم بالهيبة ، الله عز وجل يخلع على المؤمن هيبة ، تهابه كل الناس ، وقد ينزع هذه الهيبة فيتطاول عليه أقرب الناس إليه ، هذا التقديم الكوني ، التقديم التكويني ، التقديم بفعل الله .
2 ـ التقديم الشرعي وهو متعلق بمحبة الله لفعل دون فعل : أما التقديم الشرعي هذا متعلق بمحبة الله لفعل دون فعل .
2 ـ قدم أحبابه ورفع ذكرهم وأعلى قدرهم وعصمهم : الله تعالى هو " المقدم " هو الذي يرفع ذكرك ، هو الذي يعلي قدرك ، هو الذي يوفقك ، قدمك بالتوفيق ، قدمك بالنصر ، قدمك بالتأييد ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، يعني قدمنا بالعطاء ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارضَ عنا ، كن لنا ولا تكن علينا ، يعني قدمنا يا رب ، المؤمن طموح .
الله عز وجل هو " المقدم " هو الذي قدم أحبابه ، ورفع ذكرهم ، وأعلى قدرهم وعصمهم .
4 ـ قدم الأنبياء على الأولياء : قدم الأنبياء على أوليائه ، هناك شطحات مرفوضة ، بعض الأولياء يقول : خطوا البحر الذي وقف بساحله الأنبياء ، هذا مرفوض أشد الرفض ، في مقامات عند الله عز وجل قدم الأنبياء ، قدم النبي على كل الأنبياء ، قدم أولي العزم على بقية الأنبياء .
المراتب في الدنيا مؤقتة :
رئيس أركان في غرفة مدفأة شتاء ، مكيفة صيفاً ، مركبات ، هذا مقدم على جندي التحق بالخدمة الإلزامية ، عُين في مكان في الجبهة في أيام البرد .جراح قلب في كل عملية مقدم على ممرض ينظف المرضى .
أستاذ جامعي كبير يحتل كرسياً أساسياً في كلية كبيرة جداً مقدم على معلم في قرية ، دقق الآية " انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ " هذه المراتب في الدنيا أولاً مؤقتة : " من عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى " [من كنز العمال عن ابن عمر] .
أقول لكم الغنى والفقر بعد العرض على الله ، الوسامة والدمامة بعد العرض على الله ، قد تكون فتاة مستوى جمالها دون الوسط ، أو دون بكثير ، ما أتيح لها أن تتزوج لكنها صالحة ، مؤمنة ، تقية ، نقية ، تحب الله ورسوله ، هذه قد تكون في الآخرة مع الملكات ، فالوسامة والدمامة بعد العرض على الله ، والذكاء والمحدودية بعد العرض على الله ، قد تجد إنساناً يحمل أعلى شهادة في الأرض لكنه فاسق فاجر، يأتي إنسان أميّ لكنه أطاع الله عز وجل ، مقامه هذا يوم القيامة في أعلى عليين .
البطولة ألا توازن بين شخصين ، ولا بين شيئين ، ولا بين كيانين ، ولا بين تجارتين ، إلا إذا ضممت مصيره في الآخرة إلى واقعه في الدنيا .
توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء وفي الآخرة توزيع جزاء :
أيها الأخوة : " انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ " شاءت حكمة الله أن يوزع الحظوظ ، المال حظ ، القوة حظ ، الصحة حظ ، شاءت حكمة الله أن يوزع الحظوظ على عباده في الدنيا توزيع ابتلاء ، ثم توزع هذه الحظوظ في الآخرة توزيعاً آخر ، توزيع جزاء ، مراتب الآخرة أبدية ، مستمرة ، تعني كل شيء ، أما في الدنيا قد يعطي الله الملك لمن لا يحب ، الدليل أعطاه لفرعون وهو لا يحبه ، وقد يعطيه لمن يحب أعطاه لسليمان عليه السلام ، وقد يعطي المال لمن لا يحب ، أعطاه لقارون ، وقد يعطيه لمن يحبه ، أعطاه لسيدنا عبد الرحمن بن عوف .
إذاً حظوظ الدنيا لا تعني شيئاً ، وليست مستمرة ، مؤقتة ، الموت ينهي قوة القوي ، ينهي ضعف الضعيف ، ينهي غنى الغني ، ينهي فقر الفقير ، ينهي صحة الصحيح ، ينهي مرض المريض ، ينهي وسامة الوسيم ، ينهي دمامة الدميم ، الموت ينهي كل شيء فالبطولة تلك المرتبة التي تحتلها بعد الموت : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ " [القمر:54-55] هذه البطولة ، هذا الذكاء ، هذا النجاح ، هذا الفلاح ، هذا التفوق .الله عز وجل يقدم استحقاقاً ويؤخر استحقاقا ً:
أيها الأخوة ، الله عز وجل يقدم استحقاقاً ، ويؤخر استحقاقاً ، الذي قدمك فيه في الأعمّ الأغلب عن استحقاق ، والذي أخرك فيه في الأعمّ الأغلب عن استحقاق ، وقد يقدم تفضلاً ، تشجيعاً لك ، وقد يؤخر حكمة ، ربما أعطاك يعني قدمك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، لو جاءتك الدنيا كما تتمنى ربما كانت حجاباً بينك وبين الله ، وإذا حرمك منها لحكمة بالغةٍ بالغة ربما كان هذا الحرمان باعثاً لك إلى الله ، إذاً ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء .
لكن بشكل أو بآخر مستحيل وألف ألف مستحيل أن تخطب ود الله ثم لا يقدمك الله ، أن تخلص له ، أن تطيعه ، أن تحبه ، أن تستقيم مع خلقه ، أن تحب خلقه ، أن تكرم خلقه ، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تخطب وده لخدمة خلقه ، والإخلاص لهم دون أن تكافأ مكافأة عالية جداً .
المقياس الانتمائي أفسد المجتمعات المسلمة :
أيها الأخوة ، الآن تطبيقات هذا الاسم إنسان خطب ودك ينبغي أن تهتم به ، أنت بموقع قيادي ، بمؤسسة ، بجامعة ، بمستشفى ، بمعمل ، بمدرسة ، إن لم تقدم المجتهد وتؤخر المقصر ، أفسدت المجتمع في هذه المؤسسة ، إن لم تقدم المتفوق زهدته في التفوق .
طالب يكتب وظيفته كل يوم ما في شيء ، لا مكافأة ولا ثناء ، طالب لا يكتبها لا يوجد عقاب ، بعد حين لا أحد يكتب الوظائف ، أنت إذا كنت في منصب قيادي ينبغي أن تقدم المتفوق ، وأن تؤخره بمقياس موضوعي ، لا بمقياس انتمائي، الذي أفسد المجتمعات المسلمة المقياس الانتمائي ، بمقياس موضوعي يجب أن تقدم المتفوق وأن تؤخر المقصر .
مختارات
-
" ما جاء في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق "
-
" أرض المحشر وصفة الحشر "
-
مسكنه - صلى الله عليه وسلم -
-
هل مجتمعنا خير من مجتمع رسول الله؟
-
" قبول الاعتذار "
-
الموعظة التاسعة " النار دار الأشقياء "
-
القاعدة التاسعة عشرة: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)
-
" الدعوة إلى الهدى أو الضلال "
-
اللبنة السابعة
-
اسم الله العزيز 2