" الصــوم "
" الصــوم "
كما هو معلوم أن الصوم (مختصر منهاج القاصدين) له خصيصة ليست لغيره من العبادات وهي إضافته إلى الله عز وجل حيث يقول سبحانه: «الصوم لي وأنا أجزي به» الحديث (الحديث القدسي، انظر: صحيح الجامع الصغير) كفى بهذه الإضافة شرفًا وفضل الصوم لسببين هما:
أ- أنه سر وعمل باطن لا يراه الخلق ولا يدخله رياء.
ب- أنه قهر لعدو الله؛ لأن وسيلة العدو والشهوات، وتقوى بالأكل والشرب، وبالصوم تضيق على الشياطين المسالك والمداخل التي سبق وأن ذكرتها.
والصوم له ثلاث مراتب هي:
المرتبة الأولى: الدائرة الصغرى: وهو صوم العموم:
وهو الصوم الذي ينصح به الأطباء حيث يريح أجهزة الجسم المختلفة كالهضم، ويكون هذا الصوم للأسف بدون احتساب الأجر، بل قد يكون للمحافظة على الصحة العامة وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
المرتبة الثانية: الدائرة الوسطى: وهو صوم الخصوص:
وهنا تكون الدائرة أوسع في تهذيب النفس وتعويدها على الخير والنظام والطاعة والصبر والإخلاص، وهو كف النظر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام وعن المحرمات أو ما لا يفيد.
المرتبة الثالثة: الدائرة الكبرى: وهو صوم خصوص الخصوص:
وهنا تتسع الدائرة لتشمل ما سبق بالإضافة إلى الآداب وسائر الأحكام والفضائل في المساواة والمواساة والإحساس بإخوانه، وهو صوم القلب عن الخواطر الدنيئة والأفكار المبعدة عن الله تعالى وكفه عما سوى الله تعالى بالكلية، وفي الحديث (رواه البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه...» الحديث.
ومن سنن الصوم: يستحب الجود في رمضان وفعل المعروف وكثرة الصدقة، ودراسة القرآن وزيادة الاجتهاد فيه لا سيما في العشر الأواخر، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر... الحديث (رواه البخاري ومسلم).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد» الحديث (رواه ابن ماجه).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حضر رمضان: «قد جاءكم شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم...» الحديث (رواه أحمد والنسائي) هذا الصوم المفروض.
ولا بد أن نشير هنا إلى النوافل؛ حيث رحمة الله واسعة، وأبوابه مفتوحة ليل نهار، لا يكل ولا يمل، فالرسول صلى الله عليه وسلم رغب في صيام أيام غير رمضان وبين فضلها وهذه الأيام هي:
1- صيام ستة أيام من شوال لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر...» الحديث (رواه مسلم).
2- صوم عشر من ذي الحجة ويوم عرفة لغير الحجاج قال صلى الله عليه وسلم: «صوم يوم عرفة يكفر سنتين...» الحديث (رواه مسلم).
المقصود بالعشر من شهر ذي الحجة هي الأول «من اليوم الأول إلى اليوم التاسع» حيث قال صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك في شيء» الحديث رواه البخاري.
3- صيام يوم عاشوراء «اليوم العاشر من شهر المحرم» هذا يكفر سنة ماضية كما في الحديث (رواه مسلم).
4- صيام أكثر شعبان «كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان...» الحديث(متفق عليه).
5- صوم يومي الاثنين والخميس، قال صلى الله عليه وسلم: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» الحديث(رواه النسائي) وسئل عن يوم الاثنين فقال: «ذلك يوم ولدت فيه وأنزل عليَّ فيه الوحي» الحديث(رواه مسلم).
وصيام داود عليه السلام: صيام يوم وإفطار يوم.
مختارات