" الدعوة إلى الله "
" الدعوة إلى الله "
الدعوة إلى الله عز وجل هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين من الدعاة والمصلحين قال تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ " وقال تعالى: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ".
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث هو حجة علينا جميعا: " بلغوا عني ولو آية ".
وبعض الجن أفقه من بعض الإنس لما نزل قول الله تعالى: " قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ " كانت نتيجة ذلك أن قام البعض بمهمة الدعوة: " وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ " يدعون إلى الله عز وجل " يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ ".
ويقول الله عز وجل حاكيا عن أهل النار: " أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ " وهذا يؤكد أن الداعي هو الذي يذهب إلى الناس ويقوم بدعوتهم؛ ولهذا أمر الله عز وجل نبيه بالقيام، والعمل لأجلها: " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ " وهذا يتطلب جهدا بدنيًا وماليًّا وفكريًا للقيام بذلك كله.
ورتب الله عز وجل الأجر والمثوبة العظيمة والفضل الجزيل، لمن قام بذلك: " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " [رواه البخاري ومسلم].
ويقول صلى الله عليه وسلم: " من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا " [رواه مسلم].
والدعوة لا تحدها الحدود ولا تردها القيود؛ هذا نبي من أعظم الدعاة إلى الله عز وجل يدعو وهو في السجن، الأبواب فيه موصدة، والجدران سميكة، والحراس أعينهم لا تنام، ومع هذا فهو يستفيد من كل الوسائل ويدعو من حوله: " يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ".
ونبي آخر هو نوح عليه السلام لم يمنعه طول المدة وعدم الاستجابة من السير قدما في الدعوة مئات السنين: " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ " فأين هو عليه السلام من صاحب النفس القصير الذي يدعو مرة وثانية ثم يتوقف؟
وأين من يكسل حينا ويفتر حينا آخر من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في النزع الأخير وقد اشتد عليه الخطب ودنا الفراق يحذر أمته ويقول: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " [متفق عليه].
وأين الداعية الذي إذا أصابته نازلة توقف؛ من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يدعو إلى الله وهو ينزف دما ويقول: " ردوا علي الغلام " ثم قال له: " يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك ".
أين الداعية الذي يبخل ويشح بقليل الدراهم، وها هو أبو بكر رضي الله عنه يخرج من ماله كله؟ أين الذي يبخل ولا يخرج إلى الرديء وأبو طلحة رضي الله عنه لما سمع قول الله عز وجل: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ " خرج من أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهو بستان مورق به ماء بارد؟
أين من يقدم نفسه ويقول بإيمان صادق: فزت ورب الكعبة؟
أين الذين يقولون: اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى؟ فهل قدمنا أرواحنا وهل خرجنا من أحب أموالنا، أم من أردئها وأقدمها؟.
مختارات