الحليم
اسم الله الحليـم
ورد هذا الاسم في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، من ذلك :
قوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة : 235]
وقول الله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة : 263]
ومن ذلك قوله في سورة الأحزاب:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } [الأحزاب : 51]
وقوله في سورة فاطر: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [فاطر : 41]
معنى الاسم في اللغة:
*الحليممنالحِلم،والحِلم _بالكسر _ معناهفياللغة : الأناةوالعقل. ويُجمععلىأحلاموحُلُوم.وأحلامالقوم: أي حُلماءهم. والحِلمُنقيضالسفه، أماالحُلمْوالحُلُمْ : فهوالرؤيا، والجمعأحلام، يُقال:حلميحْلُمإذارأىفيالمنام.
*الحِلمُ ..معناهالأناةوالعقل.قالالراغبالأصفهاني:"الحِلْمُضبطالنفسوالطبعِعنهيجانالغضب"
قالتعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا} [الطور : 32] :أي ..عقولهم، فجاءتمنهناحَلُمَ : أي ضبطنفسهوسيطرعليها ..وهذاهوالمعنىاللغوي.
أماهذاالمعنىفيحقاللهسبحانهوتعالى .. فيقولالعلماء:
الحليمُ ..أيالذيلايعجُلعلىعبادهعقوباتهمبذنوبهم .. حليماعمنأشركوكفربهمنخلقهفيتركتعذيبهأوتعجيلعذابهله ..
حليماًفهوذاصفحٍوأناةلايستفزهغضبولايستفزهجهلجاهلولاعصيانعاصٍ ..فلايستحقالصافحمعالعجزاسمالحِلمْ ..إنماالحليمالذييصفحمعالقدرةوالمُتأنيالذيلايعجلبالعقوبة ..
: وقدأنعمبعضالشعراءبيانهذاالمعنىفقالوا :
لاُيدركُالمجدأقوامٍوإنكَرَموا ...... حتىيذلواوإنعزُّوالأقـــــوام
ويُشتموافترىالألوانمُسفرة ..... لا صفحذلٍولكنصفحأحلام
يقولالغزالي رحمه الله:"الحليمهوالذييُشاهدمعصيةالعصاةويرىمُخالفةُالأمرولايستفزُهغضبولايعتريهغيظولايحملهعلىالمُسارعةعلىالانتقاممعغايةالاقتدارولايحملهعجلةوطيش" ألاترىقولاللهتعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }[النحل : 61]لكناللهسبحانهحليـم .. فلوكانغيرهذالعجَّلبعقوبتهعلىالعصاةوالمذنبين ..
واسمعإلىقولاللهتعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [يونس : 11]
وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً} [الكهف : 58]
وقوله: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} [فاطر : 45]
كُلهذهالآياتتُشيرإلىهذاالمعنىوهوحلمُاللهتعالىعلىعباده .
قِيل : "حلمالله .. تأخيرهالعقوبةعنالمُستحِقلها ..فيؤخرالعقوبةعنبعضالمستحقينثمقديُعذبهموقديتجاوزعنهم" .
وقالبعضهم : حليـمسُبحانهلأنهيعفوعنكثيــــــر , فهويعفوعنكثيرمنسيئاتهمويُمهلهمبعدالمعصيةولايُعاجلهم بالعقوبةوالانتقامبليقبلتوبتهمبعدذلك ..
يُقال : الحلمُقرينللحكمةفلايكونالحليمُإلاحكيماَلأنهيضعالأمورفيمواضعها , فيلزممنكونه أنهحليماَأنهحكيماعليماقادرا..لأنهإنلميكنقادراكانحلمهمُتلبِّسابالعجزوالوهنوالضعف .
وقالواكذلك : الحليـمعز وجلهوالصبور ..
فالحِلمُمعالقدرةعلىالفعلولايُشترطذلكفيالصبر .. فالحليملايتأثربالمرارةولايشعربوجودهاوقديشتركمعهفيذلكالصبرولكنلا يُشترطوجودهفيه .
فالحليمالصبورالمُتصفُبالحلميتمهلولايتعجَّلبليتجاوزعنالزلاتويعفوعنالسيئاتفهوسُبحانهوتعالىيُمهلُعبادهالطائعينليزدادوامنالطاعةوالثوابويُمهلالعاصينلعلهميرجعونللطاعةوالصوابولوعجَّللعبادهالجزاءما نجىأحدامنالعقابولكناللههوالحليمذوالصفحوالأناةاستخلفالإنسانفيأرضهواسترعاهفيمُلكهواستبقاهإلىيومِموعودوأجلٌمحدودفأجَّلبحِلمهعقابالكافرين وعجٍّلبفضلهثوابالمؤمنين .
وخُلاصةالمعانيفيتفسيرالحليـم , أنهالذيلايتعجٍّلُبالعقوبةوالانتقامولايحبسُعنعبادهبذنوبهمالفضلوالإنعام , بليرزقُالعاصيكمايرزُقالمطيعوإنكانبينهماتفـاضُلعلىمُقتضىالحكمة , لكنهسبحانهوتعالىذوالصفحمعالقدرةعلىالعقاب .
فلاشكأنهذااسمجميـل ..وسيحتاجمنَّاإلىنظروتأملوتمعنوتدبر ..ونُريدأننتخلَّقبهذاالخُلقالعظيـــم ..هذاالخُلقخُلقالحلم ..., فقدقالالرسولصلىاللهعليهوسلمللأشجعبدالقيس ..قال : <إنَّفيكَلَخَصْلَتينِيحبُّهُمااللَّهُالحِلمُ والأناةُ> (رواه مسلم)
فالحِلمُشرفهأنهسببلمحبةاللهسبحانهوتعالىوكفىبهامنمنقبةلهذاالخُلقُالعظيم , فهوصفةتُكسِبُالمرءمحبةاللهورضوانهوهودليلٌعلىكمالالعقلوسعةالصدروامتلاكالنفس .. فالذييتخلَّقبهذاالخُلقسيكونفيمنزلةعُليافيتهذيبهوتربيتهلنفسه ..
لذلكإذاأردتأنترىأحداأينوصلمعنفسهفيحدودالتربيةانظرإلىحلمه .. أيضبطالنفس .. فالأصلفيالإنسانأنيتشفَّىلنفسهوأنيُعاجلبالعقوبةأو يردعنهأويجدفي نفسهشيئا ..إنماالحليملايُباليبمثلذلك،فنفسهليستأسيرةبهولايهمهمثلهذهالجهالاتولايلتفتإليها ..فهولايلتفتإلىسفاسفالأموروهذا دليلعلىالوصولإلى منزلةعليامنالإيمانومنتهذيبهلنفسه ..
واللهسبحانهوتعالىيؤيد الحليموكذلكيُلقيقدْرهفيقلوبالعباد , لكنمنالبدايةينبغيفهمأمرامهماوهوأنالحِلمُلايُستخدممطلقا ..فقدنحتاجلأننخرجعنهأحيانالردعالسفيه ..
فالأصلفيالتعاملعند تربيةالنفسأنتحلُم .. لكنهناكبعضالمواقفتحتاجالردعوتحتاجالقوةفيالتعامل مع السفيه لاسيماإذااستشرى،فلوتُركهكذاستكونمفسدتهأعظموقديُساءفهمالحليمفيهذاالموقف .
, ومنالأمورالمتعلقةبالحلمأيضاأنهلا يكونإلامعالقدرةعلىإنزالالعقوبةوإلاسُميذلكخَوَروضعفوذُل .. فالحليممنيقدرعلىالردولكنهيتركالسفيهلجهله , وذلكشرطعلىالحليم .. أنيقدرعلىإنزالالعقوبة.
ومنفضلالحلمكذلكأنقليلمنالخلقمنيتصفُبه .. فالذييتصفبهذاالخُلقصار بمنزلهمميزةوصارفيالنادرالقليل , وقديكتسبهالإنسانبالتعودوبالرغبةفيماعنداللهبالثوابالجزيلفإذاتحلَّمالعبدوتكلفهشيئافشيئايعتاده<إنماالحلمُ بالتحلم>(صححه الألباني) وذلكإذاكاندائماأبداينظرإلىما عنداللهولايلتفتُإلىالناس ..فسيكونذلكدافعٌلهللتخلُّقبهذاالخُلُقالعظيـــــــم .
الحلمُيعملعلىتآلفالقلوبوينشُرالمحبةبينالناسويُزيلالبغضويمنعُالحسدويُميلالقلوبويستحقصاحبهالدرجاتالعلاوالجزاءالأوفر .
ولذلكفهوخُلقعظيمنحتاجلأننفقهعنهالكثيرمنالأمورحتىنستطيعأننتخلَّقبهذاالخُلق , فأولاًنعرفهفيحقربنافنزدادمحبةٌلهسُبحانه , فالمتأمل في أحوال الناس يقول: ..فالغنيغيرراضعنحاله، تجده يقول:"لوأنذاكالمالليسعنديبتلكالكيفية , يقصدإنحصلعليهمنوالده ! ..ويقول : كُنتأريدأنأتعبفيالحصولعليهليكونالإحساسبمتعةالحصولعلىالمالموجود ! " .. وأماالفقيرفيتسخطلعدموجوده !! ..
فسُبحاناللهالعظيم .. لايرضىعنهأحد !! .. لاالغنيراضٍولاالفقيرراضٍولاالصحيحراضٍولاالسقيموالمريضراضٍ ! .. الكُللا يرضىعنالله ..فماأحلمهعنامعأنهيستحقلهالغضبعلينا .. فهويُغدقعلىهذابالنعمليُحبهبهافيطغىبها ! ..وهذايبتليهليرجعإليه فيتسخطويغضب .. فماأحلماللهسبحانهوتعالى !!
كيفيةالتخلقبهذاالخُلُق؟
قالواالأسبابالدافعةللحلمكثيرة , خصٍّهاالماورديفيأدبالدُنياوالدينبعشرةِأمور, فقال
:الحلمُمنأشرفالأخلاقوأحقهابذويالألبابلمافيهمنسلامةالعرضوراحةالجسدواجتلابالحمد.والأسبابالباعثةعليهعشرة :
1- الرحمةللجُهَّال:
فينظُرإليهمبعينالرحمةلعدمعلمهوعدمفهمهفيرحمهويتجاوزعنه ويحلُمعليه .. وذلكمنخيرٍيُوافقُرقه , وقدقيلفيمنثورالحكممن: " أوكد أسبابالحلمرحمةالجُهَّال"
2- القدرةعلىالانتصار:
وذلكمنسعةالصدروحُسنالثقة , فيبعثُهعلىحلمهمعرفتهالتامةبأنهيستطيعأنينتصر ..ولكن يتسعصدرهبحُسنثقتهفيربهوما عندهمنجزيلالثواب .. وأناللهسينتصرُللمظلومولوبعدحين , وأناللهسيكُفعنهذلكويدفععنه , وذلكشيءيعرفهالمؤمنمننفسهوحالهمعربه ... فيتركهويقوللوأراداللهأنيُردُعنىذلكالظلمسيكون ..فذاكقدرهولارادله ! .. فيمنعهذلكمنأنيتشفَّىلنفسهويقول : يا ربكُفعنيأذىالمؤذينفيالقدرةعلىالانتصار .
3- أنهمنالأصلمُهذَّبٌمؤدبفيترفَّععنالسباب
.. فيستشعرمننفسهومنلسانهالعفةعلىأنينطقبمثلالسبابالموجهإليه !! ويكون كماكانالرسولصلىاللهعليهوسلم<لم يكنفاحشًاولامُتَفَحِّشًاولاصَخَّابًا في الأسواقِ،ولايَجْزِي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يَعْفُو ويَصْفَحُ> (رواه الترمذي), فيترُكهويترفَّععنسبابه ..قالوا : وذلكمنشرفالنفسوعُلوالهمة , ومنالجميلههناأنهمقالوااللهسُبحانهوتعالىسمَّىيحيى _ عليهوعلىنبيناالصلاةوالسلام _ بسيداّوذلكلحِلمه .. لأنهكانحليمافصارسيدا .
4- الاستهانةبالمُسيء:
وذلكفيهنظرلأنهقديؤديإلىنوعمنالكِبر ! .. لكن الضابط هناالعِزَّة , فإنكانعزيزافإنهيحلُمعلىالجُهَّال .. فمثلذلك _ ذُكرسابقافياسماللهالعزيز _ عندماأتىسُفيانأحدُهمفقالله : إنكمُتكبر , فقال : لا , إنماعزيـز ! ... أيلاأحبأنيجلبلنفسهالاستصغاربأنيُنزلهالمستوىمنيجهلُعليهبالقولأوالفعل ... وذلكعزةنفسوليسكبرا .. فالكبربطرُالحقوغمطالناسأماعندمايعزُّبنفسهعلىأمرربهفهوكِبر !! ..
إنماالاستهانةبالمُسيءقريبةمنمعنىالقدرةعلىالانتصار ..
فأحذرمنأنتكونالعزةلديكبأنلا تخضعلأمراللهأوتستمعالنصيحةمنأحدأوأنتذلللهأوتذلللمؤمنين .. بلفقطتكونعزيزاعلىالكافرينوالمجرمين , فهنالاتلينلهم .. أماإذاكُنتهينالينامعالناسمُتقبلالأمرربكفقدنفيتعننفسكالكبر .. ثمكُنتصعبفيالتعاملمعأعداءاللهحتىلايُستباحعرضك ..فهذهعزة .
يقولون : رُويأنمُصعبابنالزبيرلماوُليالعراق , جلسيومالعطاءالجُندوأمرمناديه , ونادى : أينعمرابنجرموز , وهوالذيقتلأباهالزبيرابنالعوامرضياللهعنه , فقيلله : قدتباعدفيالأرض , فقال: أويظنالجاهلأنيأقيدهبأبيعبدا لله ! , فليظهرآمناليأخذعطاءهموفرا .... فقالوااستهانةبصنيعة .. فتركالعقابلله !
5- الاستحياءمنجزاءالجواب:
والباعثُعليه صيانةالنفسوكمالالمروءة , ولذلكقيل : ماأفحشحليمولاأوحشكريم .
أي : لايُعقلأنيقعالحليمفيمثلهذاالفُحشفيالكلام .. فيجبأنيصونلسانهويترفعأنيرُدعنه , وكذلكيستحيمنجزاءالجوابوهوأنيزيدالفاحش , فيكُفعننفسهبسكوتههذاالأذى !
6- الكرموالتفضُّلوحُبالتآلف:
فقدحُكيعنالأحنفابنقيسأنهقال : ما عادانيأحدٌقطإلاأخذتفيأمريبإحدىثلاثخصال : إنكانأعلىمني عرفتُلهقدره،وإنكاندونيرفعتقدْريعنه،وإنكاننظيريتفضَّلتُعليه .
أي: لوأعلىمنيأوقرهامتثالالأمرالرسولصلىاللهعليهوسلمبأنهليسمنامنلميوقركبيرنا , وإنكانأدنىمنىيمثلبقولهليسمنامنلميرحمصغيرنا , وإنكانمثلىفأتميزعليهبالكرموأتفضلعليهفأكونذوالشأن .
7- الحزم:
, فيقولونإنالحليميستنكِفُالسبابوفينفسالوقتيُريدأنيقطعأسبابمثُلذلكفيبعثُهالحزمعلىالتحلُّم.
قالالشعبي : ماأدركتُأميفأبرهاولكنلاأسبُأحدافيسُبها ...فقالوا : فيإعراضكصونُأعراضك !
وقالالشاعر : وفيالحِلمُردعٌللسفيهعنالأذى ......وفيالخُرقإغراءٌفلاتكُأخرقا !
فلوسفَهتستُستباحوليسكمايُزيِّنلكالشيطانأنكلوصمتفذلكسيجعلهميتكالبوا عليكوتزدادفيالأذى , بالعكسفلوكانينبح فلاعليكبه .. دعالقافلةُتسيروالكلابتنبح !!!
8- الخوفمنالعقوبةعلىالجواب:
بمعنى .. الخوفمنالعقوبةمناللهسبحانهوتعالىإذاوقعفيالسفهفقدقالوا : الحلمُحجابالآفات .
9- الوفاءُوحسنالعهد:
إذاكانمنوقعفيحقكتعرفلهمكرُمةعليكفترعىلههذهاليدالسالفةوتكونلهعليكحُرمةلازمة .. أيتفتكرلهالخيروتتغاضىلهعنخطأهفيلحظةالغضب .
10- بعضالناسيحلمونويكونالباعثُعليهالمكروالدهاء _ وذلكمذموم وليسمنمكارمالأخلاق _ فقالبعضُالعقلاء : غضبالجاهلفيقولهوغضبالعاقلفيفعله .
قالإيـــــــــاس : تُعاقبُأيديناويحلُمرأينا .. ونشتُمُبالأفعاللابالتكلم
ومثلُذلك : أنتتركأحدهميشتمكويُسيءلكأمامالناس ..فتحلُمعليهحتىيُثنيعلىصنيعكالناسوتظهرأنتالمظلومأمامهم ! .. فيكونالباعثُعلىذلكالدهاءوليسطلبِرضاالله .
الفرقُبينالحِلمُوكظمالغيظ؟
يقولالغزاليفيالإحياءوالجاحظفيتهذيبالأخلاق: "الحلمأفضلمنكظمالغيظ , لأنكظمُالغيظعبارةعنالتحلُّمولايحتاجفيالحلمإلىمثلذلك.." ففيكظمالغيظتكلُّفأمافيالحلمهو سجيَّة , فلايحتاجإلىكظمالغيظإلامنهاجغيظهويحتاجفيهإلىمجاهدةشديدةعندمايلحقبهالأذى , لكنإذاأعتادذلكصارذلكإعتيادافلايُهيِّجهالغيظ
.وهذاالأمريحتاجُلأنيدرس المرءشخصيةعمررضياللهعنه منبدايةإسلامهإلىأنصارأميراللمؤمنين .. ويدُلعلىذلكمواقفمنها :
موقفلهقبلالإسلام عندماضربأختهفاطمةعداءاًلله ..ثم فيصُلحالحديبية بعد إسلامهعندمادخلعلىالرسولوهوغاضبوهويقول" : لمانعطىالدنيِّةفيديننا , ألسناعلىالحقوهمعلىالباطل؟" وكانتتلكغضبهلله.
وبذلكنرىأثرالدينالعظيمعلىشخصيةعمرابنالخطابرضياللهعنهكيفانتقلغضبهلنفسهإلىالغضبللهوحدهوذلكبمُدارسةالقرآنومُجالستهللرسولالكريمصلىاللهعليهوسلم ... فسبحاناللهجلفيعلاه
ومنهنايجب أن تنتبه إلى درس مهم وهو: يجب أن يضيف لكالدين خُلقجديد، ومن ليس كذلك ففي التزامه مشكلة, لأنالإيمانيزيدوينقصفإنلميكنيزيدفإنهينقص .. فتبحثدائماعنأثرالإيمانعليك .. لأناللهشكور , فإذالمتجدللعبادةبعدهاسعادةوانشراحفأعلمأنهذاالعملمدخول.
الحلمُفيالسنة:
وردذكرذلكالخُلقالعظيمعلىلساننبينامحمدصلىاللهعليهوسلمفيأحاديثكُثُرومنها :
أنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: <التَّأَنِّيمِنَاللهِ،والعَجَلَةُمِنَالشيطانِ، وما أحدٌ أكثرُ مَعَاذِيرَمِنَاللهِ، وما [ من ] شيءٍ أحبَّ إلىاللهِمِنَالحَمْدِ> (حسنه الألباني) وهنانرىحلمالله .. إنهمليدعونلهالولد _ سُبحانه _ ويعذرهمويدعوهمإلىالتوبة !
انظرإلىحلمهوهويقول:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج : 10]فقدآذواأولياءهويظهرهذاإنوضعتنفسكفينفسالموقف , إنآذىأحدهمأقاربكأوعائلتكوأصبحتالمسألةثأر ! لوعاقبتهمفلكالحقولالومعليكحتىلوعاقبتهمبمثلماعاقبوكبه ! ... أمااللهفيُؤذونأولياءهويدعوهمللتوبة , فإذالميتوبوايستحقونحينذاكالعقابالشديدمنهسبحانه ... فماأحلمسبحانهفماأحدأكثرمعاذيرامنالله.
والنبيصلىاللهعليهوسلمضربلناأعظمالمثلفيسيرتهفيهذاالخلق, ففيالحديث: <أنَّ رجلًا أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُعليهِ وسلَّمَ يتقاضاهُ فأَغْلَظَ ، فهَمَّ بهِ أصحابُهُ ، فقال رسولُاللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( دَعُوهُ،فإنَّلصاحِبِالحقِّمقالًا ) . ثمقال : ( أعطوهُسِنًّامثلَسِنِّهِ ) . قالواْ : يا رسولَ اللهِ لا نجدُ إلا أمثلَ منسِنِّهِ، فقال : ( أعطوهُ ،فإنَّمن خيرِكُمْ أحسنُكُمْ قضاءً .>(رواه البخاري)
شرحالحديث : فقدجاءذلكالرجلللرسولصلىاللهعليهوسلميختصمإليهوينالمنعدلهفأغلظلهقائلاماأعطيتنيحقي ! , فإذابالنبيصلىاللهعليهوسلملماهمَّالصحابةأنيُنكلوابهذاالرجلفقال : دعوه , فإنلصاحبالحقمقالهوخيركمأحسنكمقضاءًصلىاللهعلىسيدنامحمدصلىاللهعليهوسلم .
وعنابنمسعودرضياللهعنهيقول : <كأني أنظرإلىالنبيصلىاللهعليهوسلميحكينبياًمنالأنبياءضربهقومهفأدمَوهُ وهويمسحالدمعنوجههويقولربياغفرلقوميفإنهملايعلمون> (رواه البخاري) .
وكأنهذاحدثبعدأُحد .. فكأنهيحكيهذاعننبيمنالأنبياءضربهقومهفأدموهفقالرباغفرلقوميفإنهملا يعلمون .
وعنأنسأنهقال : <كُنتأمشيمعرسولاللهصلىاللهعليهوسلموعليهبُردٌنجرانيغليظالحاشيه , فأدركهأعرابيفجبذهبرداءهجبذهشديدةحتىنظرتإلىصفحةعاتقرسولاللهصلىاللهعليهوسلمقدأثرتبهاحاشيةالبُردفقال : يامحمدمُرليمنمالاللهالذيعندك , فالتفتلهرسولاللهصلىاللهعليهوسلمثمضحكثمأمرلهبعطاءه .> (رواه مسلم)
وهذامنشدةحلمهصلىاللهعليهوسلم .. فتخيلنفسكمكانهوأنتتمشيثمشدكأحدهممنقميصكوقاللكدونماأيمقدمهأنت ! .. فكيفستتصرفمعه ! ... أماالنبيصلىاللهعليهوسلمفإذابهيضحكللأعرابي ..فلميسكُنحتى .. إنمانظرإليهثمضحكثمأمرلهبأنيعطوهعطاءه .
وكذلكحديثعائشةرضياللهعنها:<أنهاستأذنرهطمناليهودفقالوا : السـامعليكفقلتُ : بلعليكمالسامواللعنة , فقاللهاالرسولصلىاللهعليهوسلم : يا عائشةإناللهرفيقيُحبالرفقفيالأمركُله . فقلت : أولمتسمعما قالوا؟! فقال : قُلتوعليكم> ! (رواه البخاري) صلىاللهعلىسيدنامحمدصلىاللهعليهوسلم .
ومنهاما حدثفيأحدأيضاحينماقالتعائشةرضياللهعنهاللرسولصلىاللهعليهوسلم : <هلأتىعليكيومأشدمنيومأحد؟فقـــــال : لقدلقيتُمنقومكمالقيتوكانأشدُمالقيتُمنهميومالعقبةإذعرضتُنفسيعلىابنعبدياليلابنعبدكلالفلميُجبنيإلىماأردتُفانطلقتوأنامهمومعلىوجهيفلمأستفقإلاوأنابقرنالثعالب , فرفعترأسيفإذاأنابسحابةقدأظلتنيفنظرتفيهافإذافيهاجبريلعليهالسلام فنادانيوقال : إناللهقدسمعقولقومكلكوما ردواعليكوقدبعثاللهلكملكالجباللتأمرهما شئتفيهم , فنادانيملكالجبالفسلمعليثمقال :يامحمدفقالذلكفيماشئت , إنشئتأنأطبقعليهمالأخشبين؟ , فقالالنبيصلىاللهعليهوسلم : بلأرجوأنيُخرجاللهمنأصلابهممنيعبُداللهوحدهولايُشركبهشيئا > (رواه البخاري) .
التعليقعلىالحديث . يُقال : أنهصلىاللهعليهوسلمعرضنفسهعلىالقبائل , منيأويني؟منينصرني؟!!!, وفيأحدالأحداثوهويعرضنفسهصلىاللهعليهوسلمفأتاهسيدُالقبيلةالتييكلمها , وبعدأنركبالنبيصلىاللهعليهوسلمعلىناقته, فجذبهفوقعصلىاللهعليهوسلمعلىالأرضوكانقدبلغ أكثرمنخمسينعاما !! ويقالأنالارتفاعمنالناقةإلىالأرضحواليخمسةأمتار .. فأنظرإلىما لقيالنبيالشريفالكريمعظيمالخُلقصلىاللهعليهوسلم .. وأنظرإلىردهعندماقاللهملكالجبالمُرنيما شئت .. ولكنذلكهونبيناالحليممحمدصلىاللهعليهوسلم .
إذاالحلمخُلقعظيـموالنبيصلىاللهعليهوسلميقول:<ليسالشديدبالصرعةوإنماالشديدُالذييملكنفسهعندالغضب> (رواه البخاري)
وأوصانابأنلا نغضبثلاثا , وقال: < طوبىلمنملكلسانهووسعهبيتهوبكىعلىخطيئته> (حسنه الألباني)
وقالأيضاصلىاللهعليهوسلم: <السمتُالحسنوالتُؤدةوالاقتصادجزءمنأربعةوعشرينجزءامنالنبوة> (رواه الترمذي)
وكأنهيقولللدعاةوكلمنيسيرفيدربها .. أنهذهشروطلازمةلأيداعيةلأنهاجزءمنأربعةوعشرينجزءامنالنبوةوالمفترضأنالعلماءوالدعاةإلىاللههمورثةالأنبياءفينبغيأنيكونذلكالأساسعندهم :
أولاً :هوالسمْتالحسن ..بمعنىالسمْتالظاهري،بأنيكونمظهرهحسنوذلكليسلشخصهولاتلكقضيتهبللأنهيحملرايةالإسلام .وسمتهأيضاالسلوكيوالخُلُقي .. فلاينبغيلطالبعلمأو داعيةأومنبلغمنزلةعظيمةفيالعلمأنلا يتوافقسمْتهالخُلقيوالظاهريمثلأنيلبسالملابسالمُشجرةوغيرها !.. أماالأخلاقفهوأولشيءيُعلَّمللدعاة .
ثانياً : التٌؤدة ..فلايصلُحالعجلة .. فتجدمنيدخلفيسلكالدعوةمنالشبابتجدهمتهور .. وهذالا يصح ! الأمريحتاجللصبروالأخذمنخبرةالسابقينليعرفكيفيسيرفيهذاالأمرفلاتُصبحلديهالقضيةقضيةحماسسرعانماينجلي .. فلابُدمنالتُؤدةوالحكمة .
ثالثاً : الاقتصادمابينالأمرين .. فلايغلوولاعندهتفريط .. فلايتعبدالناسبالرُخصولابالعزائمطيلةالأمر .. فلابدأنيعرفمنيقوللههذاومنيقوللهالأمرالآخر ..فلابُدأنيقتصد ..
فلمَّايخرجأحدهمويكونلديهشيءمنالغلو , يتسببفيخروججيلفيهشيءمنالشدة .. ويظُنفينفسهأنهأكثرالناسالتزاما ..والأمرليسكذلك.فالأمرليسبالغلووليسبأنيأخذالناسبشديدوغليظالأقوال .. وحتىفيخاصةنفسكفقديؤديذلكلنتائجعكسية , فالقلبإناء يوجدفيهجزءمُضيءوآخرمُظلم .. والجزءالمضيءهوالجزءالذييدفعكوهوالذييمدكبقوةفيالنفس , فإذاأخذتتلكالطاقةوأخرجتهامرةواحدةكمايفعلالذينيغلونفيالدين .. فإذاأردتفعلالمزيدمنالطاعاتستجدأنالطاقةالإيمانيةقداستُنفذت .. فيجبعلىالإنسانالملتزمالمتزنأنيُخرجطاقتهشيئافشيامثلمايفعلالرياضيينمنتمارينالإحماءقبلالقيامبأيرياضة .. فيتدرجفيالطاعاتشيئافشيئاإلىأنيعلوالإيمانفيقلبهشيئافشيئافيُحققبذلكالاقتصاد
بعضتطبيقاتالسلففيالحلم :
قالوا : أنمفتاحالحلمالعلم ,قالعمررضياللهعنه : تعلمواالعلموتعلمواللعلمالسكينةوالحلم .
كانمعاويةرضياللهعنهيقول : لا يبلُغُالعبدمبلغالرأيحتىيبلُغُحلمُهجهله , وصبرهشهوتهولا يبلُغذلكإلابقوةالعلم .
وقالابنعباسرضياللهعنهلرجلسبَّه : يا عكرمةهلللرجلحاجهفنقضيها , فنكَّسالرجلرأسهواستحىمنحلمابنعباسبه .
ومنالمواقفالتينختمبها , أنعليابنالحُسينسبَّهرجل , فأتاهعليٌبخميصةكانتعليهوأمرلهبألفدرهم , فقالبعضهم : جمعفيذلكالموقفخمسًخصالمحموده ,
أولا : الحلم
ثانيا : إسقاطالأذى .
ثالثا : تخليصالرجلممايُبعدهعنالله .
رابعا : حملهعلىالندموالتوبة .
خامسا : رجوعهإلىمدحبعدالذم , فاشترىبجميعذلكبشيءيسيرمنالدنيا .
فينبغيعليناأننلاحظمثلهذهالأمورجيدا ... فصفةعبادالرحمنأنهمرُحمـاء , إذاخاطبهمالجاهلونقالواسلاما .
وتذكردائماأناللهسُبحانهوتعالىيُعاملالحليمبالحلم , فكلماازددتحلماازدادحلماللهبك , وكلنايحتاجلمثلذلكفكلناأصحابذنوبومعاصيونخشىمنعاجلالعقوبةوذلكحلاًفيكبيرةالعقوقوالبغيفيُقاللهعليكأنتتعودالحلملأنالحديثيقول , قالصلىاللهعليهوسلم : (( مامنذنبأعجلعقوبةمنالبغيوالعقوق )) .. فحلهاحتىيدفعالعقوبةعنهأنيحلُمعلىبعضالناسليُعاملهاللهبذلكحتىلايُعجِّلاللهلهالعقوبة .