" مدخل "
" مدخل "
من استقرأ التاريخ قديمًا وحديثًا عرف نعمة الله عليه. نطل إطلالة سريعة...ها هو فرعون من أكبر ملوك الدنيا يحكم ويدير مملكة مترامية الأطراف، وحوله الخدم والحشم والقواد والجيوش، لم تغن عنه شيئًا لما تكبر وتجبر فأغرقه الله في اليم كافرًا.
وها هو قارون رفيق دربه إلى النار وبئس الورد المورود، من أكبر تجار الدنيا ومن أغنى أغنيائها، لما ذكر الله غناه، ذكر أن مفاتيح خزائنه: " لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ " [القصص: 76] ولكنه لما طغى واستعلى ما أغنت عنه هذه الأموال والخزائن " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ " [القصص: 81].
بل أصحب السيادة والريادة كأبي جهل وأبي لهب ما أغنت عنهم تلك المكانة، ولا نفعتهم تلك المنزلة، قال تعالى: " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ " [المسد: 1].
وها هم أصحاب الشرف الرفيع والنسب العالي إذا لم تدركهم رحمة الله كانوا من أولئك قال عز وجل: " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " [القصص: 56] ها هو سيد ووجيه قريش وعم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب لم تنفعه القرابة، ولم تشفع له النصرة لهذا الدين بل مات على ملة عبد المطلب، ولعلي أختم في هذا الأمر بمن هو أقرب من أولئك.. فلذة كبد نبي وابن من أبنائه لما تمرد وطغى حرم من الهداية، كابن نوح –على نوح السلام- يناديه –عليه السلام- يا بني أركب معنا، " قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ " [هود: 43].
بل حرم من الهداية من هن تحت الأنبياء، كما ذكر الله –عز وجل- عن امرأتي نوح ولوط " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِي " [التحريم: 10].
أرأيت أخي كيف جاد الله عليك وأكرمك وهداك وفضلك على كثير ممن خلق تفضيلاً؟ فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام.
وما ذكرته هو هداية التوفيق، وتبقى هداية الطريق الذي نحن عليه سائرون فأسأل الله الثبات على هذا الدين إلى أن نلقاه.
ومن شكر هذه النعمة العظيمة القيام بحقوق هذا الدين العظيم والسعي في رفع رايته ونصرته وتبليغه إلى الناس، مع استشعار التقصير والعجز عن الوفاء بذلك.
مع الأسف اليوم بعض الناس يدافع وينافح عن بلدته !! وعن جهاز جواله أكثر مما يدافع عن دينه ! والأخرى من الأخوات تجدها تنفعل وترفع صوتها لاختلاف على لون فستان أو حذاء، فأين موقع الدين من القلوب؟ وأين مكان الدعوة إلى الله في النفوس؟
وأنواع الحرمان كثيرة وليست في جانب الدعوة إلى الله فحسب أضرب مثلاً وأستدل بشواهد حية:
تجد رجلاً منفقًا صاحب كرم وجود لا يمر أسبوع إلا ولديه ضيوف يكرمهم بمائدة شهية، ويوصف بأن كما يقال صاحب ذبائح، هذا المحروم إذا جاء عيد الأضحى قدم رجلاً وأخر أخرى حتى لا يضحي، والأضحية سنة مؤكدة، هذا نوع من أنواع الحرمان وإلا فالكرم موجود لديه.
الثاني: وقد قرب موسم الحج وتجد بعضهم لم يؤد الفريضة وهي الركن الخامس من أركان الإسلام، ويدفع المبالغ الطائلة للسفر إلى الخارج مع أن تكلفة الحج لا تعادل قيمة تذكرة واحدة، وبعضهم يتعذر بالمشقة وتجده ينصب الخيام في وسط الصحراء في مكان بارد قارس أو في لهيب جو صحراوي ! ويحرم نفسه أداء فريضة الحج وهي أقل مشقة وتكلفة.
الثالث: ما انتشر أخيرًا: تجد بعضهم يبخل بإرساله رسالة دعوية عبر الجوال، ثم هو في الجانب الآخر يرسل رسائل استهزاء ونكت سامجة وبعضها محرم، خذ مثالاً ما نتشر أخيرًا من رسائل فيها استهزاء بالزوج السعودي وأن الزوج الآخر من غير السعودي يقول لزوجه كذا وكذا، وكذلك رسائل عن الزوجة الأجنبية وماذا تقول لزوجها؟ وكأنها صورة متعمدة لتشوية المرأة السعودية العفيفة النقية التقية، وفي هذا محاذير:
أولاً: إضاعة المال بلا فائدة، والثاني: يخشى أن يكون من إفساد الزوج على الزوجة، الزوجة على زوجها فيكون من التخبيب المحرم.
وتأمل فيمن تستهزئ به من النساء: إنها أمك وأختك وزوجتك وابنتك.
الشاهد أن هذا من أنواع الحرمان والقياس كثير.
مختارات