" اختر من تجالس "
" اختر من تجالس "
أخي الطالب: قبل أن تقرر اختيار أي صديق في حياتك عامة أو حياتك الدراسية خاصة لا بد أن تتذكر جيدًا أن: الصاحب ساحب !
وتأمل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (رواه أبو داود) .
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب».
وقال الإمام مالك: «الناس أشكال كأشكال الطير الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، والصعو مع الصعو، وكل إنسان مع شكله».
والسر في أن الخلة تقتضي التأثر بطباع أصحابها هو أن الإنسان متغير في ظواهره وصفاته وسمة التغير تتأثر بعوامل الانجذاب للمحيط من حوله، فيصعب عليه مهما كان حاله أن يعيش في بيئة دون أن يتأثر بسلوكها لكونه اجتماعي بطبعه ومتغير في سلوكه.
ومن هذا كله وجب على الطالب الناجح أن يدقق في أحوال أصحابه قبل مصاحبتهم، وأن تكون رؤيته واضحة في صفات أصدقائه وسماتهم حتى لا تضيع عليه أهدافه ولا يخذل عن النجاح.
ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تُعدي
قال صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسلك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة» (رواه البخاري ومسلم) .
وللعلامة السعدي رحمه الله شرح نفيس لهذا الحديث قال: «مثل النبي صلى الله عليه وسلم بهذين المثالين مبينًا أن الجليس الصالح جميع أحوالك معه، وأنت في مغنم من المسك، إما بهبه أو بعوض، وأقل ذاك مدة جلوسك معه وأنت قرير النفس، برائحة المسك فالخير الذي يصيب العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك، فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضًا إلى الخير أو ضده وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعًا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك ومحبته لك، وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم».
أنت في الناس تقاس بالذي اخترت خليلاً
فاصحب الأخيار تعلو وتنل ذكرًا جميلاً
أخي الطالب: ولا شك أنك في مسيرتك الدراسية ستحتاج إلى صديق مخلص أو أكثر يكون لك عونًا على المذاكرة والتحصيل، وهذا ما يجعلك على محك الاختيار.
وتذكر أن وقوع كثير من الشباب الأبرياء في أوحال المخدرات والمعاكسات والأخلاق الفاسدة إنما بسبب تماديهم في مصاحبة رفقاء السوء الذين يتقنون إقحام الطالب البريء الغافل في أوحالهم ! وليس هناك سبيل للسلامة من سمومهم غير هجرانهم والإعراض عن سبيلهم والسلامة لا يعدلها شيء.
يقول الشيخ ابن عثيمين: رحمه الله: «والواجب الحذر من رفقاء السوء، والبعد عنهم وأن لا يغتر بمعسول القول وحسن المظهر فإن ذلك خداع وتضليل، يسلكه أصحاب الشر ليجذبوا بسطاء الناس لعلهم يكثرون سوادهم ويغطون بذلك ما فسد من أحوالهم» (من مشكلات الشباب ) .
مختارات