" تَرَكَ الغناءَ فَعَوَّضَه اللهُ الهدايةَ والإيمانَ "
" تَرَكَ الغناءَ فَعَوَّضَه اللهُ الهدايةَ والإيمانَ "
إليك أيها الأخ المسلم الحبيب قصة شاب ترك بهجة الدنيا وضجيجها ومغرياتها وأقبل قلبه على الله فانشرح، إليك أيها المسلم قصة من ترك الغناء وما يصاحبه من شرب الخمور وارتكاب الفواحش والآثام ورقص الديسكو والمزامير بأنواعها.. إنه الإنسان الذي دخل الإيمان قلبه فوجد فيه الهناء والطمأنينة، وجد فيه الراحة والسكينة، وجد فيه الرِّفْعَةَ والعِزَّةَ، وجد فيه الخير والصلاح والفلاح.. إنها قصة المطرب البريطاني الذي ضربت شهوته الآفات " كات ستيفنز " الذي أصبح اسمه فيما بعد " يوسف إسلام " ها هو يرويها بنفسه وما أجمل حديث النفس عن النفس بصدق.. ها هو يرويها بهذه السطور البليغة التعبير البالغة التأثير فيقول(المجلة العربية العدد (104)): ولدتُ في لندن قلب العالم الغربي، ولدت في عصر التلفزيون وارتياد الفضاء ولدت في عصر وصلت في التكنولوجيا إلى القمة في بلد معروف بحضارته في بريطانيا، ترعرعت في هذا المجتمع وتعلمت في مدرسة " كاثوليكية " ؛ حيث علمتني المفهوم المسيحي (النصراني) للحياة والعقيدة، وعرفت ما يفترض أن أعرفه عن الله، وعن المسيح عليه السلام والقدر والخير والشر، حدثوني كثيرًا عن الله، وقليلا عن المسيح، وأقل من ذلك عن الروح القدس كانت الحياة حولي مادية تنصب من كل أجهزة الإعلام، حيث كانوا يعلموننا بأن الغنى هو الثروة الحقيقية والفقر هو الضياع الحقيقي، وأن الأمريكي هو المثل للغني، والعالم الثالث هو المثل للفقر والمجاعة والجهل والضياع !! ولذلك لا بد أن أختار طريق الغنى وأسلك مسلكه، لأعيش حياة سعيدة وأفوز بنعيم الحياة، ولهذا فقد بنيت فلسفة الحياة على ألا علاقة لها بالدين وانتهجت هذه الفلسفة لأدرك سعادة النفس.
وبدأت أنظر إلى وسائل النجاح، وكانت أسهل طريقة أن أشتري (جيتارًا) وأؤلف بعض الأغاني، وألحنها، وأنطلق بين الناس، وهذا ما فعلته بالفعل، باسم (كات ستيفنز) وخلال فترة قصيرة حيث كنت في الثامنة عشرة من عمري، كان لي ثمانية شرائط مسجلة، وبدأت أقدم الكثير من العروض، وأجمع الكثير من المال حتى وصلت إلى القمة !! وعندما كنت في القمة كنت أنظر إلى أسفل خوفًا من السقوط !! وبدأ القلق ينتابني، وبدأت أشرب زجاجة كاملة كل يوم، لأستجمع الشجاعة كي أغني، كنت أشعر أن الناس حولي يلبسون أقنعة ولا أحد يكشف عن وجهه القناع قناع الحقيقة!! كان لا بد من النفاق؛ حتى تبيع وتكسب، وحتى تعيش !!
وشعرت أن هذا ضلال، وبدأت أكره حياتي واعتزلت الناس وأصابني المرض، فنقلت إلى المستشفى مريضًا بالسل، وكانت فترة المستشفى خيرًا لي؛ حيث إنها قادتني إلى التفكير، كان عندي إيمان بالله، ولكن الكنيسة لم تعرِّفني ما هو الإله وعجزت عن إيصال حقيقة هذا الإله الذي تتحدث عنه !! كانت الفكرة غامضة وبدأت أفكر في طريقي إلى حياة جديدة، وكان معي كتب عن العقيدة والشرق، وكنت أبحث عن السلام والحقيقة، وانتابني شعور أن أتجه إلى غاية ما، ولكن لا أدرك كنهها ولا مفهومها.. ولم أقتنع أن أظل جالسًا خالي الذهن؛ بل بدأت أفكر وأبحث عن السعادة التي لم أجدها في الغنى، ولا في الشهرة، ولا في القمة، ولا في الكنيسة، فطرقت باب (البوذية والفلسفة الصينية) فدرستها وظننت أن السعادة هي أن نتنبأ بما يحدث في الغد حتى نتجنب شروره، فصرت قدريًا وآمنت بالنجوم، والتنبؤ بالطالع، ولكني وجدت ذلك كله هراء، ثم انتقلت إلى الشيوعية ظنًا مني أن الخير هو أن نقسم ثروات هذا العالم على كل الناس، ولكني شعرت أن الشيوعية لا تتفق مع الفطرة؛ فالعدل أن تحصل على عائد مجهودك ولا يعود إلى جيب شخص آخر، ثم اتجهت إلى تعاطي العقاقير المهدئة لأقطع هذه السلسلة القاسية من التفكير والحيرة، وبعد فترة أدركت أنه ليست هناك عقيدة تعطيني الإجابة، وتوضح لي الحقيقة التي أبحث عنها، ويئست؛ حيث لم أكن آنذاك أعرف شيئًا عن الإسلام فبقيت على معتقدي وفهمي الأول الذي تعلمته من الكنيسة؛ حيث أيقنت أن هذه المعتقدات هراء، وأن الكنيسة أفضل قليلا منها، عدت إليها ثانية وعكفت من جديد على تأليف الموسيقى وشعرت أنها هي ديني، ولا دين لي سواها !! وحاولت الإخلاص لهذا الدين؛ حيث حاولت إجادة التأليف الموسيقيِّ، وانطلاقًا من الفكر الغربي المستمد من تعاليم الكنيسة الذي يوحي للإنسان أنه قد يكون كاملا كالإله إذا أتقن عمله أو أخلص له وأحبه !!
وفي عام 1975م حدثت المعجزة بعد أن قدم لي شقيقي الأكبر نسخة من القرآن الكريم هدية، وبقيت معي هذه النسخة حتى زرت القدس في فلسطين ومن تلك الزيارة بدأت أهتم بذلك الكتاب الذي أهدانيه أخي، والذي لا أعرف ما بداخله وماذا يتحدث عنه، ثم بحثت عن ترجمة للقرآن الكريم بعد زيارتي للقدس، وكانت المرة الأولى التي أفكر فيها عن الإسلام؛ فالإسلام في نظر الغرب يعتبر عنصريًا عرقيًا، والمسلمون أغراب أجانب؛ سواء كانوا عربًا أو أتراكًا، ووالديَّ كانا من أصل يوناني، واليوناني يكره التركي المسلم؛ لذلك كان من المفروض أن أكره القرآن الذي يدين به الأتراك بدافع الوراثة، ولكني رأيت أن أطلع عليه؛ أي على ترجمته فلا مانع من أن أرى ما فيه، ومن أول وهلة شعرت أن القرآن يبدأ بـ (بسم الله) وليس باسم غير الله، وعبارة بسم الله الرحمن الرحيم كانت مؤثرة في نفسي، ثم تستمر الفاتحة فاتحة الكتاب: (الحمد لله رب العالمين) كل الحمد لله خالق العالمين ورب المخلوقات.
وحتى ذلك الوقت كانت فكرتي ضئيلة على الإله، حيث كانوا يقولون لي: إن الله الواحد مقسم إلى ثلاثة كيف؟ لا أدري.
وكانوا يقولون لي أن إلهنا ليس إله اليهود.. !! أما القرآن الكريم فقد بدأ بعبادة الله الواحد رب العالمين جميعًا، مؤكدًا وحدانية الخالق، فليس له شريك يقتسم معه القوة، وهذا أيضًا مفهوم جديد، ثم كنت أفهم قبل معرفتي بالقرآن الكريم أن هناك مفهوم الملائمة والقوى القادرة على المعجزات، أما الآن فبمفهوم الإسلام، الله وحده هو القادر على كل شيء.
واقترن ذلك بالإيمان باليوم الآخر وأن الحياة الآخرة خالدة فالإنسان ليس كتلة من اللحم تتحول يومًا إلى رماد كما يقول علماء الحياة؛ بل ما نفعله في هذه الحياة يحدد الحالة التي سنكون عليها في الحياة الآخرة، القرآن هو الذي دعاني للإسلام، فأجبت دعوته، أما الكنيسة التي حطمتني وجلبت لي التعاسة والعناء فهي التي أرسلتني لهذا القرآن، عندما عجزت عن الإجابة على تساؤلات النفس والروح.
ولقد لاحظت في القرآن شيئًا غريبًا هو أنه لا يشبه باقي الكتب، ولا يتكون من مقاطع وأوصاف تتوافر في الكتب الدينية التي قرأتها ولم يكن على غلاف القرآن الكريم اسم المؤلف، ولهذا أيقنت بمفهوم الوحي الذي أوحى الله به إلى هذا النبي المرسل، لقد تبين لي الفارق بينه وبين الإنجيل الذي كتب على أيدي مؤلفين مختلفين من قصص متعددة. حاولت أن أبحث عن أخطاء في القرآن الكريم، ولكن لم أجد، كان كله منسجمًا مع فكرة الوحدانية الخالصة وبدأت أعرف ما هو الإسلام.
لم يكن القرآن رسالة واحدة بل وجدت فيه كل أسماء الأنبياء الذين شرفهم وكرمهم الله، ولم يفرق بين أحد منهم وكان هذا المفهوم منطقيًا فلو أنك آمنت بنبي دون آخر فإنك تكون قد دمرت وحدة الرسالات ومن ذلك الحين فهمت كيف تسلسلت الرسالات منذ بدء الخليقة وأن الناس على مدى التاريخ كانوا صفين: إما مؤمن، وإما كافر. لقد أجاب القرآن على كل تساؤلاتي وبذلك شعرت بالسعادة سعادة العثور على الحقيقة.
وبعد قراءة القرآن الكريم كله خلال عام كامل، بدأت أطبق الأفكار التي قرأتها فيه فشعرت في ذلك الوقت أنني المسلم الوحيد في العالم ثم فكرت كيف أكون مسلمًا حقيقيًا؟ فاتجهت إلى مسجد لندن وأشهرت إسلامي، وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله حين ذاك أيقنت أن الإسلام الذي اعتنقته رسالة ثقيلة وليس عملا سهلا ينتهي بالنطق بالشهادتين لقد ولدت من جديد ! وعرفت إلى أين أسير إخواني من عباد الله المسلمين. ولم أقابل أحدًا منهم قبل ولو قابلت مسلمًا يحاول أن يدعوني للإسلام لرفضت دعوته بسبب أحوال المسلمين المزرية وما تشوهه أجهزة إعلامنا في الغرب، بل حتى أجهزة الإعلام الإسلامية كثيرًا ما تشوه الحقائق الإسلامية كثيرًا ما تقف وتؤيد افتراءات أعداء الإسلام العاجزين عن إصلاح شعوبهم التي تدمرها الآن الأمراض الأخلاقية والاجتماعية وغيرها !!
لقد اتجهت للإسلام من أفضل مصادره وهو القرآن الكريم، ثم بدأت أدرس سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أنه بسلوكه وسنته علم المسلمين الإسلام، فأدركت الثروة الهائلة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته؛ لقد نسيت الموسيقى، وسأل إخواني: هل أستمر؟ فنصحوني بالتوقف؛ فالموسيقى تشغل عن ذكر الله، وهذا خطر عظيم.
لقد رأيت شبابًا يهجرون أهلهم، ويعيشون في جو الأغاني والموسيقى، وهذا لا يرضاه الإسلام الذي يحث على بناء الرجال.
هذه قصة المغني البريطاني المشهور، كان ستيفنز (يوسف إسلام) الذي رفض الشهرة والملايين لأنه وجد ما يبحث عنه منذ أمد بعيد؛ ألا وهو الحق والهداية التي هي سبب للسعادة الأبدية دنيا وأخرى، فعوضه الله الإيمان الذي لا يعادله شيء.. نعم والله.. حياة بدون إيمان جحيم لا يطاق.. وعوَّضه أيضًا محبته سبحانه وتعالى له؛ فالله يحب المؤمنين والمتقين والمحسنين؛ عوضه محبة السماء والأرض له.. عوضه الذكر الحسن بين عباده المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها.
مختارات