" ختم المجالس بكفارة المجلس "
" ختم المجالس بكفارة المجلس "
لما كان الإنسان ضعيفا، وكان الشيطان حريصا على إضلاله، والسعي دوما إلى إغوائه، والنيل منه عن طريق اقترافه للسيئات فكان منه أن تربص للمسلمين في مجالسهم، وأنديتهم محرضا لهم على قول الزور والباطل. ولما كان الله رؤوفا بعباده شرع لهم على لسان نبيهم كلمات يقولونها، تكفر عنهم ما علق بهم من أدران ذلك المجلس، ثم امتن عليهم ربهم بأن جعل هذه الكلمات طابعا لمجلس الخير فالحمد لله أولا وآخرا، وهذه الكلمات جاءت في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس كَثُر فيه لَغطه فقال قبل أن يقوم: سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك، ثم أتوب إليك إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك» (رواه أحمد) وعند الترمذي «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك».
ومن حديث عائشة –رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات فسألته عائشة –رضي الله عنها- عن الكلمات فقال: «إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة له، سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك »(رواه النسائي وأحمد).
أخي القارئ: فإذا كنت مع إخوانك أو في أي اجتماع أو مجلس يجب أن لا تغفل عن هذا الدعاء، فمعلوم أن البلاء والعذاب لا ينزلان إلا بسبب الذنوب، وإن الرحمة والسكينة تنزل بذكر الله وطاعته واتباع رضوانه فالمعاصي والسيئات والذنوب هي مُوجبات العذاب والبلاء في النفس والمال والجسد.
وعن ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه لم يكن يجلس مجلسا كان عنده أحد أو لم يكن إلا قال: " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، اللهم ارزقني من طاعتك ما تحول به بيني وبين معصيتك، وارزقني من خشيتك ما تبلغني به رحمتك وارزقني من اليقين ما تهون به عليّ مصائب الدنيا، وبارك لي في سمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، اللهم اجعل ثأري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني، ولا تجعل الدنيا أكبر همي ولا مبلغ علمي، اللهم لا تسلط عليّ من لا يرحمني " فسئل عنهن ابن عمر –رضي الله عنهما- فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختم بهن مجلسه (صحيح الحاكم في المستدرك وصححه الذهبي ووافقه).
ومنه دعاء أبي مالك الأشجعي –رضي الله عنه- عن أبيه أنه يعلم من أسلم أن يقول: " اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني وارحمني " (صحيح مسلم (2697) في الذكر والدعاء).
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة» (موسوعة الدعاء، حامد أحمد الطاهر).
إذاّ أخي المسلم: كيف يكون ثوابك على ذكر الله ودعائك عند قيامك من المجلس، كل ذلك لتكون على صلة بالله ومراقبا له وليكون الله حاضرا معك لا يغيب عن ذهنك، تراه في كل شيء تقع عليه عينك وفي كل كلمة تسمعها أذنك. ويكون شعارك " الله " أولا وأخيرا وهو معك أينما كنت وعلى أي موضع تكون وفي أي مكان: " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ "، إن ذلك هو السلوك الحسن والمنهج السليم الذي رسمه لك الهادي الأمين، فكن يا أخي ممن طلبتهم العناية وجذبتهم للحضرة العلية، فعاشوا في الدنيا سعداء لقربهم من الله وفي الآخرة من الفائزين برضوان الله ومحبته.
والآن ترى ماذا كان وضع أصحاب القلوب الكبيرة والنفوس العلية والأجسام الطاهرة عند دعوتهم لرب الأرباب وتضرعهم إليه؟ ماذا كانت النتيجة؟.
مختارات