الرد على من يعتبر كلمة سلفي تزكية
السؤال: يدعي بعض الإخوة غير التابعين للمنهج السلفي فيقولون: إن الإنسان المسلم الذي يتبع المنهج السلفي لا يجوز له أن يقول عن نفسه أنه سلفي؛ وذلك لأنه يزكي نفسه، ولا تجوز التزكية؟ الجواب: سامحه الله، نسأله السؤال التالي: - هل أنت مسلم؟ - سيقول: نعم. فنقول: هذه تزكية، ولم أسأله: هل أنت مؤمن؟ لأن هذا يحتاج إلى بحث طويل؛ ولأن الإيمان فيه تفصيل، هل هو الإخلاص، أم هو الاعتقاد بالجنان والإخبار باللسان والعمل بالأركان؟ - لكن إذا سألته: هل أنت مؤمن؟ يمكن أن يقول لي: أنا مؤمن. فأقول: هل أنت من الذين وصفهم الله قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:1-4]... إلى آخره؟ سيقول: نعم. لكن إذا سألته: هل أنت من الذين هم في صلاتهم خاشعون؟ فسيقول: أنا في شك من هذا. فنقول له: إذاً أنت تشك في إيمانك؟ فيقول: أنا لا أشك في عقيدتي. هذه تزكية أكثر من الأولى، هذا رجل لا يفقه ما هي السلفية حتى يقول: إن هذه تزكية، السلفية: هي الإسلام الصحيح، فمن يقول عن نفسه: أنا مسلم، وأنا ديني الإسلام، كالذي يقول اليوم: أنا سلفي، وهذا أمر ضروري جداً بالنسبة للشباب المسلم اليوم، يجب أن يعرف الجو الإسلامي الذي يعيشه ويحياه، وليس الجاهلي؛ لأن الله عز وجل قد بين وفصل في القرآن فقال: وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ * مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم:31-32]. فالله عز وجل حذر عباده المؤمنين أن يكونوا من المشركين، الذين من أوصافهم كما قال: مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم:32]. أنتم اليوم تعلمون أن هناك طائفة من المسلمين اسمهم الشيعة فهم فعلاً وقولاً تفرقوا عن المسلمين، فإذا تركنا هؤلاء جانباً ونظرنا إلى من يسمون بـأهل السنة والجماعة، هؤلاء -أيضاً- تفرقوا شيعاً وأحزاباً، فلا يوجد مسلم اليوم إلا ويعلم أن المذاهب الفقهية من أهل السنة والجماعة هي أربعة: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، ولا شك أن هؤلاء الأئمة الأربعة هم من أئمة السلف، ولكن الذين اتبعوهم منهم من اتبعهم بإحسان، ومنهم من اتبعوهم بإساءة. فالأئمة رحمهم الله أحسنوا إلى المسلمين في بيان الفقه الذي سلطوه من الكتاب والسنة، لكن الأتباع منهم ومنهم؛ لأنهم قد تفرقوا شيعاً وأحزاباً.. الحنفي لا يصلي وراء الشافعي، والشافعي لا يصلي وراء الحنفي... إلخ، لا نخوض في هذا الآن كثيراً، والحُر تكفيه الإشارة، لكن هناك مذاهب في العقيدة منها مذهبان بل ثلاثة، وقلت: مذهبان؛ لأن المذهبين لا يؤثرا على المذهب الثالث وهو المذهب الحق، في العقيدة ستة مذاهب: أهل الحديث، والماتريدية، والأشاعرة، وهذان المذهبان: الماتريدية والأشاعرة، هم الذين يقصدون بكلمة أهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً، لكن بعض إخواننا السلفيين الدعاة منهم يحاولون الآن أن يطلقوا هذا الاسم (أهل السنة والجماعة) على أتباع السلف الصالح، والأزهر -مثلاً- حينما يقولون: أهل السنة والجماعة لا يقصدون إلا الماتريدية والأشاعرة، وهؤلاء يختلفون عن مذهب أهل الحديث ومذهب الفرقة الناجية، يختلفون كل الاختلاف، غير الخوارج والإباضية الموجودة اليوم في عُمان وفي الجزائر وفي المغرب... إلخ. هذه الأحزاب كلها لا يمكن الانتماء إلى شيء منها إلا إلى مذهب واحد، وهي التي تمثل الفرقة الناجية، التي وصفها الرسول عليه السلام بأنها التي تكون على ما كان عليه وأصحابه، فهذا الإنسان الذي أنت تشير إليه، يجب أن يعرف هذه الحقيقة الغيبية التي أخبر الرسول عنها من الاختلاف الذي أشارت إليه الآية الكريمة المذكورة آنفاً، وفصلها الرسول عليه السلام في أحاديثه تفصيلاً، خاصة في حديث الفرق، وهو قوله: (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) هذا مسكين لا يعرف الفرقة الناجية، ولذلك يقول: لا يجوز أن تقول عن نفسك: أنا سلفي؛ لأنك تزكي نفسك! إن لم يقل هو عن نفسه سلفي فهو يقول: أنا مسلم، وقد يقول: أنا مؤمن، وكلاهما تزكية ولا شك، يقول ربنا عز وجل: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ [القلم:35-37]، المسلم يميز نفسه عن الكافر فيقول: ديني الإسلام، فإذا قال: ديني الإسلام، كلمتان مختصرهما: مسلم، فإذا قال: ديني الإسلام، كأنه قال: أنا مسلم، وهل أنت مسلم جغرافي أم أنك حقيقة مسلم؟ لأنه كان في عهد الرسول عليه السلام مسلمون منافقون، يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ويصلون مع المسلمين ويصومون؛ لكنهم لم يؤمنوا بقلوبهم، فإذاً الإسلام إذا لم يقترن مع الإيمان في القلب فلا ينفعه إسلامه إطلاقاً، وهذا معروف في القرآن الكريم، لذلك مثل هذا المسلم الذي ينصح بتلك النصيحة الباطلة، يجب أن يعرف أين يضع قدمه من هذه الفرق الهالكة، التي ليس فيها فرقة ناجية إلا التي تكون على ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام، لذلك حتى نكون مع هؤلاء نقول: الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح، ونسأل الله عز وجل أن يحيينا على ذلك وأن يميتنا عليه.
مختارات