منافع الحديد والبأس الشديد
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنــاتِ وَأَنْـزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَــــابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْـزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد:57/25].
ملخص عام
تناول أستاذنا الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور/ زغلول النجار شرح لفظ نزول الحديد في أبحاثه المنشورة، فإننا نكمل حلقة البحث بما يهدف إلى تقديم آيات النفع بالحديد وتعريف القارئ بوصف القرآن الكريم بالبأس الشديد من الناحية الهندسسية، فالحديد وسبائكه متعدد الخواص ومتعدد الإستخدامات حيث أننا نجد المنافع لبني البشر علي إختلاف ألوانهم وألسنتهم، فنجد أن الحديد وسبائكه يتم تصنيع الإبرة منها حتي الصاروخ مرورا بكافة المعدات والتقنيات والتي كان من أهمها منافع وتقنيات النقل السريع، حيث نجد الطرق والكباري والقناطر والأهوسة من منشآت يدخل في تصنيعها أساسا من الحديد، كما أننا نجد الحديد يدخل مباشرة في الأفران التي يتم بها تصنيع الخبز والطعام ومعدات الطهي بأنواعها المختلفة وهي كلها منافع بلا حدود وتتعدد الإستخدامات حسب نوع السبيكة المصنع منها المنشأ وتتعدد الفوائد طبقا لتقنيات هذا المنشأ وهل هو قطاع خدمي مثل اعمال وصلات لطرق الحديدية والمعدنية والقناطر والكباري وسحارات المياة وأنابيب نقل الغاز والنفط ووسائل النقل المختلفة البرية والبحرية والجوية منها وكذا في أدوات الزراعة والصناعة بأنواعهما المختلفة والتي يتشكل منها شريان الحياة لكافة البشر، وكذا قطاع هندسي مثل تصنيع منشآت وقطاعات إنتاجية ومصانع وورش الإنتاج المختلفة، وقطاع عسكري والذي وصفته الآيات بالبأس الشديد أي النصر المجيد بلا حدود والذي كي يحدث فيجب أن يمتلك الجانب ذو القوة وسائل دفاعية وأخري هجومية مثل المدافع والدبابات والمسدسات فيتم تصنيعها أساسا من الحديد وسبائكه. وهكذا تتعدد المنافع بتعدد السبائك الحديدية وحسب الإستخدام وحتي الأقمار الصناعية والصواريخ والكبسولات الفضائية يتم ويدخل في تصنيعها سبائك مصنعة ويدخل في تقنية تصنيعها الحديد. فتاعلوا بنا ندرس معا الآية الكريمة في سورة الحديد ونلاحظ أن الحديد هي إسم لإحدي سور القرآن الكريم نظرا لأهمية الحديد وسبائكه في حياة البشر.
لقد تناول القرآن الكريم في عدد من الآيات الصريحة ذكر الحديد في خمس مواقع، وأهم ماذكر في آيات القرآن في وصف السبائك الحديدية هي هذه الآية والتي سوف نتناولها الآن في هذا البحث تفصيلا، فالحديد يعتبر من الصناعات الثقيلة والتي يتحتم علي الدولة أن تنميها وأن تشجع عليها، فهي من الصناعات المفيدة وإمتلاكها يعني إمتلاك سبل الدفاع القوية والمناعة الهجومية. ويود الأستاذ الدكتور الباحث أن يشير إلى أن الحديد والإنسان إنما هما من أساس وأصل واحد فكلاهما خلقه الله من تراب وكلاهما يعودان في نهاية مشوار حياتهما إلى تراب، هذا مع الفارق في أن الإنسان أعطاه الله منحة التفكير ورجاحة العقل، بينما أعطي الله سبائك الحديد صفة المتانة والصلادة والممطولية، وكلاهما يتعب ويكل ويكد مع الفارق فلابد أن تكون هناك فترات راحة وفترات صيانة كي يعود النشاط للبشرمرة أخري وتعود الماكينات للعمل بكفاءة، وهكذا تتعدد صور الشبه بين الحديد ولإنسان لدرجة أن كلاهما منه الغالي والنفيس ومنه الضعيف والرخيص، فهذه إحدي معجزات الله في خلقه ولنا في موضوع التشابه عودة في بخحث آخر إن شاء الله تعالى ونكتفي بهذا القدر في هذا الموضع. ونعود فنقول أن السبائك الحديدية تنقسم إلى أنواع كثيرة بحسب نسب عناصر السبيكة ومكوناتها الكيميائية من ناحية وبحسب درجاتها الفلزية وخواصها الميكانيكية وتلك الحرارية ومن ثم تتعدد فوائد ومنافع الحديد وتتعدد إستخداماته وإستعمالانه دون حدود وهي سبائك تبدأ من سبائك الحديد الزهر وتصل إلى سبائك الصلب الفولاذية المتينة ذات المناعة ضد حدوث الكسور والإنهيار.
ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن الحديد كالماء بدونه يموت الإنسان وينقرض ويموت ويعتل، بل أنه لزلا الحديد لما امتلك الإنسان التقنيات ولأصبح طعاما سهلا للوحوش ولأضحي من الضعف والهوان بحيث أن التاريخ يسجل الآن صعود الإنسان إلى الفضاء الكوني وغوصه في أغوار أعماق البحار والمحيطات نتيجة امتلاكه للحديد والفولاذ والذي طوعه فأطاعه تشكيلا وأوصله لحاما مستجيبا، وخلط سبائكه مع سبائك النحاس فأعطت سبيكة منيعة في خواصها معمرة في عمرها، وهكذا فقد استطاع الإنسان أن يحوز الدنيا وأن يمتلك سبل الدفاع والمبادرة بامتلاكه مصانع إنتاج الحديد والصلب وهي من الصناعات الثقيلة التي لا تخلو أمة قوبة كانت أم ضعيفة، متقدمة كانت أم متخلفة بامتلاك سبل تصنيع الحديد والصلب فإنها صناعة إستراتيجية تدخل في كافة الاستخدامات الآدمية من وساسل النقل مرورا بتقنيات البحث والتنقيب وكافة مناحي ومتطلبات الحياة، وباختصار شديد لولا اكتشاف الإنسان للحديد لما استطاع أن بحيا ويعمر الأرض. والله سبحانه وتعالى أعلم.
أولا: المقاصد والمعاني الدينية للآية الكريمة
يقول ابن كثير رضي الله عنه وأرضاه في كتابه عن تفسير القرآن بأن الله تَعَالَى يقول " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ " أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْحِجَج الْبَاهِرَات وَالدَّلَائِل الْقَاطِعَات " وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَاب " وَهُوَ النَّقْل الصِّدْق " وَالْمِيزَان " وَهُوَ الْعَدْل قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا وَهُوَ الْحَقّ الَّذِي تَشْهَد بِهِ الْعُقُول الصَّحِيحَة الْمُسْتَقِيمَة الْمُخَالِفَة لِلْآرَاءِ السَّقِيمَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبّه وَيَتْلُوهُ شَاهِد مِنْهُ " وَقَالَ تَعَالَى " فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا " وَقَالَ تَعَالَى " وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَان " وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة " لِيَقُومَ النَّاس بِالْقِسْطِ " أَيْ بِالْحَقِّ وَالْعَدْل وَهُوَ اِتِّبَاع الرُّسُل فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ وَطَاعَتهمْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ فَإِنَّ الَّذِي جَاءُوا بِهِ هُوَ الْحَقّ الَّذِي لَيْسَ وَرَاءَهُ حَقّ كَمَا قَالَ " وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك صِدْقًا وَعَدْلًا " أَيْ صِدْقًا فِي الْإِخْبَار وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِر وَالنَّوَاهِي وَلِهَذَا يَقُول الْمُؤْمِنُونَ إِذَا تَبَوَّءُوا غُرَف الْجَنَّات وَالْمَنَازِل الْعَالِيَات وَالسُّرَر الْمَصْفُوفَات " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه لَقَدْ جَاءَتْ رُسُل رَبّنَا بِالْحَقِّ " وَقَوْله تَعَالَى " وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد " أَيْ وَجَعَلْنَا الْحَدِيد رَادِعًا لِمَنْ أَبَى الْحَقّ وَعَانَدَهُ بَعْد قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة بَعْد النُّبُوَّة ثَلَاث عَشْرَة سَنَة تُوحَى إِلَيْهِ السُّوَر الْمَكِّيَّة وَكُلّهَا جِدَال مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيَان وَإِيضَاح لِلتَّوْحِيدِ وَبَيِّنَات وَدَلَالَات فَلَمَّا قَامَتْ الْحُجَّة عَلَى مَنْ خَالَفَ شَرْع اللَّه الْهِجْرَة وَأَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ بِالسُّيُوفِ وَضَرْب الرِّقَاب وَالْهَام لِمَنْ خَالَفَ الْقُرْآن وَكَذَّبَ بِهِ وَعَانَدَهُ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَابِت بْن ثَوْبَان عَنْ حَسَّان بْن عَطِيَّة عَنْ أَبِي الْمُنِيب الْجُرَشِيّ الشَّامِيّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة حَتَّى يُعْبَد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْت ظِلّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّة وَالصَّغَار عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فِيهِ بَأْس شَدِيد " يَعْنِي السِّلَاح كَالسُّيُوفِ وَالْحِرَاب وَالسِّنَان وَالنِّصَال وَالدُّرُوع وَنَحْوهَا " وَمَنَافِع لِلنَّاسِ " أَيْ فِي مَعَايِشهمْ كَالسِّكَّةِ وَالْفَأْس وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَار وَالْأَزْمِيل وَالْمِجْرَفَة وَالْآلَات الَّتِي يُسْتَعَان بِهَا فِي الْحِرَاثَة وَالْحِيَاكَة وَالطَّبْخ وَالْخُبْز وَمَا لَا قِوَام لِلنَّاسِ بِدُونِهِ وَغَيْر ذَلِكَ. قَالَ عِلْبَاء بْن أَحْمَد عَنْ عِكْرِمَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَالَ: ثَلَاثَة أَشْيَاء نَزَلَتْ مَعَ آدَم السِّنْدَان وَالْكَلْبَتَانِ وَالْمِيقَعَة يَعْنِي الْمِطْرَقَة. رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم وَقَوْله تَعَالَى " وَلِيَعْلَم اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ وَرُسُله بِالْغَيْبِ " أَيْ مِنْ نِيَّته فِي حَمْل السِّلَاح نُصْرَة اللَّه وَرَسُوله " إِنَّ اللَّه قَوِيّ عَزِيز " أَيْ هُوَ قَوِيّ عَزِيز يَنْصُر مَنْ نَصَرَهُ مِنْ غَيْر اِحْتِيَاج مِنْهُ إِلَى النَّاس وَإِنَّمَا شَرَعَ الْجِهَاد لِيَبْلُوَ بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ.
ثانيا: تاريخ استخدام الحديد
ثانيا: تاريخ استخدام الحديد طبقا لما جاء بالمراجع [1-3] أن استخدام الحديد يعود إلي آلف السنين منذ خلق آدم عليه السلام وإعماره الأرض حيث كانوا يستعملون الحديد في أعمال الصيد ونحت منازل الإيواء في جنبات الكهوف وفي أغوار بطون الجبال وعمل وسائل الدفاع والهجوم من حراب ونبل وسهام أي منذ أقاصي التاريخ ومنذ أن خلق الله الإنسان وجعل عمارة الأرض وزراعتها وتربية وصيد الحيوانات فهي جميعها كانت بدائية في بداية عهد الخلق وخلافة الإنسان للأرض، حيث نجد الإنسان وقد قام بتصنيع رؤوس الحراب والسكاكين وكذا تصنيع معدات تشكيل وتقطيع الصخور، وهي جميعها أدوات كانت ضرورية لحياة الإنسان والدفاع عن تواصل وجوده فالبقاء للأصلح هي عقيدة الفناء واستحلال القتل واستباحة الأعراض فهي كلها مسائل يتم فيها استخدام أدوات من الحديد والتي يمكن للإنسان أن يدرأ عن نفسه تبعات هذا الهجوم بالدفاع عن نفسه وعن وطنه وعن عرضه وحتي أن أهله باستخدام الأسلحة التي يتم تصنيعها من الحديد، فالشكل رقم 1 يوضح بعض الأدوات البدائية التي تم تصنيعها من الحديد وأستخدمها الإنسان منذ قديم الأزل، حيث وجدت في بعض الحفائر بإحدى القرى القديمة بعض هذه المعدات والتي استخدمها الإنسان في بداية خلافته علي الأرض وهي عبارة عن مجموعة من الأزاميل ورؤوس الرماح والسكاكين والخناجر والمطارق ورؤوس الفؤوس ومناجل الزراعة بما يجعل وصف المنافع والبأس الشديد في آيات القرآن الكريم حقا وصدقا. فعلي النحو المبين بالشكل 2 والمرجعين [4،5] يمكننا أن نري بوضوح وتيقن معني الممطولية والتي أعطت الحديد ميزة التعدد في الاستخدام القديمة منها والحديثة لسبائك الحديد، وتعدد المنافع بين المعدات البدائية إلى أن نصل إلى المعدات الثقيلة الحديثة، حكمة الله في خلقه سبحانه وتعالى.
ثالثا: المعني التقني والهندسي بالحديد ذي البأس الشديد
البأس يعني القوة والمتانة من ناحية الخواص التي تتحلي بها سبائك الحديد من ناحية، ولذلك فإن كافة المنشآت الهندسية والتي يتم تصميمها لمقاومة الزلازل عادة ما يتم تطبيق سبائك الحديد فيها نظرا لما تتمتع به هذه السبائك من مقدرة فائقة علي مقاومة الشروخ الإنهيارية والتي تصاحب الموجة الزلزالية، كما وأن المعروف هندسيا أنه في حالة التحميل الزائد عن حد الخضوع لهذه السبائك يجعلها تعطي إنذارا قبل حدوث الكسر اللدن “Plastic flow”، ومن ثم فإن هذه السبائك تتمتع بمقدرة كبيرة علي مقاومة الأحمال الفجائية عند درجات حرارة الجو العادية، أما في حالة الجو البارد فقد تتحول جزيئات السبيكة فاقدة ممطوليتها “Ductility” وجساءتها “Toughness” وتتحول إلى الهاشية“Brittkemess”، وحتى يحدث الكسر هشيا فإننا نسمع قبل انتشار الهاشية في المنشأ إلى صوت يشبه الانفجار”Bang” ثم تنفصل المادة بعده الي أكثر من شطر محدثة كسرا حبيبيا في مقطع الكسر، بينما في حالة الكسر المرن فإن الممطولية والزيادة في الطول ونقص مساحة المقطع كما في الشكل 2 تؤدي كله مجتمعا إلى حدوث المرونة “Elasticity” بما يجعل المادة تتحمل مزيدا من الأحمال المتكررة نتيجة حدوث ظاهرة لا نراها سوي في سبائك الحديد وعرفها العلماء بظاهرة الجهد الإنفعالي للتصلد “Strain hardening” وهي ظاهرة إن حدثت تؤدي إلى زيادة صلادة المعدن وتقلل مقاومة سطحه لحدوث الخدش” Hardness notch toughness ".
وهكذا فإن السبائك الحديدية “Ferrous Alloys” تنفرد بمجموعة من الخواص الفريدة والتي تجعل منها مادة مستدامة “Recycling”، إلا أن المواد والمنشآت المصنعة من سبائك الحديد تصدأ “Rust Corrosion”ويتحول الحديد إلى بثور وقشور لا تشبع ولا تسمن من جوع، وتتحول المادة إلى تراب من أكاسيد الحديد “Ferrous Oxides”، فإذا حدث الصدأ “Corrosion”وهو آفة من آفات هذا العصر نتيجة زيادة معدلات التآكل وإنهيار المنشآت نتيجة النقص في مساحة المقطع المقاوم للأحمال، فإن ظاهرة زيادة حرارة المناخ”Global Warming” وحدوث التغيرات في حالة الجو”Weather Changes” تؤدي جميعها إلى زيادة معدلات التآكل والنحر مما يؤدي إلى حدوث كسور فجائية”Collapse failures” في المنشآت التي يتم تصنيعها من سبائك الحديد، وكان نتيجة حدوث ظاهرة التغير المناخي والصرف الصحي المباشر دون معالجة أن أدت هذه العوامل إلى حدوث ظاهرة الصدأ في المنشآت المصنعة من الصلب الغير قابل للصدأ “Stainless steels” حيث تم إكتشاف ظاهرة الصدأ في هذه العائلة المكلفة والباهظة الثمن يحدث من داخل جزيئات المادة “Intrinsic”ويسرع بحدوث إنفصال الجزيئات الداخلية “Grain Boundary Separation”للمادة وليس كما يحدث في أنواع الصلب العادية حيث يبدأ بتكوين نواة للصدأ علي السطح “Surface Corrosion Nuclei”يمكن إبصارها بالعين المجردة ثم يحدث إختراق لجزيئات المادة محدثتا إنتشار الصدأ، ويؤدي هذا حال حدوثه إلى ضعف مقاومة المادة للأحمال ومن ثم حدوث الكسر الإنهياري الفجائي في المنشأ حتي ولو تم تصنيعه من مواد الدوبليكس “Duplex Steels”وهي سبيكة تقاوم كافة أنواع الصدأ إلا الصدأ الإختزالي والذي ينجم نتيجة البكتريا “Bacterium Corrosion”والتي تتكاثر حول مناطق الصرف الصحي غير المعالج “ Non-treated Waste water Drainage”.
رابعا: في مسألة تعدد المنافع من إستخدام السبائك الحديدية
لولا توصل الإنسان إلى السبائك الحديدية والتي مكنته من أن يعدد المنافع بتعدد أنواع السبائك الحديدية والتي يربو عدد عائلاتها عن مائة وخمسين نوعا من الأنواع الأساسية والتي يتفرع عن كل منها أنواعا فرعية لا يمكن حصرها حيث أنها تختلف بإختلاف طريقة المعالجة الحرارية بعد أعمال الدرفلة وإضافة عناصر كيميائية جعلت من تلك السبائك سبائك يمكن توافرها ووصل ألواحها ومقاطعها بطرق سهلة ودون المساس بمتانتها، فمن أهم ماأكتشفه الإنسان شيئان حولا مسار البشرية جمعاء، هما الحديد الصلب والفولاذ وإكتشاف البخار، فهما يعتبران بحق من أهم الإكتشافات والتي أدت إلى طفرة في كافة المجالات فالأول أدي إلى الثاني وكانت النتيجة هي التوصل إلى القاطرات والسكك الحديدية والتي قصرت المسافات وقطعت الأزمنة وأسرعت في نقل البضائع والأفراد من الأقاصي إلى الأقاصي ونقلت المؤن وساعدت علي تسهيل سبل الحياة وساهمت في نقل البشر من عصر الجهل إلى عصر النور ومن عصر الكسل والفتور إلى عصر الضياء والنور، مما أتاح للإنسان أن يتقدم في سلم الرقي بوثبات ودرجات وأرتقي بعض البشر سلم العلم وأمتلك التقنيات بينما تخلف البعض عن الركب فأصبح هائما لا يدري من شئون حياته سوب اللمم والنفاق، فأتسعت دائرة الفجوة والهوة تزيد إتساعا بين الأغنياء والفقراء، وهكذا فإن الإنسان قد إستطاع أن يستفيد نعمة الوقت وأن يقيم مايسمي بالحديث من الحضارات، وتوصل الإنسان إلى تصنيع السيارات فدانت له الدنيا وقربت المسافات، ثم عبد الإنسان طرقا خرقت الجبال ومهدت الطرق سبلا وسهلت النقل في سويعات، فلقد صنع الإنسان من سبائك الحديد معدات وتقنيات ساعدته علي تطوير حياته وتعدد المنافع والإستخدامات فمن أنواع المنافع التي شهدها هذا العصر نلخصه فيما يلي من أهم أنواع التطبيقات لسبائك الحديد [6 وحتي 21]:
1- وسائل النقل من قطارات وسكك حديدية مرورا بالبواخر والسفن البحرية والسيارات ثم الطائرات بأنواعها مجموعة
2- وسائل الطرق مثل الروافع والأوناش وعمل القناطر والكباري وشبكات المواصلات وتعبيدالطرقات والأهوسةوالسدود مجموعة
3- وسائل المعيشة مثل أفران الطعام ومعدات الطهي والغسالات مجموعة
4- وسائل التسليح والدفاع والهجوم من مدافع ودبابات مرورا بالقنابل والصواريخ والألغام والطوربيدات
5- وسائل الملاحة ومعدات التوجيه ووسائل الإتصالات والحواسب والتلفاز والأقمار الصتاعية
6- وسائل الأبنية والمعابر والأنفاق وناطحات السحاب
7- وسائل الزراعة وكافة الصناعات وأعمال التنقيب عن الغاز والنفط مثل المنشآت البعيدة عن الشاطئ وتلك التي علي الأرض وصناعة البتروكيمياويات والصناعات المتفرعة عنها وسوف نوجز في جملة الأشكال الآتية أهم ما توصل إليه إنسان الحاضر من منافع الحديد والله سبحانه وتعالى أعلم
وتتعدد الفوائد وتعم الخيرات بأعتي التطبيقات وأفضل الإستخدامات لسبائك الحديد بعمل الكباري والمناطق وشبكات الطرق والوصلات المعدنية والتي تعتبر بحق مقياسا لتقدم الأمة ومعيارا لكفاءة شعبها ونتيجة جهد علماءها، فهاهي التطبيقات نجدها منذ مئات السنوات في قنطرة تعتبر آية من الآيات في القدم وإحدي التحديات الهندسية العملاقة نتيجة قدم بناؤها من ناحية ونتيجة الحفاظ عليها فهي مازالت تعمل في الخدمة منذ منتصف القرون الوسطي وحتي الآن وتربط بين ضفتي نهر التيمز بلندن وتسمي بقنطرة البرج “Tower Bridge”، كما نجد برج أيفل في باريس يقف متحديا شامخا حتي الآن علي الرغم من مضي حوالي قرنين من الزمان، ليعلن عن إحدي عجائب العصر والأوان، وليس فقط يعتبر هذا الأثران مزارات سياحية بقدر ماتجني الدولتين العظميين من ثمار السياحة وخيرات المزارات، كما وأنهما آيتان في العلم والهندسة وعالم التقنيات.
الخلاصة تتجلي كلمات الله الخالدة في الفرقان حاملة في طياتها كنوز العلم والبيان، فهذه آية واحدة من عدد 6236 آية من آيات القرآن حملت معان كثيرة وتجلت لها السموات وحفظها الله من التغيير ومن عبث العابثين، بحيث أنك إذا كنت مهندسا فستجد في الآسية رقم (25) من سورة الحديد إعجازا هندسيا، وإذا كنت فلكيا فستجد الإعجاز فلكيا، وإذا كنت كيميائيا فستقرأ آيات الإعجاز الكيميائية زهكذا سلسلة لا تنتهي من التخصصات التشريعية والتقنية والهتدسية والعلمية، وهكذا فإن تداخل الفوائد والمنافع مع إخضاع القوي لإرادة العبد الضعيف نراها الآن تتجلي في حدوث مايسمي بالعدوان نتيجة ترسانات الأسلحة ومانشاهده الآن من أدوات النيران وهي كلها من تفكير الشيطان والذي يوحي بها إلى البشر أن أقتلوا وتقاتلوا وهو يقف من وراء الكواليس يشاهد البشر في فرقة ويضحك من أمرهم نتيجة ميل الإنسان إلى العدوانية واستحلاله للحرام وقتل الأبرياء وسحلهم، فهاهي مظاهر أشراط الساعة تقترب منا لتبرير أعمال لا يقدر علي صنعها سوي شباطين الإنس دون البشر الآمنين المسالمين، لدرجة أن أحد الدول الأوروبية منعت المآذن بحجة أنها تمثل أشكالا تشبه الصواريخ!!! وبمقولة أن الإسلام دين يجب تحجيمه وتجفيفه من المنابع حتي لا يكون للمسلمون قائمة، فهم الآن في شتات الدنيا حسرات، ولا يجتمعون سوي علي كلمة الفرقة وتركوا الغاصب ينعم بإمتصاص دم الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة إلا من رب العباد. ونتسائل ثم ماذا؟ فالمسلمون قد أضحوا اليوم يفكرون بأقدامهم وتركنا الفكر العقلي وأعملنا بدلا منه فكر التهويس لدرجة باعدت بيننا وبين التافكير الهادئ الرصين، وكانت النتيجة أننالا في ضعف وفي هوان، ولن تكون لنا قائمة إلا بذكر الله وتقديم الحمد لله، فالأولي تأتي بفهم المقاصد من الآيات والتنبيه عما حوته الكلمات ثم العمل في طريق الخير بإمتلاك سبل البأس الشديد، والبعد عن منهاج الضعف وكلمات الشجب والتي لا تؤدي في نهاية الأمر سوي إلى ا؟لإحباط ومن ثم الهزيمة، حيث سنكةون من الضعف والهوان فريسة لمن تسول له نفسه إصطياد المسلمين، وسحلهم وإهدار كرامتهم، والعبث بمقدرات حياتهم حتي يرجعوا عن دينهم الحق في بهتان ظاهر وإفك ومعصية الخالق في فسوق ومجون بلا حدود، إنها علامات النهاية. لذلك فينبغي علي المسلمين أن يتحلوا بالصبر وأن يستعينوا بالصلاة ويكثرا من الإستغفار، فهي أدوات النجاة والطوق الواقي ضد الغرق في أمور الدنيا، وحقا وصدقا قوله تعالي " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ – [آل عمران: 3/110] ".
إلا أن الله القادر سوف ينشر دينه ولو كره الكافرون وسيتم نوره طبقا لقوله تعالى: " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة: 9/32] "، والتي أكدها في قوله تعالى: " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف: 61/8] "، بمعني أنه سيأتي وقت وزمن سوف يدخل البشر فيه في دين الله أفواجا مهما حاول الكافرون طمس هوية المسلمين ومهما حاربوهم وأتهموا دينهم بأنه دين يحض علي الإرهاب اللعين وأن رسوله محمدى صلي الله عليه وعلي آله وصحبه الكرام البررة وسلم عليه سلاما بتسليم لم يأتي سوي بما يسئ للبشرية، ألا لعنة الله علي القوم الفاسقين الذين تصفهن آيات الله بأنهم قوم كاذبين وقوم فسق ومجون فإنهم يقولون مالا يفعلون كقوله تعالى " الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر: 40/35] " والذي أكده تعالى في قوله: " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف: 61/3] ".
مختارات