تدبــــر - المجموعة السادسة عشر
آية
الا يكفي تحذير الله لنا {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11] أبعد هذا التحذير الإلهي الشديد يروج للبعض أن يقع في عرض أم المؤمنين وزوج الرسول الأمين ويتحدث عنها بما نهي الله أن يتحدث به عن عامة الناس
آية
{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } [يونس: 101]. كل إنسان.. وكل حيوان.. كل طائر.. كل زاحفة.. كل حشرة.. كل دودة.. كل نبتة.. كل شجرة.. لا بل كل جناح في يرقة.. وكل ورقة في زهرة.. كل واحدة من تلك آية في خلقها.. وآية في شكلها.. وآية في منافعها. غير أنه لا يدرك هذه العجائب، ولا يستمتع بالجولة في هذا المعرض الهائل إلا القلب العامر بالإيمان واليقين: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ }... [الذاريات: 20].
آية
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }... [الذاريات: 21]. مثل هذا المعرض العظيم الواسع المفتوح مكنون فينا نحن البشر، الذي انطوى فيه أسرار الوجود كله لمن يريد أن يبصر ويستبصر.. ولمن يريد أن يستيقن.. ولمن يريد أن يملأ حياته بالمتعة والسرور.. ويروي قلبه بالإيمان واليقين.. ويرى إبداع الحكيم العليم في الخلق والتصوير.. والتصريف والتدبير: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى } [النازعات: 26].
آية
هى طاعة لكنها غير كل الطاعات إنما عهدنا الطاعات مقربات من الله موجبات لرحمته لكن هذه الطاعة تختلف عن عهدنا بالطاعات إنها طاعة مآلها الكفر ومصير فاعليها مصير أليم إنها الطاعة المذكورة في قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين} إنها طاعة أهل الكتاب تلك الطاعة عاقبتها كفر بالله فاعتبروا يا أولي الأبصار وانتبهوا يا أولي الألباب.
آية
تأثرت جدًا بقول الله -عز وجل- {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170]. تأملت في هذه الآية فوجدت فيها الكثير والكثير. تأمل! الفرح والسرور والرضا بما أعطاهم الله من ثواب عظيم ومكان عالٍ وأجر كبير وكل ذلك من فضله سبحانه وتعالى. لقد عمتهم وغمرتهم السعادة حين من الله وأنعم عليهم، فأعطاهم من عظيم جوده وواسع كرمه من النعيم والرضا به أعينهم، وكل ذلك من فضل الله سبحانه وتعالى. تأمل! فرحين بإخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء؛ ليفوزوا كما فازوا لِعِلْمِهم أنهم سينالون من الخير الذي نالوه، إذا استشهدوا في سبيل الله مخلصين له، وأن لا خوف عليهم فيما يستقبلون من أمور الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
آية
بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إفى الله عز وجل. فتأمل معي كيف يقر المؤمنون بضمير الجمع بالعبودية لله عز وجل فالكل عابد لله ومقر له باستحقاق العبودية، ومعترف له بالوحدانية والإلهية، وكما يعترفون له بالعبودية يعترفون له بأخص شيء في العبودية وهي الاستعانة به سبحانه وتعالى اللهم إياك نعبد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
آية
من نعم الله عز وجل علينا أن علمنا أن ندعوه وجعل لنا الدعاء عبادة عظيمة ففي مفتتح كتابه الكريم قال الله -عز وجل-:{إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة:4-5] ليشير لك أخي أنك إذا أردت أن تثبت على عبادة الله والاستعانة بالله فداوم على هذا الدعاء حتى تسير إلى الله بمراد الله لا بمرادك فكن كما أراد الله وتدبر هاتين الآيتين في كل صلاة واطلب من ربك الهداية والتوفيق حتى تصل في نهاية المطاف إلى ربك وأنت على هداية منه ورشاد فهذا هو الفوز العظيم أن تكون من الفائزين بالنجاة من أهوال يوم الدين وتنل رضا رب العلمين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
آية
الحياة الحقيقية تكمن في هذا القرآن فإذا عاش المرء منا مع القرآن وتدبر آياته وتغلغت في جنباته عاش حياة سعيدة حياة حقيقية لأن القرآن هو قوت القلوب الذي أنزله علام الغيوب أنزله ليكون كتاب الهداية والسعادة للناس أجمعين فما عليك أخي الحبيب إلا أن تقرأ وتتفكرفيحصل لك التدبر في كتاب الله وترقى في مراقي الحياة الحقيقية ألا وهي الحياة مع كتاب الله فجرب وسوف تجد الحياة الحقيقية.
آية
بحثت كثيرًا عن السعادة فوجدتها تكمن في الإيمان والعمل الصالح،قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:97]، ووجدت الذنوب هي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]
آية
يسأل كثير من المسلمين ما هو طريق النجاة وكان لا ينبغي أن يسألوا هذا السؤال ولكنها الغربة فنحن في غربة عن الطريق في تيه لم نخرج منه بعد ولكن إذا أردت الخروج من هذا التيه فلابد أن يكون معك الخريطة الصحيحة، والخريطة موجودة فيالقرآن فإن فيه النجاة لأهل الإيمان وفيه الهداية لأهل التقوى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وقوله:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16] فعليك بالقرآن ولا تحد عنه قيد أنملة وتدبره فإن تدبر القرآن سر الإيمان بل إن تدبر القرآن هو مفتاح الإيمان.
آية
تعلم ان من رحمة الله بنا أن علمنا كيف نثني عليه ولولا ذلك ما استطاع أحد أن يأتي بالثناء الكافي على الله -عز وجل- مع العلم أنه لا يستطيع أحد أن يحصي الثناء على الله -عز وجل- لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولكن من رحمة الله بنا أن علمنا كيف نثني عليه -سبحانه- وذلك في فاتحة كتابه في قوله:{الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة:2] فلو أراد أحد أن يأتي بثناء أفضل منه لن يستطيع!! أتعلم لماذا؟ لأن الله -عز وجل هو الذي أثنى على نفسه بهذا الثناء وأمرنا نثني عليه بهذا الثناء، فهو أعلم به منا سبحانه وتعالى، والحمد لله رب العالمين…
آية
انتفعت اليوم بقول الله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) فقد جعلت الآية الدائنين قسمين: قسم يُنْظِرُ المعسر ويصبر عليه وقسم يعفو عنه ويسقط عنه الدين فبحثت عن القسم الأول فوجدت له أهلا ينظرون المعسر ويقيلون عثرته وينتظرون نزول الميسرة به ولكنهم فيما رأيت قليلون وأما القسم الثاني الذي وصل أهله إلى قمة عالية من الخلق الرفيع فعنه أبحث: أناس تكون لهم أموال فيعلمون أن المدين معسر فيسقطون الدين عنه ويتصدقون به عليه
آية
من فنون النقاش..إذا رأيت النقاش حول نقطة لا حسم فيها فانقله سريعا نحو أمر مثمر وتأمل كيف أن فتية أهل الكهف لما استيقظوا من رقدتهم{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}[الكهف:19]فسرعان ما تركوا هذه القضية التي لن تحسم و{ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}[الكهف:19].ينظر تفسير الشعراوي
آية
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[الصافات: 103 - 105]. بعد أن رضي كل من سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل وسلما أمرهما لله تعالى وامتثلا للأمر بالقضاء، رفع الله برحمته هذا القضاء؛ لذلك يصف الحق تبارك وتعالى هذا البلاء وتكرمه بالفداء فيقول:{إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: 106 - 107].
آية
أنزلنآ إليكم كتابا فيه ذكركم}[الأنبياء:10] يعني:فيه شرفكم. قد يقال: كيف يكون القرآن شرفا للعرب، وقد أبان عجزهم؟ نقول: كونهم مغلوبين للحق شهادة بأنهم أقوياء، فالقرآن أعجز العرب وهم أمة فصاحة، والحق-سبحانه وتعالى- حين يتحدى لا يتحدى الضعيف، إنما يتحدى القوي، ومن الفخر أن تقول: غلبت البطل الفلاني، لكن أي فخر في أن تقول: غلبت أي إنسان عادي؟.[انظر تفسير الشعراوي]
آية
تأمل حوار الرجل صاحب الجنتين مع صاحبه في سورة الكهف وانظر كيف أن الله لما دمر له جنته صاح الرجل:{يا ليتني لم أشرك بربي أحدا}[الكهف:42]فمن الذي أشرك به هذا المسكين؟ مع أنه كان يقول:{ولئن رددت إلى ربي}..إنها نفسه وماله وجاهه هذه هي الأوثان التي عبدها من دون الله على الحقيقة..فلنحذر من هذا الشرك.[مستفاد من التفسير الموضوعي للغزالي]
آية
الانتصار على النفس من أعظم وسائل الانتصار على الغير، ومن هزمته نفسه لا يرجى له الانتصار على عدوه، فكيف تنتصر على العدو وأنت لا تستطيع أن تنتصر على نفسك. و تأمل قبل أن ينهزم اليهود أمام الصحابة وأمام الرسول_صلى الله عليه وسلم_ ماذا حدث {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعب يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }[الحشر:2] ا.د/ناصر العمر
آية
قد يقرأ البعض سورة الكهف وما دار بين موسى والخَضِر من أحداث فيقع في قلبه أن الخضر أفضل من موسى ولكن ” لا يظنن أحدا أن المزية التي ظهرت للخضر تقدمه على موسى،فإن المزية لا تقتضي الأفضلية، ومكانة الرجل تجيء من مواهب كثيرة تلتقي في شخصه، لا من موهبه واحدة يكون فيها مبرّزا، على حين يكون عاديا في بقية صفاته. قد يكون المريض في فراشه أحدّ بصرا من عُوّاده،فهل يفضلهم بهذه المزية؟”.التفسير الموضوعي للغزالي237
آية
يتقِ الله فيقف عند حدوده فلا يقربها ولا يتعداها، يجعل الله له مخرجاً من الحرام إلى الحلال، ومن الضيق إلى السعة، ومن النار إلى الجنة. فإن الله قد قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}[الطلاق:2]. من يتق الله في اختيار زوجته وفي التعامل معها يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم ومن شقائه بشقائهم فإن الله قد قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}[الطلاق:2]. من كتاب آيات التقوى في القرآن – د. حسين علي الجبوري/ ص14-
آية
اجد القاده كان له معارضا يسبه ويشتمه ففوجئ الجميع بأنه يوليه منصبا مرموقا..فلما رُوجع في ذلك قال:أريده أن يعرف حلاوة المنصب والرفعة والمكانة السامية حتى يتألم حين أسلبها منه..وهكذا يعامل الله الظلمة..يمهلهم حتى يعلوا ويرتفعوا ليكون بعد ذلك سقوطهم مؤلما وحرمانهم مما كانوا فيه شديدا{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم}[الأنعام:44].
آية
اذا جاءت النعمة من الكريم سبحانه حضر الحياء في قلوب المؤمنين،يرون عظم النعم وقلة العمل، يرون تقصيرهم في حق المنعم سبحانه، فلا يبقى إلا الحياء منه والاستغفار. ولقد نبهمنا الله إلى هذا المعنى لعلمه بنا حين ذكر الله نعمه على نبيه في قوله{إذا جاء نصر الله والفتح *ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا}،ثم قال له بعدها {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فلا يبقى مع عظيم منِّه إلا التقديس له والاستغفار عساه يعفو ويرضى!