سورة القمر
اتباع الهوى؟
﴿ وَكَذَّبُوا۟ وَٱتَّبَعُوٓا۟ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٣﴾ ]
أي يستقر بكل عامل عمله؛ فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار. القرطبي:20/75.
﴿ وَكَذَّبُوا۟ وَٱتَّبَعُوٓا۟ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٣﴾ ]
قال القشيري: إذا حصل اتباع الهوى فمن شؤمه يحصل التكذيب؛ لأن الله سبحانه وتعالى يلبس على قلب صاحبه حتى لا يستبصر الرشد، واتباع الرضى مقرون بالتصديق؛ لأن الله تعالى ببركات الاتباع للحق يفتح عين البصيرة فيأتي بالتصديق. البقاعي:19/97.
﴿ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١﴾ ]
يعني تعالى ذكره بقوله: (اقتربت الساعة): دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة، وقوله: (اقتربت): افتعلت؛ من القرب، وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنو القيامة، وقرب فناء الدنيا، وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم، وهم عنها في غفلة ساهون. الطبري:22/ 565.
﴿ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١﴾ ]
جعلت تلك المعجزة وسيلة للتذكير باقتراب الساعة على طريقة الإِدماج؛ بمناسبة أن القمر كائن من الكائنات السماوية ذات النظام المساير لنظام الجو الأرضي، فلما حدث تغير في نظامه لم يكن مألوفاً ناسب تنبيه الناس للاعتبار بإمكان اضمحلال هذا العالم، وكان فعل الماضي مستعملاً في حقيقته. ابن عاشور:27/ 168.
﴿ فَٱسْجُدُوا۟ لِلَّهِ وَٱعْبُدُوا۟ ۩ ﴾ [ سورة النجم آية:﴿٦٢﴾ ]
الأمر بالسجود لله خصوصاً ليدل ذلك على فضله، وأنه سر العبادة ولبها؛ فإن لبها الخشوع لله والخضوع له، والسجود هو أعظم حالة يخضع بها العبد؛ فإنه يخضع قلبه وبدنه، ويجعل أشرف أعضائه على الأرض المهينة موضع وطء الأقدام. السعدي:823.
﴿ وَأَنتُمْ سَٰمِدُونَ ﴾ [ سورة النجم آية:﴿٦١﴾ ]
السمود: الغناء ... وهذا لا يناقض ما قيل في هذه الآية من أن السمود: الغفلة والسهو عن الشيء ...فالغناء يجمع هذا كله ويوجبه. ابن القيم:3/85-86.
﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ ﴾ [ سورة النجم آية:﴿٥٢﴾ ]
ومن أعظم الأدلة على ذلك قوله تعالى: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) [العنكبوت: 14]؛ لأن قوما لم يتأثروا بدعوة نبي كريم ناصح في هذا الزمن الطويل لا شك أنهم أظلم الناس وأطغاهم. الطبري:22/573.
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٢٢﴾ ]
أيسر شيء بحمد الله تعالى على النفوس تحصيله وحفظه وفهمه هو كتاب الله الذي يسره للذكر ... وإنما الذي هو في غاية الصعوبة والمشقة مقدرات الأذهان، وأغلوطات المسائل، والفروع والأصول التي ما أنزل الله بها من سلطان. ابن القيم:3/87.
﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١٨﴾ ]
وإنما كرر هذه الآية البليغة وقوله: (فذوقوا عذابي ونذر) لينبه السامع عند كل قصة، فيعتبر بها؛ إذ كل قصة من القصص التي ذكرت عبرة وموعظة، فختم كل واحدة بما يوقظ السامع من الوعيد). ابن جزي:2/389.
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١٧﴾ ]
أي يسرناه للحفظ، وهذا معلوم بالمشاهدة؛ فإنه يحفظه الأطفال الأصاغر وغيرهم حفظاً بالغاً، بخلاف غيره من الكتب، وقد رُوي أنه لم يُحفظ شيء من كتب الله عن ظهر قلب إلا القرآن. وقيل: معنى الآية: سهلناه للفهم والاتعاظ به لما تضمن من البراهين والحكم البليغة. ابن جزي:2/389.
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١٧﴾ ]
قال القشيري: يسر قراءته على ألسنة قوم، وعلمه على قلوب قوم، وفهمه على قلوب قوم، وحفظه على قلوب قوم، وكلهم أهل القرآن، وكلهم أهل الله وخاصته. البقاعي:19/108.
﴿ فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿١٠﴾ ]
أي: إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم، فانتصر أنت لدينك. ابن كثير:4/265.
﴿ يَقُولُ ٱلْكَٰفِرُونَ هَٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٨﴾ ]
مفهوم ذلك أنه يسيرٌ سهلٌ على المؤمنين. السعدي: 825.
﴿ خُشَّعًا أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٧﴾ ]
الخشوع في البصر: الخضوع والذلة. وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان؛ قال الله تعالى: (أبصارها خاشعة) [النازعات: 9]، وقال تعالى: (خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي) [الشورى: 45]. القرطبي:20/78.
﴿ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٌ كَلَمْحٍۭ بِٱلْبَصَرِ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٤٩﴾ ]
(وما أمرنا إلا واحدة) أي: إلا مرة واحدة. (كلمح بالبصر) أي: قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. واللمح النظر بالعجلة. البغوي:20/107.
﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٤٨﴾ ]
التي هي أشرف ما بهم من الأعضاء، وألمها أشد من ألم غيرها؛ فيهانون بذلك ويخزون. السعدي: 828.
﴿ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَٰلٍ وَسُعُرٍ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٤٧﴾ ]
(إن المجرمين) أي: الذين أكثروا من فعل الجرائم؛ وهي الذنوب العظيمة من الشرك وغيره، من المعاصي. (في ضلال وسعر) أي: هم ضالون في الدنيا: ضلال عن العلم، وضلال عن العمل، الذي ينجيهم من العذاب. ويوم القيامة في العذاب الأليم. السعدي:827.
﴿ فَذُوقُوا۟ عَذَابِى وَنُذُرِ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٣٩﴾ ]
خُصُّوا بالأمر بالذوق لما في فاحشتهم الخبيثة ما يستلذونه. البقاعي:19/113.
﴿ وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا۟ بِٱلنُّذُرِ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٣٦﴾ ]
(بطشتنا) أي: أخذتنا لهم المقرونة بشدة ما لنا من العظمة، ووحد إشارة إلى أنه لا يستهان بشيء من عذابه سبحانه، بل الأخذة الواحدة كافية لما لنا من العظمة؛ فهي غير محتاجة إلى التثنية. البقاعي:19/125.
﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّآ ءَالَ لُوطٍ ۖ نَّجَّيْنَٰهُم بِسَحَرٍ ﴿٣٤﴾ نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِى مَن شَكَرَ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٣٤﴾ ]
قال القشيري: والشكر على نعم الدفع أتم من الشكر على نعم النفع، ولا يعرف ذلك إلا كل موفق كيس. البقاعي:19/125.
﴿ فَنَادَوْا۟ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ ﴾ [ سورة القمر آية:﴿٢٩﴾ ]
وعبر عنه بصاحبهم للإِشارة إلى أنهم راضون بفعله؛ إذ هم مصاحبون له وممالئون. ابن عاشور:27/201.