سورة الصافات
آية
﴿ ۞ ٱحْشُرُوا۟ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ وَأَزْوَٰجَهُمْ وَمَا كَانُوا۟ يَعْبُدُونَ ﴿٢٢﴾ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿٢٢﴾]
اجمعوهم إلى الموقف؛ للحساب والجزاء. (وأزواجهم): أشباههم وأتباعهم وأمثالهم، قال قتادة والكلبي: كل من عمل مثل عملهم؛ فأهل الخمر مع أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا. البغوي:3/657.
آية
﴿ إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَٰحِدٌ ﴿٤﴾ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَٰرِقِ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿٤﴾]
أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها؛ فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها فكذلك لا شريك له في ألوهيته، وكثيراً ما يقرر تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية؛ لأنه دالٌّ عليه، وقد أقر به المشركون في العبادة، فيلزمهم بما أقروا به على ما أنكروه. السعدي:700.
آية
﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴿٥٠﴾ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿٥٠﴾]
من المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم والبحث عنه فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه. السعدي:704.
آية
﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ﴿٤١﴾ فَوَٰكِهُ ۖ وَهُم مُّكْرَمُونَ ﴿٤٢﴾ فِى جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴿٤٣﴾ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَٰبِلِينَ ﴿٤٤﴾ يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍۭ ﴿٤٥﴾ بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّٰرِبِينَ ﴿٤٦﴾ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴿٤٧﴾ وَعِندَهُمْ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ ﴿٤٨﴾ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿٤١﴾]
ذكر طعامهم وشرابهم ومجالسهم، وعموم النعيم وتفاصيله داخلة في قوله: (في جنات النعيم)، لكن فصل هذه الأشياء لتعلم فتشتاق النفوس إليها. السعدي:703.
آية
﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿٧٠﴾]
ووصف الذين ضلّوا قبلهم بأنهم (أكثر الأولين) لئلا يَغترّ ضعفاء العقول بكثرة المشركين ولا يعتزّوا بها، ليعلموا أن كثرة العدد لا تبرّر ضلال الضالّين ولا خطأ المخطئين،... فإذا عرضت لإِحداهما كثرة أو قلة؛ فلا تكونان فتنة لقصار الأنظار وضعفاء التفكير؛ قال تعالى: (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) [المائدة: 100]. ابن عاشور:23/128.
آية
﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٠٢﴾]
إن قيل: لم شاوره في أمر هو حتم من الله؟ فالجواب: أنه لم يشاوره ليرجع إلى رأيه، ولكن ليعلم ما عنده، فيثبت قلبه، ويوطن نفسه على الصبر، فأجابه بأحسن جواب. ابن جزي:2/238.
آية
﴿ وَبَٰرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰٓ إِسْحَٰقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ مُبِينٌ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١١٣﴾]
لما ذكر البركة في الذرية والكثرة قال: منهم محسن، ومنهم مسيء، وأن المسيء لا تنفعه بنوة النبوة؛ فاليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل، فلا بد من الفرق بين المحسن والمسيء، والمؤمن والكافر. القرطبي:18/83.
آية
﴿ وَبَٰرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰٓ إِسْحَٰقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ مُبِينٌ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١١٣﴾]
وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيّب لا يجري أمرهما على العِرق والعنصر؛ فقد يلد البَرُّ الفاجرَ والفاجر البَّر، وعلى أن فساد الأعقاب لا يُعدّ غضاضة على الآباء، وأن مناط الفضل هو خصال الذات وما اكتسب المرء من الصالحات، وأما كرامة الآباء فتكملة للكمال وباعث على الاتّسام بفضائل الخِلال. ابن عاشور:23/ 162.
آية
﴿ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلَٰٓؤُا۟ ٱلْمُبِينُ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٠٦﴾]
هو خليل الرحمن، والخلة أعلى أنواع المحبة، وهو منصب لا يقبل المشاركة، ويقتضي أن تكون جميع أجزاء القلب متعلقة بالمحبوب، فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل أراد تعالى أن يصفي وُدَّه، ويختبر خلته، فأمره أن يذبح مَن زاحم حبُّه حب ربه، فلما قدم حب الله، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه. السعدي:706.
آية
﴿ فَلَوْلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٤٣﴾]
أخبر الله- عز وجل- أن يونس كان من المسبحين، وأن تسبيحه كان سبب نجاته، ولذلك قيل: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر. قال الحسن: ما كان له صلاة في بطن الحوت، ولكنه قدم عملاً صالحاً في حال الرخاء؛ فذكره الله به في حال البلاء. القرطبي:18/99.
آية
﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٣٩﴾]
ولم يذكر الله ما غاضب عليه، ولا ذنبه الذي ارتكبه؛ لعدم فائدتنا بذكره، وإنما فائدتنا بما ذُكّرنا عنه أنه أذنب، وعاقبه الله مع كونه من الرسل الكرام، وأنه نجاه بعد ذلك، وأزال عنه الملام، وقيَّض له ما هو سبب صلاحه. السعدي:707.
آية
﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴿١٤٠﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١﴾ فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢﴾ فَلَوْلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٣٩﴾]
واعلم أن الغرض من ذكر يونس هنا تسلية النبي ﷺ فيما يلقاه من ثقل الرسالة بأن ذلك قد أثقل الرسل من قبله، فظهرت مرتبة النبي ﷺ في صبره على ذلك، وعدم تذمّره، ولإِعلام جميع الناس بأنه مأمور من الله تعالى بمداومة الدعوة للدين؛ لأن المشركين كانوا يلومونه على إلحاحِه عليهم، ودعوته إياهم في مختلف الأزمان والأحوال. ابن عاشور:23/178.
آية
﴿ سَلَٰمٌ عَلَىٰٓ إِلْ يَاسِينَ ﴿١٣٠﴾ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ ﴿١٣١﴾ إِنَّهُۥ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٣٠﴾]
وفي قصة إلياس إنباء بأن الرسول عليه أداء الرسالة، ولا يلزم من ذلك أن يشاهد عقاب المكذِّبين ولا هلاكَهم للرد على المشركين الذين قالوا: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) [يونس: 48]؛ قال تعالى: (قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) [المؤمنون: 93 – 95]. ابن عاشور:23/170.
آية
﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ ﴿١٦٥﴾ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٦٦﴾]
عن أبي نضرة قال: كان عمر إذا أقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه، فقال: يا أيها الناس استووا، إن الله إنما يريد بكم هدي الملائكة (وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون) استووا، تقدم أنت يا فلان، تأخر أنت أي هذا، فإذا استووا تقدم فكبر. الطبري:21/128.
آية
﴿ وَجَعَلُوا۟ بَيْنَهُۥ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ [سورة الصافات آية:﴿١٥٨﴾]
أي: جعل هؤلاء المشركون بالله بين الله وبين الجنة نسباً... والحال أن الجِنَّةَ قد علمت أنهم محضرون بين يدي الله؛ ليجازيهم عباداً أذلاء، فلو كان بينهم وبينه نسب لم يكونوا كذلك. السعدي:708.