فوائد من تفسير العثيمين
فوائد من تفسير العثيمين
قال تعالى: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين). ظاهر الآية الكريمة أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتحداهم بأنه إن كانت الدار الآخرة لهم كما يزعمون فليتمنوا الموت ليصلوا إليها، وهذا لاشك هو ظاهر الآية الكريمة وهو الذي رجحه ابن جرير، وكثير من المفسرين. وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بقوله تعالى: (فتمنوا الموت) أي فباهلونا، وتمنوا الموت لمن هو كاذب منا فتكون هذه مثل قوله تعالى في سورة آل عمران: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فيكون هذا المعنى: تمنوا الموت عن طريق المباهلة، ورجح هذا ابن كثير وضعف الأول بأنه لو كان المراد: تمنوا حصول الموت لكانوا يحتجون أيضاً علينا نحن، ويقولون: أنتم أيضاً إن كنتم تقولون: إن الدار الآخرة لكم فتمنوا الموت لأن تحديكم إيانا بذلك ليس بأولى من تحدينا إياكم به، لأنكم أنتم أيضاً تقولون: إن الدار الآخرة لكم، وأن اليهود بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في النار، فتمنوا الموت أيضاً. والجواب عن ذلك: أنا لم ندع أن الدار الآخرة خالصة لنا من دون الناس بل نؤمن بأن الدار الآخرة لكل من آمن وعمل صالحاً سواء كان من هذه الأمة أم من غيرها، وهذا المعنى الذي نحا إليه ابن كثير ـ رحمه الله ـ مخالف لظاهر السياق فلا يعول عليه وقد عرفت الانفكاك منه.