فوائد من اضواء البيان
فوائد من اضواء البيان
قوله تعالى (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا). يَعْنِي إِنَّ شِئْتُمْ، فَلَا يَدُلُّ هَذَا الْأَمْرُ عَلَى إِيجَابِ الِاصْطِيَادِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ، وَيَدُلُّ لَهُ الِاسْتِقْرَاءُ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ جَائِزًا، ثُمَّ حُرِّمَ لِمُوجِبٍ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ كُلَّهُ فِي الْقُرْآنِ لِلْجَوَازِ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ التَّحْقِيقَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ التَّامُّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ مِنْ إِبَاحَةٍ أَوْ وُجُوبٍ، فَالصَّيْدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَانَ جَائِزًا فَمُنِعَ لِلْإِحْرَامِ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ الْإِحْلَالِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا، فَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْجَوَازُ، وَقَتْلُ الْمُشْرِكِينَ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَمُنِعَ مِنْ أَجْلِهَا، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ انْسِلَاخِهَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْآيَةَ، فَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ