فوائد من كتاب احياء علوم الدين 2
كان الربيع بن خيثم من شدة غضه لبصره وإطراقه يظن بعض الناس أنه أعمى وكان يختلف إلى منزل ابن مسعود عشرين سنة فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود صديقك الأعمى قد جاء فكان يضحك ابن مسعود من قولها
كان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلين وكان إذا صلى ربما ضربت ابنته بالدف وتحدث النساء بما يردن في البيت ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله وقيل له ذات يوم هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء قال نعم بوقوفي بين يدي الله عز وجل ومنصرفي إحدى الدارين قيل فهل تجد شيئاً مما نجد من أمور الدنيا فقال لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد في صلاتي ما تجدون وكان يقول لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً
كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته قبل دخوله في الصلاة ليدخل في الصلاة وقلبه فارغ
وسئل أبو العالية عن قوله تعالى الذين هم عن صلاتهم ساهون قال هو الذي يسهو في صلاته فلا يدري على كم ينصرف أعلى شفع أم على وتر وقال الحسن هو الذي يسهو عن وقت الصلاة حتى تخرج وقال بعضهم هو الذي إن صلاها في أول الوقت لم يفرح وإن أخرها عن الوقت لم يحزن فلا يرى تعجيلها خيرا ولا تأخيرا إثماً
قال ابن مسعود إن رجلاً عبد الله سبعين سنة ثم أصاب فاحشة فأحبط عمله ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف فغفر الله له ذنبه ورد عليه عمل السبعين سنة
قال عبد العزيز بن أبي رواد كان يقال ثلاثة من كنوز الجنة كتمان المرض وكتمان الصدقة وكتمان المصائب
كان عبد الله بن عمر يتصدق بالسكر ويقول سمعت الله يقول لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ والله يعلم أني أحب السكر
قال عبيد بن عمير يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأعطش ما كانووا قط وأعرى ما كانوا قط فمن أطعم لله عز وجل أشبعه الله ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كسا لله عز وجل كساه الله
قال الشعبي من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه
قال أبو أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ إِنِّي لَأَتْرُكُ لُبْسَ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ خشية أن يحدث في جيران حسداً
قال وكيع في قوله تعالى {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية} هي أيام الصيام إذ تركوا فيها الأكل والشرب
قال ابن عمر رضي الله عنهما مِنْ كَرَمِ الرَّجُلِ طِيبُ زَادِهِ فِي سَفَرِهِ وكان يقول أفضل الحاج أخلصهم نية وأزكاهم نفقة وأحسنهم يقيناً
كان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول الحاج قليل والركب كثير ثم نظر إلى رجل مسكين رث الهيئة تحته جوالق فقال هذا نعم من الحجاج
قال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الجنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضاً مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدْ أُدْرِجَتِ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه
قال أحمد بن حنبل رأيت الله عز وجل في المنام فقلت يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون إليك قال بكلامي يا أحمد قال قلت يا رب بفهم أو بغير فهم قال بفهم وبغير فهم
قال الفضيل بن عياض ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد حاجة ولا إلى الخلفاء فمن دونهم فينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه وقال أيضاً حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن
قال القاسم بن عبد الرحمن قلت لبعض النساك ما ههنا أحد نستأنس به فمد يده إلى المصحف ووضعه على حجره وقال هذا
قال أبو سليمان الداراني الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله سبحانه بعد القرآن
قال ابن مسعود أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً إن أحدكم ليقرأ القرآن مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يُسْقِطُ مِنْهُ حرفاً وقد أسقط العمل به
دخل بعض فقهاء مصر على الشافعي رضي الله عنه في السحر وبين يديه مصحف فقال له الشافعي شغلكم الفكر عن القرآن إني لأصلي العتمة وأضع المصحف بين يدي فما أطبقه حتى أصبح
قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَا فِقْهَ فِيهَا وَلَا فِي قِرَاءَةٍ لَا تَدَبُّرَ فِيهَا
قال ابن مسعود رضي الله عنه من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن وأعظم علوم القرآن تحت أسماء الله عز وجل وصفاته إذ لم يدرك أكثر الخلق منها إلا أموراً لائقة بأفهامهم ولم يعثروا على أغوارها
قال قتادة لم يجالس أحد هذا القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان قال تعالى هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً
قال وهيب بن الورد نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد شيئاً أرق للقلوب ولا أشد استجلاباً للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره
قال يوسف بن أسباط إني لأهم بقراءة القرآن فإذا ذكرت ما فيه خشيت المقت فاعدل إلى التسبيح والاستغفار
قال الْحَسَنِ الذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ نَفْسِكَ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَحْسَنَهُ وَأَعْظَمَ أَجْرَهُ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وجل
قال أبو هريرة رضي الله عنه إن أهل السماء ليتراءون بيوت أهل الأرض التي يذكر فيها اسم الله تعالى كما تتراءى النجوم
اعلم أن الناظرين بنور البصيرة علموا أنه لا نجاة إلا في لقاء الله تعالى وأنه لا سبيل إلى اللقاء إلا بأن يموت العبد محباً لله تعالى وعارفاً بالله سبحانه وأن المحبة والأنس لا تحصل إلا من دوام ذكر المحبوب والمواظبة عليه وأن المعرفة به لا تحصل إلا بدوام الفكر فيه وفي صفاته وأفعاله وليس في الوجود سوى الله تعالى وأفعاله ولن يتيسر دوام الذكر والفكر إلا بوداع الدنيا وشهواتها والاجتزاء منها بقدر البلغة والضرورة