فوائد من ذم الهوى 3
قال أبو علي الروذباري من الاغترار أن تسيء فيحسن إليك فتترك التوبة توهما أنك تسامح في الهفوات
عن ابن عباس أنه قال لعبيد تزوجوا فإن العبد إذا زنا نزع الله منه نور الإيمان رده الله إليه بعد أم أمسكه
عن عطاء الخراساني قال إذا ظهر الزنا كثر الموت وإذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة وإذا جار الحكام قحط المطر وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية
اعلم أن العقوبة تختلف فتارة تتعجل وتارة تتأخر وتارة يظهر أثرها وتارة يخفى وأطرف العقوبات مالا يحس بها المعاقب وأشدها العقوبة بسلب الايمان والمعرفة ودون ذلك موت القلوب ومحو لذة المناجاة منه وقوة الحرص على الذنب ونسيان القرآن وإهمال الإستغفار ونحو ذلك مما ضرره في الدين وربما دبت العقوبة في الباطن دبيب الظلمة إلى أن يمتلىء أفق القلب فتعمى البصيرة
أهون العقوبة ماكان واقعا بالبدن في الدنيا وربما كانت عقوبة النظر في البصر فمن عرف لنفسه من الذنوب ما يوجب العقاب فليبادر نزول العقوبة بالتوبة الصادقة عساه يرد ما يرد
سمعت فضيلا يقول ما يؤمنك أن تكون بارزت الله بعمل مقتك عليه فاغلق دونك أبواب المغفرة وأنت تضحك كيف ترى يكون حالك
عن ابن مسعود أنه قال إني لأعلم آيتين لا يقرأهما عبد عند ذنب يصيبه ويستغفر الله إلا غفر له قوله ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه الآية وقوله والذين إذا فعلوا فاحشة الاية
سمعت يحيى بن معاذ يقول الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل وعلامة التائب إسبال الدمعة وحب الخلوة والمحاسبة للنفس عند كل همة
سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول المغبون من عطل أيامه بالبطالات وسلط جوارحه على الهلكات ومات قبل إفاقته من الجنايات
عن مجاهد في قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان قال هو الذي إذا هم بمعصية ذكر مقام الله عليه فيها فانتهى
عن مجاهد في قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان قال هو الرجل يذكر الله عند المعاصي فينحجز عنها
سمعت مالك بن دينار يقول جنات النعيم بين جنات الفردوس وبين جنات عدن فيها جوار خلقن من ورد الجنة قيل ومن يسكنها قال الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني والذين انثنت أصلابهم من خشيتي وعزتي إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب
عن ميمون قال الذكر ذكران فذكر الله عز و جل باللسان حسن وأفضل منه أن يذكر الله عندما يشرف عليه من معاصيه
عن ابن مسعود أنه كان يقول إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شرا فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع
أن أبا بكر الصديق كان يقول في خطبته أين الوضاة الحسنة وجوههم أين المعجبون بشبابهم أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحيطان أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب قد تضعضع بهم الدهر فأصبحوا في ظلمات القبور الوحا الوحا النجا النجا
عن أبي زكريا التيمي قال بينا سليمان بن عبد الملك في المسجد الحرام إذ أتى بحجر منقور فطلب من يقرأه فأتى بوهب بن منبه فقرأه فإذا فيه ابن آدم إنك لو رأيت قرب ما بقي من أجلك لزهدت في طويل أملك ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك فبان منك الوالد والقريب ورفضك الولد والنسيب فلا أنت إلى دنياك عائد ولا في حسناتك زائد فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة
كتب الأوزاعي إلى أخ له أما بعد فإنه قد أحيط بك من كل جانب وأعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة فاحذر الله والقيام بين يديه وأن يكون آخر عهدك به والسلام
بلغني أن رجلا كتب إلى داود الطائي أن عظني بموعظة قال فكتب إليه أما بعد فاجعل الدنيا كيوم صمته عن شهوتك واجعل فطرك الموت فكتب إليه زدني فكتب إليه أما بعد فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك كما رضى أقوام بالكثير مع ذهاب دينهم والسلام
عن سفيان قال أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران إنه ليست عقوبتي لمن عرفني واجترأ علي كمن لم يعرفني
رأس مالك قلبك ووقتك وقد شغلت قلبك بهواجس الظنون وضيعت أوقاتك بارتكاب مالا يعنيك فمتى يربح من خسر رأس ماله
عن إبراهيم بن بشار يقول مررت أنا وأبو يوسف الفسولي في طريق الشام فوثب إليه رجل فسلم عليه ثم قال يا أبا يوسف عظني بموعظة أحفظها عنك قال فبكى ثم قال اعلم يا أخي أن اختلاف الليل والنهار وممرهما يسرعان في هدم بدنك وفناء عمرك وانقضاء أجلك فينبغي لك يا أخي أن لاتطمئن حتى تعلم أين مستقرك ومصيرك وساخط ربك عليك بمعصيتك وغفلتك أو راض عنك بفضله ورحمته ابن آدم الضعيف طفة بالأمس وجيفة غدا فإن كنت لا ترضى بهذا فسترد وتعلم وتندم في وقت لا ينفعك الندم قال وبكى أبو يوسف وبكى الرجل وبكيت لبكائهما ووقعا مغشيا عليهما
وعظ أعرابي ولده فقال لا الدهر يعظك ولا الأيام تنذرك والساعات تعد عليك والأنفاس تعد منك وأحب أمريك إليك أعودهما بالضر عليك
كتب بعض الحكماء إلى أخ له أما بعد فإن الدنيا حلم والآخرة يقظة والمتوسط بينهما الموت ونحن في أضغاث أحلام والسلام
قال محمد بن علي الترمذي اجعل مراقبتك لمن لا يغيب عن نظره إليك واجعل شكرك لمن لا تنقطع عنك نعمه واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه
مخلد بن الحسين قال عدت مريضا فقلت له كيف تجدك قال هو الموت قلت وكيف علمت أنه الموت قال أجدني أجتذب اجتذابا وكأن الخناجر مختلفة في جوفي وكأن جوفي تنور محمى يتلهب قلت فاعهد قال أرى الأمر أعجل من ذلك فدعا بدواة وصحيفة فوالله ما أتى بها حتى شخص بصره فمات
قال إبراهيم بن يزيدالعبدي أتاني رياح القيسي فقال يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الآخرة نحدث بقربهم عهدا فانطلقت معه فأتى إلى المقابر فجلسنا إلى بعض تلك القبور فقال يا أبا إسحاق ما ترى هذا متمنيا لو منى قلت أن يرد والله إلى الدنيا فيستمتع من طاعة الله ويصلح قال فها نحن ثم نهض فجد واجتهد فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات
عن قسامة بن زهير قال خطبنا أبو موسى فقال يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت
عن وهب بن منبه أنه قال إذا سيرت الجبال فسمعت حسيس النار وتغيظها وزفيرها وشهيقها صرخت الجبال كما تصرخ النساء ثم ترجع أوائلها على أواخرها يدق بعضها بعضا
عن مجاهد عن عبيد بن عمر قال إن أهون أهل النار عذابا رجل له نعلان من نار وشرا كان من نار أضراسه جمر ومسامعه جمر أشفار عينيه من لهيب النار تخرج أحشاؤه من قدميه وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير فهي بهم تفور
كان بشرالحافي يقول ما ظنكم بأقوام وقفوا بين يدي الله تعالى مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا ولم يشربوا حتى تقطعت أكبادهم من العطش وأجوافهم من الجوع وأعناقهم من التطاول ورجوا الفرج فأمر بهم إلى النار