فوائد من مجموع الفتاوى 2
حكمــــــة
حديث (من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام) فإن هذا الحديث ونحوه كذب مختلق باتفاق من يعرف علم الحديث، وإن كان قد ذكره بعض أهل الحديث وقال: إنه صحيح وإسناده على شرط الصحيح، فهذا من الغلط الذي لا ريب فيه كما هو مبين في غير هذا الموضع، ولم يستحب أحد من أئمة السلف الاغتسال يوم عاشوراء، ولا الكحل فيه، ولا الخضاب وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، ولا فعله رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي
حكمــــــة
ذكرنا في غير هذا الموضـع ما قاله السلف في مثل ذلك: مثل حماد بن زيد، وإسحاق بن راهوية وغيرهما: من أنه ينزل إلى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، وبينا أن هذا هو الصواب، وإن كان طائفة ممن يدعي السنة يظن خلو العرش منه، وطائفة تقف: لا تقول يخلو ولا لا يخلو.والصواب ما قاله السلف: أنه ينزل ولا يخلو منه العرش.
حكمــــــة
عمدتهم [أي من قال استوى بمعنى استولى] البيت المشهور: ثم استـوى بشر على العراق --- من غير سيف ولا دم مهراق، ولم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي وكان غير واحد من أئمة اللغـة أنكروه، وقالوا: إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغـة، وقد عـلم أنه لو احتـج بحديث رسـول الله لاحتاج إلى صحته، فكيف ببيت من الشـعر لا يعرف اسناده؟
حكمــــــة
دلت هذه الكلمة العظيمة [لا حول ولا قوة إلا بالله] على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال، ولا قدرة على ذلك إلا بالله، ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص يقول: لا حول من معصيته إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعرفته، والصواب الذي عليه الجمهور هو التفسير الأول، وهو الذي يدل عليه اللفظ، فإن الحول لا يختص بالحول عن المعصية، وكذلك القوة لا تختص بالقوة على الطاعة، بل لفظ الحول يعم كل تحول.
حكمــــــة
صرع الجن للإنس هو لأسباب ثلاثة: تارة يكون الجني يحب المصروع فيصرعه ليتمتع به، وهذا الصرع يكون أرفق من غيره وأسهل، وتارة يكون الإنسي آذاهم إذا بال عليهم، أو صب عليهم ماء حاراً، أو يكون قتل بعضهم أو غير ذلك من أنواع الأذى، وهذا أشد الصرع، وكثيراً ما يقتلون المصروع، وتارة يكون بطريق العبث به كما يعبث سفهاء الإنس بأبناء السبيل
حكمــــــة
وأصولهم [أي المعتزلة] خمسة: يسمونها التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن معنى التوحيد عندهم يتضـمن نفي الصفات، ومعنى العـدل عنـدهم يتضمن التكذيب بالقدر، وأما المنزلة بين المنزلتين: فهي عندهم أن الفاسق لا يسمى مؤمناً بوجه من الوجوه كما لا يسمى كافراً فنزلوه بين منزلتين، وإنفاذ الوعيد: عندهم معناه أن فساق الملة مخلدون في النار لا يخرجون منها بشفاعة ولا غير ذلك كما تقوله الخوارج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتضمن عندهم جواز الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف
حكمــــــة
والعبد مضطر دائماً إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم، فهو مضطر إلى مقصود هذا الدعاء، فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر، فإن الله يرزقه، فإذا انقطع رزقه مات، والموت لا بد منه، فإذا كان من أهل الهدى به كان سعيداً قبل الموت وبعده، وكان الموت موصلاً إلى السعادة الأبدية، وكذلك النصر إذا قدر أنه غلب حتى قتل فإنه يموت شهيداً وكان القتل من تمام النعمة، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق، بل لا نسبة بينهما، لأنه إذا هدي كان من المتقين [ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب] وكان ممن ينصر الله ورسوله ومن نصر الله نصره الله، وكان من جند الله وهم الغالبـون، ولهذا كان هذا الدعاء هو المفروض.
حكمــــــة
الإنسان متى رأى أو سمع أو تخيل من يفعل ما يشتهيه كان ذلك داعياً له إلى الفعل، والنساء متى رأين البهائم تنزوا الذكور منها على الإناث ملن إلى الباءة والمجامعة، والرجل إذا سمع من يفعل مع المردان والنساء أو رأى ذلك أو تخيله في نفسه دعاه ذلك إلى الفعل، وإذا ذكر الإنسان طعاماً اشتهاه ومال إليه، وإن وصف له ما يشتهيه من لباس أو امرأة أو مسكن أو غير ذلك مالت نفسه إليه، والغريب عن وطنه متى ذكر بالوطن حن إليه، فكلما كان في نفس الإنسان محبته إذا تصوره تحركت المحبة والطلب إلى ذلك المحبوب المطلوب، ولهذا تتحرك النفوس إلى الحج إذا ذكر الحجاز
حكمــــــة
وقال تعالى (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وفي الآية فوائد عظيمة: (أحدها) أن لا يخاف المؤمن من الكفار والمنافقين فإنهم لن يضروه إذا كان مهتدياً، (الثاني) أن لا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم، فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، (الثالث) أن لا يركن إليهم ولا يمد عينه إلى ما أتـوه من السلطان والمال والشهوات (الرابع) أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم
حكمــــــة
الإعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله
حكمــــــة
قوله تعالى (إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً......) قد يكون العذاب من عنده، وقد يكون بأيدي العباد، فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة والبغضاء حتى تقع بينهم الفتنـة كما هو الواقع، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قـلوبهم وألف بينهم، وجعـل بأسهـم على عـدو الله وعدوهـم، وإذا لم ينفروا في سبيـل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضـهم بأس بعض
حكمــــــة
الذنب الذي يضر صاحبه هو ما لم يحصل منه توبة، فأما ما حصل منه توبة فقد يكون صاحبه بعد التوبة أفضل منه قبل الخطيئة، كما قال بعض السلف: كان داود بعد التوبة أحسن منه حـالاً قبل الخطيئة، ولو كانت التوبة من الكفر والكبائر، فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم خيار الخليقة بعد الأنبياء وإنما صاروا كذلك بتوبتهـم مما كانوا عليه من الكـفر والذنوب، ولم يكن ما تقـدم قبل التوبة نقصاً وعيباً، بل لما تابـوا من ذلك وعمـلوا الصالحات كانـوا أعظم إيماناً وأقـوى عبادة وطاعة ممن جاء بعدهم
حكمــــــة
وفي قول يوسف (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ؟ فيه عبرتان: إحداهما: اختيار السجن والبلاء على الذنوب والمعاصي، والثانية: طلب سؤال الله ودعائه أن يثبت القلب على دينه ويصرفه إلى طاعته، وإلا فإذا لم يثبت القلب وإلا صبا إلى الآمرين بالذنوب وصار من الجاهلين
حكمــــــة
إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع فإن النبي أمر بقتال الخوارج ونهى عن قتال أئمة الظلم وقال في الذي يشرب الخمر: (لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله) وقال في ذي الخويصرة: (يخرج من ضئضئ هذا أقوام يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين - وفي رواية من الإسلام - كما يمرق السهم من الرمية
حكمــــــة
وقوله: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) بيان لما فيها من المنفعة والمصلحة أي ذكر الله الذي فيها أكبر من كونها ناهية عن الفحشاء والمنكر فإن هذا هو المقصود لنفسه، ومن ظن أن المعنى ولذكر الله أكبر من الصلاة فقد أخطأ، فإن الصلاة أفضل من الذكر المجرد بالنص والإجماع. والصلاة ذكر الله لكنها ذكر على أكمل الوجوه فكيف يفضل ذكر الله المطلق على أفضل أنواعه
حكمــــــة
ويجب على المضطر أن يأكل ويشرب ما يقيم به نفسه، فمن اضطر إلى الميتة أو الماء النجس ؛ فلم يشرب ولم يأكل حتى مات، دخل النار ؛ ولو وجد غيره مضطراً إلى ما معه من الماء الطيب أو النجس فعليه أن يسقيه إياه ويعدل إلى التيمم، سواء كان عليه جنابة أو حدث صغير، ومن اغتسل وتوضأ وهناك مضطر من أهل الملة أو الذمة أو دوابهم المعصومة فلم يسقه ؛ كان آثماً عاصياً