فوائد من مجموع الفتاوى 1
قال سفيان بن عيينة : لا تجد أحداً من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة ، لدعوة النبي "حتى قال الشافعي : إذا رأيت رجلاً من أهل الحديث فكأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي
كل من أحب شيئاً لغير الله فلا بد أن يضره محبوبه ، ويكون ذلك سبباً لعذابه ، ولهذا كان الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ، يمثل لأحدهم كنزه يوم القيامة شجاع أقرع يأخـذ بلهزمتيه يقول : أنا كنزك أنا مالك
كلما كان العبد أذل لله وأعظم افتقاراً إليه وخضوعاً له : كان أقرب إليه ، وأعز له ، وأعظم لقدره ، فأسعد الخلق : أعظمهم عبودية لله .
اعظم ما يكون العبد قدراً وحرمة عند الخلق : إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه .كما قيل : احتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ، ومتى احتجت إليهم – ولو في شربة ماء – نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم ، وهذا من حكمة الله ورحمته ، ليكـون الدين كله لله ، ولا يشرك به شيئاً
السعادة في معاملة الخلق : أن تعاملهم لله ، فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله ، وتخافه فيهم ولا تخافهم في الله ، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافتهم ، وتكف عن ظلمهم خوفاً من الله لا منهم
قال تعالى (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ) أي يخوفكم بأوليائه ، هذا هو الصـواب الذي عليه الجمهور
بعض الناس يقول ( يا رب إني أخافك وأخاف من لا يخافك ) فهذا كلام ساقط لا يجوز ، بل على العبد أن يخاف الله وحده ولا يخاف أحداً ، فإن من لا يخاف الله أذل من أن يُخَاف ، فإنه ظالم وهو من أولياء الشيطان ، فالخوف منه قد نهى الله عنه .
لما أمرنا الله سبحانه : أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين ، كان ذلك مما يبين أن العبد يُخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطريقين ، وقد وقع ذلك كما أخبر به النبي
لما أمرنا الله سبحانه : أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين ، كان ذلك مما يبين أن العبد يُخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطريقين ، وقد وقع ذلك كما أخبر به النبي
الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكليـة قدح في الشرع
زيارة قبور المسلمين على قسمين : فالزيارة الشرعية أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت ، وأما الزيارة البدعية فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج ، أو يطلب منه الدعاء والشفاعة ، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء ، فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة
وفي الصحيحين عن النبي أنه قال ( يدخل من أمتي الجنة سبعون ألف بغير حساب ، وقال : هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ........ الحديث ، وقد روي فيه ( ولا يرقون ) وهو غلط ، فإن رقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنة ، وكان النبي يرقي نفسه وغيره ، ولم يكن يسترقي
ما يروى عن الخليل لما ألقي في المنجنيق قال له جبريل : سل ، قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ليس له إسناد معروف وهو باطل
سؤال المخلوقين فيه ثلاث مفاسد : مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك ، ومفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع من ظلم الخلق ، وفيه ذل لغير الله وهو ظلم للنفس ، فهو مشتمل على أنواع الظلم الثلاثة
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) أي هو وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين ، هذا هو الصواب الذي قاله جمهور السلف والخلف .
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) أي هو وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين ، هذا هو الصواب الذي قاله جمهور السلف والخلف .
لم تكن عادة السلف على عهد النبي وخلفائه الراشدين : أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه السلام ، كما يفعله كثير من الناس ، بل قد قال أنس بن مالك : لم يكن شخص أحب إليهم من النبي ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له ، لما يعلمون من كراهته لذلك ، ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقياً له ، كما روي عن النبي أنه قام لعكرمة ، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ : قوموا إلى سيدكم ، وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة لأنهم نزلوا على حكمه ،وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسـن ، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لا اعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة للموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له ، لأن ذلك أصلح لذات البين ، وإزالة التباغض والشحنـاء
كما يحكون عن عمر أنه قال ( كان النبي وأبو بكر إذا تخاطبا كنت كالزنجي بينهما ) هذا كذب باتفاق أهل المعرفـة
حديث أبي هريرة قال ( حفظت عن رسول الله جرابين : أما أحدهما فبثثته فيكم ، وأما الآخر فلو بثثته لقطعتم هذا الحلقوم ) وهذا الحديث صحيح ، لكن الجراب الآخر لم يكن فيه شيء من علم الدين ، ومعرفة الله وتوحيده ، الذي يختص به أولياؤه ، بل كان في ذلك الجراب أحاديث الفتن التي تكون بين المسلمين ، فإن النبي أخبرهم بما سيكون من الفتن التي تكون بين المسلمين ومن الملاحـم التي تكون بينهم وبين الكفار ، ولهذا لما كان مقتل عثمان وفتنة ابن الزبير ونحو ذلك : قال ابن عمر : لو أخبركم أبو هريرة أنكم تقتلون خليفتكم ، وتهدمون البيت وغير ذلك ، لقلتم كذب أبو هريرة ، فكان أبو هريرة يمتنع من التحديث بأحاديث الفتن قبل وقوعها ، لأن ذلك ما لا يحتمله رؤوس الناس وعوامهـم
ثبت في صحيح مسلم عن النبي أنه قال ( واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت ) ولهذا اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الله يرى في الآخرة ، وأنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه - وقال في موضع آخر : وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أحداً من المؤمنين لا يرى الله بعينه في الدنيا ، ولم يتنازعوا إلا في النبي خاصة مع أن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا .
وليس في القدر حجة لابن آدم ولا عذر ، بل القدر يؤمن به ولا يحتج به ، والمحتج بالقدر فاسد العقل والدين ، متناقض ، فإن القدر إن كان حجة وعذراً : لزم أن لا يلام أحد ولا يعاقب ولا يقتص منه ، وحينئذ فهذا المحتج بالقدر يلزمه – إذا ظلم في نفسه وماله وعرضه وحرمته – أن لا ينتصر من الظالم ، ولا يغضب عليه ، ولا يذمه ، وهذا أمر ممتنع في الطبيعة ، ولو كان القدر حجة وعذراً : لم يكن إبليس مذموماً ولا معاقباً ، ولا فرعون وقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الكفار ، ولا كان جهاد الكفار جائزاً ، ولا إقامة الحدود جائزاً ، ولا قطع السارق ، ولا جلد الزاني ولا رجمه ، ولا قتل القاتل ولا عقوبة معتد بوجه من الوجوه وقال رحمه الله : وأما القدر : فإنه لا يحتج به أحد إلا عند اتباع هواه ، فإن فعل فعلاً محرماً بمجرد هواه وذوقه ووجده من غير أن يكون له علم بحسن الفعل ومصلحته استند إلى القدر ، كما قال المشركون : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ، فمن احتج بالقدر على ترك المأمور ، وجزع من حصول ما يكرهه من المقدور فقد عكس الإيمان والدين ، وصار من حزب الملحدين المنافقين ، وهذا حال المحتجين بالقدر ، فإن أحـدهم إذا أصابته مصيبة عظم جزعه وقل صبره ، فلا ينظر إلى القـدر ولا يسلم له ، وإذا أذنب ذنباً أخذ يحتج بالقدر
ولهذا لما ذكر الله المسيح في القرآن قال ( ابن مريم ) بخلاف سائر الأنبياء وفي ذلك فائدتان : إحداهما : بيان أنه مولود ، والله لم يولد ، والثانية : نسبته إلى مريم ، بأنه ابنها ليس هو ابن الله .
قوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) رد للتشبيه والتمثيل ، وقوله ( وهو السميع العليـم ) رد للإلحاد والتعـطيل .
قد ذكر عن آدم أبي البشر أنه استـغفر ربه وتاب إليه ، فاجتباه ربه فتاب عليه وهداه ، فمن أذنب وتاب وندم فقد أشبه أباه ، ومن أشبـه أباه فما ظلم .
اتفق العلماء على أنه لا يشرع تقبيل شيء من الأحجار ولا استلامه – إلا الركنان اليمانيان – حتى مقام إبراهيم الذي بمكة لا يقبل ولا يتمسح به
أول بدعة حدثت في الإسلام بدعة الخوارج والشيعة ، حدثتا في أثناء خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فعاقب الطائفتين ، أما الخوارج فقاتلوه فقتلهم ، وأما الشيعة فحرق غاليتهم بالنار
كما أن طائفة أخرى زعموا أن من سب الصحابة لا يقبل الله توبته وإن تاب ، ورووا عن النبي أنه قال ( سب أصحابي ذنب لا يغفر ) وهذا الحديث كذب على رسول الله ، لم يروه أحد من أهل العلم ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة ، وهو مخالف للقرآن ، لأن الله قال ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) هذا في حق من لم يتب ، وقال في حق التائبين ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) فثبت بكتاب الله وسنة رسوله أن كل من تاب تاب الله عليه .
وأما كيف يحصل اليقين فبثلاثة أشياء : أحدها : تدبر القرآن .والثاني : تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآيات التي تبين أنه حق .الثالث : العمل بموجب العلم
أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متـبوع يتعصبون له إلا رسول الله
إن علي بن أبي طالب كان أفضل وأقـرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه ، لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال : تمرق مـارقـة على حين فرقة من المسلمين ؟ تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق ، وفي هـذا الحديث دليل على أنه مـع كل طائفة حق ، وأن علياً رضي الله عنه أقـرب إلى الحق
يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان ولم يدرك النبي ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء ، ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح ، وكان من شباب المسلمين ، ولا كان كافراً ولا زنديقاً ، وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم ، قال صالح بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد ، قال : يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقلت : يا أبت لماذا لا تلعنـه ؟ قال : يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً ، ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة أنه لا يسب ولا يحب
يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان ولم يدرك النبي ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء ، ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح ، وكان من شباب المسلمين ، ولا كان كافراً ولا زنديقاً ، وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم ، قال صالح بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد ، قال : يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقلت : يا أبت لماذا لا تلعنـه ؟ قال : يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً ، ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة أنه لا يسب ولا يحب
كان خلفاء بني العباس أحسن تعاهداً للصلوات في أوقاتها من بني أمية ، فإن أولئك كانوا كثيريّ الإضاعة لمواقيت الصلاة كما جاءت فيهم الأحاديث الصحيحة [ سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ، فصلوا الصلاة لوقتها ، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة ]
معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر ، والله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير ، لما في ذلك من عموم النفع لكل شيء ، وعكسه كاتموا العلم ، فإنهم يلعنهم الله ويلعنهـم اللاعنـون
فهم [ أي الجن ] مأمورون بالفروع والأصول بحسبهم ، فإنهم ليسوا مماثلي الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم ، وهذا مما لم أعلم فيه نزاعاً بين المسلمين ، وكذلك لم يتنازعوا أن أهل الكفر والفسوق والعصيان منهم يستحقون العذاب بالنار كما يدخلها من الآدميين ، لكن تنازعوا في أهل الإيمان منهم ، فذهب الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد ، إلى أنهم يدخلون الجنة ، وهل فيهم رسل أم ليس فيهم إلا النذر ؟ على قولين : فقيل : فيهم رسل ، وقيل : الرسل من الإنس ، والجن فيهم النذر ، وهذا أشهر .
قوله : ( كل مولود يولد على الفطرة ) الصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهي فطرة الإسلام ، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال : ألست بربكم قالوا بلى وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة ، والقبول للعقائد الصحيحة .
قوله : ( كل مولود يولد على الفطرة ) الصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهي فطرة الإسلام ، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال : ألست بربكم قالوا بلى وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة ، والقبول للعقائد الصحيحة .
الجنة ليس فيها شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار، لكن تعـرف البكرة والعشـية بنور يظـهر من قبل العرش
هل صح عن النبي ( أن الله أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك ) ؟ لم يصح ذلك عن أحدٍ من أهل الحديث بل أهل المعرفه متفقون على أن ذلك كذب مختلق , وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير , وإن كانوا يروون الضعيف مع الصحيح , لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين ، وإن هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله
هل صح عن النبي ( أن الله أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك ) ؟ لم يصح ذلك عن أحدٍ من أهل الحديث بل أهل المعرفه متفقون على أن ذلك كذب مختلق , وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير , وإن كانوا يروون الضعيف مع الصحيح , لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين ، وإن هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله
ولهذا كان – عيسى - في السماء الثانية -مع أنه أفضل من يوسف وإدريس وهارون – لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة بخلاف غيره
سئل : عن صالحي بني آدم والملائكة أيهما أفضل ؟ فقال : بأن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية ، والملائكة باعتبار البداية ، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى منزهين عما يلابسه بنوا آدم ، مستغرقون في عبادة الرب ، ولا شك أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر ، وأما يوم القيامة بعد دخول الجنة فيصير صالحي البشر أكمل من حال الملائكة .
سئل : عن آدم لما خلقه الله ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته ، هل سجد ملائكة السماء والأرض ؟ أم ملائكة الأرض خاصة ؟ فقال : بل أسجد له جميع الملائكة ، نطق بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون فهذه ثلاث صيغ مقررة للعموم وللاستقرار ، فإن قوله تعالى ( الملائكة ) يقتضي جميع الملائكة ، الثاني : كلهم وهذا من أبلغ العموم الثالث : أجمعون وهذا توكيد العموم ، فمن قال إنه لم يسجد جميع الملائكة ، بل ملائكة الأرض فقد رد القرآن .
والجنة التي سكنها آدم وزوجته عند سلف الأمة وأهل السنة والجماعة هي جنة الخلد ، ومن قال إنها جنة بالأرض بأرض الهند ، أو بأرض جدة أو غير ذلك فهو من المتفلسفة والملحدين أو من إخوانهم المتكلمين المبتدعين ، فإن هذا يقوله من يقوله من المتفلسفة والمعتزلة .
سئل عن خديجة وعائشة أيهما أفضل ؟ فأجاب : بأن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين ، وتأثير عائشـة في آخر الإسـلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجة ولا غيرها .
لما توفي أبو بكر ولى عمر بن الخطاب أبا عبيدة أميراً على الجميع ، لأن عمر بن الخطاب كان شديداً في الله ، فولى أبا عبيدة لأنه كان ليناً ، وكان أبو بكر ليناً ، وخالد شديداً على الكفار فولى اللين الشديد ، وولى الشديد اللين ، ليعتدل الأمر ، وكلاهما فعل ما هو أحب إلى الله تعالى في حقه
دلت هذه الكلمة العظيمة [ لا حول ولا قوة إلا بالله ] على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال ، ولا قدرة على ذلك إلا بالله ، ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص يقول : لا حول من معصيته إلا بعصمته ، ولا قوة على طاعته إلا بمعرفته ، والصواب الذي عليه الجمهور هو التفسير الأول ، وهو الذي يدل عليه اللفظ ، فإن الحول لا يختص بالحول عن المعصية ، وكذلك القوة لا تختص بالقوة على الطاعة ، بل لفظ الحول يعم كل تحول
قال سهل بن عبد الله : ليس بين العبد وبين الله حجاب أغلظ من الدعوى ، ولا طريق إليه أقرب من الافتقار ، وأصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله ، ويدل على ذلك قوله تعالى [ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون] فأخبر أن الهدى والرحمة للذين يرهبون الله ، .............ومما يدل على هذا المعنى قوله تعالى [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ] والمعنى أنه لا يخشاه إلا عالم ، فقد أخبر الله أن كل من خشي الله فهو عالم
لا يسمى عاقلاً إلا من عرف الخير فطلبه ، والشر فتركه ، ولهذا قال أصحاب النار [ لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ] وقال عن المنافقين [ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ] ، ومن فعل ما يعلم أنه يضره فمثل هذا ما له عقل
الشيطان يريد بوساوسه أن يشغل القلب عن الانتفاع بالقرآن ، لأن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم وتزيده يقيناً وطمأنينة وشفاء .
- دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب : أحدها : التوبة ، وهذا متفق عليه بين المسلمين ، السبب الثاني : الاستغفــار ، السبب الثالث : الحسنات الماحية السبب الرابع : الدافـع للعقاب ، دعاء المؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته ، السبب الخامس : ما يعمل للميت من أعمال البر ، كالصدقة ونحوها ، السبب السادس : شفاعـة النبي وغيره في أهل الذنـوب يوم القيامة ، السبب السابع : المصائب التي يكفر الله بها الخطايا في الدنيا ، السبب الثامن : ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة ، السبب التاسع : أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها ، السبب العاشر : رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد
فكل عمل يعمله العبد ولا يكون طاعة لله وعبادة وعملاً صالحاً فهو باطل ، فإن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله ، وإن نال بذلك العمل رئاسة ومالاً ، فغاية المترئس أن يكون كفرعون ، وغاية المتمول أن يكون كقارون
العبد له في المقدور [ حالان ] حال قبل القدر ، وحال بعده ، فعليه قبل المقدور أن يستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه ، فإذا قدر المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به ، وإن كان بفعله وهو نعمة حمد الله على ذلك ، وإن كان ذنباً استغفر إليه من ذلك .
إن كثيراً من الناس يظن أن المراد بالحسنات والسيئات في هذه الآية الطاعات والمعاصي ، وإنما الحسنات والسيئات في هـذه الآية النعـم والمصائب كما في قوله تعالى [ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ] .
الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع .
أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة [ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته ، فلم يصبه شر لا في الدنيا ولا في الآخرة . 8 / 216 -- وقال رحمه الله في موضـع آخـر : ورأس هذه الأدعية وأفضلها قوله [ اهدنا الصـراط المستقيـم صـراط الذين أنعمت عليهم غير المغضـوب عليهم ولا الضالين ] فهـذا الدعاء أفضـل الأدعيـة وأوجـبـها عـلى الخلق ، فإنه يجمع صلاح العبد في الدين والدنيا والآخرة
الأجل أجلان : أجل مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد ، وبهذا يتبين معنى قول الرسول [ من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ] فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلاً وقال : إن وصل رحمه زده كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر ، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخـر .
يقال النفوس ثلاثة أنواع وهي : النفس الأمارة بالسوء : التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي ، النفس اللوامة : وهي التي تذنب وتتوب ، فعندها خير وشر ، لكن إذا فعلت الشر تابت وأنابت فتسمى لوامة لأنها تلوم صاحبها على الذنوب ولأنها تتلوم أي تتردد بين الخير والشر ، النفس المطمئنة : وهي التي تحب الخير والحسنات وتريده وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك ، وقد صار لها ذلك خلقاً وعادة وملكة ، فهذه صفات وأحوال لذات واحدة وإلا فالنفس التي لكل إنسان هي واحدة وهذا أمر يجده الإنسان مـن نفسـه .
127- قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره أن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ، لأن البدعة لا يتاب منها ، والمعصية يتاب منها ، ومعنى قولهم إن البدعة لا يتاب منها : أن المبتدع الذي يتخذ ديناً لم يشرعه الله ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسناً فهو لا يتوب ما دام يراه حسناً ، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه .
من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعاً لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح كما قال تعالى [ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ] ، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم كما قال تعالى [ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ]
وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله ، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين ، وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به ، وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن ، كالحزين على مصيبة في دينه ، وعلى مصائب المسلمين عموماً فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر
الزهد المشـروع : هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة، وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله ، والورع المشـروع : هـو ترك ما قد يضر في الدار الآخرة ، وهـو ترك المحرمـات والشبهات
الحمد على الضراء يوجبه مشهدان : أحدهما : علم العبد بأن الله سبحانه مستوجب لذلك ، مستحق له لنفسه ، فإنه أحسن كل شيء خلقه ، وأتقن كل شيء ، وهو العليم الحكيم الخبير الرحيم . والثاني : علمه بأن اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختياره لنفسه
المحبة مستلزمة للجهاد ، لأن المحب يحب ما يحب محبوبه ، ويبغض ما يبغض محبوبه ، ويوالي من يواليه ، ويعادي من يعاديه ، ويرضى لرضاه ، ويغضب لغضبه ، وهؤلاء هم الذين يرضى الرب لرضاهم ويغضب لغضبهم ، إذ هم إنما يرضون لرضاه ويغضبون لما يغضب له .
قال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) فبين سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول ، وأن اتباع الرسول يوجب محبة الله للعبد ، وهذه محبة امتحـن الله بها أهل دعوى محبة الله ، فإن هذا الباب تكثر فيه الدعاوى والاشتباه ، ولهذا يروى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده فقال : اسكتوا عن هذه المسألة لئلا تسمعها النفوس فتدعيها
والقرآن شفاء لما في الصدور ، ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل .
ابتلي يوسف بحسد إخوته له ، ثم إنهم ظلموه بتكلمهم في قتله وإلقائه في الجب وبيعه رقيقاً لمن ذهب به إلى بلاد الكفر ، ثم إن يوسف ابتلي بعد أن ظلم بمن يدعوه إلى الفاحشة ويراود عليها ويستعين عليه بمن يعينه على ذلك فاستعصم واختار السجن على الفاحشة ، وآثر عذاب الدنيا على سخط الله ، فكانت هذه أعظم في محنته ، وكان صبره هنا صبراً اختيارياً اقترن به التقوى ، بخلاف صبره على ظلمهم فإن ذلك كان من باب المصائب التي من لم يصبر عليها صبر الكرام سلا سلو البهائم ، والصبر الثاني أفضل الصبرين
الحسد مرض من أمراض النفس ، وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا قليل من الناس ، ولهذا يقال : ما خـلا جسد من حسد ، لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه ، وقد قيل للحسن البصري : أيحسد المؤمن ؟ فقال : ما أنساك إخوة يوسف لا أبا لك .
وإذا كان القلب محباً لله مخلصاً له الدين ، لم يبتل بحب غيره أصلاً ، فضلاً أن يبتلى بالعشق ، وحيث ابتلى بالعشق فلنقص محبة الله وحده ، ولهذا لما كان يوسف محباً لله مخلصاً له الدين لم يبتل بذلك ، بل قال الله تعالى ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )
وما يبتلى بالعشق أحد إلا لنقص توحيده وإيمانه ، وإلا فالقلب المنيب إلى الله الخائف منه ، فيه صارفان يصرفانه عن العشق : أحدهما : إنابته إلى الله ومحبته له ، فإن ذلك ألذ وأطيب من كل شيء .والثاني : خوفه من الله .
وكل من أحب شيئاً بعشق أو غير عشق فإنه يصرف عن محبته بمحبة ما هو أحب إليه منه إذا كان يزاحمه ، وينصرف عن محبته بخوف حصول ضرر يكون أبغض إليه من ترك ذاك الحب
قال تعالى ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) أي حسبك وحسب من اتبعك الله ، ومن ظن أن المعنى حسبك الله والمؤمنون معه فقد غلط غلطاً فاحشاً
ويروى عن عمر أنه قال ( الطمع فقر ، واليأس غنى ، وإن أحدكم إذا يئس من شيء استغنى عنه ) وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه ، فإن الأمر الذي ييأس منه لا يطلبه ولا يطمع به ، ولا يبقى قلبه فقيراً إليه ، ولا إلى من يفعله .
من أعظم أسباب هذا البلاء [ العشق المحرم ] إعراض القلب عن الله ، فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله والإخلاص له لم يكن عنده شيء قط أحلى من ذلك ، ولا ألذ ولا أطيب ، والإنسان لا يترك محبوباً إلا بمحبوب آخر يكون أحب إليه منه أو خوفاً من مكروه ، فالحب الفاسد إنما ينصرف القلب عنه بالحب الصالح ، أو بالخوف من الضرر
قال تعالى في حق يوسف ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) فالله يصرف عن عبده ما يسوءه من الميل إلى الصور والتعلق بها ، ويصرف عنه الفحشاء بإخلاصه لله
فإذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد كان دليلاً على ضعف محبة الله ورسوله في قلبه ، ومعلوم أن المحبوبات لا تنال غالباً إلا باحتمال المكروهات .
وكثير ما يقرن الناس بين الرياء والعجب ، فالرياء من باب الإشراك بالخلق ، والعجب من باب الإشراك بالنفس ، وهذا حال المستكبر ، فالمرائي لا يحقق قوله ( إياك نعبـد ) والمعجب لا يحقـق قوله ( إياك نستعين ) فمن حقـق قوله ( إياك نعبد ) خرج عـن الرياء ، ومن حقق قوله ( وإياك نستعين ) خرج عن الإعجاب
ويوسف – عليه السلام – همّ هماً تركه لله ، ولذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء لإخلاصه ، فيوسف لم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها ، وأما ما ينقل : من أنه حل سراويله ، وجلس مجلس الرجل من المرأة ، وأنه رأى صورة يعقوب عاضاً على يده وأمثال ذلك ، فكله مما لم يخبر الله به ولا رسوله ، وما لم يكن كذلك فإنما هو مأخوذ عن اليهود الذين هم أعظم الناس كذباً على الأنبياء وقدحاً فيهم
من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر وما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحداً سواه ، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره ، فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه ، وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ، والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو الجدب ، أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن
فالغناء رقية الزنا ، وهو من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش ، ويكون الرجل والصبي والمرأة في غاية العفة والحرية حتى يحضره ، فتنحل نفسه وتسهل عليه الفاحشة ويميل لها فاعلاً أو مفعولاً به أو كلاهما كما يحصل بين شاربي الخمر وأكثر
والاستمناء لا يباح عند أكثر العلماء سلفاً وخلفاً سواء خشي العنت أو لم يخش ذلك ، وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي ( العنت ) وهو الزنا واللواط خشية شديدة خاف على نفسه من الوقوع في ذلك فأبيح له ذلك لتكسير شدة عنته وشهوته ، وأما من فعل ذلك تلذذاً أو تذكراً أو عادة ، بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كأنه يجامعها ، فهذا كله محرم لا يقول به أحمد ولا غيره
فلا تزول الفتنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كله لله عز وجل ، فيكون حبه لله ، ولما يحبه الله ، وبغضه لله ، ولما يبغضه الله
- قول بعض الناس : الثواب على قدر المشقة ليس بمستقيم ، ولو قيل : الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته لكان صحيحاً ، فأما كونه مشقاً فليس هو سبباً لفضل العمل ورجحانه ، ولكن قد يكون العمل الفاضل مشقاً ففضله لمعنى غير مشقته ، والصبر عليه مع المشقة يزيد ثوابه وأجره ، فيزداد الثواب بالمشقة كما أن من كان بعده عن البيت في الحج والعمرة أكثر ، يكون أجره أعظم من القريب ، كما قال النبي لعائشة في العمرة : أجرك على قدر نصبك ، فكثيراً ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب ، لا لأن التعب والمشقة مقصود من العمل ، ولكن لأن العمل مستلزم للمشقة والتعب
فالذنوب إنما تقع إذا كانت النفوس غير ممتثلة لما أمرت به ، فمن مالت نفسه إلى محرّم ، فليأت بعبادة الله كما أمر الله مخلصاً له الدين ، فإن ذلك يصرف عنه السوء والفحشاء
أما لفظ ( الصوفية ) فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة ، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك ، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي ، فقيل : إنه نسبة إلى ( أهل الصفة ) وهو غلط ، لأنه لو كان كذلك لقيل ( صُفِّي ) وقيل : نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله ، وهو أيضاً غلط ، فإنه لو كان كذلك لقيل : صَفِّي ، وقيل : نسبة إلى الصفوة من خلق الله ، وهو غلط ، لأنه لو كان كذلك لقيل : صفوي ، وقيل : وهو المعروف : أنه نسبة إلى لبس الصوف