فوائد من كتاب صفة الصفوة 7
حكمــــــة
عن الأعمش، عن إبراهيم النخعى قال: لقد أدركت أقواما لو بلغني أن أحدهم توضأ على ظفره لم أعده. وعن محمد بن سوقة قال: زعموا أن إبراهيم النخعي كان يقول: كنا إذا حضرنا جنازة أو سمعنا بميت عرف فينا أياما لأنا قد عرفنا أنه قد نزل به أمر صيره إلى الجنة أو النار قال: وإنكم في جنائزكم تحدثون بأحاديث دنياكم.
حكمــــــة
قال إبراهيم التيمي: أعظم الذنب عند الله عز وجل أن يحدث العبد بما ستر الله عليه. وقال ايضا: مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحا. قال: قلت: فأنت في الأمنية فاعملي.
حكمــــــة
كان سبب حبس إبراهيم التيمي أن الحجاج طلب إبراهيم النخعي. فجاء الذي طلبه فقال: أريد إبراهيم. فقال إبراهيم التيمي: أنا إبراهيم، فأخذه وهو يعلم أنه إبراهيم النخعي. فلم يستحل أن يدله عليه، فجاء به الحجاج فأمر بحبسه في الديماس ولم يكن لهم ظل من الشمس ولا كن من البرد، وكان كل اثنين في سلسلة. فتغير إبراهيم فجاءته أمه في الحبس فلم تعرفه حتى كلمها. فمات في السجن.
حكمــــــة
قال الأعمش: ربما دخلنا على خيثمة فيخرج السلة من تحت السرير، فيها الخبيص والفالوذج، فيقول: ما أشتهيه كلوا، أما إني ما جعلته إلا لكم. وكان موسرا، وكان يصر الدراهم، فإذا الرجل من أصحابه مخرق القميص أو الرداء أو به خلة تحينه فإذا خرج من الباب خرج هو من باب آخر حتى يلقاه فيعطيه فيقول: اشتر قميصا اشتر رداء، اشتر حاجة كذا.
حكمــــــة
عن الأعمش، عن خيثمة قال: تقول الملائكة: يا رب عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرضه للبلاء؟ قال: فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه فإذا رأوا ثوابه قالوا: يا رب لا يضره ما أصابه في الدنيا. قال: ويقولون: عبدك الكافر تزوي عنه البلاء وتبسط له الدنيا؟ قال: فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن عقابه. قال: فإذا رأوا عقابه قالوا: يا رب لا ينفعه ما أصابه من الدنيا.
حكمــــــة
عن محمد بن خالد الضبي قال: لم نكن ندري كيف يقرأ خيثمة بن عبد الرحمن القرآن، حتى مرض فثقل، فجاءته امرأة فجلست بين يديه فبكت. فقال لها: ما يبكيك؟ الموت لا بد منه. فقالت له المرأة: الرجال بعدك علي حرام. فقال لها خيثمة: ما كل هذا أردت منك، إنما كنت أخاف رجلا واحدا وهو أخي محمد بن عبد الرحمن، وهو رجل فاسق يتناول الشراب فكرهت أن يشرب في بيتي الشراب بعد إذ القرآن يتلى فيه كل ثلاث. عن سفيان، عن رجل، عن خيثمة: أنه أوصى أن يدفن في مقبرة فقراء قومه.
حكمــــــة
قال القاسم بن مخيمرة: ما اجتمع على مائدتي لونان من طعام واحد، ولا أغلقت بابي ولي خلفه هم. قال القاسم: وأتيت عمر بن عبد العزيز فقضى عني سبعين دينارا وحملني على بغلة وفرض لي في كل سنة خمسين. فقلت: أغنني عن التجارة. فسألني عن حديث، فقلت هيبتني يا أمير المؤمنين. كأنه كره أن يحدثه به على هذا الوجه.
حكمــــــة
قال ابن أبي غنية: حدثني شيخ عمن حدثته قالت: أرسل إلي طلحة بن مصرف: إني أريد أن أوتد في حائطك وتدا. فأرسلت إليه نعم - قالت: ودخلت خادمنا منزل طلحة تقتبس نارا وطلحة يصلي. فقالت لها امرأته: مكانك يا فلانة حتى نشوي لأبي محمد هذا القديد على قصبتك يفطر عليه. فلما قضى صلاته قال: ما صنعت لا أذوقه حتى ترسل إلى سيدتها لحبسك إياها وشوائك على قصبتها. عن حريش بن سليم قال: كان طلحة بن مصرف يقول في دعائه: اللهم اغفر لي رئائي وسمعتي.
حكمــــــة
قال سفيان: كان زبيد إذا كانت الليلة مطيرة أخذ شعلة من النار فطاف على عجائز الحي فقال: أوكف عليكم بيت؟ أتريدون نارا؟ فإذا أصبح طاف على عجائز الحي فقال: ألكم في السوق حاجة؟ أتريدون شيئا؟ قال وكيع: وحدثني أبي قال: كنت جالسا مع زبيد فأتاه رجل ضرير يريد أن يسأله. فقال له زبيد: إن كنت تريد أن تسأل عن شيء فإن معي غيري.
حكمــــــة
قام زبيد ذات ليلة ليتهجد قال: فعمد إلى مطهرة له قد كان يتوضأ منها فغمس يده في المطهرة. فوجد الماء باردا شديدا كاد يجمد من شدة برده فذكر الزمهرير ويده في المطهرة. فلم يخرجها منها حتى أصبح. فجاءت الجارية وهي على تلك الحال فقالت: ما شأنك يا سيدي لم تصل الليلة كما كنت تصلي وأنت قاعد ها هنا على هذه الحال؟ قال ويحك أدخلت يدي في هذه المطهرة فاشتد علي برد الماء فذكرت به الزمهرير، فوالله ما شعرت بشدة برد يدي حتى وقفت علي، فانظري لا تحدثني بها أحدا ما دمت حيا. قال: فما علم بذلك أحد حتى مات.
حكمــــــة
عن عون بن عبد الله أنه كان يقول في بكائه وذكر خطيئته: ويح نفسي، بأي شيء لم أعص ربي؟ويحي إنما عصيته بنعمته عندي، ويحي من خطيئة ذهبت شهوتها وبقيت تبعتها عندي، ويحي كيف أنسى الموت ولا ينساني؟ ويحي إن حجبت يوم القيامة عن ربي، ويحي كيف أغفل ولا يغفل عني؟ أم كيف تهنئني معيشتي واليوم الثقيل ورائي؟ أم كيف لا تطول حسرتي ولا أدري ما يفعل بي؟
حكمــــــة
كان محمد بن جحادة من العابدين، وكان يقال إنه لا ينام من الليل إلا أيسره. رأت امرأة من جيرانه كأن حللا فرقت على أهل مسجدهم لما انتهى الذي يفرقها إلى محمد بن جحادة دعا بسفط مختوم أخرج منه حلة صفراء. قالت: فلم يقم لها بصري فكساه إياها وقال له: هذه لك بطول السهر. قالت تلك المرأة: فوالله لقد كنت أراه بعد ذلك فأخالها عليه.
حكمــــــة
عن زائدة بن قدامة قال: صام منصور بن المعتمر أربعين سنة قام ليلها وصام نهارها، وكان الليل يبكي فتقول له أمه: يا بني أقتلت قتيلا؟ فيقول: أنا أعلم بما صنعت بنفسي قال: فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس. فأخذه يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء فامتنع. قال: فجاءه خصمان فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما. وقيل ليوسف بن عمر: إنك لو نثرت لحمه لم يل لك قضاء فخلى عنه.
حكمــــــة
عن خلف بن تميم قال: سمعت أبي يذكر قال: قدم علينا كرز بن وبرة الحارثي من جرجان، فانجفل إليه قراء أهل الكوفة فكنت فيمن أتاه وما سمعت منه إلا كلمتين. قال: صلوا على نبيكم فإن صلاتكم تعرض عليه. وقال: اللهم اختم لنا بخير، وما رأيت في هذه الأمة أعبد من كرز، كان لا يفتر، وكان يصلي في المحمل فإذا أنزل من المحمل افتتح الصلاة.
حكمــــــة
عن صبيح مولى كرز بن وبرة قال: أخبرني أبو سليمان المكتب قال: صحبت كرزا إلى مكة فكان إذا نزل أدرج ثيابه فألقاها في الرحل ثم تنحى للصلاة، فإذا سمع رغاء الإبل أقبل. قال: فاحتبس يوما عن الوقت وانبث أصحابه في طلبه، فكنت فيمن طلبه، قال فأصبته في وهدة يصلي في ساعة حارة، وإذا سحابة تظله، فلما رآني أقبل نحوي فقال: يا أبا سليمان لي إليك حاجة قلت: وما حاجتك؟ قال: أحب أن تكتم ما رأيت. قال: قلت: ذلك لك. قال: أوثق لي، فحلفت أن لا أخبر به أحدا حتى يموت.
حكمــــــة
عن محمد بن فضيل قال: سمعت أبي يقول: لم يرفع كرز بن وبرة رأسه إلى السماء منذ أربعين سنة. عن عمرو بن حميد قال: أخبرني رجل من أهل جرجان قال: لما مات كرز رأى رجل فيما يرى النائم كأن أهل القبور جلوس على قبورهم، وعليهم ثياب جدد، فقيل لهم: ما هذا؟ فقالوا، إن أهل القبور كسوا ثيابا جددا لقدوم كرز عليهم.