فوائد من كتاب الزهد لابن المبارك 2
حكمــــــة
صفوان بن عَمْرو قَالَ حدثني شريح بن عُبَيد الحضري قَالَ قَالَ عُمَر بن الخطاب لكعب خوفنا يا كعب فقال والله إن لله ملائكة قياما منذ خلقهم الله ما ثنوا أصلابهم وآخرين ركوعا ما رفعوا أصلابهم وآخرين سجودا ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة فيقولون جميعا سبحانك وبحمدك ما عبدناك ككنه ما ينبغي لك أن تعبد ثم قَالَ والله لو أن لرجل يومئذ كعمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ والله لو دلي من غسلين دلو واحد في مطلع الشمس لفلت منه جماجم قوم في مغربها والله لتزفرن جهنم زفرة لاَ يبقى ملك مقرب ولا غيره إلاَّ خر جاذيا - أو جاثيا - على ركبتيه يقول نفسي نفسي وحتى نبينا وإبراهيم وإسحاق يقول رب أنا خليلك إبراهيم قَالَ فأبكى القوم حتى نشجوا فلما رأى ذلك عُمَر قَالَ يا كعب بشرنا فقال أبشروا فإن لله تعالى ثلاثمِئَة وأربع عشرة شريعة لاَ يأتي أحد بواحدة منهن مع كلمة الإخلاص إلاَّ أدخله الله الجنة بفضل رحمته والله لو تعلمون كل رحمة الله تعالى لأبطأتم في العمل والله لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من هذه السماء الدنيا في ليلة ظلماء مغدرة لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضيء القمر ليلة البدر ولوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض والله لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم
حكمــــــة
عَن الشعبي قَالَ لقي جبرئيل عيسى ابن مريم فقال السلام عليك يا روح الله قَالَ وعليك السلام يا روح الله قَالَ يا جبرئيل متى الساعة قَالَ فانتفض جبرئيل في أجنحته ثم قَالَ ما المسئول عنها بأعلم من السائل ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً أو قَالَ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ
حكمــــــة
عَن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول لو أني أكون كما أكون على أحوال ثلاث من أحوالي لكنت حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ وإذا سمعت خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي صائرة إليه
حكمــــــة
عَن معاوية بن قرة قَالَ قَالَ أبو الدرداء أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث أضحكني مؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول عنه وضاحك بملء فيه ولا يدري أرضى الله أم أسخطه وأبكاني فراق الأحبة مُحَمد وحزبه وهول المطلع عند غمرات الموت والوقوف بين يدي الله عز وجل يوم تبدو السريرة علانية ثم لاَ أدري إلى الجنة أم إلى النار
حكمــــــة
عَن رجل من بني عامر قَالَ قَالَ علي بن أبي طالب إنما أخشى عليكم اثنين طول الأمل واتباع الهوى فإن طول الأمل ينسي الآخرة وإن اتباع الهوى يصد عَن الحق وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
حكمــــــة
عَن أبا سنان الشيباني يقول فرغ الله من خلق السموات والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين من يوم الجمعة فخلق الآفة في ساعة والأجل في ساعة فلا أدري بأيتهما بدأ وخلق آدم في الساعة الآخرة فقالت اليهود فجلس هكذا يوم السبت فأنزل الله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ
حكمــــــة
عَن عَبد الله بن عَمْرو بن العاص قَالَ ثلاث صاحبهن جواد مقتصد فرائض الله يقيمها ويتقي السوء ويقل الغفلة وثلاث لاَ تحقرن خيرا تبتغيه ولا شرا تتقيه ولا يكبرن عليك ذنب أن تستغفره وإياك واللعب فإنك لن تصيب به دنيا ولن تدرك به آخرة ولن ترضي به المليك وإنما خلقت النار للسخطة وإني أحذرك سخط الله عز وجل
حكمــــــة
عَن أَخْبَرَنَا سَعِيد بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَلَّى بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ سَأَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُخَادِشٍ الْحَسَنَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيد كَيْفَ نَصْنَعُ بِمُجَالَسَةِ أَقْوَامٍ هَهُنَا يُحَدِّثُونَنَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا أَنْ تَطِيرَ قَالَ أَيُّهَا الشَّيْخُ إِنَّكَ وَاللَّهِ لأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى تُدْرِكَ أَمَّنَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى تَلْحَقَكَ الْمَخَاوِفَ
حكمــــــة
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إن المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله عز وجل وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة إن المؤمن يفجأه الشيء يعجبه فيقول والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من صلة إليك هيهات هيهات حيل بيني وبينك ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا ما لي ولهذا والله لاَ أعود إلى هذا أبدا إن شاء الله إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته لاَ يأمن شيئا حتى يلقى الله يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه في بصره في لسانه في جوارحه يعلم أنه مأخوذ عليه في ذلك كله
حكمــــــة
عَن عباد المنقري قَالَ حَدَّثَنَا بكر بن عَبد الله المزني قَالَ نزلت هذه الآية وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ذهب عَبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى فجاءت امرأته فبكت فجاءت الخادم فبكت وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون فلما انقطعت عبرته قَالَ يا أهلاه ما الذي أبكاكم قالوا لاَ ندري ولكن رأيناك بكيت فبكينا قَالَ إنه أنزلت على رسول الله آية ينبئني فيها ربي عز وجل أني وارد النار ولم ينبئني أني صادر عنها فذلك الذي أبكاني
حكمــــــة
عَن وهب بن منبه قَالَ إن في حكمة آل داود حق على العاقل أن لاَ يغفل عَن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه عز وجل وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عَن نفسه وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فإن هذه الساعة عون على هذه الساعات وإجمام للقلوب وحق على العاقل أن يعرف زمانه ويحفظ لسانه ويقبل على شأنه وحق على العاقل أن لاَ يظعن إلاَّ في إحدى ثلاث زاد لمعاده ومرمة لمعاشه ولذة في غير محرم
حكمــــــة
عَن مُحَمد بن عَمْرو قَالَ سَمِعْتُ وهب بن منبه يقول وجدت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول إن عبدي إذا أطاعني فإني أستجيب له قبل أن يدعوني وأعطيه من قبل أن يسألني وإن عبدي إذا أطاعني فلو أجلب عليه أهل السموات وأهل الأرض جعلت له المخرج من ذلك وإن عبدي إذا عصاني فإني أقطع يديه من أبواب السموات وأجعله في الهواء لاَ ينتصر من شيء من خلقي
حكمــــــة
عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِنَّ الْجَبَلَ يَقُولُ لِلْجَبَلِ يَا فُلانُ هَلْ مَرَّ بِكَ الْيَوْمَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قَالَ نَعَمْ سُرَّ بِهِ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللهِ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا إِلَى قَوْلِهِ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا قَالَ أَفَتَرَاهُنَّ يَسْمَعْنَ الزُّورَ وَلا يَسْمَعْنَ الْخَيْرَ
حكمــــــة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا مِنْ صَبَاحٍ وَلا رَوَاحٍ إِلا تُنَادِي بِقَاعُ الأَرْضِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ يَا جَارَةُ هَلْ مَرَّ بِكِ الْيَوْمَ عَبْدٌ يُصَلِّي عَلَيْكِ لِلَّهِ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ عَلَيْكِ فَمِنْ قَائِلَةٍ لاَ وَمِنْ قَائِلَةٍ نَعَمْ فَإِذَا قَالَتْ نَعَمْ رَأَتْ لَهَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَضْلاً
حكمــــــة
عَن غالب بن عجرد قَالَ حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قَالَ إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم تكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلاَّ أصابوا منها منفعة أو كان لهم فيها منفعة فلم يزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم اتخذ الله ولدا فلما قالوها اقشعرت الأرض وشاك الشجرة
حكمــــــة
عَن عَبد الله بن أبي الهذيل قَالَ خرج عمار بن ياسر إلى أصحابه وهم ينتظرونه فقالوا أبطأت علينا أيها الأمير فقال أما إني سأحدثكم حديثا كان أخ لكم ممن كان قبلكم وهو موسى صلى الله عليه وسلم قَالَ يا رب أخبرني بأحب خلقك إليك قَالَ لم قَالَ لأحبه لك قَالَ سأحدثك، رجل في طرف من الأرض يعبدني ويسمع به أخ له في طرف الأرض الأخرى لاَ يعرفه فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته لاَ يحبه إلاَّ لي فذلك أحب خلقي إلي ثم قَالَ موسى يا رب خلقت خلقا فجعلتهم في النار فأوحى الله تعالى إليه أن يا موسى ازرع زرعا فزرعه وسقاه وقام عليه حتى حصده وداسه فقال له ما فعل زرعك يا موسى قَالَ رفعته قَالَ فما تركت منه قَالَ ما لاَ خير فيه قَالَ فإني لاَ أدخل النار إلاَّ من لاَ خير فيه
حكمــــــة
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَحِبَّ لِلَّهِ وَأَبْغِضْ لِلَّهِ وَعَادِ فِي اللهِ وَوَالِ فِي اللهِ فَإِنَّهُ لاَ تُنَالُ وِلايَةُ اللهِ إِلا بِذَلِكَ وَلا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الإيمَانِ وَإِنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ صَارَتْ مُواخَاةُ النَّاسِ الْيَوْمَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ مَا لاَ يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِهِ شَيْئًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حكمــــــة
عَنِ مالك بن مغول قَالَ بلغنا أن عيسى ابن مريم قَالَ يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغضكم أهل المعاصي وتقربوا إليه بما يباعدكم منهم والتمسوا رضاه بسخطهم - قَالَ لاَ أدري بأيتهن بدأ - قالوا يا روح الله فمن نجالس قَالَ جالسوا من يذكركم بالله رؤيته ومن يزيد في علمكم منطقه ومن يرغب في الآخرة عمله
حكمــــــة
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَلِيسُ الصِّدْقِ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ وَمَثَلُ جَلِيسِ الصِّدْقِ مَثَلُ صَاحِبِ الْعِطْرِ إِنْ لَمْ يُحْذِكَ يُعْبِقْكَ مِنْ رِيحِهِ وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ مَثَلُ الْقَيْنِ إِنْ لَمْ يَحْرِقْكَ يُعْبِقْكَ مِنْ رِيحِهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ لتَقَلُّبِهِ وَمَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ فِي فَلاةٍ أَلْجَأَتْهُ الرِّيحُ إِلَى شَجَرَةٍ فَالرِّيحُ تَصْفِقُهَا ظَهْرًا لِبَطْنٍ
حكمــــــة
عَنِ سَعِيد بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ آخِذًا بثَمَرَةِ لِسَانِهِ وَهُوَ يَقُولُ وَيْحَكَ قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ أَوِ اسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ وَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا لَكَ آخِذًا بثَمَرَةِ لِسَانِكَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ بأَحْنَقَ مِنْهُ عَلَى لِسَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ