فوائد من مدارج السالكين 2
حكمــــــة
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول:كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب له فيها ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر،وأما صبره عن المعصية:فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس
حكمــــــة
الحياء له أنواع. منها حياء الجناية: ومنه حياء آدم عليه السلام لما فر هارباً في الجنة قال الله تعالى: أفراراً مني يا آدم قال: لا يا رب بل حياء منك. وحياء الكرم: كحياء النبي من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا الجلوس عنده فقام واستحيى أن يقول لهم: انصرفوا. وحياء الحشمة: كحياء علي بن أبي طالب أن يسأل رسول الله عن المذي لمكان ابنته منه
حكمــــــة
للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق مشاهد. منها: مشهد الصبر فيشهده ويشهد وجوبه وحسن عاقبته وجزاء أهله وما يترتب عليه من الغبطة والسرور. مشهد العفو والصفح والحلم فإنه متى شهد ذلك وفضله وحلاوته وعزته: لم يعدل عنه إلا لعشي في بصيرته فإنه ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، هذا وفي الصفح والعفو والحلم: من الحلاوة والطمأنينة والسكينة وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تشفيها بالانتقام: ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام
حكمــــــة
قال المسيح عليه السلام: (إن كنت قلته فقد علمته) ولم يقل: لم أقله وفرق بين الجوابين في حقيقة الأدب، ثم أحال الأمر على علمه سبحانه بالحال وسره فقال: (تعلم ما في نفسي) ثم برأ نفسه عن علمه بغيب ربه وما يختص به سبحانه فقال: (ولا أعلم ما في نفسك) ثم أثنى على ربه ووصفه بتفرده بعلم الغيوب كلها فقال: (إنك أنت علام الغيوب)
حكمــــــة
الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين: قد مثلت المراتب الثلاثة بمن أخبرك: أن عنده عسلاً وأنت لا تشك في صدقه، ثم أراك إياه فازددت يقيناً، ثم ذقت منه، فالأول: علم اليقين، والثاني: عين اليقين، والثالث: حق اليقين. فعلمنا الآن بالجنة والنار: علم يقين، فإذا أزلفت الجنة في الموقف للمتقين وشاهدها الخلائق وبرزت الجحيم للغاوين وعاينها الخلائق فذلك: عين اليقين، فإذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار: فذلك حينئذ حق اليقين.