فوائد من كتاب فتح الباري لابن رجب الحنبلي رحمه الله ..
حكمــــــة
الأعياد: هي مواسم الفرح والسرور، وأنما شرعَ الله لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته وكمال رحمته كما قال الله تعالى {قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا} فشرع لهم عيدين في سنةٍ وعيداً في كل أسبوع...
فأما الأعياد التي يجتمع عليها الناس فلا يتجاوز بها ما شَرَعَهُ الله لرسولهِ وشَرَعَهُ الرسول ُ لأمته.
فهذا قد يؤخذ منه أن الأعياد لا تكون بالرأي والاختراع كما يفعله أهل الكتابين من قبلنا؛ إنما تكون بالشرع والاتباع...
حكمــــــة
في حديث تحويل القبلة فائدة ذكرها ابن رجب "فقال رحمه الله:
ويستدل به على أن حكم الخطاب لا يتعلق بالمكلف قبل بلوغه إياه، ويستدل به على التقديرين- على قبول خبر الواحد الثقة في أمور الديانات مع إمكان السماع من الرسول صلى الله عليه وسلم بغير واسطة فمع تعذر ذلك أولى وأحرى..
وأن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن .
حكمــــــة
وأما الإحسان ففسره بنفوذ البصائر في الملكوت حتى يصير الخير للبصيرة كالعيان فهذه أعلى درجات الإيمان ومراتبه.
ويتفاوتون المؤمنون والمحسنون في تحقيق هذا المقام تفاوتاً كثيراً بحسب تفاوتهم في قوة الإيمان والإحسان...
قال بعض السلف :
من عمل لله على المشاهدة فهو عارف، ومن عمل على مشاهدة الله إياه فهو مخلصٌ .
حكمــــــة
فسر عبيدة السليماني قول الله عز وجل (يُدْنِين عليهن من جلابيبهن) بأنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها وهذا كان بعد نزول الحجاب، وقد كن قبل الحجاب يظهرن بغير جلباب ويُرى من المرأة وجهها وكفَّاها وكان ذلك ما ظهر منها من الزينة في قوله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ثم أمرت بستر وجهها وكفيها..
وأما الوجه فقد ذكر ابن المنذر وغيره الإجماع على جواز كشفه في الصلاة ..
وهذا يدل على أن أخذ المرأة الجلباب في صلاة العيدين ليس هو لأجل الصلاة؛ بل هو للخروج بين الرجال، ولو كانت المرأة حائضا ًلا تصلي فإنها لا تخرج بدون جلباب ..
حكمــــــة
هذا الحديث - النهي عن الدخول في أرض المعذبين- نص في المنع من الدخول على مواضع العذاب إلا على أكمل حالات الخشوع والاعتبار وهو البكاء من خشبة الله وخوف عقابه الذي نزل بمن كان في تلك البقعة، وأن الدخول على غير هذا الوجه يُخشى من إصابةُ العذابِ الذي أصابهم.([206])
.. -وفي هذا تحذير من الغفلة عن تدبر الآيات، فمن رأى ما حلَّ بالعصاةِ ولم يتنبه بذلك من غفلته ولم يتفكر في حالهم ويعتبر بهم فليحذر من حلول العقوبة به؛ فإنها إنما حلّتْ بالعصاةِ لغفلتهم عن التدبّر وإهمالهم اليقظة والتذكر.
حكمــــــة
وروى حمّاد بن سلمة في جامعه عن أبي جعفر الخطمي أن عبدالله ابن رواحة كان يقول وهم يبنون مسجد قباءٍ: أفلح من يُعالجُ المساجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المساجدا" يقرأ القرآن قائماً وقاعداً فقال النبي صلى الله وسلم "قاعداً لا يبيت عنه الليل راقداً فقال النبي صلى الله عليه وسلم "رقداً"
..-ويؤخذ من هذا: أنواعٌ من الاعتبار، منها:حاجة النفس إلى التلطف بها في حمل أثقال التكليف حتى تنشطَ للقيام بها، ويهونَ بذلك عليها الأعمال الشاقةُ على النفسِ من الطاعات.
ومنها: احتياج الإنسان في حمل ثقلِ التكليفِ إلى من يُعاونهُ على طاعة الله ويُنشِطُهُ لها بالمواعظ وغيرها كما قال تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى..} وقال {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}
حكمــــــة
وقد كان بعض المتقدمين يمشي بين يديه الشيطان في الليل إلى المسجد بضوء، فمنهم من يفطن لذلك فلم يغتر به، ومنهم من قل علمه فاغتر وافتتن بذلك؛ فإن جنس هذه الخوارق تُخشى منها الفتنة إلا لمن قوي إيمانه ورسخ في العلم قدمه وميّز بين حقها وباطلها.
والحق منها فتنةٌ -أيضاً- فإنه شبيه بالقدرة والسلطان الذي يعجزُ عنه كثيرٌ من الناس فالوقوف معه والعُجبُ به مهلك...
حكمــــــة
ولما كانت الصلاة صلةٌ بين العبد وربه، وكان المصلِّي يناجي ربه، وربُّهُ يقرِّبهُ منه لم يصلح للدخول في الصلاة إلا من كان طاهراً في ظاهره وباطِنِهِ؛ ولذلك شُرِعَ للمصلِّي أن يتطهر بالماء فيكفِّرَ ذنوبَهُ بالوضوء ثم يمشي إلى المساجد فيكفر ذنوبه بالمشي، فَإِنْ بقي من ذنوبِهِ شيءٌ كفرتهُ الصلاةُ.
حكمــــــة
الصلاة هي قوتُ قلوبِ المؤمنين وغذاؤها؛ بما اشتملت عليه من ذكر الله، ومناجاته، وقربه، فمن أتمَّ صلاتهُ فقد استوفى غذاء قلبهُ، وروحه فما دام على ذلك كَمُلتْ قوته ودامت صحته وعافيته، ومن لم يُتِمَّ صلاتهُ فلم يستوفِ قلبُهُ وروحُهُ قوتَهَا وغذاءها، فجاعَ قلبه وضعف، وربما مرِضَ أو مات لفقد غذائِهِ كما يمرضُ الجسدُ ويسقمُ إذا لم يكمُلْ بتناول غذائِهِ وقوتِهِ الملائم له