كتاب التلخيص لوجوه التخليص لأبي محمد ابن حزم رحمه الله
حكمــــــة
فوالله أيها الأحبة إن أحدنا ليشتد روعه، ويخفق قلبه من وعيد آدمي ضعيف مثله لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، فكيف بذلك اليوم المذكور، وبعذاب أهونه الوقوف في حال دنو الشمس من الرءوس، وبلوغ العرق إلى أكثر مساحة الأجسام، في يوم طوله خمسون ألف عام، ثم بعد ذلك يرى مصيره إما إلى جنةٍ أو إلى نار، فأين المفر إلا إلى الله وحده لا شريك.
حكمــــــة
فوالله إن أحدنا ليستشنع موقف جنايته أو موقف قصاصه بين يدي مخلوق ضعيف، فكيف بين يدي الخالق الذي ليس كمثله شيء، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء فكيف بنار أشد من نارنا بسبعين ضعفاً فتأملوا ذلك عافانا الله وإياكم منها في فعل الصواعق في صم الهضاب وشم الجبال، فإنها تبلغ في التأثير فيها في ساعة ما لا تبلغه نارنا لو وقدناها هنالك عاماً مجرمًا، فكيف بجلود ضعيفة ونفوس ألِمَة.
حكمــــــة
وأنا أكره لكل أحد أن يزيد على عدد ما كان يتنفَّل به نبيه محمد ﷺ لوجهين: أحدهما قول الله عز وجل: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} والثاني: أن يخطر الشيطان في قلبه فيوسوس أنه قد فعل من الخير أكثر مما كان يفعله محمد ﷺ، فيهلك في الأبد ويحبط عمله، ويجد صلاته وصيامه في ميزان سيئاته، فيا لها مصيبة ما أعظمها، أن يحصل في جملة من قال الله تعالى: {وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارًا حامية}
حكمــــــة
- واعلموا رحمكم الله أني أقول إعلانًا لا أسره أن تقليد الآراء لم يكن قط في قرن الصحابة رضي الله عنهم، ولا في قرن التابعين ولا في قرن تابع التابعين، وهذه هي القرون التي أثنى النبي ﷺ عليها، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان النبي ﷺ، وأنه لا سبيل إلى وجود رجل في القرون الثلاثة المتقدمة قلَّد صاحبًا أو تابعًا أو إمامًا أخذ عنه في جميع قوله فأخذه كما هو وتدين به وأفتى به الناس!
حكمــــــة
فمن جمع إلى هذا - أي قراءة كتب الرأي متدينًا بها دون عرضها على الكتاب والسنة - استحلال مخالفة ما روي عن النبي ﷺ مما يعتقد صحته عنه عليه السلام لقول أحد دونه، واعتقد أن هذا جائز فهو كافر مشرك مرتد عن الديانة، منسلخ عن الإسلام، حلال الدم والمال. وروينا عن النبي أنه قال: «كل أحد يدخل الجنة إلا من أبى. قيل: يا رسول الله ومن يأبى قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى»
حكمــــــة
فإذا فاتنا الخَلاصُ فلا يفوتنا الاعتراف والندم والاستغفار، ولا نجمع بين ذنبين: ذنب المعصية، وذنب استحلالها، فيجمع الله علينا خزيين وضِعفين من العذاب، ونعوذ بالله من ذلك ولنكن كما قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}
حكمــــــة
فإذا فاتنا الخَلاصُ فلا يفوتنا الاعتراف والندم والاستغفار، ولا نجمع بين ذنبين: ذنب المعصية، وذنب استحلالها، فيجمع الله علينا خزيين وضِعفين من العذاب، ونعوذ بالله من ذلك ولنكن كما قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}