من أقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر قوي إيمانه
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الفرد إذا دعا إلى الله عز وجل، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، بآداب الدعوة وشروطها، وبحسب ما أنيط به، فإنه يقوى فيه أشياء إيمانية:
أولها: أنه يضعف تسلط الشيطان على النفس، ويكره الشر، وبالتالي يضعف أثر الشيطان عليه في تحبيب الشر إليه.
أثره عليه من جهة العزة، وخاصة في مثل هذا الزمن الذي انتشرت فيه كثير من الملهيات، والمغريات، والصادات عن الحق والالتزام به، والمغيرات للفطرة التي جعل الله الناس عليها، هو إذا دعا، وأمر، ونهى، ونشر الخير، فإنه يكون عنده عزة، هذه العزة تبعثه على عدم قبول الشر أن يدخل إليه، عدم قبول أن ينفذ إليه ما يعكر عليه دينه.
من أثر الدعوة إلى الله عز وجل على النفس أن الداعية إلى الله عز وجل يحب أهل الخير، ويعينهم، لأنه إذا أحب الدعوة، وأحب نشر دين الله عز وجل، وأحب تكثير الخير، فإنه حينئذ يحب أهل الخير، والمرء مع من أحب.
من أثر الدعوة على الإنسان في نفسه أن الداعية إلى الله عز وجل يشعر بالسعادة، ويشعر بانشراح الصدر، ليس عند الداعية إلى الله عز وجل قلق ولا ريب في صدره، ولا بعد عن السكينة والطمأنينة لأنه دعا.
وآخرها: أن الدعوة إلى الله عز وجل توطن الإنسان المسلم الذي يمشي في هذا السبيل، توطنه على أمر عظيم جلل، وهو حب الآخرة وعدم الركون إلى الدنيا، والركون إلى الدنيا وحب الدنيا هو رأس كل خطيئة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي ما قام أحد به كما ينبغي
قال العلامة ابن باز رحمه الله: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد كلها فروض كفاية، إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي، فكل له نصيبه من الدعوة حسب علمه...ونعتقد أنه ما قام أحد الآن بالواجب كما ينبغي فهذا الفرض الكفائي ما تم، فنتعقد أنه ينبغي لكل طالب علم أن يقوم بما يستطيع من الدعوة إلى الله والتوجيه إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل حسب طاقته:﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن:16] فلا ينبغي له أن يقول: الناس قاموا بهذا، أو هناك علماء لأن هذا مما يأتي به الشيطان ليثبط الناس عن الدعوة إلى الله والنهي عن المنكر.
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لوقوع العذاب والبلاء
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال في خطبة خطبها: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتؤولونها على خلاف تأويلها، ﴿ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم عملوا بالمعاصي، وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم، فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده
حكمــــــة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنزل الله بقومٍ عذاباً أصاب العذابُ من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم.) في الحديث تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بمن داهن، فكيف بمن رضي فكيف بمن أعان، نسأل الله السلامة.
استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف.
يكون إهلاك الجميع عند ظهور المنكر والإعلان بالمعاصي
حكمــــــة
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجب لكم) [أخرجه الترمذي وقال حديث حسن] قال الإمام المباركفوري رحمه الله: والمعنى والله، أنَّ أحد الأمرين واقع، إمّا الأمر والنهي منكم، وإمّا إنزال العذاب من ربكم، ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم، بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذاب، وإن لم يكونا كان عذاب عظيم.
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله:
إنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجباً للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة منها: أن مجرد السكوت فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت، فإنه كما يجب اجتناب المعصية، فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.
إذا ظهر الظلم فلم يغير فإن عقوبته، تعم الفاعل وغيره. وتتقى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر وقمع أهل الشر والفساد، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن.
الشيطان يُخوف المؤمنين بأوليائه فلا يأمرونهم بمعروف ولا ينهونهم عن منكر
قال الله جل جلاله: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]؛ قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن كيد عدو الله: أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان.
الشيطان يُخوف المؤمنين بأوليائه فلا يأمرونهم بمعروف ولا ينهونهم عن منكر
قال عبدالله العمري رحمه الله: إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه، فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى عن المنكر خوفاً ممن لا يملك لك ضراً ولا نفعاً، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه الهيبة.
حكمــــــة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ حيث يرعبهم ويخوِّفهم بأوليائه، وأنه يجب على المؤمن ألَّا يخاف من أولياء الشيطان؛ لقوله: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]، وكلما قوي الإيمان بالله قوي الخوف منه، وضعُف الخوف من أولياء الشيطان
عدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العقوبات الدينية
قال العلامة العثيمين رحمه الله: العقوبة أنواع كثيرة: منها ما يتعلق بالدين، وهي أشدُّها؛ لأن العقوبات الحسية قد يتنبَّه لها الإنسان، أما هذه فلا ينتبه لها إلا من وفَّقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك واجب، وعدم الغيرة على حرمات الله، وعدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك مصائب، ودليله قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾ [المائدة: 49] ـ
تلبيس إبليس على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: يلبس إبليس على بعض المتعبدين فيرى منكراً ولا ينكره، ويقول: إنما يأمر وينهى من قد صلح، وأنا ليس بصالح، فكيف آمر غيري، وهذا غلط لأنه يجب عليه أن يأمر وينهى، ولو كانت تلك المعصية فيه، إلا أنه متى أنكر متنزهاً عن المنكر أثَّر إنكاره.
الاتحاد وعدم التفرق من أسباب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنك
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: إليك سراً عظيماً من أسرار القرآن، فإن الله سبحانه وتعالى لما قال: ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:104]
والأمر بالمعروف كما قال ابن جرير: قوله: ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه، و ﴿ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ يعني: تنهون عن الشرك بالله، وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه.
لما ذكر الله هذه الآية _ ومعناها كما علمت في الشمول للدعوة إلى الله تعالى _ أعقبها الله تعالى بقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران:105] وفي هذا إشارة لطيفة وربط عظيم بين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والافتراق، فكأن هاتين الآيتين تشيران إلى أنه لا يمكن للأمة أن تقوم بهذا الواجب إلا إذا كانت متحدة متعاضدة متماسكة، أمة واحدة وجسد واحد، أما إذا افترقت الأمة، وتوازعتها النحل والأهواء والفرق، فهي عاجزة بنفسها، فلا يمكن لها القيام بالواجب عليها نحو غيرها.
حكمــــــة
قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد رحمه الله: الآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين ورفق ورحمة لكي يحبه الناس، ويستمعوا إلى لقوله، ولكي تنعطف قلوبهم إليه، لأنك تسعى لإصلاحهم ولمّ شملهم وتعليمهم وهدايتهم، لا الشماتة بهم وتحقيرهم وفضحهم والسخرية منهم، وهذا ديدن الطبيب، فإنه لا ينتهر المريض، بل يلين له القول، حتى يقبل منه، ويستمع إليه.
حكمــــــة
قال العلامة عبدالله بن حسن القعود رحمه الله: كلما كان الإنسان هادياً، وكان متحبباً إلى الناس، وكان ملتزماً للخير كان أدعى لقبول قوله وأسمع.
ومن الأساليب اللين والتودد يقول تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران:159] بين لنا الله سبحانه وتعالى أن اللين والتودد في الدعوة، وفي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ما لم يكن فيه إهانة للعلم، وإهانة للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر.
فالآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين ورفق ورحمة لكي يحبه الناس، ويستمعوا إلى لقوله، ولكي تنعطف قلوبهم إليه، لأنك تسعى لإصلاحهم ولمّ شملهم وتعليمهم وهدايتهم، لا الشماتة بهم وتحقيرهم وفضحهم والسخرية منهم، وهذا ديدن الطبيب، فإنه لا ينتهر المريض، بل يلين له القول، حتى يقبل منه، ويستمع إليه.
حكمــــــة
قال الإمام البقاعي رحمه الله: اعلموا أيها الإخوان....أنه لا يقدم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا من جعل نفسه هدفاً للحتوف، وتجرع مرّ الكلام ما هو أمرُّ من السهام، فإن الناهي عن المنكر يعاني الهوان الأكبر، بمعاداة كل شيطان من الإنس والجان يقوم عليه الجيلان، ويرشقه بسهام الأذى القبيلان، شياطين الإنس ظاهراً بالمقال والفعال وشياطين الجن باطناً بما يوحون إليهم من الضلال.
من أؤذى عند أمره ونهيه, فعليه بالصبر
قال عز وجل: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾[لقمان:17]قال السعدي رحمه الله: لما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر مشقة على النفوس أمره بالصبر على ذلك
حكمــــــة
قال الشيخ ناصر بن سعد الشثري: الإحسان إلى الخلق ليس بتحقيق مرادهم والسير على مقتضى ما تهواه نفوسهم، بل قد يكون من الإحسان إبعاد الإنسان عن هواه...فكم من إنسان يرغب فيما يلحق الضرر بنفسه كما يفعله أصحاب المخدرات والمسكرات فالإحسان إليهم يكون بردعهم عن ذلك وأمرهم بالمعروف وإلزامهم به ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بتركه