الاتحاد وعدم التفرق من أسباب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنك
الاتحاد وعدم التفرق من أسباب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنك
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: إليك سراً عظيماً من أسرار القرآن، فإن الله سبحانه وتعالى لما قال: ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:104]
والأمر بالمعروف كما قال ابن جرير: قوله: ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه، و ﴿ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ يعني: تنهون عن الشرك بالله، وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه.
لما ذكر الله هذه الآية _ ومعناها كما علمت في الشمول للدعوة إلى الله تعالى _ أعقبها الله تعالى بقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران:105] وفي هذا إشارة لطيفة وربط عظيم بين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والافتراق، فكأن هاتين الآيتين تشيران إلى أنه لا يمكن للأمة أن تقوم بهذا الواجب إلا إذا كانت متحدة متعاضدة متماسكة، أمة واحدة وجسد واحد، أما إذا افترقت الأمة، وتوازعتها النحل والأهواء والفرق، فهي عاجزة بنفسها، فلا يمكن لها القيام بالواجب عليها نحو غيرها.