من أقوال السلف في فضل العلم
حكمــــــة
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ:
& المرء كلما ازداد علمه بالله عز وجل، علم أن ذنوبه كثيرة، كثيرة كثيرة...وخشي الله عز وجل، وخشي أن يطأ عقبه اثنان، خشي أن يُعظم في الخلق، خشي أن يُرفع في الناس، لأنه يعلم من الله عز وجل ومما يستحقه الله عز وجل ما يوقن بأنه لن يبلغ أن يكون موفياً لله عز وجل حقه فيكون مقصراً في الشكر.
& العلم يورث الخشية، وإذا لم يورث في طالب العلم الخشية، والإنابة، والرجوع إلى الله، والأنس به، والاستغفار، وملازمة التقوى، فإنه يجب أن يحاسب نفسه على ذلك وأن يجعل العلم الذي معه حجة له في الرجوع إلى الصراط المستقيم.
حكمــــــة
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: العلمُ يُستفاد به شيئان:
الشيء الأول: اليقين، الذي تزولُ به وسواس الشيطان بالشبهات والشكوك، فاليقين من صفة أهل الإيمان، وكلما كان المرء عالماً كلّما حصل له اليقين، وكلما كان متمسكاً بمنهج السلف الصالح، وعقيدة أهل السنة، حصل له من اليقين ما لم يحصل لغيره، ولأمثاله من أصحاب العقائد والاتجاهات الأخرى.
الشيء الثاني: ما يدفع الله به الشهوات من القلب، وهو الورع الذي تندفع به الشهوات والأدران، ولهذا كان العلماء هم أهل الخشية: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ﴾ [فاطر:28] لأن عندهم من العلم ما يدفعُ الله به الشبهات والشهوات.
حكمــــــة
قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله: قد استقر في الأذهان، واستغنى عن إقامة البرهان، ما للعلم من الشرف والفضيلة، وأنه هو الوسيلة لرفع الإنسان في المعنى عما ارتفع عنه في الصورة من البهائم.
ومما لا نزاع فيه أن العلوم تتفاوت في مقدار ذلك الشرف، منها: الشريف والأشرف، والمهم والأهم.
ومهما يتصور لعلوم الفلسفة والطبيعيات والرياضيات والأدبيات والصناعيات وغيرها من العلوم الكونيات مهما يتصور لها من الشرف والفضيلة، والمرتبة الرفيعة، فإنها لا تُداني في ذلك العلم الذي مع لها في ترقية المدارك، وتنوير العقول، ينفرد عنها بإصلاح الأخلاق، وتحصيل السعادة الأبدية، وهو علم الدين.
حكمــــــة
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: إذا نظرت إلى كتب التراجم _ التي هي قريبة من بين يديك اليوم _ وجدت أن أمماً من أهل العلم سبقوا، وبذلوا في العلم نفيس أوقاتهم، وكانت الصعوبات لديهم عظيمة، ومع ذلك أقبلوا على العلم، لِم؟ لأنهم يعلمون أن الإنسان إنما يشرف بالعلم، وأن المسلم إذا لم يكن حاوياً للعلم بين جنبات صدره، فإنه ليس بشيء، فبقدر العلم الذي تحويه تكون منزلتك، فبالعلم ترفع وبعدم العلم تخفض قال الله عز وجل ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ ﴾ [المجادلة:11]
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله: به يعرف الحلال من الحرام، والطيِّب من الخبيث.
& يكفي في هذا أن جميع الأقوال والأفعال والإرادات متوقفة في صحتها وفسادها وكمالها ونقصها وفي جميع صفاتها على العلم ما حَكَمَ به العلم من ذلك فهو كما قال
& جميع الأمور الدينية والدنيوية توزن بميزان العلم، فيُبين العلم مراتبها ودرجاتها في الصحة والكمال وضدها، والحق والصدق وضده، وفي جميع أوصاف الأشياء، فكل شيء مضطر إليه.
حكمــــــة
قال القاسم بن خلاد: العلم مصباح العقل، وهو جلاء القلب من صدى الجهل، وهو أقنع جليس، وأسرّ عشيق، وأفضل صاحب وقرين، وأربح تجارة، وأنفع مكسب وأفضل ما أقتني في الدنيا، واستظهر به للآخرة، واعتصم به من الذنوب، وسكنت إليه القلوب، ويزيد في شرف الشريف، ورفعة الوضيع، وقدر الوضيع، أُنس في الوحشة، وأمن عند الشدة، ودال على طاعة الله، وناه عن معصيته، وقائد إلى رضوانه، ووسيلة إلى رحمته.
حكمــــــة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: العلم حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصدور، ورياض العقول، ولذة الأرواح، وأنس المستوحشين، ودليل المتحرين. وهو الميزان الذي به تُوزن الأقوال والأعمال والأحوال. وهو الحاكم المفرق بين الشك واليقين، والغي والرشاد، والهدى والضلال.
به يُعرف الله ويُعبد، ويذكر ويُوحد، ويُحمد ويمجد، وبه اهتدى إليه السالكون، ومن طريقه وصل إليه الواصلون وبه تعرف الشرائع والأحكام ويتميز الحلال من الحرام وبه تُوصل الأرحام وبه تُعرف مراضي الحبيب وبمعرفتها ومتابعتها يُوصل إليه من قريب
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله: عموم نفعه، وشمول ثمرته، فالاشتغال به خير نفسه، وحصوله في القلب وفقه خير آخر، لأنه يخرج القلب من دائرة الجهل إلى دائرة العلم، وهو كالنور بين يدي العبد يعرف به أحوال نفسه وصفات ظاهره وباطنه. ثم من حيث تعديه إلى الغير، فنفس تعليمه للمسترشدين وإلقاء الدروس على الطالبين والنظر في فتاوى المستفتين
حكمــــــة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فضلُ العلم على المال يُعلمُ من وجوه:
ـــــــــــــــ
أحدها: أن العلم ميراثُ الأنبياء، والمال ميراثُ الملوك والأغنياء.
الثاني: أن العلم يحرسُ صاحبه، وصاحب المال يحرسُ ماله.
الثالث: أنَّ المال تُذهِبُه النفقات، والعلمُ يزكو على النفقة.
الرابع: أن صاحب المال إذا مات فارقه ماله، والعلمُ يدخلُ معه قبره.
الخامس: أن العلم يحكم على المال، والمال لا يحكم على العلم.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فضلُ العلم على المال يُعلمُ من وجوه
السادس: المال يحصل للمؤمن والكافر والبرِّ والفاجر والعلمُ النافع لا يحصل إلا للمؤمن
السابع: أن العالِمَ يحتاجُ إليه الملوكُ فمن دونهم، وصاحب المالُ إنما يحتاج إليه أهلُ العُدم والفاقة.
الثامن: أن النفسَ تشرفُ وتزكو بجمع العلم وتحصيله، وذلك من كمالها، والمالُ لا يزكيها ولا يكملها ولا يزيدها صفة كمال، بل النفس تنقصُ وتشحُّ وتبخلُ بجمعه والحرص عليه، فحرصها على العلم عين كمالها، وحرصها على المال عين نقصها.
التاسع: أن المال يدعوها إلى الطغيان والفخر والخيلاء، والعلمُ يدعوها إلى التواضع والقيام بالعبودية فالمالُ يدعوها إلى صفات الملوك، والعلمُ يدعوها إلى صفات العبيد
العاشر: ما أطاع الله أحد قط إلا بالعلم، وعامة من يعصيه إنما يعصيه بالمال.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فضلُ العلم على المال يُعلمُ من وجوه
الحادي عشر: أن العلم حاجب موصل لها إلى سعادتها التي خُلقت لها والمال حجاب عنها وبينها.
الثاني عشر: المال يستعبدُ مُحِبَّه وصاحبه فيجعلُه عبداً له، والعلم يستعبده لربه وخالقه
الثالث عشر: أن قيمة الغني مالُه، وقيمة العالم علُمه، فهذا متقوم بماله، فإذا عُدِمَ عُدمت قيمتُه فبقي بلا قيمة، والعالمُ لا تزولُ قيمته بل هي في تضاعفٍ وزيادة دائمة
ـــــــــــــ
الرابع عشر: أن العالم يدعو الناس إلى الله بعلمه وحاله، وجامعُ المال يدعوهم إلى الدنيا بحاله وماله.
الخامس عشر: أن الغنى بالمال هو عين فقر النفس، والغنى بالعلم هو غناها الحقيقي، فغناها بعلمها هو الغنى، وغناها بمالها هو الفقر.
حكمــــــة
السادس عشر: أن اللذة الحاصلة من غنى المال إما لذة وهمية وإما لذة بهيمية، فإن صاحبه إن التذَّ بنفس جمعه وتحصيله فتلك لذة وهمية خيالية، وإن التذَّ بإنفاقه في شهواته فهي لذة بهيمية، وأما لذة العلم فلذة عقلية روحانية، وهي تشبه لذة الملائكة وبهجتها. وفرق بين اللذتين.
السابع عشر: أن غنى المال مقرون بالخوف والحزن، فهو حزين قبل حصوله، خائف بعد حصوله، وكلما كان أكثر كان الخوف أقوى، وغنى العلم مقرون بالأمن والفرح
الثامن عشر: أن من قُدِّم وأُكرم لماله إذا زال ماله ذهب تقديمه وإكرامه، ومن قُدِّم وأُكرِم لعلمه فإنه لا يزداد إلا تقديماً وإكراماً.
التاسع عشر: أن غنى المال يبغضُ الموت ولقاء الله، فإنه لحبه ماله يكره مفارقته ويحب بقاءه،...وأما العلم فإنه يحبِّبُ للعبد لقاء ربه، ويزهده في هذه الدنيا...الفانية
العشرون: أن الأغنياء يموت ذكرهم بموتهم، والعلماءُ يموتون ويحيا ذكرُهم.
حكمــــــة
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: العالم وإن كان فقيراً فهو عنده خير كثير، أفضل من التاجر، الذي يملك المليارات، وليس عنده علم، ولا مقارنة بينهما، لأن التاجر الذي عنده الأموال سيتركها، أو ربما تتلف، ثم إنه سيُحاسب عليها يوم القيامة، وأما العالم وإن لم يكن عنده شيء من متاع الدنيا الزائل، إلا أنه عنده خير الدنيا والآخرة، وهو العلم الذي نفعه ونفع غيره.