من أقوال السلف في الربا
الحكمة في تحريم الربا
قال العلامة صالح الفوزان: يلخص العلامة ابن حجر الهيثمي في كتاب الزواجر تلك الحكمة في النقاط التالية:-
(1)انتهاك حرمة مال المسلم بأخذ الزائد من غير عوض
(2) الإضرار بالفقير، لأن الغالب غنى المُقرض، وفقر المستقرض، فلو مكن الغني من أخذ أكثر من المثل أضرً بالفقير
(3) انقطاع المعروف والإحسان الذي في القرض، إذا لو حلّ درهم بدرهمين ما سمح أحد بإعطاء درهم مثله
(4) تعطل المكاسب والتجارات والحرف والصناعات التي لا تنتظم مصالح العالم إلا بها، إذ من يحصل على درهمين بدرهم فكيف يتجشم مشقة كسب أو تجارة
أكلة الربا يحاربون الله ورسوله
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة:278_279] يقال يوم القيامة لآكل الربا خذ سلاحك للحرب
أكلة الربا يحاربون الله ورسوله
قال العلامة القرطبي رحمه الله: قال ابن بكير: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبدالله، إني رأيت رجلًا سكرانًا، يتعاقر يريد أن يأخذ القمر، فقلت: امراتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشرَّ من الخمر، فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك. فأتاه من الغد فقال له: امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئًا أشرّ من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب.
حكمــــــة
قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: الذين يأكلون الربا ويتعاملون بها لا شك أنهم معرضون لسخط الله والله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة:278_279] ومن يستطيع أن يحارب الله ورسوله؟! ولم يأت هذا في عقوبة الزنا، ولا عقوبة الخمر
حكمــــــة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ﴾ الربا ليس بالأمر الهين والمؤمن ترتعد فرائضه إذا سمع مثل هذه الآية.
حكمــــــة
قال مقاتل بن حيان رحمه الله في قوله: ﴿ يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا ﴾ [البقرة:276]: ما كان من ربا وإن ثرى حتى تغبط به صاحبُهُ، يمحقه الله عز وجل.
قال سعيد بن جبير رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا ﴾ يعني: يضمحل.
قال الإمام البغوي رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا ﴾ أي: ينقصه ويهلكه ويذهب ببركته
حكمــــــة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: الربا..يكثر المال حسًّا؛ ولكنه ينقص به معنى وبركةً..من أنفقه لم يبارك له فيه ومن تصدق به لم يقبل منه، ومن استقبله هلك دونه
وقال رحمه الله: الكسب الحرام، وإن زاد المال كمِّية به، فإنه ينقص كيفية، تنزع منه البركة، ويلقى في قلب صاحبه الشُّح، حتى لا ينتفع بماله والعياذ بالله؛ فيخلفه إلى من بعده، ويكون عليه غُرمه، ولغيره غُنمه، وهذا مُشاهد.
ولهذا تجد أكثر الناس شُحًّا وإمساكًا هم الذين يتلقون ما يسمونه بالأرباح على وجه المُحرم
واستمع إلى قول الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الروم: 39].
حكمــــــة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: المعلوم أن الربا لم يُحرم لمجرد صورته ولفظه وإنما حُرَّم لحقيقته ومعناه ومقصوده..فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حُرمت لأجلها، مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله، ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه، وأنه يحرم الشيء لمفسدةٍ ويبيحه لأعظم منها.
حكمــــــة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: ما حصل من زيادة من الرِّبا فإنه في الحقيقة نقص في دين العبد أما كونه نقصًا في دينه؛ فلأن المعاصي تنقص الإيمان وتخرقه، وربما تمزِّقه أشلاء، فإن المعاصي ولا سيما الكبائر؛ كأكل الربا بريد الكفر، كما قال ذلك أهل العلم؛ لأن المعصية تؤثر في القلب، فإذا جاءت الأخرى زاد التأثير، وهكذا حتى يُطبع على القلب،
فلا يصل إليه الخير، ولا سيما كبائر الذنوب كالربا
حكمــــــة
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة:278_279]
من كان مقيمًا على الربا لا ينزع عنه، فحق على إمام المسلمين أن يستنيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه
حكمــــــة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: آكل الربا ومُوكِّله خاسران في دينهما ودنياهما، أما آكل الربا، فإنك إذا تأملت وجدت الذين يأكلون الربا يُصابون بالفقر: إما الفقر الحسي أو الفقر المعنوي
أما الفقر المعنوي فحيث لا تشبع قلوبهم من الدنيا فعندهم الأموال المكدسة؛ ولكن قلوبهم قفر من الغنى، وهذا فقر أشدُّ من الفقر الحسي فإن الفقير فقرًا حسيًّا مستريحُ القلب؛ لكن هذا غير مستريح القلب، أما مُوكل الربا، فإنه خسران أيضًا في الدنيا؛ لأن الغالب أن الذي يستمرئ الربا، ويستهين به، الغالب أنه إذا حل عليه الدين وليس عنده شيء ذهب يأخذ دينًا آخر بالربا، ثم تتراكم عليه الديون حتى تمحق ماله، وهذا شيء مُجرب ومشاهد
حال آكل الربا عندما يبعث يوم القيامة
قال ابن عباس رضي الله عنهما: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق.
قال الضحاك رحمه الله: من مات وهو يأكل الربا بعث يوم القيامة متخبطًا، كالذي يتخبطه الشيطان من المس.
قال الإمام البغوي رحمه الله: آكل الربا يُبعث يوم القيامة مثل المصروع.
قال الشيخ عبدالله بن صالح القصير: يقومون من قبورهم في صور المجانين، ولعل ذلك من سوء حالهم وما يعتريهم من وحشة في قبورهم وما نالهم من عذاب بعد موتهم
من تاب من الربا فسيجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب
قال العلامة العثيمين رحمه الله: لو فرضنا أن رجلاً يكتسب المال من طريق محرم كطريق الغش أو الربا وما أشبهه ونصح في هذا وتركه لله، فإن الله سيجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ولكن لا تتعجل ولا تظن أن الأمر إذا تأخر فلن يكون، ولكن قد يبتلي العبد فيؤخر عنه الثواب ليختبره هل يرجع إلى الذنب أم لا؟ فمثلًا إذا كنت تتعامل بالربا ووعظك من يعظك من الناس وتركت ذلك ولكنك بقيت شهرًا أو شهرين ما وجدت ربحًا فلا تيأس وتقول أين الرزق من حيث لا أحتسب، بل انتظر وثق بوعد الله وصدق به وستجده، ولا تتعجل.