الزواجر عن اقتراف الكبائر - 1
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال بعض السلف: لو نودي ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلا واحدا لخشيت أن أكون أنا ذلك الرجل، وهذا عمر أفضل الناس بعد أبي بكر رضي الله عنهما وقد بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ومع ذلك سأل حذيفة - صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلق بالمنافقين والفتن - فقال له: يا حذيفة هل أنا من المنافقين؟ فقال لا والله لست منهم يا أمير المؤمنين.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي: الخوف هو النار المحرقة للشهوات، فإذا فضيلته بقدر ما يحرق من الشهوة وبقدر ما يكف عن المعصية ويحث على الطاعة، وكيف لا يكون الخوف ذا فضيلة وبه تحصل العفة والورع والتقوى والمجاهدة والأعمال الفاضلة التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى؟ كما علم من الآيات والأخبار كقوله تعالى: { هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون } وقوله تعالى: { رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه } وقوله تعالى: { وخافون إن كنتم مؤمنين } وقوله تعالى: { ولمن خاف مقام ربه جنتان } وقال تعالى: { سيذكر من يخشى } وقال تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عن سفيان الثوري قال: دخلت على جعفر الصادق فقلت له: يا ابن رسول الله أوصني، قال: يا سفيان لا مروءة لكذوب ولا راحة لحسود ولا إخاء لملول ولا سؤدد لسيئ الخلق، قلت: يا ابن رسول الله زدني، قال: يا سفيان كف عن محارم الله. تكن عابرا وارض بما قسم الله لك تكن مسلما، واصحب الناس بما تحب أن يصحبوك به تكن مؤمنا، ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، أي للحديث: { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } ؛ وشاور في أمرك الذين يخشون الله. قلت: يا ابن رسول الله زدني، قال: يا سفيان من أراد عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى طاعة الله.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقربت وفاته قال لابنه: ويلك ضع خدي على الأرض لا أم لك وويلي وأي ويلي إن لم يرحمني، وقال له ابن عباس: ما هذا الخوف يا أمير المؤمنين وقد فتح الله بك الفتوح ومصر بك الأمصار وفعل بك وفعل؟ قال: وددت أن أنجو لا علي ولا لي. وفي رواية: لا أجرا ولا وزرا.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } يا رسول الله هو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر وهو يخاف الله؟ قال: لا يا بنت أبي بكر يا بنت الصديق، ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف أن لا يتقبل منه } رواه أحمد.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
في الصحيحين: { قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه { وأنذر عشيرتك الأقربين } فقال: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال علي بن سليمان الأنماطي: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام على خلقته التي وصفوه بها وهو يقول: لولا الذين لهم ورد يقومونا وآخرون لهم سرد يصومونا لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا لأنكم قوم سوء لا تطيعونا واعلم أن أعظم زاجر عن الذنوب هو خوف الله تعالى وخشية انتقامه وسطوته، وحذر عقابه وغضبه وبطشه { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عن عبد الله بن المديني قال: كان لنا صديق فقال: خرجت إلى ضيعتي فأدركتني صلاة المغرب فأتيت إلى جنب مقبرة فصليت المغرب قريبا منها، فبينما أنا جالس إذ سمعت من جانب القبور أنينا فدنوت إلى القبر الذي سمعت منه الأنين وهو يقول: آه قد كنت أصوم قد كنت أصلي فأصابني قشعريرة، فدعوت من حضرني فسمع مثل ما سمعت ومضيت إلى ضيعتي، ورجعت يعني في اليوم الثاني، وصليت في موضعي الأول وصبرت حتى غابت الشمس وصليت المغرب ثم استمعت إلى ذلك القبر فإذا هو يئن ويقول: آه قد كنت أصلي قد كنت أصوم، فرجعت إلى منزلي ومرضت بالحمى شهرين.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال إبراهيم التيمي: كنت كثير التردد إلى المقابر أذكر الموت والبلى فبينما أنا ذات ليلة بها إذ غلبتني عيناي فنمت فرأيت قبرا قد انشق وسمعت قائلا يقول: خذوا هذه السلسلة فاسلكوها في فيه وأخرجوها من دبره، وإذا الميت يقول: يا رب ألم أكن أقرأ القرآن ألم أحج بيتك الحرام؟ وجعل يعدد أفعال البر شيئا بعد شيء، وإذا قائل يقول كنت تفعل ذلك ظاهرا، فإذا خلوت بارزتني بالمعاصي ولم تراقبني.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عن عبد الله بن زيد قال: غرني القمر فمررت في المقابر فإذا أنا برجل قد خرج من قبر يجر سلسلة فإذا رجل آخذ بالسلسلة فجذبه حتى رده إلى قبره قال فسمعته يضربه وهو يقول: ألم أكن أصلي ألم أكن أغتسل من الجنابة ألم أكن أصوم؟ قال: بلى، ولكنك كنت إذا خلوت بالمعاصي لم تراقب الله تعالى.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال يعقوب القاري: رأيت في النوم رجلا آدم أي أسمر طوالا، والناس يتبعونه، فقلت من هذا؟ فقالوا: أويس القرني، فاتبعته فقلت: أوصني رحمك الله تعالى، فكلح - أي عبس في وجهي -، فقلت مسترشدا: فأرشدني أرشدك الله، فأقبل علي وقال: ابتغ رحمة الله عند طاعته، واحذر نقمته عند معصيته ولا تقطع رجاءك منه في خلال ذلك، ثم ولى وتركني.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال عبد الله بن سلام: لما خلق الله الملائكة رفعت رءوسها إلى السماء فقالت ربنا مع من أنت؟ قال: مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه. وقال بعض السلف: يا أهل المعاصي لا تغتروا بطول حلم الله عليكم واحذروا أسفه أي غضبه بسبب المعاصي فإنه قال تعالى: { فلما آسفونا انتقمنا منهم }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: أما بعد فإذا مكنك الله القدرة من ظلم العباد فاذكر قدرة الله عليك، واعلم أنك لا تفعل بهم أمرا من الظلم إلا كان زائلا عنهم: أي بموتهم باقيا عليك أي عاره وناره في الآخرة. واعلم أيضا أن الله آخذ للمظلوم حقه من الظالم، وإياك إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله عز وجل، أي فإن الله تعالى إذا علم التجاء عبد إليه بالصدق والاضطرار انتصر له على الفور. { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
روى أحمد في مسنده عن وهب قال: " إن الرب - سبحانه وتعالى - قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل: إني إذا أطاعني العبد رضيت عنه وإذا رضيت عنه باركت فيه. وفي آثاره وليس لبركتي نهاية، وإذا عصاني العبد غضبت عليه وإذا غضبت عليه لعنته ولعنتي تبلغ السابع من ولده " انتهى. ويؤيده قوله تعالى: { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال أبو طالب المكي: الكبائر سبع عشرة: أربع في القلب: الشرك، والإصرار على المعصية، والقنوط، والأمن من مكر الله. وأربع في اللسان: القذف، وشهادة الزور، والسحر - وهو كل كلام يغير الإنسان أو شيئا من أعضائه -، واليمين الغموس - وهي التي تبطل بها حقا أو تثبت بها باطلا، وثلاث في البطن: أكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا، وشرب كل مسكر، واثنتان في الفرج: الزنا، واللواط، واثنتان في اليد: القتل والسرقة وواحدة في الرجل: الفرار من الزحف، وواحدة في جميع الجسد: عقوق الوالدين
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال شيخ الإسلام العلائي في قواعده: إنه صنف جزءا جمع فيه ما نص صلى الله عليه وسلم فيه على أنه كبيرة وهو: الشرك، والقتل، والزنا وأفحشه بحليلة الجار، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، والسحر، والاستطالة في عرض المسلم بغير حق، وشهادة الزور، واليمين الغموس، والنميمة، والسرقة، وشرب الخمر، واستحلال بيت الله الحرام، ونكث الصفقة، وترك السنة والتعرب بعد الهجرة، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، ومنع ابن السبيل من فضل الماء، وعدم التنزه من البول، وعقوق الوالدين، والتسبب إلى شتمهما، والإضرار في الوصية، فهذه الخمسة والعشرون هي مجموع ما جاء في الأحاديث منصوصا عليه أنه كبيرة
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال الواحدي: الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها، ولكن الله عز وجل أخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاء أن تجتنب الكبائر، ونظائره إخفاء الصلاة الوسطى وليلة القدر وساعة الإجابة ونحو ذلك
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال جمهور العلماء: إن المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر ولا خلاف بين الفريقين في المعنى، وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق لإجماع الكل على أن من المعاصي ما يقدح في العدالة ومنها ما لا يقدح فيها، وإنما الأولون فروا من هذه التسمية فكرهوا تسمية معصية الله تعالى صغيرة نظرا إلى عظمة الله تعالى وشدة عقابه وإجلالا له عز وجل عن تسمية معصيته صغيرة