9. المنتقى النفيس
حكمــــــة
قال الأوزاعي رحمه الله: شهدت جنازة عمر بن عبد العزيز، ثم خرجت أريد مدينة قنسرين، فمررت على راهب يسير على ثورين له - أو حمارين - فقال: «يا هذا أحسبك شهدت وفاة هذا الرجل؟» قلت له: نعم، فأرخى عينيه فبكى سجاما فقلت له: ما يبكيك ولست من أهل دينه؟ قال: «إني لست عليه أبكي، ولكن أبكي على نور كان في الأرض فطفئ».
حكمــــــة
قال الأوزاعي رحمه الله: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: " من صحبني منكم فليصحبني بخمس خصال: يدلني من العدل إلى ما لا أهتدي له، ويكون لي على الخير عونا، ويبلغني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ولا يغتاب عندي أحدا، ويؤدي الأمانة التي حملها مني ومن الناس، فإذا كان كذلك فحيهلا به، وإلا فهو في حرج من صحبتي والدخول علي ".
حكمــــــة
قال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ رحمه الله: قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهَا ذَخِيرَةُ الْفَائِزِينَ، وَحِرْزُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِيَّاكَ وَالدُّنْيَا أَنْ تَفْتِنَكَ، فَإِنَّهَا قَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ، إِنَّهَا تَغُرُّ الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَيْهَا، وَتَفْجَعُ الْوَاثِقَ بِهَا، وَتُسْلِمُ الْحَرِيصَ عَلَيْهَا، وَلَا تَبْقَى لِمَنِ اسْتَبْقَاهَا، وَلَا يَدْفَعُ التَّلَفَ عَنْهَا مَنْ حَوَاهَا، لَهَا مَنَاظِرُ بَهِجَةٌ، مَا قَدَّمْتَ مِنْهَا أَمَامَكَ لَمْ يَسْبِقْكَ، وَمَا أَخَّرْتَ مِنْهَا خَلْفَكَ لَمْ يَلْحَقْكَ».
حكمــــــة
قال مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِي رحمه الله: قَالَ لِي عُمَرُ: «لَا تَصْحَبْ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ خَطَرُكَ عِنْدَهُ عَلَى قَدْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ حَاجَتُهُ انْقَطَعَتْ أَسْبَابُ مَوَدَّتِهِ، وَاصْحَبْ مِنَ الْأَصْحَابِ ذَا الْعُلَا فِي الْخَيْرِ، وَالْأَنَاةِ فِي الْحَقِّ، يُعِينُكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَيَكْفِيكَ مُؤْنَتَهُ».
حكمــــــة
قال كعب الأحبار رحمه الله: «قلة النطق حكمة، فعليكم بالصمت، فإنه رعة حسنة، وقلة وزر، وخفة من الذنوب، فأحسنوا باب الحلم، فإن بابه الصمت والصبر، فإن الله تعالى يبغض الضحاك من غير عجب، والمشاء إلى غير أرب، ويحب الوالي الذي يكون كراعي ولا يغفل عن رعيته، واعلموا أن كلمة الحكمة ضالة المسلم، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه أن تذهب رواته».
حكمــــــة
قال كعب الأحبار رحمه الله وأتاه رجل ممن يتبع الأحاديث: «اتق الله وارض بدون الشرف من المجلس، ولا تؤذين أحدا، فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب ما زادك الله به إلا سفالا ونقصا» فقال الرجل: رحمك الله يا أبا إسحاق، إنهم يكذبوني ويؤذوني، فقال: «قد كانت الأنبياء يكذبون ويؤذون فيصبرون فاصبر، وإلا فهو الهلاك».
حكمــــــة
قال كعب الأحبار رحمه الله: تجد الرجل مستكثرا من أنواع أعمال البر ويبلغ صنائع المعروف ويكابد سهر الليل وظمأ الهواجر ولعله لا يساوي في ذلك كله عند ربه جيفة حمار، قيل: وكيف ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: لقلة عقله، وسوء رغبته، وتجد الرجل ينام الليل ويفطر النهار ولا يعرف بشيء من البر ولا صنائع المعروف ولعله عند الله من المقربين، قيل: وكيف ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: لما قسم الله له من العقل فإن الله تعالى فرض على عباده أن يعرفوه وأن يطيعوه وأن يعبدوه، وإنما عبده وعرفه وأطاعه من خلقه العاقلون، وأما الجهال فهم الذين جهلوه فلم يعرفوه ولم يطيعوه ولم يعبدوه.
حكمــــــة
قال كعب الأحبار رحمه الله: أن لقمان، قال لابنه: يا بني كن أخرس عاقلا، ولا تكن نطوقا جاهلا، ولأن يسيل لعابك على صدرك وأنت كاف اللسان عما لا يعنيك أجمل بك وأحسن من أن تجلس إلى قوم فتنطق بما لا يعنيك، ولكل عمل دليل ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت، ولكل شيء مطية ومطية العقل التواضع وكفى بك جهلا أن تنهى عما تركب، وكفى بك عقلا أن يسلم الناس من شرك.
حكمــــــة
قال محمد بن الأوزاعي رحمه الله: اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم، ولا يستقيم الإيمان إلا بالقول ولا يستقيم القول إلا بالعمل ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بالنية موافقة للسنة، وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل، العمل من الإيمان والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم جامع كما يجمع هذه الأديان اسمها ويصدقه العمل فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق ذلك بعمله فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدقه بعمله لم يقبل منه وكان في الأخرة من الخاسرين.