7. المنتقى النفيس
قال وهب بن منبه رحمه الله : «مثل الدنيا والآخرة مثل ضرتين، إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى» .
كتب وهب بن منبه رحمه الله إلى مكحول : «إنك قد أصبت بما ظهر من علم الإسلام عند الناس محبة وشرفا، فاطلب بما بطن من علم الإسلام عند الله تعالى محبة وزلفى، واعلم أن إحدى المحبتين سوف تمنعك عن الأخرى» .
قال وهب بن منبه رحمه الله : «من أصيب بشيء من البلاء فقد سلك به طريق الأنبياء عليهم السلام» .
قال وهب بن منبه رحمه الله : «ما من شيء إلا يبدو صغيرا ثم يكبر، إلا المصيبة فإنها تبدو كبيرة ثم تصغر» .
قال وهب بن منبه رحمه الله : " اعمل في نواحي الدين الثلاث، فإن للدين نواحي ثلاثا هن جماع الأعمال الصالحة لمن أراد جمع الصالحات، أولهن: تعمل شكرا لله بالأنعم الكثيرة الغاديات الرائحات، الظاهرات الباطنات، الحديثات القديمات، فيعمل المؤمن شكرا لهن، ورجاء تمامهن، والناحية الثانية من الدين رغبة في الجنة، التي ليس لها ثمن، وليس لها مثل، ولا يزهد فيها إلا سفيه، والناحية الثالثة تعمل فرارا من النار التي ليس عليها صبر، ولا لأحد بها طاقة، ولا يدان، وليست مصيبتها كالمصيبات، ولا حزنها كالحزن، نبأها عظيم، وشأنها شديد، وخزيها فظيع، ولا يغفل عن الفرار والتعوذ بالله منها إلا سفيه أحمق خاسر، قد خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين " .
قيل وهب بن منبه رحمه الله : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: «بلى , ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان، من أتى الباب بأسنانه فتح له، ومن لم يأت الباب بأسنانه لم يفتح له» .
قال وهب بن منبه رحمه الله : " رءوس النعم ثلاثة: فأولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمة إلا بها، والثانية: نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها، والثالثة: نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا بها " .
قال وهب بن منبه رحمه الله : «المؤمن يخالط ليعلم، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم، ويخلو لينعم» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «من تبع القرآن قاده القرآن حتى يحل به في الجنة، ومن ترك القرآن لم يدعه القرآن يتبعه حتى يقذفه في النار» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «من كان يريد أن يعلم ما منزلته عند الله عز وجل، فلينظر في عمله، فإنه قادم في عمله كائنا ما كان» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : ثلاث لا تبلون نفسك بهن: «لا تدخل على السلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك لذي هوى، فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه» .
قال ابن عباس رضي الله عنه : " ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به، هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فإن أرض الله واسعة " .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «العلماء هم ضالتي في كل بلدة، وهم بغيتي، ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «يا معشر الشباب قوتكم اجعلوها في شبابكم، ونشاطكم في طاعة الله، يا معشر الشيوخ، حتى متى ؟» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : كان يقال: " الذكر ذكران: ذكر الله باللسان، وأفضل من ذلك أن تذكره عند المعصية إذا أشرفت عليها " .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، حتى يعلم من أين مطعمه، ومن أين ملبسه، ومن أين مشربه، أمن حل ذلك أم من حرام ؟» .
قال ميمون بن مهران رحمه الله : «من أساء سرا فليتب سرا، ومن أساء علانية فليتب علانية؛ فإن الله يغفر ولا يعير، والناس يعيروك ولا يغفرون» .
أوى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل رحمه الله إلى فراشه فقال : " يا ليت أمي لم تلدني ، فقالت له امرأته : أبا ميسرة، أليس قد أحسن الله إليك، هداك للإسلام، وفعل بك كذا ؟ قال : بلى، ولكن الله أخبرنا أنا واردون على النار، ولم يبين لنا أنا صادرون عنها " .
كان أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : يؤتى بالطعام إلى المسجد، فربما استقبلوه به في الطريق فيطعمه المساكين، فيقولون: بارك الله فيك. فيقول: وبارك الله فيكم، ويقول: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : «إذا تصدقتم ودعي لكم فردوا؛ حتى يبقى لكم أجر ما تصدقتم به» .
قال زياد بن جرير رحمه الله : أتيت عمر بن الخطاب فقال : " يا زياد، أفي هدم أنتم أم في بناء ؟ قال : قلت : لا، بل في بناء. فقال عمر : «أما إن الزمان ينهدم بزلة عالم، وجدال منافق، أو أئمة مضلين» .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إذا رأيتم أخاكم قارف ذنبا فلا تكونوا أعوانا للشيطان عليه، تقولوا : اللهم أخزه، اللهم العنه، ولكن سلوا الله العافية، فإنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كنا لا نقول في أحد شيئا حتى نعلم علام يموت، فإن ختم له بخير علمنا أنه قد أصاب خيرا، وإن ختم له بشر خفنا عليه " .
قال إبراهيم التيمي رحمه الله : " مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها، وآكل من زقومها، وأشرب من زمهريرها، فقلت: يا نفسي، أي شيء تشتهين؟ قال: أرجع إلى الدنيا أعمل عملا أنجو به من هذا العذاب، ومثلت نفسي في الجنة مع حورها، وألبس من سندسها وإستبرقها وحريرها، فقلت: يا نفسي، أي شيء تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا فأعمل عملا أزداد من هذا الثواب، فقلت: أنت في الدنيا وفي الأمنية " .
قال إبراهيم النخعي رحمه الله : «إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه» .
قال إبراهيم النخعي رحمه الله : «وددت أني لم أكن تكلمت، ولو وجدت بدا من الكلام ما تكلمت، وإن زمانا صرت فيه فقيها لزمان سوء» .
قال مغيرة رحمه الله : كان رجل على حال حسنة فأحدث، أو أذنب ذنبا فرفضه أصحابه ونبذوه، فبلغ إبراهيم ذلك فقال : «تداركوه وعظوه، ولا تدعوه» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «ما أحد ينزل الموت حق منزلته إلا عد غدا ليس من أجله، كم من مستقبل يوما لا يستكمله، وراج غدا لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «الخير من الله كثير، ولكنه لا يبصره من الناس إلا يسير، وهو للناس من الله معروض، ولكنه لا يبصره من لا ينظر إليه، ولا يجده من لا يبتغيه، ولا يستوجبه من لا يعلم به، ألم تروا إلى كثرة نجوم السماء، فإنه لا يهتدي بها إلا العلماء» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «إن من كمال التقوى أن تبتغي إلى ما قد علمت منها ما لم تعلم، واعلم أن النقص فيما قد علمت ترك ابتغاء الزيادة فيه، وإنما يحمل الرجل على ترك العلم قلة الانتفاع بما قد علم» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «اليوم المضمار، وغدا السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، فبالعفو تنجون، وبالرحمة تدخلون، وبالأعمال تقتسمون المنازل» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : " كفى بك من الكبر أن ترى لك فضلا على من هو دونك، وكانوا يقولون : ذلوا عند الطاعة وعزوا عند المعصية " .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : " كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث، ويكتب بذلك بعضهم إلى بعض: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس " .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «ما أقبح السيئات بعد السيئات، وما أحسن الحسنات بعد السيئات، وأحسن من ذلك الحسنات بعد الحسنات» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «ما أحسب أحدا تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه» .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : «لا تعجل بمدح أحد ولا بذمه؛ فإنه رب من يسرك اليوم يسوءك غدا، ورب من يسوءك اليوم يسرك غدا» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «فواتح التقوى حسن النية، وخواتيمها التوفيق، والعبد فيما بين ذلك بين هلكات، وشبهات، ونفس تحطب على شلوها، وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز» . ثم قرأ : {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} [فاطر: 6] .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : «جرائم التوابين منصوبة بالندامة نصب أعينهم، لا تقر للتائب في الدنيا عين كلما ذكر ما اجترح على نفسه» .
قال عون بن عبد الله رحمه الله : سألت أم الدرداء : ما كان أفضل عمل أبي الدرداء ؟ قالت : «التفكر والاعتبار» .
قال داود بن أبي هند رحمه الله : لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: «ما أراني إلا مقتولا، وسأخبركم، إني كنت أنا وصاحبين لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة، فكلا صاحبي رزقها، وأنا انتظرها» قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : «لدغتني عقرب فأقسمت علي أمي أن أسترقي، فأعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ، وكرهت أن أحنثها» .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : «لأن أؤتمن على بيت من الدر أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة حسناء» .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : «إن الخشية أن تخشى الله تعالى حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وقراءة القرآن» .
عن سعيد بن جبير رحمه الله أنه قيل له : من أعبد الناس ؟ قال : «رجل اجترح من الذنوب، فكلما ذكر ذنوبه احتقر عمله» .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : «من عطس عنده أخوه المسلم فلم يشمته كان دينا يأخذه به يوم القيامة» .
قال الشعبي رحمه الله : «ما ترك عبد مالا هو فيه أعظم أجرا من مال يتركه لولده يتعفف به عن الناس» .
قال الشعبي رحمه الله : «لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبل من عمره، رأيت أن سفره لم يضع» .
قال الشعبي رحمه الله : «البس من الثياب ما لا يزدريك فيه السفهاء، ولا يعيبه عليك العلماء» .
قال الشعبي رحمه الله : " إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل والنسك، فإن كان عاقلا ولم يكن ناسكا قيل: هذا أمر لا يناله إلا النساك فلم تطلبه، وإن كان ناسكا ولم يكن عاقلا قيل: هذا أمر لا يطلبه إلا العقلاء، فلم تطلبه؟ قال الشعبي: «فقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما، لا عقل ولا نسك» .
قال أبو إسحاق رحمه الله : «ذهبت الصلاة مني، وضعفت، وإني لأصلي وأنا قائم، فما أقرأ إلا البقرة وآل عمران» .
قال ماهان الحنفي رحمه الله : «أما يستحي أحدكم أن تكون دابته التي يركب، وثوبه الذي يلبس، أكثر ذكرا لله منه؟» وكان لا يفتر من التكبير والتسبيح والتهليل .
قال أبو البختري رحمه الله : «لأن أكون في قوم أعلم مني أحب إلي من أن أكون في قوم أنا أعلمهم» .
قال محمد بن سوقة رحمه الله : «إن المؤمن الذي يخاف الله لا يسمن ولا يزداد لونه إلا تغيرا» .
قال محمد بن سوقة رحمه الله : دخلنا على عطاء فقال لنا: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا ثلاثا: كتاب الله أن يتلوه، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، وأن ينطق بحاجته التي لا بد له منها، أتنكرون أن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟ أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته في آخر نهاره وقد أملى فيها من أول نهاره ليس فيها حاجة من حاجات دنياه ولا آخرته " .
قال محمد بن سوقة رحمه الله : " أمران لو لم نعذب إلا بهما لكنا مستحقين بهما العذاب: أحدنا يزداد في دنياه فيفرح فرحا ما علم الله منه قط أنه فرح بشيء قط زيد في دينه مثله، وأحدنا ينقص من دنياه فيحزن حزنا ما علم الله منه قط أنه حزن على شيء نقصه من دينه مثله " .
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : نزل محمد بن المنكدر على محمد بن سوقة بالكوفة، فحمله على حمار، فسألوه فقالوا: يا أبا عبد الله، أي العمل أحب إليك؟ قال: " إدخال السرور على المؤمن، قالوا: فما بقي مما يستلذ؟ قال: «الإفضال على الإخوان» .
سمع طلحة بن مصرف رحمه الله رجلا يعتذر إلى رجل فقال: «لا تكثر الاعتذار إلى أخيك، أخاف أن يبلغ بك الكذب» .
قال أبو الأحوص رحمه الله : قالت ابنة لجار منصور بن المعتمر لأبيها: يا أبت، أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة؟ قال: «يا بنية ذاك منصور كان يقوم بالليل» .
قال أبو بكر بن عياش رحمه الله : قال رجل للأعمش : " هؤلاء الغلمان حولك؟ قال: اسكت، هؤلاء يحفظون عليك أمر دينك " .
قال الربيع بن أبي راشد رحمه الله : «لولا ما يأمل المؤمنون من كرامة الله تعالى لهم بعد الموت لانشقت في الدنيا مرائرهم، ولتقطعت في الدنيا أجوافهم» .