4. المنتقى النفيس
قال يحيى بن عتيق رحمه الله : قلت لمحمد بن سيرين الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حسبة يتبعها حياء من أهلها ، له في ذلك أجر ؟ قال أجر واحد بل له أجران أجر لصلاته على أخيه وأجر لصلته الحي .
قال محمد بن سيرين رحمه الله : إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه .
قال ابن عون رحمه الله : لما ركب محمد بن سيرين الدين اغتم لذلك فقال إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة قال محمد بن سيرين رحمه الله : إني لأعرف الذنب الذي حمل علي به الدين ما هو قلت لرجل من أربعين سنة يا مفلس ، فحدث به أبا سليمان الداراني فقال قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون وكثرت ذنوبهم وذنوبك فليس ندري من أين نؤتى .
قال أبو قلابة رحمه الله : العلماء ثلاثة فعالم عاش بعلمه وعاش الناس بعلمه وعالم عاش بعلمه ولم يعش الناس بعلمه وعالم لم يعش بعلمه ولم يعش الناس بعلمه .
قال أبو قلابة رحمه الله : أي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عياله صغارا فيعفهم وينفعهم الله تعالى ويغنيهم به .
قال أبو قلابة رحمه الله : إذا كان الانسان أعلم بنفسه من الناس فذاك قمن أن ينجو وإذا كان الناس أعلم به من نفسه فذاك قمن أن يهلك .
قال أبو قلابة رحمه الله : إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك فان لم تجد له عذرا فقل في نفسك لعل لأخي عذرا لا أعلمه .
قال أبو قلابة رحمه الله : لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون .
قال أبو قلابة رحمه الله : مثل أهل الأهواء مثل المنافقين فإن الله تعالى ذكر المنافقين بقول مختلف وعمل مختلف وجماع ذلك الضلال وإن أهل الأهواء اختلفوا في الأهواء واجتمعوا على السيف .
كان مسلم بن يسار رحمه الله يقول : إياكم والمراء فإنها ساعة جهل العالم وبها يبتغي الشيطان زلته .
قال معاوية بن قرة رحمه الله : أدركت سبعين رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لو خرجوا فيكم اليوم ما عرفوا شيئا مما أنتم عليه اليوم إلا الأذان .
قال أبو عمران الجوني رحمه الله : ما من ليلة تأتي إلا وتنادي اعملوا في ما استطعتم من خير فلن أرجع اليكم إلى يوم القيامة .
قال ثابت البناني رحمه الله : نية المؤمن أبلغ من عمله إن المؤمن ينوي أن يقوم الليل ويصوم النهار ويخرج من ماله فلا تتابعه نفسه على ذلك فنيته أبلغ من عمله .
قال قتادة رحمه الله : ابن آدم إن كنت لا تريد أن تأتي الخير الا بنشاط فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل ولكن المؤمن هو المتحامل والمؤمن المتقوي وأن المؤمنين هم العجاجون إلى الله بالليل والنهار وما زال المؤمنون يقولون ربنا ربنا في السر والعلانية حتى استجاب لهم .
قال قتادة رحمه الله : من يتق الله يكن معه ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب والحارس الذي لاينام والهادي الذي لا يضل .
قال قتادة رحمه الله : باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح الناس أفضل من عبادة حول كامل .
قال محمد بن واسع رحمه الله : إذا أقبل العبد بقلبه الى الله أقبل الله بقلوب المؤمنين اليه .
قيل لمحمد بن واسع رحمه الله : كيف أصبحت أبا عبدالله ؟ قال : قريبا أجلي بعيدا أملي سيئا عملي .
قال محمد بن واسع رحمه الله : لقد أدركت رجالا كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة قد بل ما تحت خده من دموعه لا تشعر به امرأته ولقد أدركت رجالا يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي إلى جانبه .
قال رجل لمحمد بن واسع رحمه الله أوصني : فقال : أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة ، قال : كيف لي بذلك ، قال : ازهد في الدنيا .
قال محمد بن واسع رحمه الله : أربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مثافنة النساء وحديثهن وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل وما مجالسة الموتى قال مجالسة كل غني مترف وسلطان جائر
قال محمد بن واسع رحمه الله : من قل طعمه فهم وأفهم وصفا ورق وإن كثرة الطعام لتثقل صاحبه عن كثير مما يريد .
قال مالك بن دينار رحمه الله : خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شئ فيها قالوا وما هو يا أبا يحيى قال معرفة الله تعالى .
قال مالك بن دينار رحمه الله : يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم فان القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض فان الله ينزل الغيث من السماء الى الأرض فيصيب الحش فتكون فيه الحبة فلا يمنعها ! تن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم أين أصحاب سورة أين أصحاب سورتين ماذا عملتم فيهما.
قال مالك بن دينار رحمه الله : يقول بعض أهل العلم نظرت في أصل كل إثم فلم أجده إلا حب المال فمن ألقى عنه حب المال فقد استراح .
قال مالك بن دينار رحمه الله : إنكم في زمان أشهب لا يبصر زمانكم إلا البصير إنكم في زمان كثير تفاخرهم قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعونكم في شباكهم .
قال مالك بن دينار رحمه الله : من تباعد من زهرة الحياة الدنيا فذلك الغالب لهواه ومن فرح بمدح الباطل فقد أمكن الشيطان من دخول قلبه .
قال مالك بن دينار رحمه الله : لو استطعت أن لا أنام لم أنم مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم ولو وجدت أعوانا لفرقتهم ينادون في سائر الدنيا كلها يا أيها الناس النار النار .
قال مالك بن دينار رحمه الله : وددت إن الله عز وجل جعل رزقي في حصاة أمصها لا ألتمس غيرها حتى أموت .
قال مالك بن دينار رحمه الله : إن الأبرار تغلي قلوبهم بأعمال البر وإن الفجار تغلي قلوبهم بأعمال الفجور والله يرى همومكم فانظروا همومكم يرحمكم الله .
قال مالك بن دينار رحمه الله : منذ عرفت الناس لم أفرح بمدحتهم ولا أكره مذمتهم قيل ولم ذلك قال لأن مادحهم مفرط وذامهم مفرط .
قال مالك بن دينار رحمه الله : أقسم لكم لو نبت للمنافقين أذناب ما وجد المؤمنون أرضا يمشون عليها .
قال مالك بن دينار رحمه الله : كان الأبرار يتواصون بثلاث بسجن اللسان وكثرة الاستغفار والعزلة .
قرأ مالك بن دينار رحمه الله (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) ثم قال : أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه .
قال مالك بن دينار رحمه الله : يا عالم أنت عالم تأكل بعلمك وتفخر بعلمك لو كان هذا العلم طلبته لله تعالى لرؤي فيك وفي عملك .
مر المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار رحمه الله وهو يتبختر في مشيته فقال له مالك أما علمت أن هذه المشية تكره إلا بين الصفين فقال له المهلب أما تعرفني فقال له أعرفك أحسن المعرفة قال وما تعرف مني قال أما أولك نطفة مذرة وأما آخرك فجيفة قذرة وانت بينهما تحمل العذرة قال فقال المهلب الآن عرفتني حق المعرفة .
قال مالك بن دينار رحمه الله : لو أن الملكين اللذين ينسخان أعمالكم غدوا عليكم يتقاضونكم أثمان الصحف التي ينسخون فيها أعمالكم لأمسكتم عن كثير من فضول كلامكم فإذا كانت الصحف من عند ربكم أفلا تربعون على أنفسكم .
قال أيوب السختياني رحمه الله : لا يستوي العبد - أو لا يسود العبد - حتى يكون فيه خصلتان: اليأس مما في أيدي الناس، والتغافل عما يكون منهم .
قال أيوب السختياني رحمه الله : ليتق الله عز وجل رجل، وإن زهد فلا يجعلن زهده عذابا على الناس، فلأن يخفي الرجل زهده خير من أن يعلنه .
قال أيوب السختياني رحمه الله : الزهد في الدنيا ثلاثة أشياء أحبها إلى الله وأعلاها عند الله وأعظمها ثوابا عند الله تعالى الزهد في عبادة من عبد دون الله من كل ملك وصنم وحجر ووثن، ثم الزهد فيما حرم الله تعالى من الأخذ والإعطاء، ثم يقبل علينا فيقول : زهدكم هذا يا معشر القراء فهو والله أخسه عند الله، الزهد في حلال الله عز وجل" .
قال أبو عمير رحمه الله : بينما أيوب يمشي بيني وبين إنسان قد سماه إذ وقف، فقال: إنما يحمد الناس على عافية الله إياهم وستره، وما يبلغ عملنا كله جزاء شربة ماء بارد شربها أحدنا وهو عطشان فكيف بالنعم بعد .
قال أيوب السختياني رحمه الله : «إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما يسقط عضو من أعضائي» .
قال حماد بن زيد رحمه الله : قال لنا أيوب: «إنك لا تبصر خطأ معلمك حتى تجالس غيره، جالس الناس» .
قال أيوب السختياني رحمه الله : «إن قوما يتنعمون، ويأبى الله إلا أن يضعهم، وإن أقواما يتواضعون ويأبى الله إلا أن يرفعهم» .
قال حماد بن زيد رحمه الله : قال لي أيوب : «الزم سوقك فإنك لا تزال كريما على إخوانك ما لم تحتج إليهم» .
قال يونس بن عبيد رحمه الله : «ما أعلم شيئا أقل من درهم طيب ينفقه صاحبه في حق أو أخ يسكن إليه في الإسلام، وما يزدادان إلا قلة» .
قال يونس بن عبيد رحمه الله : " خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما من أمره: صلاته ولسانه " .
قال جسر أبو جعفر رحمه الله : " قلت ليونس: مررت بقوم يختصمون في القدر، قال : «لو همتهم ذنوبهم لما اختصموا في القدر» .
جاء رجل إلى يونس بن عبيد رحمه الله : فشكى إليه ضيقا من حاله ومعاشه ، واغتماما منه بذلك ، فقال له يونس : أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف ؟ قال : لا ، قال: فسمعك الذي تسمع به يسرك به مائة ألف ؟ قال : لا ، قال : فلسانك الذي تنطق به مائة ألف ؟ قال : لا ، قال : ففؤادك الذي تعقل به مائة ألف ؟ قال : لا ، قال : فيداك يسرك بهما مائة ألف ؟ قال : لا ؟ قال : فرجلاك ؟ قال : فذكره نعم الله عليه ، فأقبل عليه يونس ، قال : أرى لك مئين ألوفا ، وأنت تشكو الحاجة " .
قال سليمان التيمي رحمه الله : «الحسنة نور في القلب وقوة في العمل، والسيئة ظلمة في القلب وضعف في العمل» .
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " قيل لسليمان التيمي: أنت أنت ومن مثلك، قال: لا تقولوا هكذا، لا أدري ما يبدو لي من ربي عز وجل، سمعت الله عز وجل يقول {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} [الزمر: 47] " .
قال معتمر بن سليمان التيمي رحمه الله : " كان على أبي دين، فكان يستغفر الله تعالى، فقيل له : سل الله يقضي عنك الدين، قال: إذا غفر لي قضى عني الدين " .
قال سليمان التيمي رحمه الله : «لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله» .
قال ابن عون رحمه الله : " أحب لكم يا معشر إخواني ثلاثا : هذا القرآن تتلونه آناء الليل والنهار، ولزوم الجماعة، والكف عن أعراض المسلمين " .
قال فرقد السبخي رحمه الله : " قرأت في التوراة : أمهات الخطايا ثلاث : أول ذنب عصي الله به : الكبر والحسد والحرص ، فاستل من هؤلاء الثلاث ستا ، فصاروا تسعا : الشبع والنوم والراحة وحب المال وحب الجماع وحب الرياسة " .