2. المنتقى النفيس
حكمــــــة
لما حضر معاذ بن جبل رضي الله عنه الموت قال: انظروا أصبحنا فأتي فقيل لم تصبح فقال انظروا أصبحنا فأتي فقيل له لم تصبح حتى أتي في بعض ذلك فقيل قد أصبحت قال أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار مرحبا بالموت مرحبا زائر مغب حبيب جاء على فاقة اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
حكمــــــة
قال أبي بن كعب رضي الله عنه: عليكم بالسبيل والسنة فانه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن عز وجل ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فتمسه النار وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله عز وجل إلا كان مثله كمثل شجرة يبس ورقها فبينا هي كذلك إذ أصابتها الريح فتحاتت عنها ورقها إلا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ورقها وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل الله وسنته فانظروا أعمالكم فان كانت اجتهادا أو اقتصادا أن تكون على منهاج الأنبياء وسنتهم.
حكمــــــة
قال أبي بن كعب رضي الله عنه: المؤمن بين أربع إن ابتلي صبر وإن أعطى شكر وإن قال صدق وإن حكم عدل فهو يتقلب في خمسة من النور وهو الذي يقول الله نور على نور كلامه نور وعلمه نور ومدخله في نور ومخرجه من نور ومصيره إلى النور يوم القيامة والكافر يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه في ظلمة ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة.
حكمــــــة
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا مع أبي موسى في مسير له فسمع الناس يتحدثون فسمع فصاحة فقال مالي يا أنس هلم فلنذكر ربنا فإن هؤلاء يكاد أحدهم أن يفرى الأديم بلسانه ثم قال يا أنس ما أبطأ بالناس عن الآخرة وما ثبرهم أتدري ما ثبر الناس أي ما الذي صدهم ومنعهم من طاعة الله ثم قال والثبر الحبس عنها قال قلت الشهوات والشيطان قال لا والله ولكن عجلت لهم الدنيا وأخرت الآخرة ولو عاينوا ما عدلوا وما ميلوا.
حكمــــــة
كان شداد بن أوس الأنصاري رضي الله عنه يقول: إنكم لم تروا من الخير إلا أسبابه ولم تروا من الشر إلا أسبابه الخير كله بحذافيره في الجنة والشر كله بحذافيره في النار وإن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر ولكل بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا.
حكمــــــة
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: يا صاحب الذنب لا تأمنن من سوء عاقبته ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته فان قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب أعظم من الذنب الذي عملته وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب إذا ظفرت به وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عملته.