20. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
حفظ اللسان من القول على الله بلا علم: عن نافع أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر رضى الله عنه عن مسألة فطأطأ رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته. فقال له: يرحمك الله أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله تعالى ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا رحمك الله حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به. [صفة الصفوة 1/268].
حكمــــــة
كلام السلف في تفضيل السكوت على الكلام أحيانًا، والعكس: عن عبيد الله بن أبي جعفر رحمه الله، قال: إذا كان المرءُ يحدث في مجلس فأعجبه الحديث، فليمسك. وإذا كان ساكتًا، فأعجبه السكوتُ فليتحدَّث. [السير (تهذيبه) 2/625، موسوعة ابن أبي الدنيا 7/80].قال ابن رجب رحمه الله: وهذا حسن، فإن من كان كذلك كان سكوته وحديثه لمخالفة هواه وإعجابه بنفسه، ومن كان كذلك كان جديرًا بتوفيق الله إياه وتسديده في نطقه وسكوته، لأن كلامه وسكوته يكون لله عزّ وجلّ، وبكلّ حال فالتزام الصمت مطلقًا واعتقاده قربة إما مطلقًا أو في بعض العبادات، كالحج والاعتكاف والصيام منهيّ عنه. جامع العلوم والحكم / 178.
حكمــــــة
الأمانة والمسؤولية: عن قتادة قال: كان معيقيب على بيت مال عمر بن الخطاب رضى الله عنه فكنس بيت المال يومًا فوجد فيه درهمًا، فدفعه إلى ابنٍ لعمر، قال معيقيب: فانصرفت إلى بيتي فإذا رسول عمر قد جاءني يدعوني، فجئت فإذا الدرهم في يده فقال لي: ويحك يا معيقيب أوجدت علي في نفسك شيئًا؟ قال: قلت: ما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/136-137].
حكمــــــة
الأمانة والمسؤولية: عن عمرو بن ميمون قال: لما طُعن عمر رضى الله عنه دخل عليه رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله، قد كان لك من القِدَم في الإسلام والصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علمت، ثم استُخلفت فعدلت، ثم الشهادة، قال: يا ابن أخي لوددت أني تُركت كفافا، لا لي ولا علي. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/353].
حكمــــــة
الأمانة والمسؤولية: عن عمر بن ذر قال: قال مولى لعمر بن عبد العزيز رحمه الله له حين رجع من جنازة سليمان: ما لي أراك مغتما؟ فقال عمر رحمه الله: لمثل ما أنا فيه يُغتم، ليس أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في شرق ولا غرب إلا وأنا أريد أن أودي إليه حقه غير كاتب إليَّ فيه ولا طالبه مني. [موسوعة ابن أبي الدنيا 3/270].
حكمــــــة
التوبة والرجوع إلى الله: عن عبد الله بن عون رحمه الله قال: قلب التائب بمنزلة الزجاجة يؤثر فيها جميع ما أصابها، والموعظة إلى قلوبهم سريعة، وهم إلى الرقة أقرب، فداووها من الذنوب بالتوبة، فلرب تائب دعته توبته إلى الجنة حتى أوفدته عليها، وجالسوا التوابين فإن رحمة الله إلى التوابين أقرب. [الحلية (تهذيبه) 2 / 98].
حكمــــــة
التدبر والتفكر: قال شقيق البلخي رحمه الله: ولو أن رجلاً كتب جميع العلم لم ينتفع به حتى يكون فيه خصلتان: حتى يكون فعله التفكر والعبر، وقلبه فارغًا للتفكر وعينه فارغة للعبر، كلما نظر إلى شيء من الدنيا كان له عبرة. والمؤمن مشغول بخصلتين، والمنافق مشغول بخصلتين، المؤمن بالعبر والتفكر والمنافق مشغول بالحرص ولأمل.
حكمــــــة
التدبر والتفكر: ال شقيق البلخي رحمه الله: متى أغفل العبد قلبه عن الله، والتفكر في صنعه ومنته عليه ثم مات مات عاصيا، لأن العبد ينبغي له أن يكون قلبه أبدًا مع الله، يقول: يا رب أعطني الإيمان، وعافني من البلاء واستر لي من عيوبي، وارزقني واجعل نعمك متوالية علي، فهو أبدًا متفكر في نعم الله عليه، فالتفكر في منّة الله شكر، والغفلة عنه سهو. [الحلية (تهذيبه) 2 / 502].
حكمــــــة
اعتزال الناس وعدم الإكثار من مخالطتهم والحذر منهم:قال وهيب بن الورد رحمه الله: كان يقال: الحكمة عشرة أجزاء، فتسعة منها في الصمت، والعاشرة عزلة الناس. قال: فعالجت نفسي على الصمت، فلم أجدني أضبط كل ما أريد منه، فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة عزلة الناس. [صفة الصفوة 2/532، موسوعة ابن أبي الدنيا 6/537].
حكمــــــة
اعتزال الناس وعدم الإكثار من مخالطتهم والحذر منهم: قال شقيق بن إبراهيم: قيل لابن المبارك رحمه الله: إذا صلّيتَ معنا لم تجلس معنا؟ قال: أذهب أجلس مع الصحابة والتّابعين. قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟ قال: أذهب أنظرُ في علمي فأدرِكُ آثارهم وأعمالهم، ما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس، فإذا كانت سنة مائتين فالبُعد من كثير من الناس أقربُ إلى الله، وفرّ من الناس كَفِرَارِك من أسد، وتمسّك بدينك يسلَمْ لك. [صفة الصفوة].
حكمــــــة
اعتزال الناس وعدم الإكثار من مخالطتهم والحذر منهم: عن أبي عبد الله قال: قال لي محمد بن أسلم رحمه الله: يا أبا عبد الله مالي ولهذا الخلق كنت في صلب أبي وحدي، ثم صرت في بطن أمي وحدي، ثم دخلت إلى الدنيا وحدي، ثم تقبض روحي وحدي، فأدخل في قبري وحدي، فيأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي، فأصير إلى حيث صرت وحدي، وتوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي، وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي، وإن بعثت إلى النار بعثت وحدي، فما لي والناس!. [المنتظم 11 / 303].
حكمــــــة
أهمية الاستغناء عن الناس وعدم سؤالهم وقطع مِنَّتهم: عن قتادة قال: وجدت خليد بن عبد الله العصري رحمه الله قال: تلقى المؤمن عفيفًا سؤولاً، وتلقاه غنيًا فقيرًا قال: تلقاه عفيفًا عن الناس، سؤولاً لربه - عزَّ وجلَّ - ذليلاً لربه، عزيزًا في نفسه، غنيًا عن الناس، فقيرًا إلى ربه. قال قتادة رحمه الله تلك أخلاق المؤمن، هو أحسن معونة وأيسر الناس مؤونة. [الزهد للإمام أحمد /410].
حكمــــــة
حال السلف عند الموت: عن عمر بن قيس عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال لما حضره الموت قال: انظروا أصبحنا؟ قال: فأتي فقيل: لم نصبح حتى أتي في بعض ذلك فقيل له: قد أصبحت. فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها النار، مرحبًا بالموت مرحبًا، زائر مُغَيَّب، حبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، إنك لتعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لِكَرْي الأنهار، ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالرُكَب عند حِلَق الذِكر. [صفة الصفوة 1/234].
حكمــــــة
حال السلف عند الموت: عن محمد بن المنكدر رحمه الله: أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آيةً من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - قال الله - عزَّ وجلَّ -: " وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " [الزمر:47] فإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب. [صفة الصفوة 2/481].
حكمــــــة
حال السلف عند الموت: عن يحيى بن آدم قال: لما حضرت مسعرًا رحمه الله الوفاة، دخل عليه سفيان الثوري، فوجده جزعًا، فقال له: لم تجزع؟ فوالله لوددت أني مت الساعة. فقال مسعر: أقعدوني فأعاد عليه سفيان الكلام فقال: إنك إذًا لواثق بعملك يا سفيان، لكني والله لكأني على شاهق جبل، لا أدري أين أهبط، فبكى سفيان فقال: أنت أخوف لله - عزَّ وجلَّ - مني. [الحلية (تهذيبه) 2 / 420].
حكمــــــة
حال السلف عند الموت: ولما احتضر الربيع بن خثيم رحمه الله بكت ابنته، فقال: يا بنية لا تبكيه ولكن قولي: يا بشرى اليوم، لقي أبي الخير. فقيل له: ألا ندعو لك طبيبا؟ فقال: انظروا، ثم تفكَّر فقال: " وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا " [الفرقان: 38] فذكر من حرصهم على الدنيا ورغبتهم فيها، كانت فيهم مرضى، وكانت فيهم أطباء، فما أرى المداوي بقي، ولا المتداوى، هلك الناعت، والمنعوت له!. [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/338، 339].